[يمامة الوادي]

خاطرة .. بالدمع جودي ياعين

الى من مرو على قلوبنا عبر هذا الزمان .. هي كلمة من القلب احكيها لعل تتذكرها الأذهان .. وتتفاعل معها الأشجان ..وتهتز بها الأغصان..

هي دمعة حُب من عصارة قلب مليء بآلام .. اكتبها بكلمات من مداد دمي .. وتجففها زفرات ساخنة تخرج من بين الضلوع .. يحس بقوة حرارتها كلّ مجرب كريمٌ أمين ..

أن الفراق له اثر شديد بين المحبين .. حيث تتغمدك مشاعر الحزن ، ويحتويك ألم الفراق ..

وخاصة ان كان من فارقته حاضرا فى دنياك روحا وقلبا .. تتأمل وتمني النفس بعودته فتجد الشوق يعود حينينه الى حيث ما بدأت قصته .. وتمُرُ بك الذكريات فتعصرك وتعصف بأيامك ولياليك.. وتزلزل أنفاسك بآهات نادراً ما تستطيع إخفائها ..

ويظهر جليا ذلك عندما يذكر اسمه .. او ذكر كلمة كان يستعملها .. او نشيداً يسمعه ويحبهُ او أهداهُ لكْ .. وهو يقول : " يا أخي ادنوا مني لا تدعني يا أخي " ..

وأنت بين تلك وذاك .. تموت وتولد من جديد ..

وتظل الآمال معلقة بذكراه .. والأحلام تساورك يمنة ويسرة .. لعل الله يكتب بقدر ما عودته والتئام الشمل بما يرضي الله عزّ وجل..

عودة سهلة سعيدة خالية من الأكدار والمنغصات ..

تجلس تعد الأيام فى غيابه .. وتتذكر آخر كلمات ذلك اليوم .. والأسى يكويك .. وماء الدمعات يصليك ..

كنتُ أظن ان الفراق الأبدي الذي لاعودة فيه بغياب روح من تحب ولا أمل فى عودته بإنتهاء الأجل .. كنت أظنه رحيلا قاسيا ومفزعا بكل المعاني لأنه ليس له عودة الى دنيانا ..

صحيح ان الأمر فى البداية يكون أمراً جلل ..

ولكن مع التجربة أجد أنَّ الأيام تُذهبْ من النفوس الألم .. وتُبقي الذكريات الطيبة ..

فانقطاعُ الأمل.. وتلاشى الرجاء .. يأتي باليأس الذي يذيب كثير من خطوط المعاناة .. وهذا حالنا فى الدنيا .. وترجوا من الله وقتها ان يجمعك معه فى مستقر رحمته عند حوض نبيه الكريم ..

أمّا النفوس .. التـقـيّـة .. النـقـيّـة .. الصـفـيّـة .. الطـيّـبـة .. التى تفارقها او تفارقك بغير إرادة منك .. أو منها .. ويحول بينكم قدر الله .. أو بأسباب كانت بيدي الغير أيضا هي أقدار مقدرة .. ولسان الحال يقول " هلي الله يسامحكم " ..

تعيش هذه النفوس فى الم عصيب تريد ان تخفيه وتواريه عن عيون البشر ولكنه يظهر لا محالة لهم .. وللأسف لا راحم ولا منصفاً فيهم !!

انها نفوس تنصهر فى دواخل نفسك فتتمازج .. فتكون أنت هو .. ويكون هو أنت .. وكما قالوا " أنا منك وأنت مني " ..

فتحيا بروحين فى جسد واحد .. لما كان لهذه النفسين من توافق بقدر الله وسمو فى معاني الحياة .. ورُقيٌ فى المشاعر على رضا الله ..

وهنا يتعمق الحزن وتتأصل معاني الأسى فى رسمات وجهك ..

فيهزّ كيانك المحزون لوعات الفراق .. وآهات محرقات ..

