[ام حممممودي]

الإعاقة ليست عجزا وإنما هي حافز لصناعـــــــة النجـاحات ومجـابهة التحـديات

ذكر الدكتور أيمن الديب الأخصائي النفسي بمركز الشفلح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في حديث خاص لـ؟ والمواطن إن الإعاقة ليست مرادفا للعجز، بل إن الإعاقة في كثير من الحالات تعد حافزا كبيرا ودافعا قويا لمجابهة التحديات واستكشاف آفاق إبداعية وقيادية رائعة وتحقيق إنجازات ونجاحات قد يعجز الأفراد غير المعاقين على تحقيقها أو الوصول إليها، والتاريخ الإنساني خير دليل على ذلك حيث يحفل بشواهد مضيئة وراسخة في الأذهان من متحديّ الإعاقة والتي يصعب على الذاكرة نسيانها فهي محفورة في الأذهان بماء من ذهب.

كما أوضح الدكتور أيمن انه لتفادي إنجاب طفل معاق لابد من العمل بالقول «الوقاية خير من العلاج» أي تفادي الأسباب والعوامل التي قد تؤدي إلى إنجاب طفل معاق من بداية فترة الحمل ومن أهم هذه الأسباب.. العوامل الوراثية ولذا فقد دعا الدكتور أيمن الديب إلى ضرورة إلزام المقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي الجيني وهو الأمر الذي يفيد في التدخل المبكر قبل الزواج كإجراء وقائي لتجنب إنجاب طفل معاق.

وقد تطرق الدكتــــور أيمن خـــلال حــــديثه لـ الوطن والمواطن إلى الاستجابات والمراحل النفسية التي تمر بها الأسرة عند تلقيها لخبر قدوم طفل معاق، حيث قال الدكتور الديب أنها مراحل متعددة تبدأ بالصدمة وعدم تقبل الأمر وعدم تصديق الخبر وتنتهي في نهاية المطاف بتقبل الوضع وتصديق الأمر والتعامل مع الموضوع بلا خجل والإقبال على البرامج التعليمية والعلاجية والمشاركة فيها، مع الأخذ في الاعتبار بضرورة عدم تأخير هذه المرحلة الأخيرة حتى لا يترتب على ذلك تأخير استفادة الطفل من الخدمات والبرامج التربوية والتدريبية والعلاجية.. وفيما يلي باقي تفاصيل الحوار التي تحملها السطور التالية:

_بداية من هم ذوو الاحتياجات الخاصة؟

- ذوو الاحتياجات الخاصة هو إنسان له الحق في الحياة والتعلم والمشاركة في الأنشطة الحياتية المختلفة فكل منا قد يكون من ذوي الاحتياجات الخاصة فمنا من لا يرى جيدا إلا بارتداء النظارة الطبية ومنا لا يسمع جيدا إلا بارتداء سماعة لتقوية السمع وهكذا الحال بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من قصور في قدراتهم ومهاراتهم فهم في حاجة خاصة لبرامج ومساعدات وتدريبات لتنمية قدراتهم ومهاراتهم إلى أقصى درجة ممكنة فذوو الاحتياجات الخاصة باختلاف احتياجاتهم ووفقا لإعاقتهم ونوعها ودرجتها يحتاجون إلى بيئات تعليمية وتدريبية خاصة حتى يتسنى لهم مواجهة متطلباتهم الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية ومن ثم توافقهم الاجتماعي والنفسي.

والإعاقة ليست مرادفا للعجز بل هي في كثير من الحالات حافز لمجابهة التحديات ومنطلق لاستكشاف آفاق قيادية وإبداعية رائعة ومن هذا المنطلق فإن التراث الإنساني يحفل بشواهد مضيئة وراسخة من متحدي الإعاقة أولئك الأعلام الذين استطاعوا بعزيمتهم وقدراتهم وروحهم المتفائلة المستبشرة أن يحولوا ما ظن البعض أنها نقاط ضعف إلى مواطن قوة وإبداع وتأثير ايجابي على مستوى الوطن بل على مستوى الحضارة الإنسانية ككل.

