[يمامة الوادي]

قرأ عليّ مقالاً، فأثنيت على الفكرة ثم انتقدت جوانب فيها ، فغضب صاحبي فقلت له: علمني شيخي أن لا آكل الجوز بقشره ! بل أتخير اللباب من كل شيء!

اذا حانت ساعة طاعة فلا تنكمش منها ، ولا تتغافل عنها ، بل ثب إليها وثباً في فرح قلبي وشوق روحي ، شعارك: وعجلت إليك رب لترضى !

لقد استمرأ أناسٌ اللهو واللعب، حتى تشربت نفوسهم أنهم مخلوقون لهذا الميدان وحده! ونسوا الله فأنساهم أنفسهم ، وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم

قال لي : جعل الله لك عينين اثنتين لترى بالأولى مساوئك فتصلحها ، وترى بالأخرى محاسنك فتعززها وتنميها..! وبهذا تتكامل وتتميز وترتقي !

انظر إذا تكلمت: هل تحب أن يقاطعك من تكلمه، أو يصحح لك كل شاردة وواردة، أو يعقب على كل كلمة تقولها ؟ إذن يلزمك أن تحب للناس ما تحبه لنفسك !

عبودية الفكر أبشع من عبودية البدن ..ومع هذا نرى اليوم كثيرين قد استحلوا الأولى ، في الوقت الذي يتقززون من الثانية !!

كلما لاحت لك فرصةً لتقدّم خيراً فافعل :تغنم..وفي مجالس الناس أطل الصمتَ : تسلم ! ومع الغنيمة والسلامة أنت الفائز الرابح !

أشهى الأحاديث وأحلاها وأرقاها ما كانت لله وعن الله وفي الله،ولذا فإن مجالس الذكر هي أروع مجالس الدنيا ،لأنها محفوفة بالملائكة،وهي رياض الجنة

القلوب تصدأ ومن أسباب جلاء صدئها : حكايات الصالحين وسيرهم ، فإنها جرعة مجربة مضمونة ، عش في أجوائهم ساعة لتجد بركة ذلك مباشرة !

سلفنا الصالح سمت قلوبهم إلى السماء فسموا،وكانت الملائكة جندا معهم يمشي في ركابهم،فلما نست الأمة ربها أوكلها إلى نفسها فتاهت في صحراء الحياة!

وظيفة الطب الأولى: أن يقيك من المرض. ووظيفة الدين الأولى: أن يصلك بالسماء! والعجب أن تجد أكثر الناس مهتمين بالطب، أما الدين فعلى الهامش!!

( إذا أراد الله بقوم سوءاً : سلط عليهم الجدل وقلة العمل)..ألا ترى ترجمة هذا في واقع الأمة اليوم.؟ جدل طويل وعمل قليل ، فكانت النتائج مخزية !

إذا سمعت قارئاً يتلو القرآن،فاجمع نفسك وفرّغ قلبك، وهيئ عقلك وأصغ بروحك،وتابع المشاهد كأنك تراها،وتأمل المعاني وتذوقها، ترى عجبا من التأثر!

ثمة أناس مولوعون بالخرافات يهشون لها ويبشون، ويصغون إليها ببالغ الاهتمام ، ويتفاعلون معها! ولو أنهم فعلوا ذلك في مجالس العلم لصاروا علماء!

من الناس من يرى أن الاعتذار عن خطأ وقع فيه، نقيصة له وحطاً من شأنه ! وهذا وهم بل هو تلبيس إبليس عليه ، وإلا فإن الاعتذار يرفعك في عيون الناس

قال بعض السلف : ما تعاظم أحدٌ على من دونه ، إلا بقدر ما تصاغر لمن فوقه ! ..أقول : ياااه يا له من ترمومتر دقيق .!

قال: كنت لا أزال ألهج بالإعجاب بفلان، فلطالما سمعته يغرد ، فلما جد الجد وتمايز الناس ، ظهر لي أن الذهب الخالص ليس سوى نحاس أصفر !

الحياة شجرة متشعبة الفروع كثيرة الثمار ،غير أن في ثمارها فجاً بل ربما سام، العجب أن تجد كثيرين لا يرغبون إلا في الثمرة الفجة أو السامة.!

