[يمامة الوادي]

درس رائع من هبــاءة

كانت هباءتان محلقتان في فضاء سحيق ،
وأعينهما تنظران إلى جموع هائلة من البشر ،
تموج تحتهما موج البحر ،
كل يلهث وراء حاجته .. أو شهوته ..
قالت إحداهما للأخرى :
ترى أينا هو الأحقر ..
نحن الضائعات في الهواء لا ترانا الأعين ،
أم هذا المخلوق الآدمي الذي أعرض عن باب الله سبحانه ،
وأسلم نفسه للشيطان يصرفه كيف يشاء ،
ويغمس قلبه في كل مستنقع آثم ....؟!
التفتت إليها الأخرى في غضب ، وقالت في حدة :
يا لك من حمقاء ..!
لم أر كاليوم حماقة تدير الرأس .. !!
إن الشك في هذا قريب من الشك في ذات الله سبحانه ،
وقد قال ربنا في محكم كتابه :
( أفي الله شك فاطر السماوات والأرض ) ..
يا عزيزتي عليك أن تفهمي المسألة جيداً :
إن المعرض عن باب الله سبحانه الجاحد لآياته ،
لا يساوي في هذا الكون شيئاً ألبته ،
مهما أعطي من ألقاب ، ووضعت على صدره من أوسمة ..
من أعرض عن الله جل جلاله يصبح ويمسي عند الله ،
وهو أهون من بصلة فاسدة بالنسبة للإنسان ..!!
قالت الأخرى وقد هزها الكلام فارتفع صوتها هذه المرة في ثقة :
لله در القائل :
والمرءُ من غيرِ دينٍ *** لم يسوَ في الكونِ شيئا .
..
وصل :
إننا بحاجة ماسة إلى تقرير مثل هذه المعاني الراقية دائماً
بأساليب شتى متنوعة ..
لعل أسلوب منها يلامس قلبا فيعي ويستيقظ
وينتفض من غفلته التي تلبس بها
ويشمر ليمضي على الطريق صعدا إلى السماء …
ولعل قارئ القرآن يلاحظ أن الله سبحانه
كرر وأعاد مجموعة من القضايا ،
بأساليب متنوعة بديعة
ذلك لأنه سبحانه يعلم أن التكرار ينفع القلب ويصلحه ..
وهذا درس من دروس القرآن العظيمة التي لا ينبغي أن نغفل عنها ..
ولقد قيل قديما :
كرر لتقرر ..
بو عبد الرحمن