لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
كتاب استمتعت بقرائته فقد برع مؤلفه حفظه الله في وضع نصائحه المنهجية في علم السنة مع ما يتمتع به من بلاغة في أسلوبه وإليكم هذا الكتاب: نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية تأليف الشريف حاتم بن عارف العوني
|
|
جدول المحتويات تمهيد شرف علم الحديث وشرف حملته أهم مميزات علم الحديث وأوضح خصائصه فمن الأسباب التي يستعان بها في حفظ الحديث الأول حسن النية الثاني: اجتناب ارتكاب المحرمات ومواقعة المحظورات الثالث: العمل بالحديث الذي يرويه ويحفظه الرابع: اغتنام الأوقات المناسبة في اليوم للحفظ الخامس: اغتنام فترة الصبا والشباب السادس: اختيار الأماكن المناسبة للتحفظ السابع: الجهر بقراءة ما يراد حفظه الثامن: إحكام الحفظ بكثرة تكريرة التاسع: تعهد المحفوظ، بإعادة النظر فيه وتكريره، في أوقات مختلفة ولهذه الطريقة مميزات وعيوب وأما الطريقة الثانية للحفظ الميزة الثالثة: ولك في سيرة العلماء قدوة الميزة الرابعة: منهج القراءة والتعلملكتب الحديث والمصطلح
|
|
مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وصلى الله أفضل صلاة وأكمل تسليم على سيد ولد آدم المبعوث رحمة للعالمين محمد عبد الله ورسوله، وعلى آله وأصحابه والتابعين: أما بعد: فإن طلب العلم من أعظم العبادات، وثوابه يفضل ثواب أكثر القربات، وسبل تحصيله سبل الجنات، تظله الملائكة فيها بأجنحتها خاضعات، وتنزل على مجالسه السكينة والرحمات. فرضي الله عن سهر تلك الليالي في الجد والتحصيل، وأنعم بتلك الخطى في طلب علوم التنزيل، وأعظم بالزاهدين إلا في ميراث النبوة، الهاجرين المضاجع والأوطان الآخذين الكتاب بقوة. فإن عجب أحد من هذا الثناء القليل، في طالب العلم الجليل ؛ سألته بالله: هل دبت على وجه الأرض خطى أشرف من خطى طالب علم ؟! وهل حوت الأسحار والأبكار أجد منه في طلبه ؟! وهل مر على الأسماع ألذ من دندنة المتحفظين وزجل القارئين ؟! وهل امتلأت القلوب هيبة لمثل منكب على كتاب ؟! وهل انشرحت الصدور إلا في مجالس الذكر ؟! وهل انعقدت الآمال جميعها إلا على حلق التعليم ؟! وهل نزلت السكينة والرحمة على مثل الدارسين لكتاب الله العظيم ؟! وهل تضاءلت عروش الملوك إلا عند منابر العلماء ؟! وهل عمرت المساجد في غير أوقات الصلوات بمثل مجالس التعليم ؟! أخبروني ؟ بالله عليكم!!! ثم أسألكم بالله: هل تعلمون خيراً من شاب في هذا العصر، هجر الدنيا وزهد ملذاتها، ونأى بعيداً عن شهواتها، وانعزل عن فتنها التي تستفز الحليم، وانقطع عن إغواءاتها التي تستخف بالرزين، وترك الناس على دنياهم يتكالبون، وهجر من أهله وإخوانه تنافسهم على القصور والأموال والمناصب، فإن مر على اللغو مر مر الكرام، وإن تعرض له الجاهلون أعرض وقال: سلام ؛ وهو مع ذلك شاب في عنفوان الشباب، أمامه مستقبل عريض، وعليه مسئولية بناء جديد، وينظر إلى الأفق البعيد نظرة ملؤها الآمال والأحلام، تفور فيه غرائز الشهوات، ويجيش فؤاده بالعواطف، وتتفجر دماؤه حماساً ؛ ثم هو هو ذلك الذي تجاوز هذا كله!! وجعله وراءه ظهرياً!! وأقبل على العلم.. على مرارته، وانكب على الكتاب.. على ملالته، وإذا حن إلى عناق كاعب..