الموقع الالكتروني التسجيل التعليمـــات قائمة الأعضاء مشاركات اليوم البحث
انشاء حساب جديد
البحث في المنتدى
 
بحث بالكلمة الدلالية
البحث المتقدم
أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,
منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,
عدد الضغطات : 0
الدكتور فهد بن سعود العصيمي
الدكتور فهد بن سعود العصيمي
عدد الضغطات : 3,814
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة
عدد الضغطات : 1,151
عدد الضغطات : 0عدد الضغطات : 0
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه
عدد الضغطات : 0


  منتديات موقع بشارة خير > ●๑● مكتب الإدارة ●๑● > ▪ أرشيف بشارة خير▪ > المنتدى الإسلامي
المعاصي تزيل النعم


إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 1,095 عدد الضغطات : 3,147 عدد الضغطات : 2,292
عدد الضغطات : 1,982 عدد الضغطات : 1,710 عدد الضغطات : 979
أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,
منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,
اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 2017-08-06, 11:29 AM
محمد الرقيه
عضو جديد
رقم العضوية : 199373
تاريخ التسجيل : 24 - 5 - 2017
عدد المشاركات : 82

غير متواجد
 
افتراضي المعاصي تزيل النعم
الْمَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمَ:

ومِنْ عُقُوبَاتِ الذُّنُوبِ: أَنَّهَا تُزِيلُ النِّعَمَ، وَتُحِلُّ النِّقَمَ، الْمَعَاصِي فَمَا زَالَتْ عَنِ الْعَبْدِ نِعْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا حَلَّتْ بِهِ نِقْمَةٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَا نَزَلْ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ.
وَقَدْ قَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [سُورَةُ الشُّورَى: 30].
وَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 53].
فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ نِعَمَهُ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يُغَيِّرُ مَا بِنَفْسِهِ، فَيُغَيِّرُ طَاعَةَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ، وَشُكْرَهُ بِكُفْرِهِ، وَأَسْبَابَ رِضَاهُ بِأَسْبَابِ سُخْطِهِ، فَإِذَا غَيَّرَ غَيَّرَ عَلَيْهِ، جَزَاءً وِفَاقًا، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ.
فَإِنْ غَيَّرَ الْمَعْصِيَةَ بِالطَّاعَةِ، غَيَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ بِالْعَافِيَةِ، وَالذُّلَّ بِالْعِزِّ.
وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 11].
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ الْإِلَهِيَّةِ، عَنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أُحِبُّ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أَكْرَهُ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يُحِبُّ إِلَى مَا يَكْرَهُ، وَلَا يَكُونُ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي عَلَى مَا أَكْرَهُ، فَيَنْتَقِلُ عَنْهُ إِلَى مَا أُحِبُّ، إِلَّا انْتَقَلْتُ لَهُ مِمَّا يَكْرَهُ إِلَى مَا يُحِبُّ».
وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:
إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا ** فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ

وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَا ** دِ فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ

وَإِيَّاكَ وَالظُّلْمَ مَهْمَا اسْتَطَعْ ** تَ فَظُلْمُ الْعِبَادِ شَدِيدُ الْوَخَمْ

وَسَافِرْ بِقَلْبِكَ بَيْنَ الْوَرَى ** لِتَبْصُرَ آثَارَ مَنْ قَدْ ظَلَمْ

فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ بَعْدَهُمْ ** شُهُودٌ عَلَيْهِمْ وَلَا تَتَّهِمْ

وَمَا كَانَ شَيْءٌ عَلَيْهِمْ أَضَ ** رَّ مِنَ الظُّلْمِ وَهُوَ الَّذِي قَدْ قَصَمْ

فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ جِنَانٍ وَمِنْ ** قُصُورٍ وَأُخْرَى عَلَيْهِمْ أُطُمْ

صَلَوْا بِالْجَحِيمِ وَفَاتَ النَّعِي ** مُ وَكَانَ الَّذِي نَالَهُمْ كَالْحُلُمْ

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُلْقِي الرُّعْبَ وَالْخَوْفَ فِي الْقُلُوبِ:

ومِنْ عُقُوبَاتِهَا مَا يُلْقِيهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ الرُّعْبِ وَالْخَوْفِ فِي قَلْبِ الْعَاصِي، الْمَعَاصِي فَلَا تَرَاهُ إِلَّا خَائِفًا مَرْعُوبًا.
فَإِنَّ الطَّاعَةَ حِصْنُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ، مَنْ دَخَلَهُ كَانَ مِنَ الْآمِنِينَ مِنْ عُقُوبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ أَحَاطَتْ بِهِ الْمَخَاوِفُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ انْقَلَبَتِ الْمَخَاوِفُ فِي حَقِّهِ أَمَانًا، وَمَنْ عَصَاهُ انْقَلَبَتْ مَآمِنُهُ مَخَاوِفَ، فَلَا تَجِدُ الْعَاصِيَ إِلَّا وَقَلْبُهُ كَأَنَّهُ بَيْنَ جَنَاحَيْ طَائِرٍ، إِنْ حَرَّكَتِ الرِّيحُ الْبَابَ قَالَ: جَاءَ الطَّلَبُ، وَإِنْ سَمِعَ وَقْعَ قَدَمٍ خَافَ أَنْ يَكُونَ نَذِيرًا بِالْعَطَبِ، يَحْسَبُ أَنَّ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِ، وَكُلَّ مَكْرُوهٍ قَاصِدٌ إِلَيْهِ، فَمَنْ خَافَ اللَّهَ آمَنَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ:
بِذَا قَضَى اللَّهُ بَيْنَ الْخَلْقِ مُذْ خُلِقُوا ** أَنَّ الْمَخَاوِفَ وَالْأَجْرَامَ فِي قَرَنِ

.الْمَعَاصِي تُوقِعُ فِي الْوَحْشَةِ:

وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا أَنَّهَا تُوقِعُ الْوَحْشَةَ الْعَظِيمَةَ فِي الْقَلْبِ الْمَعَاصِي فَيَجِدُ الْمُذْنِبُ نَفْسَهُ مُسْتَوْحِشًا، قَدْ وَقَعَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَبَيْنَ الْخَلْقِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، وَكُلَّمَا كَثُرَتِ الذُّنُوبُ اشْتَدَّتِ الْوَحْشَةُ، وَأَمَرُّ الْعَيْشِ عَيْشُ الْمُسْتَوْحِشِينَ الْخَائِفِينَ، وَأَطْيَبُ الْعَيْشِ عَيْشُ الْمُسْتَأْنِسِينَ، فَلَوْ نَظَرَ الْعَاقِلُ وَوَازَنَ لَذَّةَ الْمَعْصِيَةِ وَمَا تُوقِعُهُ مِنَ الْخَوْفِ وَالْوَحْشَةِ، لَعَلِمَ سُوءَ حَالِهِ، وَعَظِيمَ غَبْنِهِ، إِذْ بَاعَ أُنْسَ الطَّاعَةِ وَأَمْنَهَا وَحَلَاوَتَهَا بِوَحْشَةِ الْمَعْصِيَةِ وَمَا تُوجِبُهُ مِنَ الْخَوْفِ وَالضَّرَرِ الدَّاعِي لَهُ.
كَمَا قِيلَ:
فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَوْحَشَتْكَ الذُّنُوبُ ** فَدَعْهَا إِذَا شِئْتَ وَاسْتَأْنِسِ

وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الطَّاعَةَ تُوجِبُ الْقُرْبَ مِنَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، فَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْقُرْبُ قَوِيَ الْأُنْسُ، وَالْمَعْصِيَةُ تُوجِبُ الْبُعْدَ مِنَ الرَّبِّ، وَكُلَّمَا زَادَ الْبُعْدُ قَوِيَتِ الْوَحْشَةُ.
وَلِهَذَا يَجِدُ الْعَبْدُ وَحْشَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ لِلْبُعْدِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مُلَابِسًا لَهُ، قَرِيبًا مِنْهُ، وَيَجِدُ أُنْسًا قَوِيًّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ.
وَالْوَحْشَةُ سَبَبُهَا الْحِجَابُ، وَكُلَّمَا غَلُظَ الْحِجَابُ زَادَتِ الْوَحْشَةُ، فَالْغَفْلَةُ تُوجِبُ الْوَحْشَةَ، وَأَشَدُّ مِنْهَا وَحْشَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَأَشَدُّ مِنْهَا وَحْشَةُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَلَا تَجِدُ أَحَدًا مُلَابِسًا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا وَيَعْلُوهُ مِنَ الْوَحْشَةِ بِحَسْبِ مَا لَابَسَهُ مِنْهُ، فَتَعْلُو الْوَحْشَةُ وَجْهَهُ وَقَلْبَهُ فَيَسْتَوْحِشُ وَيُسْتَوْحَشُ مِنْهُ..


Facebook Twitter
  • اقتباس
محمد الرقيه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد الرقيه
  رقم المشاركة : [ 2  ]
قديم 2017-08-06, 11:29 AM
محمد الرقيه
عضو جديد
رقم العضوية : 199373
تاريخ التسجيل : 24 - 5 - 2017
عدد المشاركات : 82

غير متواجد
 
افتراضي

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُمْرِضُ الْقُلُوبَ:

ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَصْرِفُ الْقَلْبَ عَنْ صِحَّتِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ إِلَى مَرَضِهِ وَانْحِرَافِهِ، الْمَعَاصِي فَلَا يَزَالُ مَرِيضًا مَعْلُولًا لَا يَنْتَفِعُ بِالْأَغْذِيَةِ الَّتِي بِهَا حَيَاتُهُ وَصَلَاحُهُ، فَإِنَّ تَأْثِيرَ الذُّنُوبِ فِي الْقُلُوبِ كَتَأْثِيرِ الْأَمْرَاضِ فِي الْأَبْدَانِ، بَلِ الذُّنُوبُ أَمْرَاضُ الْقُلُوبِ وَدَاؤُهَا، وَلَا دَوَاءَ لَهَا إِلَّا تَرْكُهَا.
وَقَدْ أَجْمَعَ السَّائِرُونَ إِلَى اللَّهِ أَنَّ الْقُلُوبَ لَا تُعْطَى مُنَاهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى مَوْلَاهَا، وَلَا تَصِلُ إِلَى مَوْلَاهَا حَتَّى تَكُونَ صَحِيحَةً سَلِيمَةً، وَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً سَلِيمَةً حَتَّى يَنْقَلِبَ دَاؤُهَا، فَيَصِيرَ نَفْسَ دَوَائِهَا، وَلَا يَصِحُّ لَهَا ذَلِكَ إِلَّا بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا، فَهَوَاهَا مَرَضُهَا، وَشِفَاؤُهَا مُخَالَفَتُهُ، فَإِنِ اسْتَحْكَمَ الْمَرَضُ قَتَلَ أَوْ كَادَ.
وَكَمَا أَنَّ مَنْ نَهَى نَفْسَهُ عَنِ الْهَوَى كَانَتِ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ، فَكَذَا يَكُونُ قَلْبُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي جَنَّةٍ عَاجِلَةٍ، لَا يُشْبِهُ نَعِيمُ أَهْلِهَا نَعِيمًا الْبَتَّةَ، بَلِ التَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ النَّعِيمَيْنِ، كَالتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ نَعِيمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُصَدِّقُ بِهِ إِلَّا مَنْ بَاشَرَ قَلْبُهُ هَذَا وَهَذَا.
وَلَا تَحْسَبُ أَنَّ قَوْلَهُ: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [سُورَةُ الِانْفِطَارِ: 13- 14] مَقْصُورٌ عَلَى نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَجَحِيمِهَا فَقَطْ بَلْ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثَةِ كَذَلِكَ- أَعْنِي دَارَ الدُّنْيَا، وَدَارَ الْبَرْزَخِ، وَدَارَ الْقَرَارِ- فَهَؤُلَاءِ فِي نَعِيمٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي جَحِيمٍ، وَهَلِ النَّعِيمُ إِلَّا نَعِيمُ الْقَلْبِ؟ وَهَلِ الْعَذَابُ إِلَّا عَذَابُ الْقَلْبِ؟ وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْخَوْفِ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ، وَضِيقِ الصَّدْرِ، وَإِعْرَاضِهِ عَنِ اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَتَعَلُّقِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَانْقِطَاعِهِ عَنِ اللَّهِ، بِكُلِّ وَادٍ مِنْهُ شُعْبَةٌ؟ وَكُلُّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ وَأَحَبَّهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَسُومُهُ سُوءَ الْعَذَابِ.
فَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا غَيْرَ اللَّهِ عُذِّبَ بِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَهُوَ يُعَذَّبُ بِهِ قَبْلَ حُصُولِهِ حَتَّى يَحْصُلَ، فَإِذَا حَصَلَ عُذِّبَ بِهِ حَالَ حُصُولِهِ بِالْخَوْفِ مِنْ سَلْبِهِ وَفَوَاتِهِ، وَالتَّنْغِيصِ وَالتَّنْكِيدِ عَلَيْهِ، وَأَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الْمُعَارَضَاتِ، فَإِذَا سُلِبَهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ عَذَابُهُ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعَذَابِ فِي هَذِهِ الدَّارِ.
وَأَمَّا فِي الْبَرْزَخِ: فَعَذَابٌ يُقَارِنُهُ أَلَمُ الْفِرَاقِ الَّذِي لَا يَرْجُو عَوْدَةً وَأَلَمُ فَوَاتِ مَا فَاتَهُ مِنَ النَّعِيمِ الْعَظِيمِ بِاشْتِغَالِهِ بِضِدِّهِ، وَأَلَمُ الْحِجَابِ عَنِ اللَّهِ، وَأَلَمُ الْحَسْرَةِ الَّتِي تَقْطَعُ الْأَكْبَادَ، فَالْهَمُّ وَالْغَمُّ وَالْحُزْنُ تَعْمَلُ فِي نُفُوسِهِمْ نَظِيرَ مَا يَعْمَلُ الْهَوَامُّ وَالدِّيدَانُ فِي أَبْدَانِهِمْ، بَلْ عَمَلُهَا فِي النُّفُوسِ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، حَتَّى يَرُدَّهَا اللَّهُ إِلَى أَجْسَادِهَا، فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ الْعَذَابُ إِلَى نَوْعٍ هُوَ أَدْهَى وَأَمَرُّ، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ نَعِيمِ مَنْ يَرْقُصُ قَلْبُهُ طَرَبًا وَفَرَحًا وَأُنْسًا بِرَبِّهِ، وَاشْتِيَاقًا إِلَيْهِ، وَارْتِيَاحًا بِحُبِّهِ، وَطُمَأْنِينَةً بِذِكْرِهِ؟ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ فِي حَالِ نَزْعِهِ: وَاطَرَبَاهُ.
وَيَقُولُ الْآخَرُ: مَسَاكِينُ أَهْلُ الدُّنْيَا، خَرَجُوا مِنْهَا وَمَا ذَاقُوا لَذِيذَ الْعَيْشِ فِيهَا، وَمَا ذَاقُوا أَطْيَبَ مَا فِيهَا.
وَيَقُولُ الْآخَرُ: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ لَجَالَدُونَا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ.
وَيَقُولُ الْآخَرُ: إِنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الْآخِرَةِ.
فَيَا مَنْ بَاعَ حَظَّهُ الْغَالِي بِأَبْخَسِ الثَّمَنِ، وَغُبِنَ كُلَّ الْغَبْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ غُبِنَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَكَ خِبْرَةٌ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ فَسَلِ الْمُقَوِّمِينَ، فَيَا عَجَبًا مِنْ بِضَاعَةٍ مَعَكَ اللَّهُ مُشْتَرِيهَا وَثَمَنُهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، وَالسَّفِيرُ الَّذِي جَرَى عَلَى يَدِهِ عَقْدُ التَّبَايُعِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنِ الْمُشْتَرِي هُوَ الرَّسُولُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ بِعْتَهَا بِغَايَةِ الْهَوَانِ، كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
إِذَا كَانَ هَذَا فِعْلُ عَبْدٍ بِنَفْسِهِ ** فَمَنْ ذَا لَهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ يُكْرِمُ

{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 18].
.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُعْمِي الْبَصِيرَةَ:

ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُعْمِي بَصِيرَةَ الْقَلْبِ، وَتَطْمِسُ نُورَهُ، وَتَسُدُّ طُرُقَ الْعِلْمِ، وَتَحْجُبُ مَوَادَّ الْهِدَايَةِ الْمَعَاصِي.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لِلشَّافِعِيِّ لَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ وَرَأَى تِلْكَ الْمَخَايِلَ: إِنِّي أَرَى اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَلْقَى عَلَى قَلْبِكَ نُورًا، فَلَا تُطْفِئْهُ بِظُلْمَةِ الْمَعْصِيَةِ.
وَلَا يَزَالُ هَذَا النُّورُ يَضْعُفُ وَيَضْمَحِلُّ، وَظَلَامُ الْمَعْصِيَةِ يَقْوَى حَتَّى يَصِيرَ الْقَلْبُ فِي مِثْلِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ، فَكَمْ مِنْ مُهْلَكٍ يَسْقُطُ فِيهِ وَلَا يُبْصِرُ، كَأَعْمَى خَرَجَ بِاللَّيْلِ فِي طَرِيقٍ ذَاتِ مَهَالِكَ وَمَعَاطِبَ، فَيَا عِزَّةَ السَّلَامَةِ وَيَا سُرْعَةَ الْعَطَبِ، ثُمَّ تَقْوَى تِلْكَ الظُّلُمَاتُ، وَتَفِيضُ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى الْجَوَارِحِ، فَيَغْشَى الْوَجْهَ مِنْهَا سَوَادٌ، بِحَسَبِ قُوَّتِهَا وَتَزَايُدِهَا، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ ظَهَرَتْ فِي الْبَرْزَخِ، فَامْتَلَأَ الْقَبْرُ ظُلْمَةً، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مُمْتَلِئَةٌ عَلَى أَهْلِهَا ظُلْمَةً، وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ».
فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْمَعَادِ، وَحُشِرَ الْعِبَادُ، عَلَتِ الظُّلْمَةُ الْوُجُوهَ عُلُوًّا ظَاهِرًا يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ، حَتَّى يَصِيرَ الْوَجْهُ أَسْوَدَ مِثْلَ الْحُمَمَةِ، فَيَالَهَا مِنْ عُقُوبَةٍ لَا تُوَازَنُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَكَيْفَ بِقِسْطِ الْعَبْدِ الْمُنَغَّصِ الْمُنَكَّدِ الْمُتْعَبِ فِي زَمَنٍ إِنَّمَا هُوَ سَاعَةٌ مِنْ حُلْمٍ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.