_كيف يمكن للأسرة أو للأم تجنب إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؟

- بداية وانطلاقا من القول «الوقاية خير من العلاج» فهناك أسباب تعد الأكثر شيوعا في حدوث الإعاقات والتي من خلال التعرف عليها تستطيع الأسرة تجنبها والوعي بها لتفادي إنجاب طفل لديه مشكلة أو إعاقة ما.

ومن أول هذه الأسباب العوامل الوراثية والتي تنتشر كثيرا وهذا ما أثبتته البحوث من نتائج وأهمها تكرار حدوث حالات الإعاقة الجسمية والذهنية للأطفال والإرشاد هنا يكون من خلال الدعوة لتفادي مثل هذه الحالات والذي يتم عن طريق فحص طبي جيني للزوجين المقبلين على الزواج أي التدخل المبكر قبل الزواج كوقاية من إنجاب أطفال لديهم مشكلات والتأكد من خلو الزوجين من العوامل المسببة لمثل هذه الإعاقات والتي تنتقل عن طريق الوراثة.

ومن الأسباب أيضا تلك المرتبطة بالعوامل الصحية حيث إن هناك ارتباطاً قوياً بين الأوضاع الصحية والغذائية وبين مشكلة الإعاقة فنجد إن هناك من الأمراض ما يؤدي إلى حالات الإعاقة إذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب منها الحمى الشوكية التي إذا لم تعالج مبكرا فإنها قد تؤدي إلى وجود مشكلات أو إعاقات عقلية وفقدان البصر والسمع أو القدرة الحركية والحصبة الألمانية والتي يمكن أن تؤدي إلى وجود إعاقات إذا أصيبت بها الأم أثناء فترة الحمل مما يترتب عليه إنجاب طفل معاق ذهنيا أو لديه شلل مخي بعد ولادته وكذلك حالات سوء التغذية الحادة والذي يترتب عليها نقص المناعة وهذه الأمراض التي ذكرت وغيرها يمكن الوقاية منها عن طريق التحصين والتطعيم ويجدر بالذكر هنا إن سوء التغذية للام الحامل خاصة بعض العناصر الغذائية الهامة كالبروتين والسعرات الحرارية الكافية قد يؤدي إلى عسر في الولادة أو ميلاد طفل قبل اكتمال فترة الحمل وهي 9 شهور أو ميلاد طفل قليل الوزن وعليه فيكون الطفل أكثر عرضة للإصابة بإعاقة جسمية أو ذهنية ويحتاج إلى رعاية خاصة في حضانات طبية. ومن الأسباب التي تؤدي إلى إعاقات كذلك الحوادث مثل تناول الطفل أقراصا أو مشروبات سامة أو قد يؤدي الجهل والشعوذة إلى ممارسات خاطئة أو استعمال وصفات شعبية لعلاج بعض الأمراض أو إلى إجهاض الأم الحامل أو لجلب الحظ وغير ذلك من الخرافات التي قد تؤدي إلى إعاقات جسمية أو عقلية الأمر الذي يتطلب التوعية المستمرة عن طريق وسائل الإعلام المرئية منها والمسموعة والمقروءة، هذا بالإضافة إلى حوادث المرور وانهيار المباني، وكذلك الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والكوارث التي هي من صنع الإنسان كالحروب والجرائم والتي تؤدي إلى مضاعفة حالات الإعاقة. ولا شك إن الخدمات الصحية التي تقدم إلى الأم أثناء الحمل والولادة وللام وللطفل بعد الولادة في السنوات الأولى من عمره تلعب دورا هاما ومحوريا في الحد من حالات الإعاقة والوقاية منها.