خالفته يدا كاتب، وإذا اشتهت شفتاه أن يرتشف الرضاب.. تمتم ملتذاً بقراءة كتاب ؛ قطع الأيام في التحصيل، وسهر الليالي على الدرس والترتيل ؛ يقرأ حتى تزوغ عينه، ويكتب حتى تكل يده، ويدرس حتى يكد ذهنه!!! أخبروني.. من أفضل من هذا ؟!! مع ذلك فإنه يرى أن الذي هو فيه: هو الحياة حقاً، وجنة دار الفناء صدقاً، يرحم أهل الدنيا، ويحنو على أبناء الملذات ؛ لأنه يعرف أنه على برنامج العلماء، ومنهج الأولياء، وخطة الفقهاء، وغاية الكبراء، ومعارج الأتقياء. فيترنم بقول القائل : لمحبرة تجالسني نهاري أحب إلي من أنس الصديق ورزمة كاغد في البيت عندي أحب إلي من عدل الدقيق ولطمة عالم في الخد مني ألذ لدي من شرب الرحيق ولست أنا بالذي يذكر فضل طالب العلم، إذ قد رددت ذلك المحاريب وأصداؤها، وضجت به أروقة المساجد وقبابها، وتعبد بترتيله المتهجدون، وتقرب بتدبره أهل العلم الراسخون ؛ وقبل ذلك نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ وقبل ذلك تكلم به الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ؛ فقال تعالى : في الحث على سؤال التعلم – الذي هو أول درجاته – (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل: 43]، وقال عز وجل في الأمر بالرحلة لطلب العلم: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة:122]، وما أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة في شــيء في الدنيا،إلا من العلم،فقال تعالى: (وقل رب زدني علماً) [طه:114] ؛ وأشاد سبحانه – أيما إشادة! – بفضل أهل العلم، ورفع من شأنهم، وأعلى من قدرهم، بما يعجز عن بيانه إلا البيان المبين، من كلام رب العالمين، فقال عز من قائل (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) [آل عمران: 18]، وقال سبحانه وتعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) [فاطـر: 28]، وقال سبحانه (يرفع الله الذين ءامنوا والذين أوتوا العلم درجات) [المجادلة: 11]، وقال عز شـانه (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون) [الزمر:9]
التعديل الأخير تم بواسطة الزاهرة ; 2006-02-27 الساعة 10:46 AM.
|
|
فلما كانت لطالب العلم مكانته التي نوهنا ببعضها، تبين أنه على صغر سنة طالب جليل، وعلى قلة عمله بسلوكه مسالك الطلب استحق التبجيل. ومن حق هذا الذي يقفو آثار العظماء، ويلوث على رأسه عمامة العلماء ؛ أن يكون له نصيب من التوجيه كبير، وحظ من النصح وفير. ولما طلب مني مكتب التوعية بمكة المكرمة أن ألقي كلمة على منهج القراءة في كتب الحديث والمصطلح، ورأيت أن الرفض لا يسعني، أجبتهم إلى رغبتهم، على ضعف وعجز. لكني من حين أجبت، عزمت على أن أجعل المنهج المطروح منهجاً مستقى من مناهج العلماء، ودرباً نص الأئمة على أنهم قد ساروا عليه، أو دلت سيرهم وأخبارهم وعلومهم على أنهم قد طرقوه. وإنما عزمت على هذا العزم، لأن منهج تعلم أي علم يجب أن يؤخذ عن العلماء بذلك العلم، الذين عرفوا دروبه، وأحاطوا بسبله، وملأتهم الخبرة به بصيرة بالأسلوب الصحيح في تلقيه، وأشبعتهم فنونه بالوسائل المبلغة إليه. وتم ما أعددته لتلك الكلمة في الشهر الأول من عام (1418هـ)، وألقيتها في هذا التاريخ. ثم تكرر إلى الطلب بنشرها مكتوبة، حسن ظن من الطالبين، فرأيت أن إجابة سؤالهم فيه تحقيق فائدة وإن صغرت، وتوجيه نصيحة لطلبة العلم لا تخلو من نفع. وعلى هذا فهذه الرسالة في أصلها كلمة ملقاة، ضمن سلسة من الكلمات نظمتها إدارة مكتب التوعية بمكة المكرمة مشكورة مأجورة إن شاء الله تعالى. وقد سبقت هذا الكلمة كلمات حول آداب العلم وطلبه ومناهجه عموماً، ثم خصصت علوم الحديث بالدرس الذي أقوم بنشره اليوم. وعلى هذا فرسالتنا هذه مسبوقة بما يغني عن تكراره هنا، ولذلك فقد جاءت مقتصرة على الوسائل المبلغة لطالب العلم إلى أن يصبح محدثاً عارفاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، دون التطرق إلى أبواب العلم الأخرى على جلالتها وفضلها. فأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذه الورقات وأن يستخرج بها من قلب مؤمن بظهر الغيب دعوات صالحات، وأن يجعلها في موازين الحسنات.. آمين. والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وكتب الشريف حاتم بن عارف بن ناصر العبدلي العوني
