[يمامة الوادي]

( امنحني تجربتك ... أنشودةٌ تعليمية ..!! )



= =
كنتُ مكباً على أوراقٍ تحت يدي أعالجها ، أو أعالجُ نفسي على ظهرها ،
لعلي أخرجُ بشيءٍ ينفعني عند اللهِ ، حين ينتفع به بعض عباد الله سبحانه ..

وكانت على مقربةٍ مني ابنتي الصغرى _ في الصف الرابع الإبتدائي _
وكنا وقتها في مطلع السنة الدراسية ، كانت هي الأخرى تجاهدُ نفسها لتحفظَ
مجموعة من أسماء أصوات الحيوانات ..


كنتُ أرفعُ راسي بين الحين والحينِ إليها ، فأراها قد نصبتْ ورقةً على لوحٍ أمامها _
كنتُ قد أعددتُ لها تلك الورقة لتحفظَ منها _ ..وشرعتْ تقرأ بصوتٍ عالٍ ،
كأنها على مسرح، أو في الطابور الصباحي في ساحة المدرسة ،
وكنتُ ابتسم وأنها اراها منسجمة بما تفعل ..!

كانت تقرأ بطريقة خطابية :
الكلب نباحٌ .. الثورٌ خوارٌ .. القطُ مواءٌ .. الأسدُ زئير ..الخ

فأدعها فيما هي فيه ، وأعودُ مجدداً إلى ما أنا فيه ، محاولاً أن أقدحَ فكرةً على هذه الأوراقِ
التي تنتظرُ تحت يدي في لهفةٍ أن يقع عليها قلمي الرصاص بشيءٍ تفاخرُ به بقية الأوراق ..!!


لكني لم أفلح هذه المرة ، ولم يفتح اللهُ عليّ بشيءٍ ، رغم أن الموضوعات
على قفا من يشيل ، ولكن يشاء الله أحياناً أن يعجز الكاتب أن ينبض قلمه بشيءٍ ..!
وكنتُ كلما كتبتُ شيئاً ، شطبتُ عليه ، فلا أنا أرضى ما كتبت ، ولا الذي أرضاه يواتيني !.

ربما كنتُ في تلك الساعة مشوش الذهن ، لظروفٍ أمر بها ،
وربما لانشغالي بحفظ ابنتي ، فقد كان يلزمني أن أقطع ما أنا فيه بين الحين والحين ،
لأصغي إليها ، ثم أصوب لها ، وأوجهها ..الخ
وربما لأسباب أخرى ...يعلمها الله ولا أعلمها ..

بينا كنت على هذه الحالةِ ، شعرتُ أن الطفلةَ أخذت تبدل طريقة الإلقاء ،
فبدلا من الطريقة الخطابية ، أصبحت تحاول أن تقولها بطرية ملحنة ، كيفما اتفق ..!!
فطرأتْ على ذهني فكرة فرحت لها وبها ..!

فقلتُ لنفسي : طالما أنكِ عجزت عن الخروج بشيء ،
فلماذا لا تحاولين مساعدة هذه الصغيرة الحبيبة ، على حفظ ما ترغب في حفظه ، بطريقة إنشادية !!
يا الله .. اظهري براعتك الشعرية لو كنتِ فالحة في شيء !!

ورميتُ ببصري إلى الورقة المنصوبة أمام الصغيرة ،
والتقطتُ الكلمات إلى ورقة أمامي ، وشرعت ألعب مع هذه الكلمات .. لعبة شائقة عجيبة ..!!
أخذتُ أنسقُ الكلمات بطريقةٍ معينةٍ ، لتخرجَ في صورةِ أنشودة جميلة محببة ، تيسر الحفظ ..
وحرصتُ أن أجمع النظائر والمتشابهات جنبا إلى جنب ، ليسهل حفظها ..

ولما انتهيتُ ، دعوتُ طفلتي الصغيرة لتصغي إليّ ، وشرعتُ أظهر مهارتٍ جديدة !!
وهي أنني أجيد الإنشاد !! مع أن صوتي أجش ولا يصلح أن يكون مؤدياً لأنشودة تطرب الأذن ،
ويسر بها القلب ..على كل حال قمت بالمغامرة ..!