Facebook Twitter
  • اقتباس
محمد الرقيه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد الرقيه
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 2017-08-06, 11:31 AM
محمد الرقيه
عضو جديد
رقم العضوية : 199373
تاريخ التسجيل : 24 - 5 - 2017
عدد المشاركات : 82

غير متواجد
 
افتراضي

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُصَغِّرُ النَّفْسَ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُصَغِّرُ النَّفْسَ، وَتَقْمَعُهَا، وَتُدَسِّيهَا، وَتَحْقِرُهَا، الْمَعَاصِي حَتَّى تَكُونَ أَصْغَرَ كُلِّ شَيْءٍ وَأَحْقَرَهُ، كَمَا أَنَّ الطَّاعَةَ تُنَمِّيهَا وَتُزَكِّيهَا وَتُكَبِّرُهَا، قَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [سُورَةُ الشَّمْسِ: 9- 10]، وَالْمَعْنَى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ كَبَّرَهَا وَأَعْلَاهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَأَظْهَرَهَا، وَقَدْ خَسِرَ مَنْ أَخْفَاهَا وَحَقَّرَهَا وَصَغَّرَهَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وَأَصْلُ التَّدْسِيَةِ: الْإِخْفَاءُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 59].
فَالْعَاصِي يَدُسُّ نَفْسَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ، وَيُخْفِي مَكَانَهَا، يَتَوَارَى مِنَ الْخَلْقِ مِنْ سُوءِ مَا يَأْتِي بِهِ، وَقَدِ انْقَمَعَ عِنْدَ نَفْسِهِ، وَانْقَمَعَ عِنْدَ اللَّهِ، وَانْقَمَعَ عِنْدَ الْخَلْقِ، فَالطَّاعَةُ وَالْبِرُّ تُكَبِّرُ النَّفْسَ وَتُعِزُّهَا وَتُعْلِيهَا، حَتَّى تَصِيرَ أَشْرَفَ شَيْءٍ وَأَكْبَرَهُ، وَأَزْكَاهُ وَأَعْلَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ أَذَلُّ شَيْءٍ وَأَحْقَرُهُ وَأَصْغَرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبِهَذَا الذُّلِّ حَصَلَ لَهَا هَذَا الْعِزُّ وَالشَّرَفُ وَالنُّمُوُّ، فَمَا أَصْغَرَ النُّفُوسَ مِثْلُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَمَا كَبَّرَهَا وَشَرَّفَهَا وَرَفَعَهَا مِثْلُ طَاعَةِ اللَّهِ.

.فَصْلٌ الَْعَاصِي فِي سِجْنِ الشَّيْطَانِ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّ الْعَاصِيَ دَائِمًا فِي أَسْرِ شَيْطَانِهِ، وَسِجْنِ شَهَوَاتِهِ، وَقُيُودِ هَوَاهُ، فَهُوَ أَسِيرٌ مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ، وَلَا أَسِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ أَسِيرٍ أَسَرَهُ أَعْدَى عَدُوٍّ لَهُ، وَلَا سِجْنَ أَضْيَقُ مِنْ سِجْنِ الْهَوَى، وَلَا قَيْدَ أَصْعَبُ مِنْ قَيْدِ الشَّهْوَةِ، فَكَيْفَ يَسِيرُ إِلَى اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ قَلْبٌ مَأْسُورٌ مَسْجُونٌ مُقَيَّدٌ؟ وَكَيْفَ يَخْطُو خُطْوَةً وَاحِدَةً؟
وَإِذَا قُيِّدَ الْقَلْبُ طَرَقَتْهُ الْآفَاتُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ بِحَسَبِ قُيُودِهِ، وَمَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ الطَّائِرِ، كُلَّمَا عَلَا بَعُدَ عَنِ الْآفَاتِ، وَكُلَّمَا نَزَلَ اسْتَوْحَشَتْهُ الْآفَاتُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الشَّيْطَانُ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ».
وَكَمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي لَا حَافِظَ لَهَا وَهِيَ بَيْنَ الذِّئَابِ سَرِيعَةُ الْعَطَبِ، فَكَذَا الْعَبْدُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَافِظٌ مِنَ اللَّهِ فَذِئْبُهُ مُفْتَرِسُهُ وَلَا بُدَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَافِظٌ مِنَ اللَّهِ بِالتَّقْوَى، فَهِيَ وِقَايَةٌ وَجُنَّةٌ، حَصِينَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذِئْبِهِ، كَمَا هِيَ وِقَايَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُقُوبَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ الشَّاةُ أَقْرَبَ مِنَ الرَّاعِي كَانَتْ أَسْلَمَ مِنَ الذِّئْبِ، وَكُلَّمَا بَعُدَتْ عَنِ الرَّاعِي كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى الْهَلَاكِ، فَأَسْلَمُ مَا تَكُونُ الشَّاةُ إِذَا قَرُبَتْ مِنَ الرَّاعِي، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ مِنَ الْغَنَمِ، وَهِيَ أَبْعَدُ مِنَ الرَّاعِي.
وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ: أَنَّ الْقَلْبَ كُلَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنَ اللَّهِ كَانَتِ الْآفَاتُ إِلَيْهِ أَسْرَعَ، وَكُلَّمَا قَرُبَ مِنَ اللَّهِ بَعُدَتْ عَنْهُ الْآفَاتُ. وَالْبُعْدُ مِنَ اللَّهِ مَرَاتِبٌ، بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ، فَالْغَفْلَةُ تُبْعِدُ الْقَلْبَ عَنِ اللَّهِ، وَبُعْدُ الْمَعْصِيَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْغَفْلَةِ، وَبُعْدُ الْبِدْعَةِ أَعْظَمُ مِنْ بُعْدِ الْمَعْصِيَةِ، وَبُعْدُ النِّفَاقِ وَالشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُسْقِطُ الْكَرَامَةَ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: سُقُوطُ الْجَاهِ وَالْمَنْزِلَةِ وَالْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ خَلْقِهِ، الْمَعَاصِي تُؤَدِّي إِلَى فَإِنَّ أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَطْوَعُهُمْ لَهُ، وَعَلَى قَدْرِ طَاعَةِ الْعَبْدِ تَكُونُ لَهُ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِذَا عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ سَقَطَ مِنْ عَيْنِهِ، فَأَسْقَطَهُ مِنْ قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ جَاهٌ عِنْدَ الْخَلْقِ وَهَانَ عَلَيْهِمْ عَامَلُوهُ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ، فَعَاشَ بَيْنَهُمْ أَسْوَأَ عَيْشٍ خَامِلَ الذِّكْرِ، سَاقِطَ الْقَدْرِ، زَرِيَّ الْحَالِ، لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَا فَرَحَ لَهُ وَلَا سُرُورَ، فَإِنَّ خُمُولَ الذِّكْرِ وَسُقُوطَ الْقَدْرِ وَالْجَاهِ مَعَهُ كُلُّ غَمٍّ وَهَمٍّ وَحَزَنٍ، وَلَا سُرُورَ مَعَهُ وَلَا فَرَحَ، وَأَيْنَ هَذَا الْأَلَمُ مِنْ لَذَّةِ الْمَعْصِيَةِ لَوْلَا سُكْرُ الشَّهْوَةِ؟
وَمِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ: أَنْ يَرْفَعَ لَهُ بَيْنَ الْعَالَمِينَ ذِكْرَهُ، وَيُعْلِي قَدْرَهُ، وَلِهَذَا خَصَّ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ، كَمَا قَالَ: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ}[سُورَةُ ص 45:- 46].
أَيْ: خَصَصْنَاهُمْ بِخِصِّيصَةٍ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْجَمِيلُ الَّذِي يُذْكَرُونَ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ لِسَانُ الصِّدْقِ الَّذِي سَأَلَهُ إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَيْثُ قَالَ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 84].
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْهُ وَعَنْ بَنِيهِ: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 50].
وَقَالَ لِنَبِيِّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [سُورَةُ الشَّرْحِ: 4].
فَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ مِيرَاثِهِمْ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَمُتَابَعَتِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ خَالَفَهُمْ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ مُخَالَفَتِهِمْ وَمَعْصِيَتِهِمْ.