|
|
تمهيد هناك مبادئ عامة ينصح بها كل طالب علم، ليضعها أمام عينيه عند أول ما ينوي السير في طريق العلم الطويل. وبعض هذه المبادئ العامة سوف تكون مدخلنا إلى الجواب عن السؤال الذي يسأل عنه قارئ هذه الورقات، وهو: كيف أصبح محدثاً عارفاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فلا شك أن أول ما يلزم من أراد أن يكون طالب علم (أي علم من العلوم)، أن يتعرف على العلوم من جهة موضوعاتها وغاياتها والثمرة الناتجة عنها. لأنه بذلك يعرف شرف كل علم وفضله، ومنقبة حملة ذلك العلم ورفعة قدرهم. وهذا يجعله قادراً على ترتيب العلوم على حسب أهميتها، ووضعها في مراتبها من أولوية التعليم. فإذا ما ابتدأ طلب علم من العلوم بعد ذلك، وقد عرف أنه فضائله ومناقب حملته، وعرف إنما ابتدأ به لأنه أحق من غيره ببداية التعلم، وأولى مما سواه بأن يكون باكورة الطلب ؛ زاده ذلك إقبالاً على العلم، وحرصاً عليه، وصبراً في تحصيله، وثقة بصواب خطواته، واطمئناناً على صحة منهجه. فلا يزيده بعد ذلك طول الطريق إلا جلداً، ولا وعورته إلا جداً، ولا صعوبته إلا مثابرةً، ولا تعب جسده فيه إلا راحة نفسه، ولا اغترابه من أجله إلا أنساً به، ولا قلة ذات يده إلا فرحاً بالاستكثار منه. حتى يبلغ المنى، ويحصد الجنى. لذلك حرصت أن لا تخلو هذه الورقات من إلماحات عن شرف علم الحديث وبيان فضل المحدثين؛ وهذا هو العنوان الأول بعد هذا التمهيد. وبعد أن تعرف طالب العلم على ما سبق، ينبغي عليه أن يستنصح أهل العلم الذي رأى أن يبدأ به، ويطلب منهم أن يوقفوه على خصائص ذلك العلم التي تميزه عن غيره من العلوم، وأن يقرأ بعض ما ألف في التعريف بذلك العلم وفي بيان مميزاته التي تختص به. حيث إن لكل علم ملامح كبرى تفارقه عن غيره من العلوم، وقسمات خاصة به كالتي تباين بين الأشخاص المختلفين. وهذه الملامح والقسمات هي في الحقيقة سر كل علم، وكاشف لغز كل فن، ومفتاح كنوز دقائق العلوم. وتظهر آثار العلم بهذه الملامح (أو عدم العلم بها) على كل مسألة جزئية منه، لأن بصماتها لا تخلوا منها جميع جزئياته. وتعرف أهمية الابتداء بإدراك خصائص علم ما، وضرورة فهم مزاياه من أول الإقبال عليه ؛ من جهتين اثنتين:
|
|
الأولى: أن تلك المزايا والخصائص تمكن طالب العلم من أن يقدر إن كان باستطاعته استيعاب ذلك العلم وأن يبرع فيه، أولا يستطيع ؛ على حسب مواهبه الفطرية وميوله العلمية. وذلك فيما إذا وازن طالب العلم – بصدق وموضوعية – بين تلك المميزات وقدرته على التعلم. فكم من طالب علم تعثر في حياته العلمية بسبب عدم قيامه بهذه الموازنة، وكم من طالب علم لو حاول إدراك تلك المميزات للعلوم لوضع قدمه في أول الطريق الصحيح لعلم منها، ثم برع وأبدع فيه بعد ذلك. الثانية: أن تلك الخصائص والمميزات الكبرى لأي علم من العلوم تستلزم أسلوباً خاصاً في طلبه ؛ ولكل خصيصة منها منهج معين في التحصيل بمواجهتها. فإدراك طالب ذلك العلم، يجعله واعياً للأسلوب الصحيح في طلب ذلك العلم، عارفاً بعقبات علمه وبوسائل تجاوزها بسرعة ؛ فهو بهذا الوعي والمعرفة محيط بالغاية التي يريد، حتى كأنه بلغها (وإن لم يبلغها)، لشدة وضوح طريقها أمامه، ولعدم خوفه من حواجز تحول بينه وبينها. وهذا ما جعلني أثني (بعد ذكر شرف علم الحديث وشرف أهله) بأربع مميزات لعلم الحديث، هي في