[ام حممممودي]

أنواع الإعاقات

_ما هي أنواع الإعاقات الموجودة في المجتمع؟

ـ هناك العديد من الإعاقات ونذكر منها الشائع فمنه الإعاقات الذهنية وهي تتضمن عدة فئات من حيث الدرجة حيث الإعاقة الذهنية البسيطة والإعاقة الذهنية المتوسطة والإعاقة الذهنية الشديدة وقد يتم التصنيف وفقا لقابلية كل فئة للتعلم والتدريب ولكن يمكن القول هنا إن كل الإعاقات الذهنية قابلة للتعلم والتدريب والتأهيل متى توافرت لها البرامج والأساليب الملائمة لحالاتهم ومن ثم متطلباتهم الذهنية الاجتماعية والسلوكية، ولذا فان تنمية إمكانات هذه الفئة ونموهم العقلي كالزهرة التي تحتاج إلى الماء والهواء لكي تحيا وفي الوقت نفسه تحتاج هذه العناصر لكي يتحقق لها النمو هنا تظهر أهمية وجود الأساليب والبرامج المناسبة لتعليم وتدريب هذه الفئة.

- وهناك ما يسمى بالفئات الإكلينيكية للإعاقة
ومنها حالات الدون يسندروم والتي تسمى حالات الدون سندروم والتي تسمى حالات Mongolism

وحالات استسقاء الدماغ mydvocephaly

حالات كبر الدماغ macvocephaly

حالات صغر الدماغ microcephaly

الشلل الميغي Cereberal pALSY

وتمثل هذه الحالات فئات واضحة الملامح الإكلينيكية وقد يصاحبها إعاقة ذهنية في إحدى فئاته.

وهناك إعاقات التوحد أو التي تسمى إعاقات النمو الشاملة وهي تتميز بقصور في قدرات الاتصال والتواصل والقدرة على التفاعل الاجتماعي والعاطـــفي مع الآخرين حيــــث يعيـــــش الـــطفل في عالمه الخــــــاص في عزله تامة عما حــــوله ويعاني من اضطرابات في التواصل اللفظي وغير اللفظي.

وهناك فئات الإعاقة البصرية والتي تشمل كف البصر والذي قد يكون كلياً أو جزئياً، وقد يكون نتيجة لأسباب عضوية وراثية أو ولادية مكتسبة نتيجة حادث أو مرض، وهنا أيضا العمى الهستيري الذي يحدث للفرد نتيجة اضطرابات انفعالية.

وتوجد إعاقات أخرى في المجتمع ومنها إعاقات الصم وضعاف السمع والصم الذي قد يحدث خلقيا أو قبل الولادة أو أثناء فترة الحمل نتيجة لإصابة الأم بالحصبة الألمانية أو اختلال عامل الدم زب وقد يحدث نتيجة الإصابة بفيروس أو خلل في الجهاز السمعي أو الغدة الدرقية.

ومن الإعاقات أيضا الإعاقات الحركية التي تحدث نتيجة الشلل المخي أو شلل الأطفال أو بتر طرف أو نتيجة مرض أو حادث أو تشوه في العظام أو المفاصل أو ضمور في العضلات وغير ذلك من الأسباب التي قد تكن وراثية أو مكتسبة.

وأيضا حالات التشوه وقد تصيب الفرد نتيجة الوراثة أو قد تكون مكتسبة لأسباب مرضية أو حوادث وقد تصيب الوجه أو احد أجزائه أو أجزاء الهيكل العظمي أو العضلي أو الأقدام أو شق سقف الحلق، وقد تحدث للجنين أثناء الحمل بسبب تلوث كيميائي أو تعرض للإشعاع أو إصابة الأم بالحصبة الألمانية وتناولها بعض العقاقير أو ا لمخدرات والتدخين.

وأخيرا المعاقون اجتماعيا والتي تشمل حالات الإجرام وانحراف الأحداث ومرض السلوك السيكوباتي وإدمان المخدرات أو الخمور والسلوك العدواني أو الانطوائي الشديد وهناك متعددو الإعاقة وهم فئات الأفراد الذين يعانون من أكثر من إعاقة واحدة كالشلل مع إعاقة ذهنية أو إعاقة حركية أو جسمية الصم البكم الإعاقة الذهنية مع عيوب الكلام وضعف البصر والسمع والصم البكم وفاقدي الصبر وغيرها.