.فَصْلٌ الْمَعْصِيَةُ مَجْلَبَةٌ لِلذَّمِّ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَسْلُبُ صَاحِبَهَا أَسْمَاءَ الْمَدْحِ وَالشَّرَفِ، وَتَكْسُوهُ أَسْمَاءَ الذَّمِّ وَالصَّغَارِ، الْمَعْصِيَةُ فَتَسْلُبُهُ اسْمَ الْمُؤْمِنِ، وَالْبَرِّ، وَالْمُحْسِنِ، وَالْمُتَّقِي، وَالْمُطِيعِ، وَالْمُنِيبِ، وَالْوَلِيِّ، وَالْوَرِعِ، وَالصَّالِحِ، وَالْعَابِدِ، وَالْخَائِفِ، وَالْأَوَّابِ، وَالطَّيِّبِ، وَالْمَرَضِيِّ وَنَحْوِهَا.
وَتَكْسُوهُ اسْمَ الْفَاجِرِ، وَالْعَاصِي، وَالْمُخَالِفِ، وَالْمُسِيءِ، وَالْمُفْسِدِ، وَالْخَبِيثِ، وَالْمَسْخُوطِ، وَالزَّانِي، وَالسَّارِقِ، وَالْقَاتِلِ، وَالْكَاذِبِ، وَالْخَائِنِ، وَاللُّوطِيِّ، وَقَاطِعِ الرَّحِمِ، وَالْغَادِرِ وَأَمْثَالِهَا.
فَهَذِهِ أَسْمَاءُ الْفُسُوقِ وَ{بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 11] الَّذِي يُوجِبُ غَضَبَ الدَّيَّانِ، وَدُخُولَ النِّيرَانِ، وَعَيْشَ الْخِزْيِ وَالْهَوَانِ.
وَتِلْكَ أَسْمَاءٌ تُوجِبُ رِضَاءَ الرَّحْمَنِ، وَدُخُولَ الْجِنَانِ، وَتُوجِبُ شَرَفَ الْمُسَمَّى بِهَا عَلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ الْإِنْسَانِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عُقُوبَةِ الْمَعْصِيَةِ إِلَّا اسْتِحْقَاقُ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَمُوجِبَاتِهَا لَكَانَ فِي الْعَقْلِ نَاهٍ عَنْهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَوَابِ الطَّاعَةِ إِلَّا الْفَوْزُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَمُوجِبَاتِهَا لَكَانَ فِي الْعَقْلِ آمِرٌ بِهَا، وَلَكِنْ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدَ، وَلَا مُبْعِدَ لِمَنْ قَرَّبَ، {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 18]


Facebook Twitter
  • اقتباس
محمد الرقيه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد الرقيه
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 2017-08-06, 11:33 AM
محمد الرقيه
عضو جديد
رقم العضوية : 199373
تاريخ التسجيل : 24 - 5 - 2017
عدد المشاركات : 82