ظني أهم خصائصه، وأوضح ملامحه، تستوجب تجاهها طريقة خاصة في الطلب ومنهجاً معيناً في تعلم علم الحديث. ثم ختمت هذه الورقات بذكر خطة دراسية منهجية مختصرة للحديث النبوي الشريف ولعلومه، حاولت خلالها وضع مستويات دراسية مرتبة على نظرية التدرج في طلب العلم، من البداية بالمجملات إلى الوصول إلى المفصلات الموسعات من كتب العلم. ومن خلال هذه العناصر أحسب أني قد ساهمت في الإجابة على سؤال يقول: كيف أصبح محدثاً عارفاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وإليك الإجابة (بعون الله تعالى).
|
|
شرف علم الحديث وشرف حملته لا يشك مسلم من المسلمين أن القرآن الكريم وعلومه أشرف العلوم على الإطلاق، وأنه أنفع العلوم وأجلها وأعظمها بلا استثناء. وأهم علوم القرآن الكريم وأعظمها، وما من أجله أنزل، هو تدبر آياته، وفهم معانيه ؛ لأن الغاية العظمى من إنزال القرآن هي العمل به، والاعتبار بمواعظه، والاستضاءة بحكمه ؛ وذلك لا يحصل أبداً قبل فهم معانيه وتدبر آياته ؛ وإلا فكيف يعمل بالقرآن من لم يفهم القرآن ؟! ولا يتم فهم كلام الله تعالى، ولا يمكن أن ندرك معاني كتاب الله المجيد، وإلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلومها، لأن السنة هي الشرح النظري والعملي للقرآن الكريم. ومن هنا ندخل إلى أعظم ما يبين مكانه السنة وعلومها، وإلى منزلتها بين العلوم على الإطلاق ؛ وهو أنه لا سبيل إلى فهم القرآن الكريم، وإلى معرفة دين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى سواه، إلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعلومها!! أو بعبارة أخرى: بما أن القرآن الكريم أشرف العلوم، وأشرف علومه فهم معانيه لا يكون إلا بالسنة ؛ فالسنة إذا أشرف علوم القرآن، أو قل: أشرف العلوم!! قال الله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) [النحل:44]، فمنطوق هذه الآية الكريمة يخبر أن إنزال القرآن الكريم كان من أجل بيان النبي صلى الله عليه وسلم له ؛ بسنته القولية والفعلية والتقريرية!! وهذا المنطوق غريب جداً لمن تأمله، لأنه يخالف المتبادر إلى الذهن، من أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت من أجل أن تبين القرآن الكريم، أي أن القرآن هو الغاية التي من أجلها جاءت السنة، أما الآية فقد قالت بضد ذلك، حيث جعلت السنة وبيانها غاية من أجلها انزل القرآن!!! وهذا من إعجاز القرآن في الإشادة بمكانة السنة من القرآن، وفي التأكيد على عدم استغناء القرآن عنها، بل وعلى بطلان مثل ذلك الاستغناء.. إن زعم!! ولهذه المنزلة العليا للسنة، ولعلاقتها القوية الوشائج والصلات بالقرآن الكريم، كان يقول غير واحد من السلف، منهم مكحول الشامي (ت 118 هـ): (القرآن أحوج للسنة من السنة للقرآن) ([1]). وذلك لأن إجمال القرآن يحتاج إلى تفصيل السنة، ومتشابه القرآن تفسره السنة ؛ في حين أن السنة – غالباً – مفصلة مبينة واضحة. ولهذا يصح أن يقال عمن يتعلم السنة: إنه يتعلم القرآن، ولمن يقرأ السنة: إنه يقرأ تفسير القرآن!! وقد كان ذلك واضحاً تمام الوضوح عند السلف، ولهذا لما قيل لمطرف بن عبد الله بن الشخير (ت 95 هـ): (لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال مطرف: والله ما نريد بالقرآن بدلاً، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا ) ([2]). ([1]) جامع بيان العلم وفضله: لابن عبد البر. بتحقيق أبي الأشبال الزهيري. دار ابن الجوزي: الدمام، الطبعة الأولى (1414 هـ)= (رقم 2352، وانظر رقم 2351 – 2354). ([2]) بيان جامع العلم وفضله لابن عبد البر (رقم 2349).
