[khaled ahmed]

على نغمات فقير يعزف الناي
يجلس على صخرة صماء على شاطئ الأحزان
تضرب أمواجه بقسوة الفراق وألم الرحيل
وتضرب وتضرب
ويرتفع صوت تلك الأمواج محاولة صد أنغام الناي الحزين
وتتلبد السماء بغيوم الأنانية السوداء
لتهطل أمطار الكآبة على ذلك العازف الفقير
وتبرق وترعد وتقصف السماء بمشاعر المرارة والألم
كلها محاولة ان تخمد نغمة الناي الحزين

ويستمر العازف الفقير يعزف ويعزف ويعزف
وتتساقط قطرات دموعه على خديه
ليطفئ بها حرارة خرجت من جوفه
ليسقى بها عطش روحا ظامئة
وهو مازال مستمرا في العزف
تترتفع أمواج القسوة وترتفع أكثر
وتضرب بكل عنفوانها على تلك الصخرة الصماء
ولا يصل الى ذلك الفقير سوى رذاذ متطاير من تلك القسوة
لكنه لا يأبه بكل ذلك
فمازالت أصابعه تعزف على تلك الآلة
ومازالت زفرات أنفاسه تمد الى ذلك الناي روحه
وعياناه المغمضتان ترحلان به نحو عالم آخر
عالم يهرب به من واقعه المحيط الأسود

ليتخيل تلك الطفلة الجميلة
تتسابق بخطواتها نحوه
ليس نحو ذراعه
فيداه مشغولة بألحان الناي
وإنما نحو صدره
ونحو قلبه
لترتمي بكل ما تحمله تلك الطفلة
من مشاعر وأحاسيس إشتاق إليها منذ رحيلها
حن إليها منذ فراقها

وتتمسك به بشدة محاولة ان تطفئ شموع الألم في صدره
لتسكت بركان الغضب في قلبه
ثم تنظر بعينيها الجميلتين نحو وجهه المتعب المرهق
وهو مغمض العينين ومعزوفته مازالت تملؤ المكان
وتبتسم
وتقترب من وجنتيه اللتان تشربتا بدموع القهر
وتطبع بطفولتها وعفويتها قبلة رائعة
وتلثم بشفتيها الصغيرتين روح لبقايا إنسان

ثم تترك تلك الطفلة صدر ذلك العازف الفقير
وتعود صاعدة الى السماء
وتلوح لذلك الفقير العازف بيدها الصغيرة
وتخترق بروحها الطاهرة غيوم السماء المظلمة

وتهدأ تلك العاصفة
وتتناثر بقايا البرق والرعد
ليشق شعاع من الأمل طريقه نحو هدف واحد
نحو صدر ذلك العازف الفقير
لتشرق في صدره شمس الحنان
شمس المحبة والشوق
وترسم تلك الأشعة بنورها الساطع
على قلب ذلك العازف الفقير
لوحة من الترقب والوعد
الوعد بأن اللقاء
سيكون في مكان أجمل
وتحت كنف رب غفور رحيم

وتتفتح عينا ذلك الفقير قليلا قليلا
وتتوقف أصابعه عن عزف تلك النغمة على الناي
ويرنو ببصره نحو الساحل
ويرى البحر الهائج وقد أصبح هادئا تتراقص أشعة الأمل على صفحاته
ويقف وقد تشربت روحه وجسده بذلك الأمل
ليمسك بتلك المعزوفة ويرمي بها بكل قوته
نحو البحر

ويضع يديه في جيبه ليعود أدراجه نحو بيته
ونظرات طفلة جميلة تتبعه بإبتسامة طفولية تنظر إليه
عبر سحب السماء
فيقف قليلا ويرفع رأسه
ويبتسم
قائلا
"الحمد الله"

فقد أدرك حينها أن الأمانة لن تضيع
وان اللقاء سيكون ولو بعد حين

أخوكم
خالد أحمد
أرجو ان تنال على إعجابكم

[متفائل بالخير]

خاطرة تحمل في طياتها الاسى والحزن بحروف تذرف الدموع على الواقع