غير متواجد
 
افتراضي
.فَصْلٌ الْمَعْصِيَةُ تُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُؤَثِّرُ بِالْخَاصَّةِ فِي نُقْصَانِ الْعَقْلِ، الْمَعْصِيَةُ فَلَا تَجِدُ عَاقِلَيْنِ أَحَدُهُمَا مُطِيعٌ لِلَّهِ وَالْآخَرُ عَاصٍ، إِلَّا وَعَقْلُ الْمُطِيعِ مِنْهُمَا أَوْفَرُ وَأَكْمَلُ، وَفِكْرُهُ أَصَحُّ، وَرَأْيُهُ أَسَدُّ، وَالصَّوَابُ قَرِينُهُ.
وَلِهَذَا تَجِدُ خِطَابَ الْقُرْآنِ إِنَّمَا هُوَ مَعَ أُولِي الْعُقُولِ وَالْأَلْبَابِ، كَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 197]، وَقَوْلِهِ:{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 100]، وَقَوْلِهِ: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 269]، وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَكَيْفَ يَكُونُ عَاقِلًا وَافِرَ الْعَقْلِ مَنْ يَعْصِي مَنْ هُوَ فِي قَبْضَتِهِ وَفِي دَارِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَرَاهُ وَيُشَاهِدُهُ فَيَعْصِيهِ وَهُوَ بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُتَوَارٍ عَنْهُ، وَيَسْتَعِينُ بِنِعَمِهِ عَلَى مَسَاخِطِهِ، وَيَسْتَدْعِي كُلَّ وَقْتٍ غَضَبَهُ عَلَيْهِ، وَلَعْنَتَهُ لَهُ، وَإِبْعَادَهُ مِنْ قُرْبِهِ، وَطَرْدَهُ عَنْ بَابِهِ، وَإِعْرَاضَهُ عَنْهُ، وَخِذْلَانَهُ لَهُ، وَالتَّخْلِيَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ وَعَدُوِّهِ، وَسُقُوطَهُ مِنْ عَيْنِهِ، وَحِرْمَانَهُ رُوحَ رِضَاهُ وَحُبَّهُ، وَقُرَّةَ الْعَيْنِ بِقُرْبِهِ، وَالْفَوْزَ بِجِوَارِهِ، وَالنَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ فِي زُمُرَةِ أَوْلِيَائِهِ، إِلَى أَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ كَرَامَتِهِ أَهْلَ الطَّاعَةِ، وَأَضْعَافِ أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَةِ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ.
فَأَيُّ عَقْلٍ لِمَنْ آثَرَ لَذَّةَ سَاعَةٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ دَهْرٍ، ثُمَّ تَنْقَضِي كَأَنَّهَا حُلْمٌ لَمْ يَكُنْ، عَلَى هَذَا النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَالْفَوْزِ الْعَظِيمِ؟ بَلْ هُوَ سَعَادَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَوْلَا الْعَقْلُ الَّذِي تَقُومُ بِهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ لَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَجَانِينِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْمَجَانِينُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ وَأَسْلَمَ عَاقِبَةً، فَهَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَأَمَّا تَأْثِيرُهَا فِي نُقْصَانِ الْعَقْلِ الْمَعِيشِ، فَلَوْلَا الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا النُّقْصَانِ، لَظَهَرَ لِمُطِيعِنَا نُقْصَانُ عَقْلِ عَاصِينَا، وَلَكِنَّ الْجَائِحَةَ عَامَّةٌ، وَالْجُنُونَ فُنُونٌ.
وَيَا عَجَبًا لَوْ صَحَّتِ الْعُقُولُ لَعَلِمَتْ أَنَّ طَرِيقَ تَحْصِيلِ اللَّذَّةِ وَالْفَرْحَةِ وَالسُّرُورِ وَطِيبِ الْعَيْشِ، إِنَّمَا هُوَ فِي رِضَاءِ مَنِ النَّعِيمُ كُلُّهُ فِي رِضَاهُ، وَالْأَلَمُ وَالْعَذَابُ كُلُّهُ فِي سُخْطِهِ وَغَضَبِهِ، فَفِي رِضَاهُ قُرَّةُ الْعُيُونِ، وَسُرُورُ النُّفُوسِ، وَحَيَاةُ الْقُلُوبِ، وَلَذَّةُ الْأَرْوَاحِ، وَطِيبُ الْحَيَاةِ، وَلَذَّةُ الْعَيْشِ، وَأَطْيَبُ النَّعِيمِ، وَمِمَّا لَوْ وُزِنَ مِنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا لَمْ يَفِ بِهِ، بَلْ إِذَا حَصَلَ لِلْقَلْبِ مِنْ ذَلِكَ أَيْسَرُ نَصِيبٍ لَمْ يَرْضَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا عِوَضًا مِنْهُ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ يَتَنَعَّمُ بِنَصِيبِهِ مِنَ الدُّنْيَا أَعْظَمَ مِنْ تَنَعُّمِ الْمُتْرَفِينَ فِيهَا، وَلَا يَشُوبُ تَنَعُّمَهُ بِذَلِكَ الْحَظِّ الْيَسِيرِ مَا يَشُوبُ تَنَعُّمَ الْمُتْرَفِينَ مِنَ الْهُمُومِ وَالْغُمُومِ وَالْأَحْزَانِ الْمُعَارِضَاتِ، بَلْ قَدْ حَصَلَ لَهُ عَلَى النَّعِيمَيْنِ وَهُوَ يَنْتَظِرُ نَعِيمَيْنِ آخَرَيْنِ أَعْظَمَ مِنْهُمَا، وَمَا يَحْصُلُ لَهُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مِنَ الْآلَامِ، فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 104].
فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا أَنْقَصَ عَقْلَ مَنْ بَاعَ الدُّرَّ بِالْبَعْرِ، وَالْمِسْكَ بِالرَّجِيعِ، وَمُرَافَقَةَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، بِمُرَافَقَةِ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا.

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تُوجِبُ الْقَطِيعَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالرَّبِّ:
ومِنْ أَعْظَمِ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تُوجِبُ الْقَطِيعَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ الْمَعْصِيَةُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَإِذَا وَقَعَتِ الْقَطِيعَةُ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ وَاتَّصَلَتْ بِهِ أَسْبَابُ الشَّرِّ، فَأَيُّ فَلَاحٍ، وَأَيُّ رَجَاءٍ، وَأَيُّ عَيْشٍ لِمَنِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ، وَقَطَعَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلِيِّهِ وَمَوْلَاهُ الَّذِي لَا غِنَى عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا بَدَلَ لَهُ مِنْهُ، وَلَا عِوَضَ لَهُ عَنْهُ، وَاتَّصَلَتْ بِهِ أَسْبَابُ الشَّرِّ، وَوَصَلَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْدَى عَدُوٍّ لَهُ: فَتَوَلَّاهُ عَدُوُّهُ وَتَخَلَّى عَنْهُ وَلِيُّهُ؟ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا فِي هَذَا الِانْقِطَاعِ وَالِاتِّصَالِ مِنْ أَنْوَاعِ الْآلَامِ وَأَنْوَاعِ الْعَذَابِ.
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: رَأَيْتُ الْعَبْدَ مُلْقًى بَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنْ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَلَّاهُ الشَّيْطَانُ، وَإِنْ تَوَلَّاهُ اللَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَقَدْ قَالَ: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 50].
يَقُولُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ: أَنَا أَكْرَمْتُ أَبَاكُمْ، وَرَفَعْتُ قَدْرَهُ، وَفَضَّلْتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، فَأَمَرْتُ مَلَائِكَتِي كُلَّهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ، تَكْرِيمًا لَهُ وَتَشْرِيفًا، فَأَطَاعُونِي، وَأَبَى عَدُوِّي وَعَدُوُّهُ، فَعَصَى أَمْرِي، وَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِي، فَكَيْفَ يَحْسُنُ بِكُمْ بَعْدَ هَذَا أَنْ تَتَّخِذُوهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي، فَتُطِيعُونَهُ فِي مَعْصِيَتِي، وَتُوَالُونَهُ فِي خِلَافِ مَرْضَاتِي وَهُمْ أَعْدَى عَدُوٍّ لَكُمْ؟ فَوَالَيْتُمْ عَدُوِّي وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِمُعَادَاتِهِ، وَمَنْ وَالَى أَعْدَاءَ الْمَلِكِ، كَانَ هُوَ وَأَعْدَاؤُهُ عِنْدَهُ سَوَاءً، فَإِنَّ الْمَحَبَّةَ وَالطَّاعَةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِمُعَادَاةِ أَعْدَاءِ الْمُطَاعِ وَمُوَالَاةِ أَوْلِيَائِهِ، وَأَمَّا أَنْ تُوَالِيَ أَعْدَاءَ الْمَلِكِ ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّكَ مُوَالٍ لَهُ، فَهَذَا مُحَالٌ.
هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَدُوُّ الْمَلِكِ عَدُوًّا لَكُمْ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ عَدُوَّكُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَالْعَدَاوَةُ الَّتِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّاةِ وَبَيْنَ الذِّئْبِ؟ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يُوَالِيَ عَدُوَّهُ عَدُوَّ وَلِيِّهِ وَمَوْلَاهُ الَّذِي لَا مَوْلَى لَهُ سِوَاهُ، وَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى قُبْحِ هَذِهِ الْمُوَالَاةِ بِقَوْلِهِ: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 50]، كَمَا نَبَّهَ عَلَى قُبْحِهَا بِقَوْلِهِ: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [سُورَةُ الْكَهْفِ: 50]، فَتَبَيَّنَ أَنَّ عَدَاوَتَهُ لِرَبِّهِ وَعَدَاوَتَهُ لَنَا، كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَبٌ يَدْعُو إِلَى مُعَادَاتِهِ، فَمَا هَذِهِ الْمُوَالَاةُ؟ وَمَا هَذَا الِاسْتِبْدَالُ؟ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا.
وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ هَذَا الْخِطَابِ نَوْعٌ مِنَ الْعِتَابِ لَطِيفٌ عَجِيبٌ وَهُوَ أَنِّي عَادَيْتُ إِبْلِيسَ إِذْ لَمْ يَسْجُدْ لِأَبِيكُمْ آدَمَ مَعَ مَلَائِكَتِي فَكَانَتْ مُعَادَاتُهُ لِأَجْلِكُمْ، ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ هَذِهِ الْمُعَادَاةِ أَنْ عَقَدْتُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ عَقْدَ الْمُصَالَحَةِ.
.


