[يمامة الوادي]

قال أحدهم لرجل كان يكثر من ذكر الموت: لقد كدّرت على نفسك بذكر الموت، ولا تطيب لك الحياة بذلك؟ فقال له: لو علمتَ ما أعلم لقلتَ غير ما قلتَ!

ما وجدتُ النعيمَ إلا في طاعة الله ، ولا ذقتُ سعادةَ القلب إلا في خدمته سبحانه ، وما عدا ذلك ففضول أو هو إلى الوهم أقرب !

إذا سمعتَ الموعظة ولم تجد لها أثراً في قلبك ، فاعلم أن جهاز الاستقبال عندك معطوب ! فبادر إلى إصلاحه ولا تتأخر ..!

خطة الشيطان التي يصر عليها،أن يضلك ليجرفك معه إلى نيران جهنم، وأنت تعرف ذلك سلفاً، ومع هذا تسلمه نفسك ! هذا هو العجب الذي يتعجب منه العجب!

كلما صليتُ بلا خشوع قلب ، غافلاً عما أقول وأفعل ، أحس كأن صوتاً يهمس في أذني: ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فينتفض بدني وينتبه قلبي !

قال: انغمست في ألوان من المتع لزمن غير قصير ، ثم رزقني الله توبة صادقة ، فأصبحت اليوم حين أخلو ساعة في المسجد بعد انصراف الناس أجد.
أن جميع متع تلك السنين لا تساوي متعة وحلاوة هذه الساعة،فأجهش بالبكاء لسببين: حسرة على عمر ضاع بعيدا عن الله ،وبكاء فرح بما أكرمني الله به

سلّمِ الأمرَ إلى رَبّ البشرْ ** واتركِ الهمّ ودعْ عنكَ الفِكَرْ // لا تقلْ في ما جرى، كيف جرى ؟! ** كلّ شيءٍ بقضاءٍ وقَـدَرْ

القلب كالحصن فإذا حاصرته الذنوب من كل نواحيه ، فكيف تصل إليه الأنوار ؟! أجهد أن تفك عنه الحصار أولاً ، ثم انظر كم الفوائد الذي سيفد عليه !

قال ساخراً:أراك قد حبست نفسك في مثلث المسجد والبيت والعمل،هلا استمعت بحياتك ؟ قلت: أنك مهما لهوت فلن تصل إلى عُشر ما أجده من متعة ونعيم قلب!

بهرني كلامه وهو يحدثني عما يجيش بقلبه من مشاعر إيمانية راقية ،كلما دخل الصلاة واستغرق فيها ، ولم أملك إلا أن أقول: اللهم ارزقنا ولا تحرمنا

في الحديث : " إنّ ربكم تعالى حيي كريم ، يستحي من عبده إذا رفعَ يديه إليه ، أن يردهما صفرا ".. فأكثروا من طرق باب الكريم فإن خزائنه لا تنفد

دعْ همومكَ يا محزون ** فالمقدّر سوفَ يكون /// واصطبر صبراً جميلا ** واتقِ اللهَ الجليلا /// سبحان ربي وتعالى عما يصفون..

أقربنا عندك أتقانا ** لا أقوانا أو أغنانا /// فاقبلنا واقبل تقوانا ** يا من تسمعنا وترانا .. يا رب

لو عملت الصلاة عملها في نفوس المصلين،لخرجوا من مساجدهم غير الذين دخلوا، ولأشرقت قلوبهم فأحسنوا بناء الحياة، شرط ذلك أن تحضر قلوبهم في الصلاة

حين تعمل محتسباً لله سبحانه، ساعتها لن يعنيك أن يراك الناس ويصفقوا لك ويثنوا عليك ، فما دام من تعمل له يراك ويقبل منك فعلى الدنيا العفاء !

حالة شعورية فريدة أحسستها وأنا أتلو كتاب الله ، خيل إليّ كأنما أعرض قلبي لشلال نور يتدفق عليه ، فلا يزال يتلألأ ويسمو وهو يمضي مع الآيات !

قد يعمل الإنسان أعمالاً كثيرة وكبيرة،ثم يفسدها كلها بسبب أو بآخر كالعجب مثلاً أو الكبر ونحو ذلك،فيكون عمله جنة أصابها إعصار فيه نار فاحترقت!

لم أرَ في حياتي كلها أغبى ولا أحمق من الملحدين، ذلك لأنهم "لا يستوعبون" أبده البديهيات. وليس يصح في الأذهان شيء** إذا احتاج النهار إلى دليل؟

ارتفع صوت المؤذن"الله أكبر،الله أكبر" فخيل إليّ أنه ينادي الدنيا كل الدنيا يذكّرها أنه لا أكبر من الله،فعلى أهلها أن يحسنوا الأدب معه سبحانه

يرى النحل الأزهار بالضوءفوق البنفسجي فيراها أجمل مما نراها،وأقول: إن المؤمن يرى الكون أجمل وأروع مما يراه الآخرون لأنه يراه بعيون إيمانية!

حين يرى الإنسان هذه الدقة العجيبة في تصميم هذا الكون، ويرى حركته وترابطه المذهل ،وبعد هذا يسأل أين الله؟ فليس في الدنيا أحمق من هذا والله!

لا تزال وأنت تعايش القرآن ، وتبحر مع معانيه، تشعر كأنما يمسح على همومك فيمحوها ، ويهز روحك فيوقظها ، وقد يتحرش بدموعك لتنساب رقراقة !

تخالط فريقاً من الناس ممن عرفوا الله حقا ،فلا تزداد مع الأيام إلا حبا لهم ،وإعجابا بهم ، وتخالط آخرين فلا تلبث أن تقول:هذا فراق بيني وبينكم!

حركة الحياة لن تتوقف لأنك تعثرت أو أخطأت ، بل هي ماضية غير عابئة بك ، فما أحرى أن تنهض لتلحق بقافلة الحياة ، ويوشك أن تكون في الصدارة!!

[ ثمة نوع من العبيد يتزينون بزينة الأحرار، ويتحدثون بلسانهم ،ولكن روح العبودية مسيطرة عليهم تفضحهم ، غير أنها عبودية لغير الله سبحانه! ]

الكونُ كتابٌ مفتوح مبهر، في كل مشهد آية ،وفي كل لقطة دليل ،ولا تزال مشدود الروح إلى الله سبحانه ، طالما بقي قلبك متيقظاً لعجائب هذا الكون!
بو عبد الرحمن