وكنتُ قد طلبتُ منها أن ترددَ آخر كلمتين تسمعمها ،
بنفس الإيقاع ، وذات اللحن..!
وأخذتُ أنشدُ البيت الأول مثلاً على هذا النحو :
الكلبُ نباحْ ،، الديكُ صياحْ ، الأسدُ زئيرْ
فتردد هي مرتين : الأسد زئير ، الأسدُ زئيرْ ..
وتحرك رأسها ذات اليمين وذات الشمال .. منسجمة قال !!
وفي المقطع الثاني أنشد ملحناً :
الشجرُ حفيفْ ،، الأفعى فحيحْ ، القطُ مواءْ
فتردد مترنمة مرتين : القطٌ مواءْ ،، القطُ مواءْ ... وهكذا ..

فإذا انتهينا من أداء الأنشودة كاملة على هذهِ الصورة ، تبادلنا الأدوار ..!
فأخذتْ هي تنشدُ ، وأنا أرددُ وراءها ...!
وهكذا فعلنا مرتين أو ثلاثاً..


وما راعني إلا أن اسمعها بعد الانتهاء ، وقد رفعت صوتها تمد الكلمات :
والزرافةُ بلا صوت .. الزرافة بلا صوووووووووت ... سبحان الله ..!
وهزني ما قالت ، وابتسمت .. ثم أخذت أردد وراءها بذات اللحن الذي اخترعته :
سبحان الله ...!! سبحان الله ...!!
وضحكنا معاً ... ورفعت صوتي بالتكبير .. والحوقلة .. فرحا بهذا الإنجاز ...!



وكم سرتْ الصغيرة بهذا ( الاختراع ) وبرقت عيناها ، وتهلل وجهها ، وطرب قلبها ،
وأخذت الورقة من يدي ، وانطلقت تنشد وهي تجري وتنط في الحجرات ،
ويصلني صوتها من بعيد ..!

وما لبثت إلا قليلاً ، حتى عادت تقول : لقد حفظتها كلها ...!
هذا مع أني أضفت عدة كلمات غير مطلوبة أن تحفظها .. ومع هذا حفظت الكل .!

والآن أسوق إليك عزيزي القارئ هذه الكلمات ،
ويمكنك أن تخترع لها لحناً تراه مناسبا ، المهم النتيجة ..!
= =


الكلبُ نباحُ ،، الديكُ صياحُ ،، الأسدُ زئيرْ
الخيلُ صهيلُ ،، السيفُ صليلُ ،، الماءُ خريرْ
الحمارُ نهيقُ ، البومُ نعيقُُ ،، الموجُ هديرْ
الحمامُ هديلْ ،، الرعدُ هزيمْ ،، النومُ شخيرْ
* *
الشجرُ حفيفُ ،، الأفعى فحيحُ ،، القطُ مواءْ
النملُ دبيبُ ، التيسُ نبيبُ ،، الذئبُ عواءْ
الثورُ خوارُ ،، النحلُ دويّ ،، الجملُ ثغاءْ
الذبابُ طنينُ ،، القلمُ صريرُ ،، الشاةُ رغاءْ
..

[ يمكنُ أن يكون ضبط كلمات اسماء الأصوات بالسكون أو بالضم .. فيها قولان !!
نباحْْ .. صياحْ .. زئيرْ .. صهيلْ .. صليلْ ,,, وهكذا
أما أسماء الحيوانات نفسها .. فبالضم ...قولاً واحداً ..!! ]

وبعد أن تأكدتُ من حفظها جيداً ، أخذت أنبهها إلى أن بعض هذه الأشياء لها أكثر من أسم ..
فمثلاً :
صوت الرعدُ : هزيم ، وقصيف ، ودوي
فالدوي إذن .. للرعد .. وللنحل ..
والصرير .. يقال للقلم وللباب أيضا .. وهكذا

لقد كانت تجربة جميلة رأيتُ أن اسجلها لعل الله ينفع بها كثيرين
ممن يستهويهم هذا اللون من التعليم .. والذين يرغبون في حفظ هذه الأسماء ..

ويمكن للفطن منكم أن يلتقط الخيط ، وينهج على المنوال ويستعين بالله ،
فلعل الله ييسر له ، ويفتح عليه ، وننتفع به وينتفع به كثيرون ..

نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .. اللهم آمين ..
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..



كتبها بو عبدالرحمن