Facebook Twitter
  • اقتباس
محمد الرقيه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد الرقيه
  رقم المشاركة : [ 5  ]
قديم 2017-08-06, 11:33 AM
محمد الرقيه
عضو جديد
رقم العضوية : 199373
تاريخ التسجيل : 24 - 5 - 2017
عدد المشاركات : 82

غير متواجد
 
افتراضي

.فَصْلٌ الْمَعَاصِي تَمْحَقُ الْبَرَكَةَ:
ومِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمُرِ، وَبَرَكَةَ الرِّزْقِ، وَبَرَكَةَ الْعِلْمِ، وَبَرَكَةَ الْعَمَلِ، وَبَرَكَةَ الطَّاعَةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَلَا تَجِدُ أَقَلَّ بَرَكَةٍ فِي عُمُرِهِ وَدِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِمَّنْ عَصَى اللَّهَ، وَمَا مُحِقَتِ الْبَرَكَةُ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا بِمَعَاصِي الْخَلْقِ، قَالَ اللَّهُ: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الْأَعْرَافِ: 96].
وَقَالَ: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الْجِنِّ: 16- 17].
وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّهُ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الرِّضَى وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ».
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْأَثَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: أَنَا اللَّهُ، إِذَا رَضِيتُ بَارَكْتُ، وَلَيْسَ لِبَرَكَتِي مُنْتَهًى، وَإِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ، وَلَعْنَتِي تُدْرِكُ السَّابِعَ مِنَ الْوَلَدِ.
وَلَيْسَتْ سَعَةُ الرِّزْقِ وَالْعَمَلِ بِكَثْرَتِهِ، وَلَا طُولُ الْعُمُرِ بِكَثْرَةِ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ، وَلَكِنَّ سَعَةَ الرِّزْقِ وَطُولَ الْعُمُرِ بِالْبَرَكَةِ فِيهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمْرَ الْعَبْدِ هُوَ مُدَّةُ حَيَاتِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ اللَّهِ وَاشْتَغَلَ بِغَيْرِهِ، بَلْ حَيَاةُ الْبَهَائِمِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْإِنْسَانِ بِحَيَاةِ قَلْبِهِ وَرُوحِهِ، وَلَا حَيَاةَ لِقَلْبِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ فَاطِرِهِ، وَمَحَبَّتِهِ، وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَالْإِنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ بِذِكْرِهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ، وَمَنْ فَقَدَ هَذِهِ الْحَيَاةَ فَقَدَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَوْ تَعَرَّضَ عَنْهَا بِمَا تَعَوَّضَ مِمَّا فِي الدُّنْيَا، بَلْ لَيْسَتِ الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا عِوَضًا عَنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ، فَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَفُوتُ الْعَبْدَ عِوَضٌ، وَإِذَا فَاتَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ عَنْهُ شَيْءٌ الْبَتَّةَ.
وَكَيْفَ يُعَوَّضُ الْفَقِيرُ بِالذَّاتِ عَنِ الْغَنِيِّ بِالذَّاتِ، وَالْعَاجِزُ بِالذَّاتِ عَنِ الْقَادِرِ بِالذَّاتِ، وَالْمَيِّتُ عَنِ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْمَخْلُوقُ عَنِ الْخَالِقِ، وَمَنْ لَا وُجُودَ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ الْبَتَّةَ عَمَّنْ غِنَاهُ وَحَيَاتُهُ وَكَمَالُهُ وَوُجُودُهُ وَرَحْمَتُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ؟ وَكَيْفَ يُعَوَّضُ مَنْ لَا يَمْلِكُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ عَمَّنْ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَإِنَّمَا كَانَتْ مَعْصِيَةُ اللَّهِ سَبَبًا لِمَحْقِ بَرَكَةِ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ، لِأَنَّ الشَّيْطَانَ مُوَكَّلٌ بِهَا وَبِأَصْحَابِهَا، فَسُلْطَانُهُ عَلَيْهِمْ، وَحَوَالَتُهُ عَلَى هَذَا الدِّيوَانِ وَأَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَّصِلُ بِهِ الشَّيْطَانُ وَيُقَارِنُهُ، فَبَرَكَتُهُ مَمْحُوقَةٌ، وَلِهَذَا شُرِعَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْجِمَاعِ لِمَا فِي مُقَارَنَةِ اسْمِ اللَّهِ مِنَ الْبَرَكَةِ، وَذِكْرُ اسْمِهِ يَطْرُدُ الشَّيْطَانَ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَكُونُ لِلَّهِ فَبَرَكَتُهُ مَنْزُوعَةٌ، فَإِنَّ الرَّبَّ هُوَ الَّذِي يُبَارِكُ وَحْدَهُ، وَالْبَرَكَةُ كُلُّهَا مِنْهُ، وَكُلُّ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ مُبَارَكٌ، فَكَلَامُهُ مُبَارَكٌ، وَرَسُولُهُ مُبَارَكٌ، وَعَبْدُهُ الْمُؤْمِنُ النَّافِعُ لِخَلْقِهِ مُبَارَكٌ، وَبَيْتُهُ الْحَرَامُ مُبَارَكٌ، وَكِنَانَتُهُ مِنْ أَرْضِهِ، وَهِيَ الشَّامُ أَرْضُ الْبَرَكَةِ، وَصَفَهَا بِالْبَرَكَةِ فِي سِتِّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَلَا مُبَارِكَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ، وَلَا مُبَارَكَ إِلَّا مَا نُسِبَ إِلَيْهِ، أَعْنِي إِلَى أُلُوهِيَّتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، وَإِلَّا فَالْكَوْنُ كُلُّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَخَلْقِهِ، وَكُلُّ مَا بَاعَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ فَلَا بَرَكَةَ فِيهِ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَفِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ عَلَى حَسَبِ قُرْبِهِ مِنْهُ.
وَضِدُّ الْبَرَكَةِ اللَّعْنَةُ؛ فَأَرْضٌ لَعَنَهَا اللَّهُ أَوْ شَخْصٌ لَعَنَهُ اللَّهُ أَوْ عَمَلٌ لَعَنَهُ اللَّهُ أَبْعَدُ شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَكُلَّمَا اتَّصَلَ بِذَلِكَ وَارْتَبَطَ بِهِ وَكَانَ مِنْهُ بِسَبِيلٍ فَلَا بَرَكَةَ فِيهِ الْبَتَّةَ.
وَقَدْ لَعَنَ عَدُوَّهُ إِبْلِيسَ وَجَعَلَهُ أَبْعَدَ خَلْقِهِ مِنْهُ، فَكُلُّ مَا كَانَ جِهَتَهُ فَلَهُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ بِقَدْرِ قُرْبِهِ وَاتِّصَالِهِ بِهِ، فَمِنْ هَاهُنَا كَانَ لِلْمَعَاصِي أَعْظَمُ تَأْثِيرٍ فِي مَحْقِ بَرَكَةِ الْعُمُرِ وَالرِّزْقِ وَالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَكُلُّ وَقْتٍ عَصَيْتَ اللَّهَ فِيهِ، أَوْ مَالٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ، أَوْ بَدَنٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ فَهُوَ عَلَى صَاحِبِهِ لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْ عُمُرِهِ وَمَالِهِ وَقُوَّتِهِ وَجَاهِهِ وَعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ إِلَّا مَا أَطَاعَ اللَّهَ بِهِ.
وَلِهَذَا مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعِيشُ فِي هَذِهِ الدَّارِ مِائَةَ سَنَةٍ أَوْ نَحْوَهَا، وَيَكُونُ عُمُرُهُ لَا يَبْلُغُ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا، كَمَا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَمْلِكُ الْقَنَاطِيرَ الْمُقَنْطَرَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَكُونُ مَالُهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَبْلُغُ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا، وَهَكَذَا الْجَاهُ وَالْعِلْمُ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ، أَوْ عَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ».
وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: «الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ الْبَرَكَةُ خَاصَّةً، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ»