إني لخالٍ ذات مع كتاب الله أتلوه متدبراً، إذ خيل إليّ أني أسمعه هذه المرة من فم ملاك كريم ، صوت سماوي صرف ،فكان لذلك وقعه وأثره في قلبي !

إن في مجلس العقلاء ومحاورتهم( تلقيحاً للعقل ، وترويحا للنفس ، وتسريحاً للهم ، وتنقيحاً للأدب ) فلا يزهد في مجالسهم إلا جاهل .

قال لصاحبه:إنما صحبتك لتقوّمني وترشدني وتدلني على أبواب الخير،وأنت في سعة أن تشدد عليّ وتعنفني إن لزم الأمر،فإني لا أبغي إلا تقويم نفسي معك

لو أحسنت إدارة فكرك في نعم الله عليك ، ظاهرها وباطنها ، لأيقنت أنك لو قضيت عمرك كله ساجداً لله ، ما وفيت حق الله سبحانه عليك فيها..!

لا تسمح ليوم يمر عليك دون أن تدير لسانك بذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة على رسول الله والدعاء، وشيء من النوافل ،وقبل هذا ..
هذا المبادرة إلى الفرائض ،إذا فعلت ذلك ودمت عليه ،وفي المقابل :جاهدت نفسك أن لا تقرب حراما ، لرأيت ثم رأيت نعميا وملكا كبيرا


من الناس من يمتطي هواه، فهو يحاول أن يزمه ويجمه ، ومع هذا يغلبه الهوى المرة بعد المرة، ومن الناس من يمتطيه هواه فهو مأسور له عبد بين يديه!

سمعت موظفا يقول لرئيسه: التعب من أجلك راحة ، أود لو أبذل كل ما استطيع لأنال رضاك! قلت لنفسي: لو كنت بهذه الهمة مع الله لبلغت أعلى المنازل!


رأيت لوحة رائعة من "السراميك" على حائط ، وبقيت متفكرا فيها ، وجدت أن سر روعتها التحام قطعها وتناسق ألوانها، فقلت:كذلك شأن الأمة
..كذلك شأن الأمة ، سر قوتها وجمالها : أن تتوحد على قلب رجل واحد ، وأن يقوم كل إنسان بدوره على الوجه المطلوب حيث هو .

إنّ متعةً مهما بلغت لذتها، نهايتها النار والعذاب وسخط الله، ليست سوى بلية عظيمة ، كأن يشرب إنسان عسلاً،وهو يعلم أنه ممزوج بالسم! هذا جنون!

إذا كان الله قد يسر لك أن تكون من أهل السماء، فلماذا تصر على أن تبقى ملتصقاً بالأرض ؟ كن مع أهل الأرض بقلب متصل بالسماء!

انصرفت من صلاة الفجر فلقيت قرب الباب شاباً في العشرين من عمره ،يفيض الفرح من عينيه ،سألته عن سر بهجته فقال: هذه أول مرة أصلي الفجر في جماعة!

لي مجموعة من الأصدقاء : رؤيتهم عيد ، وصحبتهم ربيع ، ومجالسهم متعة ، تطيب بهم الحياة ، ويتضاعف معهم العمر .

من كان لا همّ له إلا أن يأكل ويشرب ، وينام ويلعب ويلهو ويعاشر النساء ، فإن البهيمة خير منه والله ! ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل ) ..

تخيل مليارات الناس على ظهر الأرض اليوم، كل منهم يسعى لتحصيل شيئا من الدنيا ، والدنيا كلها لا تساوي جناح بعوضة ! فانظر مقدار نصيبك منها ؟

رأيت الذنوبَ تميتُ القلوب **ويتبعهـا الـذل إدمانـهـا /// وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوب ** وخيـرٌ لنفسـكَ عصيانـها

ما قيمة أن يحصل الإنسان على جميع متع الدنيا ، والنار موعده !؟ إن غمسةً واحدة في النار ، ستنسيه كل لذة كان قد حصل عليها! ما هذا الغباء ؟!

كثير من الأمور _ أقوال وأفعال _ نقوم بها ولا نكترث لها ، ولعلها تدخل في قوله تعالى ( وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم ) .. يا إلهي !
بو عبد الرحمن