لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
الأَلُوكَةُ الخَالِدَة
أحمد حمودة -------------------------------------------------------------------------------- يَنْتَكِئُ الجُرحُ القديمُ، ويَرْزَحُ القلب تحت همِّه المُضْنِي كلَّما شاهَدَ الهُوة تتَّسع، والقطيعةَ تَحْتَدُّ بين الأوائل والأواخر، لقد تَرَكَ لنا الأجداد تُراثًا بلغَنَا منه شيءٌ ليس بالقليل، فيه تمثيلٌ كافٍ لعلوم القوم وفِكْرهم، وتاريخهم، وحضارتهم، وفُنونهم، وصنائعهم، وسائر شؤون معاشهم. هذا ما بقي لنا من إرث الجدِّ القديم بعدَ أن نازعَنا فيه كلُّ قاصٍ ودانٍ، وهو حظٌّ عظيم إنْ أَحْسَنَّا تَقبُّلَهُ والانتفاعَ به، وليس هذا موضِعَ القطيعةِ، ومحلَّ الاغتراب؛ بل ما نَعنِيه ونُومِئُ إليه هو اغتراب الرُّوح، وقطيعة الحِسّ والشعور. إنَّ أكثرَ مُثَقَّفِينا - ومُثَقَّفُونا قليلٌ - يَقْرَؤُون للأجداد أو يَقْرَؤون عنهم، لكنَّ أحدًا لا يَقْرَأ رُوح الأجدادِ، أو يَحْيَا بحياتهم، ويَتَنَفَّسُ بأَنْفاسِهِمْ. إنَّنا نَقْرَأ تُراث آبائنا قراءةً عَجِلَةً.. آليةً.. مُسطَّحَةً، تَلْمَسُ أَعْيُنُنا الزائغةَ فيها أطرافَ الكلام؛ فلا تَنْفُذُ إلى رُوحه، ولا يَنْفُذُ إلى أرواحها. فَبَيْنَنَا وبين آثارِهم من جفاف الطَّبْعِ، وبَلادة الحِسِّ سَدٌّ مَنيع، وحجاب حاجز. تَرَكَ لنا القوم كَنْزًا كبيرًا.. لم يَدْفِنُوهُ، ولم يَسْحَرُوهُ، أو يَرْصدوا له من الجِنِّ رَصَدًا. كَنْز مباح مفتوح؛ لكنه أَشْبَهُ شيءٍ بالمغلق الممنوع، إذ لا يراه ويَفْطِنُ لمكانه إلا مَن تَجَشَّم مَيْدانه، وألقى عليه جِرَانَه، فأخلصَ النَّظَرَ، وأَحْسَنَ الوِرْد والصَّدَرَ، وإلا فلن يُبْصِرَهُ ولو حَشَا عَيْنَيْهِ كُحْلاً، ولن يَعْقِلَهُ ولو حَكَّ بِيَافُوخِه السماء. لقد تَرَكَ لنا القومُ أَلُوكَةً تَشرح الأنساب، وتَصِلُ الأسباب، لو أَحْسَنَّا قراءتها، واستِكْنَاه شَفْرَتِها العَصِيَّة إلا على المخلَصِينَ، إنها أَلُوكَة تَحمل لنا ما لم تَحمله الكُتُب الماتِعَة، أو تَحْوِه الأسفارُ الطِّوَالُ.. تحمل لنا أرواح الآباء وأنفاسَهم وحياتهم.. تَحمل عواطِفَهم، وأمشاجَ مشاعِرِهم.. تَحمل زمانهم ومكانهم.. تحمل كل ذلك لتَضَعَهُ بين أيدينا كلَّهُ، فتَسْري به في وِجْدَاناتنا سَرَيانَ الشِّفَاءِ في الجسد العليل، وتتخلل به أرواحنا تَخَلُّل الحياة في الأرض المَوَات. إنها الأَلُوكَة التي حَمَلَها إلينا إبداعُ العرب القديمُ قِدَمَ الرُّوح العربية.. الباقي بقاءها. إنها ذلك الرُّوح المُبْهَم الغامض، والجميل كذلك.. ذلك الرُّوح الحميمُ الذي يُشْبِهُ السِّحْرَ.. يُشْبِهُ الأثير.. يُشبه ضحِكاتِ الأطفال، وحِكْمَةَ الكبار.. يُشْبه الحياة. لقد قلتُ: إنَّ المثقَّفينَ يقرؤون للأوائل، وعن الأوائل؛ لكن أحدًا لن يَلْمَسَ جَذْوة النسَب العربيّ الأصيل دون قراءة أَلُوكَتِه الخالدة.. ذلك الميثاق المُؤكِّد على صدق النسب، واتصال السبب، وتَوَحُّد الرُّوح، ذلك التَّوحُّد