ولا يخففها عنك سوى دعوة دعوتها .. وسجدة سجدتها .. ودمعة سفحتها .. وصدقة أخفيتها .. وكلمة كتبتها فيه ..

هكذا هي الأيام .. ظلام ثم نور .. ثم نور بعده ظلام ..

حال لا يدوم على حال .. والنفس بينهما فى حال ..

ساعة تدعوك تعال .. وساعة كالمرض العضال ..

ولابد منهما حتى تتذوق لذة أوألم الإحساس بالأخر..

مضيت واحمد الله لم تتعثر خطواتي .. وبعثت صرخاتي بتمتمات مكتومة الي ربي .. وأمسيت كالغريب .. فى لجلجلة الصعب العصيب .. جسدٌ بلا روح .. في ظلٍ كئيب .. وأنينٌ مُذيبْ ..

يظن البعض اني هنا .. واني انا مازلت انا .. ولكنهم يجهلون أنني أصبحت لستُ انا !! ..

قد كنتُ أنا عندما كان الوقتُ لنا ..

أوّاااااه يا أنا .

فاستسلمتُ لقدري .. ورضيت بما قسمه ربي .. وبدأت اجمع شعث نفسي وقلبي .. وأضمد جراحي .. فالمعاناة لم تكن سهلة .. لعلي أعود بروحي ألي جسدي مرة أخرى ..

ودعتُ نفسي من نفسي .. وطرقت درباً آخر لعلي أنسى ما كان بالأمس ِ ..ولكن هيهات فمازالت الذكرى تسكن كنين قلبي وتشغلني بالهمس ِ.

هذا حالُ المُحبين ..

ومع ذلك اذكر هنا فائدة ..!! ؟؟

أتأمل في نفسي قولُ ربي : " ?وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِير? ..

أصابني ما أصابني وهو يعفوا عن كثير ..

فما بالي وكيف يكون حالي إن لم يعفو عن الكثير .. ؟؟

ما أرحمك وألطفك بي يا الله والحمد لله على كل حال ..

وأتأمل قوله تعالى : " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" ..

وأقول : ظني بالله أنهُ يريد بي يسرا .. ومن حُسن ظني به انهُ إن الأمر إن لم يكن لي فهو خير .. وإن أخرهُ عني لأجل مسمى فهو خير .. وأنا بين هاتين فى خير .. فالخير لا يأتي من لدنه الا خيرا .. هذا ظني بالله .. وهو كذلك .

والدنيا دار ابتلاء .. ونسأل الله الثبات وحُسن الخاتمة ..

ومالي غير عين تنظر الى السماء .. ولسان ٌ يلهج بالدعاء .. ونبضُ قلبٍ معهُ رجاء .. وسَحَرُ ليلٍ فيه شفاء ..


لبستُ ثَوبَ الرجاء والناس قد رقـدو ** وبــتُ اشـكُـوا الـى مَـولايَ مـا اجـدُ
فَـقلـتُ يـاعُـدتـي فـى كــل نَـائـبـةٍ ** ومـنْ عـليهِ فـى كَـشفِ الضُّرِ اعتمدُ
اشــكُـوا الـيـكَ امــورٌ انــتَ تَـعـلمُها ** مـالـى عـلـى حِـمـلهَا صَـبرٌ ولا جَـلدُ
وقَــدْ مَـــددتُ يَــدي بـالـذُلِ معـترفَاً ** إلــيـكَ يـاخَـيرَ مــن مُــدتْ إلـيـهِ يَــدُ
فَــــلا تَــرُدنَّــهـا يـــــارب خــائــبـةً ** فـبـحر جُــودك يــروي كـلَّ مَـنْ يَـردُ

قال صلى الله عليه وسلم:

((جاءني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد .. عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌ به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس).


كتبه أبو عبد الرحمن الطيب- طيّوب

[strange]

خاطرة مؤلمة

لا يشعر الم الفراق إلا من جربه

حسبنا الله ونعم الوكيل

[يمامة الوادي]

شكرا لمرورك