|
|
ويجب التنبه إلى أن تفسير السنة للقرآن ليس هو وحده التفسير الصريح لمعانيه من النبي صلى الله عليه وسلم، كأن يذكر النبي صلى الله عليه وسلم آية ثم يشرحها شرحاً مباشراً. نعم هذا من تفسير السنة للقرآن، لكن الخضم الأعظم منه هو جميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية وسيرته ومغازيه وحياته. ولهذا لما سئلت عائشة – رضي الله عنها – عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، أرشدت السائل إلى النظر في القرآن، عندما قالت: (كان خلقه القرآن) ([1]) وعلى هذا يحق لمن سأل عن القرآن أن يحال إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أحالت عائشة السائل عن السنة إلى القرآن! وهذا أكبر ما يبين مكانة السنة، وعظم أهميتها، وأولويتها على غيرها من العلوم. ولقد بين الله عز وجل مكانة السنة وشرفها في القرآن العظيم، في آيات كثيرات؛ منها آيات كثيرة في الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والتحذير من مخالفته عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. كقوله تعالى: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) [آل عمران: 132[، وكقوله عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) [النساء: 80]، وكقوله سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء:65]، وكقوله عز شأنه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكــم الله ويغفر لكـــم ذنوبكم والله غفور رحيم) [آل عمران: 31]، وكقوله عز من قائل: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [النور: 63]، وكقوله عز حكمه: (وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) [الحشر:7]، وكقوله لا رب سواه: (لقد كان لكم فى رســول الله أسوة حسنة لمن كان يرجـوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) [الأحزاب:21]، في غيرها من آيات مباركات كثيرات. ففي هذه الآيات حث على تعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، بتعلم أصولها ومصطلحها ، من العلوم التي يميز بها صحيح السنة من سقيمها. لأن الأمر بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والترغيب في الاقتداء به لا يمكن امتثاله (بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم) إلا بالنقل والإسناد اللذين اجتمعت فيهما شروط القبول، وشروط القبول (تحققها أو عدم تحققها) في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتوصل إلى إدراكه إلا بالعلوم التي تخدم ذلك، وهي علوم الحديث: أصوله ومصطلحه. إذن فالأمر الإلهي بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به متضمن أمراً إلهياً بتعلم علم الحديث، لأنه لا سبيل إلى امتثال الأمر الأول إلا بعد امتثال الأمر الثاني، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإذا كان فهم القرآن الكريم، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والعلم بأحكام هذا الدين (دين الإسلام) وشرائعه وآدابه = لا يكون إلا بعلوم الحديث ؛ علمت ما هي مكانة هذه العلوم!! وفي أي قمة من مراتب العلوم تكون!! ثم علمت شرف أهل الحديث!! وعظيم فضلهم وكبير أثرهم في الأمة!!! وقد جاءت السنة نفسها ببيان فضل أهل الحديث وشرفهم، في أحاديث كثيرة وآثار ذوات عدد؛ حتى صنف الخطيب البغدادي ( ت 463هـ) كتاباً في ذلك بعنوان (شرف أصحاب الحديث). ومن هذه الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى تقوم الساعة) ([2]). قال عبد الله بن المبارك (ت 181 هـ)، ويزيد بن هارون (ت 206هـ)، وعلي ابن المديني (ت234 هـ)، وأحمد بن حنبل (ت 241هـ)، والبخاري (ت 256 هـ)؛ قال هؤلاء الأئمة كلهم في بيان الطائفة المنصورة: (هم أصحاب الحديث) ([3]). بل عبارة الإمام أحمد، وقبله يزيد بن هارون: (إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم). وأي طائفة أحق بأن يكونوا هم تلك الطائفة الظاهرة المنصورة، من الذين حفظوا الدين، ونقلوا الملة، ونشروا السنة، وقمعوا البدعة ؛ وهم أصحاب حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وحراسه، أهدى الناس بالسنة، وأتبعهم للأسوة الحسنة، بقية الأصحاب، ومرآة الرسول صلى الله عليه وسلم!! فلولا هم لما كان هناك فقيه ولا مفسر، ولا عالم ولا فاضل!! بل لولاهم لما كان هناك مسلم موحد!!! ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة) ([4])، وذكر أهل العلم أن أسعد الناس بهذا الحديث هم المحدثون! قال ابن حبان (ت 354هـ) بعد إخراجه هذا الحديث في صحيحه: (في هذا الخبر دليل على أن أولى الناس برسوله صلى الله عليه وسلم في القيامة أصحاب الحديث، إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه صلى الله عليه وسلم منهم) ([5]). وقال أبو نعيم الأصبهاني (ت 430هـ): (وهذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها، لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يعرف لهذه العصابة نسخاً وذكراً) ([6]). ([1]) أخرجه مسلم في صحيحه. ([2]) حديث صحيح متفق عليه، صح عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم. ([3]) انظر: شرف أصحاب الحديث، للخطيب. تحقيق محمد سعيد خطيب أو غلي، الطبعة الأولى، نشر دار إحياء السنة النبوية (رقم 46 – 51). ([4]) أخرجه الترميذي وحسنه (رقم 484)، وابن حبان في صحيحه (رقم 911) ؛ وحسنه وصححه غير ما واحد من الأئمة، كما تراه في تخريج الإحسان، والمعجم الكبير للطبراني (10/21 رقم 9800) ([5]) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (رقم 911) ([6]) شرف أصحاب الحديث للخطيب (35).
التعديل الأخير تم بواسطة الزاهرة ; 2006-02-27 الساعة 12:43 PM.
|
|
ومن تردد في هذا الذي ذكراه (عليهما رحمة الله)، فليوازن بين صفحة أو صفحات من صحيح البخاري مثلاً وصفحة أو صفحات من أي كتاب في أحد العلوم الفاضلة (مما سوى الحديث)، كالتفسير والفقه وأصوله والعقيدة، لتظهر مصداقية قول ذينك الإمامين (عليهما رحمة الله)، ليعرف حقاً أن أهل الحديث هم أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة!! و (الجزاء من جنس العمل)، فكما كان أهل الحديث أهل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وأولى الناس به صلى الله عليه وسلم فيها ؛ كانوا أيضاً أولى الناس به يوم القيامة!! وياله من شرف ومكانة وفضل!! لا يدانيه شيء أبداً!!! ولله در القائل: ديـن النبي محـمد أخبــار نعم المطية للفتى الآثــار لا تخـدعن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهـار ولربما غلط الفتى سـبل الهدى والشمس بازغة لها أنـوار ([1]) ورحم الله القائل: دين الرســـول وشرعه أخباره وأجــل علم يقتنى آثاره من كان مشتعلاً بها وبنشرهـــا بين البرية لا عــفت آثاره ثم إن مكانة السنة تزداد أهمية فوق ما سبق كله، وتشتد حاجة الأمة لها زيادة على ما تقدم، عند ظهور الفتن وكثرة البدع والمحدثات. ولذلك لما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، ووعظهم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب وذرفت لها العيون ؛ قال في وصيته تلك عليه الصلاة والسلام: (فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدبين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([2]). ويقول أحد أتباع التابعين، وهو يحيى بن يمان (ت 189هـ): (ما كان طلب الحديث خيراً منه اليوم. قيل له: يا أبا عبد الله، إنهم يطلبونه وليس لهم نية ؟ قال: طلبهم إياه نية) ([3]). فينبه هذا الإمام (رحمه الله) على ازدياد فضل طلب الحديث في زمانه، عن الأزمان التي سبقته ؛ وهو من أتباع التابعين!! وفي القرون الفاضلة!! فكيف بزماننا!! وقد عمت الفتن، وكثرت، وتتابعت، واستحكمت الأهواء والبدع وطمت، واحلولكت ليالي الأمة.. وإلى الله الملتجأ وهو المستعان! ([1]) شرف أصحاب الحديث للخطيب (رقم 163). ([2]) حديث أخرجه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وغيره. وهو من أصول الدين، ومن قواعد السنة. ([3]) الجامع للخطيب (رقم779).