ردود الأفعال

_ما الاستجابات والمراحل النفسية التي تمر بها الأسرة عند تلقيها خبر قدوم طفل معاق؟

- الأسرة عادة تمر بعدد من ردود الأفعال عند إنجاب طفل من ذوي الحاجات الخاصة وقد تكون ردود الأفعال هذه من قبل الولادة أي بمجرد إخبار الأم بأن الطفل الذي تحمل به معاقا وعندها تتحسب الأم لمواجهة مشكلات أثناء الولادة كالمخاوف من الولادة وغيرها.

والصدمة هي المرحلة الأولى عند إنجاب طفل معاق حيث الارتباك والقلق ويكون التعبير عن الصدمة بعبارات عدم التصديق وعدم معرفة كيفية التصرف في مثل هذا الموقف ثم تأتي مرحلة نكران الإعاقة وفي هذه المرحلة ينكر الآباء وجود إعاقة عند طفلهم ويرون إن هناك خطأ في التشخيص ويبحثون خلال هذه الفترة عن مصادر أخرى تثلج صدورهم وتنفي لهم حقيقة إن طفلهما معاق وفي هذه المرحلة ينظر أهل الطفل إلى الأنماط السلوكية الايجابية عند الطفل ويبالغون في تقييمها ويتجاهلون أنماط السلوك السلبية كنوع من الهروب من حقيقة إعاقة طفلهما ويلي هذه المرحلة الشعور بالذنب حيث يشعر الزوجان بالذنب تجاه طفلهما لأنهما لم يتخذنا الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع حدوث الإعاقة وقد يلوم كل طرف الآخر ويحمله مسؤولية التسبب في الإعاقة ويبدأ الغضب وإسقاط اللوم على الأطباء وعلى الأجهزة الطبية المستخدمة أو الأدوية الخاطئة التي وصفها الطبيب ثم تأتي المرحلة الرابعة وهي المبالغة في تبني الآمال التي هي آمال غير قابلة للتحقيق وتجريب علاجات ليس لها أساس علمي ثم تأتي المرحلة الخامسة وهي العزلة عن المحيط الاجتماعي وعدم الرغبة في التفاعل معه من اجل تجنب أسئلة الآخرين المحرجة وكتمان وجود طفل معاق في الأسرة أحيانا.

وتأتي المرحلة الأخيرة وهي تقبل الطفل المعاق واعتراف الأهل بالحقيقة والتعامل مع الموضوع بلا خجل والإقبال على البرامج التعليمية والعلاجية والمشاركة فيها إلا إن هذه المرحلة قد تتأخر للأسف عند بعض الأسر مما يؤخر استفادة الطفل من الخدمات والبرامج التربوية والعلاجية في الوقت المبكر من حياته.

وأقول كلما تسلحت الأسرة بسلاح الإيمان بالله تعالى والرضا بقضائه أمكنها تجاوز هذه المحنة بطريقة أكثر توافقا واتزانا من غيرها من الأسر وكلما استطاعت تطوير ما لدى طفلها من استعدادات وإمكانات بشتى الوسائل حتى يكون عضوا فاعلا في مجتمعه يؤدي ما عليه من واجبات ويعرف ما له من حقوق.

كلمة أخيرة

أدعو كل أب وأم لديهما طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى القيام بعدة أمور ألا وهي:

ـ تعرف على طفلك واكتشف أساليبه في التعامل وأشرك جميع أفراد الأسرة في الموقف وفي التعامل مع الطفل، ولا تخجل أو تخجلي من طفلك بسبب إعاقته واخرج بالطفل كثيرا إلى الأماكن العامة ولا تحاول إخفاءه كما يجب أن تتحدث وتكوَّن علاقات مع أسر أخرى لديها طفل معاق وتبادل المشاعر والأحاديث معهم، وتعلم أو تعلمي كيف تساعد طفلك وكيف تقدم له المثيرات التي يحتاجها وكيف تلعب معه وتنمي قدراته في نفس الوقت.

(( المسمى الجديد الآن هو الأشخاص ذوي الإعاقة وليس المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة بناء على طلبهم في اجتماعات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في نيويورك .. الرجاء نسيان المسميات السابقة كلها ))