الذي يُحِسُّهُ العاشِق حين يُفْضِي إليه المُنَخَّل بزَهْوِهِ: وَأُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي = وَيُحِبُّ نَاقَتَهَا بَعِيرِي أو يَهْجِسُ عَنْتَرَةُ: وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ مِنِّي وَبِيضُ الهِنْدِ تَقْطِرُ مِنْ دَمِي ذلك التوحُّد الذي يَشعر به الثاكِل الباكي في نَجْوَى أبي ذُؤَيْبٍ: أَمِنَ الْمَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَوَجَّعُ! وَالدَّهْرُ لَيْسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ ذلك التوحُّد الذي يَبْجَح به مَنْ يَسْمَعُ ابنَ كُلْثوم: إِذَا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنَا رَضِيعٌ تَخِرُّ لَهُ الْجَبَابِرُ سَاجِدِينَا ويَطْرَبُ له من يُشْجِيهِ بَشَّارٌ: لِخَدِّكَ مِنْ كَفَّيْكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى أَنْ تَرَى ضَوْءَ الصَّبَاحِ وِسَادُ تَبِيتُ تُرَاعِي اللَّيْلَ تَرْجُو نَفَادَهُ وَلَيْسَ لِلَيْلِ العَاشِقِينَ نَفَادُ ويَهْتَز مَن يُنْشِده المُتَنَبِّيِ: أَزَالَتْ بِكَ الأَيَّامُ عَتْبِي كَأَنَّمَا بَنُوهَا لَهَا ذَنْبٌ وَأَنْتَ لَهَا عُذْرُ ويَسْتَأْسِرُ معه لبذَخِ الفَرَزْدَقِ: وَمَا حَمَلَتْ أُمُّ امْرِئٍ فِي ضُلُوعِهَا أَعَقَّ مِنَ الْجَانِي عَلَيْهَا هِجَائِيَا ثم يُصْغِي لحكمة الدهر من أبي العلاء: تَعَبٌ كُلُّهَا الْحَيَاةُ فَمَا أَعْ جَبُ إِلاَّ مِنْ رَاغِبٍ فِي ازْدِيَادِ إنها تلك الأَلُوكَةُ التي يُحِسُّ رُوحها مَن يُظْلَم من وَجْهَيْن، فَيَضِجُّ مع الصوت الأول: "أحَشفًا وسُوءَ كِيلَة": ومَنْ يَبْذُلُ النُّصْحَ فلا يُجاب، إلا بعدَ الفَوْتِ فيُعَنِّفُ مَنْ "يَدَاهُ أَوْكَتَا وَفُوهُ نَفَخَ"، ومَن تُنْكَر تَجْرِبَتُه فتعْصِمُه "أتُعَلِّمُنِي بِضَبٍّ أنا حَرَشْتُهُ"، وتَغْمِطُهُ العَشِيرَةُ فيتذكَّر: "إذا عزَّ أخوك فهُنْ". تلكَ هي الأَلُوكَةُ الخالدة التي تَجَاوَزَتْ إلينا عشراتِ القرون، وتخطَّت آلافَ الطَّفَرات والاختراعات؛ لتَتَمَثَّل لنا بكلِّ طريق، ولتشُدَّ على أيدينا في كل أزمة، ولِتُذَكِّرَنا دائمًا بالنَّسَب القديم، والرُّوح التي تَسْرِي في أعماقنا، والإصرار الدَّؤوب الذي حَمَلَتْهُ ملامحُ جَدٍّ قديم - وَسَمُوه بالمَلِكِ الضِّلِّيلِ - وهو يتجاوز التاريخ إلى المَجْد الكبير قبلَ سِتَّةَ عَشَرَ قَرْنًا.. وحيدًا مُثابرًا يُؤَسِّي نَفْسَهُ بأَلُوكَةٍ أُخْرَى تقول: ..... لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّمَا نُحَاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمُوتَ فَنُعْذَرَا ويبقى الشعر: وَتَسْرِي فِي عُرُوقِ الشِّعْرِ مِنْ أَفْوَاهِنَا رَحِمُ حَنِينٌ مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ يَحْدُو شَوْقَهُ كَلِمُ رَسُولٌ يَمْسَحُ الآلامَ عَنْ عَيْنِي وَيَبْتَسِمُ فَمَا قَتَلُوكَ.. مَا صَلَبُوكَ.. فَلْيَنْهَضْ بِكَ الْقَلَمُ |
|
|
|