|
|
وأما قوله (رحمه الله) لمن قال له عن أهل الحديث: (إنهم يطلبونه وليس لهم نية، فقال: طلبهم إياه نية)، فهو ينبه إلى فقه دقيق، إذ يجيب ذاك الذي اتهم طلبة الحديث بقلة الإخلاص في طلبهم، بأن مجرد طلبهم للحديث عمل فاضل يؤجرون عليه بإذن الله تعالى. لأن الأعمال الفاضلة، وخاصة التي يتعدى نفعها نفس العامل، إذا لم يكن الدافع للقيام بها نية سيئة، كالرياء والسمعة ومطامع الدنيا، فإن صاحبها مأجور بالعمل نفسه إذا كان الدافع للقيام به محبة العمل والتعلق به (وهو عند أهل الحديث شهوة الحديث ومحبته)، مثاب وإن غفل العامل عن الإخلاص لله تعالى وابتغاء ثوابه!! وذلك لأن العمل ذاته فاضل مصلح، لا يخلو من أن ينتفع به غيره، وتتعدى فائدته إلى من سواه. أو لعله يقصد أن طلب الحديث يوصل إلى حسن النية ويلجئ صاحبة إلى الإخلاص، كما كان يقول غير واحد من السلف: (طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله) ([1]). وأي المعنيين قبلت – وكلاهما مقبول – فهو وجه آخر لشرف أهل الحديث!! والنصوص في هذا المعنى كثيرة، أكتفي منها بما سبق. أهم مميزات علم الحديث وأوضح خصائصه تقدم في (التمهيد) أن لكل علم خصائص، وأن للعلم بهذه الخصائص فائدتين، ذكرناهما هناك. ويهمنا هنا إحدى الفائدتين، وهي: أن العلم بخصائص علم ما يوقفنا على الأسلوب الصحيح في تحصيله، وعلى العوائق الحائلة دون بلوغ غايتنا منه، وعلى وسائل تجاوزها ؛ لأن كل ميزة لذلك العلم ينبه إدراكها إلى سبيل احتوائها، في حين أن عدم إدراكها أكبر عقبة (أو يكاد يكون كذلك) دون فهم ذلك العلم والوصول إلى مرادنا منه. وقد تنبهت إلى أربع خصائص لعلم الحديث، أحسبها أهم خصائصه، فأحببت لفت نظر طلاب العلم إليها، ليبتدئوا طلب علم الحديث بالأسلوب والمنهج الصحيح اللائق بهذا العلم، ولكي لا تتعثر خطاهم ويضيعوا أزماناً (لا تقدر بثمن) قبل إدراك ذلك المنهج الصحيح. وإليك هذه المميزات الأربعة، تحت عناوين أربعة فيما يلي ؛ متبعاً كل ميزة منها بالمنهج الذي تستلزمه في الطلب، وبأسلوب التحصيل الصحيح في مواجهتها، وما هي وسائل احتوائها دون أن تصبح عقبة كأداء في طريق علم الحديث. ([1]) انظر الجامع الخطيب (رقم 780-782)، والمدخل إلى السنن للبيهقي (رقم520 – 522)، والموقظة للذهبي (65).
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كنوز من السنة النبوية الشريفة.....(تذكير) | قنوت | المنتدى الإسلامي | 15 | 2016-04-14 10:43 AM |
الرياضة البدنية في السنة النبوية | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 8 | 2007-06-02 7:24 AM |
إعجاز السنة النبوية في العلاج بالقسط البحري | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 10 | 2007-01-23 2:16 AM |
مشروع إحياء السنة النبوية | إحياء السنة | المنتدى الإسلامي | 8 | 2006-11-16 4:24 PM |
حجية السنة النبوية ومكانتها في الشرع والتشريع | يمامة الوادي | المنتدى الإسلامي | 1 | 2005-12-10 3:11 AM |