Facebook Twitter
  • اقتباس
محمد الرقيه
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد الرقيه
  رقم المشاركة : [ 6  ]
قديم 2017-08-06, 1:18 PM
حورية القصر الأبيض
عضو متميز بالمنتدى
الصورة الرمزية حورية القصر الأبيض
رقم العضوية : 180
تاريخ التسجيل : 10 - 8 - 2004
عدد المشاركات : 4,194

غير متواجد
 
افتراضي
جزاك الله خيراً
وشكراً لمشاركتك النافعة بارك الله فيك


توقيع حورية القصر الأبيض
إن الأبرار لفي نعيم ,على الأرائك ينظرون , تعرف في وجوهـهم نضرة النعيم ,يسقون من رحيق مختوم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
اللهم صل على محمد (صلى الله عليه وسلم )
يارب فرحت فالحمدلله الحمدلله الحمدلله

** تم توثيق عضويتي **

 

 



Facebook Twitter
  • اقتباس
حورية القصر الأبيض
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها حورية القصر الأبيض
اضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
انواع عرض الموضوع
العرض العادي العرض العادي
العرض المتطور الانتقال إلى العرض المتطور
العرض الشجري الانتقال إلى العرض الشجري
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين المنتدى
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من النعم أن يحجب عنك بعض النعم! 【 ثبات الجبال 】 المنتدى الإسلامي 65 2016-10-02 9:15 PM
من النعم أن يحجب عنك بعض النعم! يمامة الوادي المنتدى الإسلامي 4 2011-12-04 8:22 PM
المعاصي تزيل النعم ابو عادل المنتدى العام 11 2010-09-17 2:57 AM
فإن المعاصي تزيل النعم يمامة الوادي منتدى القصة 13 2010-02-14 11:44 PM
فإن المعاصي تزيل النعم أبو عامر الشمري المنتدى العام 0 2004-09-28 3:44 PM





الاتصال بنا - شبكة موقع بشارة خير - الأرشيف - إحصائيات الإعلانات - الأعلى


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By World 4Arab
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الآراء والتعليقات المطروحة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع وللأتصال بالدكتور فهد بن سعود العصيمي على الايميل التالي : fahd-osimy@hotmail.com


أقسام الموقع

  • الموقع
  • المنتدى
  • التعبير المجاني

نبذة عنــــا

موقع بشارة خير كانت بداية تأسيسه منذ بدايات عام 2004 م وهو أول موقع من نوعه يختص بتفسير الأحلام بشكل رئيسي ، ويتبنى تعليم هذا العلم وفق منهج شرعي ونفسي وعلمي.

جميع الحقوق محفوظة لدى منتديات بشارة خير