لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
والخلاصة :
أن الله سبحانه وتعالى حَكم على أهلِ هذه العقيدة ـ عقيدة الوساطة اتخاذ وسائط دون الله في العبادة ـ سمّاهم كفارا ، سمّاهم مشركين . والجفري يريد أن يدعوَكم إلى ما كانت عليه قريشٌ ومَن عاصرها ومَن خَلفها من ضُلّال هذه الأمة . ثم تفطنوا إلى قوله : ( يا رسول الله ! يا جيلاني ! ياحداد !) هذا باتفاق أهل الملة المباركة ، الذين دانوا لله بالتوحيد ؛ أنه مِن الشرك الأكبر ؛ لأنه دعاءُ غيرِ الله معه أو دونَه ، وهو يناقضُ قول الله جل وعلا : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } . { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } .. انظروا : { فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا } ، والمقصود أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل مِن العبد عبادتَه حتى تكون خالصةً لله سبحانه وتعالى . فقريشٌ ومَن وافقها ممن بُعث إليهم رسولُ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت لهم عبادات ، كانوا يَحُجُّون ، وكانوا يُعْتِقون ، وكانوا يَصِلُون الرحم ، وكانوا يصومون عاشوراء ، فما قبِل الله منهم ذلك كلَّه إلا مِمَّن شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وأخلص الدينَ كلَّه لله . ولقد عقل عقلاؤهم معنى ( لا إله إلا الله ) ؛ فامتنعوا من إجابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى قولها فقالوا : { أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } ، علمتِ القومُ أن قول ( لا إله إلا الله ) هو خلْع ما دون الله من الأنداد ـ وسواء كانت عبادتُهم مستقلة أو كانوا وسائط يتخذها الخلق بينهم وبين الله في العبادة ـ . فتفطنوا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ، واحرِصوا على توحيدكم ، واعْلموا أنه مِن الجهل المركَّب قول كثير من الناس : ( التوحيد فهمناه وعرفناه ) ؛ فهذه من أسس الضلال ، وأصول الانحراف . والجفري يريد أن يعيد عقيدة المُشْرِكة الأولى على أشُدِّها من جديد ، وأنتم تعلمون ـ كما نعلم نحن ـ أنه يوجد مِمَّن ينتسب للإسلام من هو على ما يقرره هذا الرجل . فالبدوي ، والجيلاني ، والعيدروس ، والرفاعي يُقصَدون بتقريبِ القرابين ، وسؤالِهم قضاءَ الحاجات ، وتفريج الكربات ، ويقول هؤلاء القاصدون : نحن لنا ذنوبٌ عظيمة ولا نستطيع أن ندعوَ الله ونحن على كيْتَ وكيت من الذنوب والخطايا ؛ فندعوهم بهؤلاء . تماما كما يقرر الجفري . فالرجل مُشْبَعٌ قلبُه ومُشْرَب بهذه العقيدة الشِّركية ، فهو يقرِّرُها ويدعو إليها . ولهذا سلك تلبيسات عدة ظنا منه ـ كما سلف وكما سيأتي ـ أن ذلك يَروج على مَن ملأ الله قلوبَهم بعقيدة التوحيد ، وخالط الإيمانُ بشاشَة قلوبِهم . فمِن التلبيسات : ذكر الحديث : " لئن سألني لأعطينه " مضموما إلى الآيات ، وخلاصة ما قرره في هذا : أن الوَلِيّ ينفع مُريديه في حياته وبعد مماته ـ على السواء ـ . وهذا بطلانه عند أهل الحق والعلم والإيمان والتديُّن الخالص ؛ معلومٌ من دين الله بالضرورة . فالحديث ـ الذي اقتطع بعض جمله الجفريُّ ـ هو في " صحيح البخاري " ، ونحن لا نخالف أنه في صحيح البخاري ، وهاكم لفظه : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يرويه عن ربه عز وجل : " يقول الله تعالى : مَن عادى لي وليًّا فقد آذنْتُه بالحرب ، وما تقرّبَ إليّ عبدي بشيء أحبّ مما افترضتُه عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببْتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به ، وبَصَرَه الذي يُبصر به ، ويدَه التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ـ أو قال : عليها ـ ، لئن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذ بي لأعيذنَّه " . هذا الحديث ـ أيها السامعون الكرام من المسلمين والمسلمات ـ يُحَتِّم علينا بيان معناه الصحيحُ : النظرَ في أمور : الأمر الأول : الولاية ما هي؟ ومن هو الولي؟ الولاية : هي طاعة الله سبحانه وتعالى بفعل ما أمَر به ، واجتناب ما نهى عنه . فإذًا : الولِيُّ هو كل مسلم تقيّ لله سبحانه وتعالى ، يخافه في الغيب والشهادة ، يحفظ أوامرَ الله ؛ فيفعلُ ما استطاع منها ، ويحفظُ نواهيَ الله فيتجنبها . كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ما أمرْتُكُم به فاتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتُكم عنه ؛ فاجتنبوه " ، وأعظمُ أوامر الله الذي هو أصلُ الأصول ، وقاعدةُ الدين : التوحيد ، ثم بعدُ فرائضُ الدين العمَلية ، وواجبات الدين . وأعظمُ ما نهى الله عنه : الشرك به ، ثم سائر المعاصي مِن كبائر وصغائر ، كلُّها مَنْهِيّات . فبَان بهذا أن الولاية هي خُلاصة التديّن لله ، التديُّن الخالص . وهذا هو ما بيَّنه جل وعلا في نفس الآياتِ التي حرَّفها الجفري : {ٍ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ـ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } ، آمنوا بماذا ؟ آمنوا بالله وبرسلِه ، وبكتبه ، وبكلِّ ما جاءتْ به الرسلُ ، ونزلتْ به الكتب . هؤلاء هم أولياءُ الله سبحانه وتعالى . ثم تأمَّلوا الحديث ؛ جملة : " ولا يزال عبدي يتقربُ إليّ بالنوافل حتى أحبّه " : فإذا ضممتَ هذه إلى سابقتها : " وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه " ؛ بان لك أنَّ خالصَ الأولياء هو مَن يُحافظ على فرائض الله وواجباتِ هذا الدين ، ويستكثر ـ مع ذلك ـ من النوافل ؛ فهو نائلٌ من الله سبحانه وتعالى على ذلكم محبة الله . فإذًا من أسباب محبة الله للعبد المحافظةُ على الفرائض ، والاستكثارُ من النوافل . وثمرة هذه المحبة التي نالها هذا العبد مِن عباد الله ؛ أن الله معه ، يحفظه في سمعه ، وبصره ، وجوارحه كلها ، ومِن سَعة فضل الله عليه ؛ أنه إذا سأله أعطاه ، وإذا استعاذ به أعاذه . وهل هذا في الدنيا والآخرة أو في الدنيا؟ هذا باتفاق المسلمين في الدنيا ، وليس في الآخرة . فإنَّ فِعل الفرائض ، والاستكثار من النوافل ، والتقرب إلى الله بسائر القُرُبات ، وترك جميع المنهيات ، هذا من العدل في الدنيا ؛ لأنه في الآخرة قد انقطع عملُه إلا من ثلاث ؛ كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٍ جارية ، أو علم يُنتفع به ، أو ولدٍ صالح يدعو له |
ثم وهو الأمر الثاني :
زاد الرجل في التلبيس والتمويه حتى يعمِّي على الناس الفقهَ الصحيح لآي التنزيل الكريم وسنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ( في الدنيا أو في الآخرة ؟ ) ، خلص إلى أنه في الدنيا والآخرة ، وقال : { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِنْدَ ربِّهِمْ } ، ويريد هذا أن يقرر : بأن الولي ينفع في حياته وبعد مماته . فلا تزال السلسلة متصلة ، وهي الدعوة إلى اتخاذ الوسائط دون الله سبحانه وتعالى ، وسائط من الأحياء ، ووسائط من الأموات . { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِنْدَ ربِّهِمْ } : وهذه ـ أيها السامعون الكرام ـ جاءت في ثناء الله على أهل الإيمان ، وأنهم { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِنْدَ ربِّهِمْ } من نعيمِ الجنة ، التي فيها ما لا عينٌ رأت ، ولا أذُنٌ سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . في الحديث الصحيح ـ وهو حديث قدسي ـ من حديث أبي هريرة مُخَرّج في الصحيحين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " يقول الله تعالى : أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ، ولا أذُن سمعتْ ، ولا خَطرَ على قلبِ بشر ، واقرؤوا إن شئتم : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } " . هذا ثواب الله لأوليائِه الذين كانوا على مراضِيه مِن فعل الأوامر ، واجتناب النواهي ، هذا ثوابُه لهم في الآخرة ، وهذا الذي أجمع عليه أئمةُ الهدى والعلم والإيمان ، وليس اتخاذ الوسائط ، وأن الولي ينفع في حياته وبعد مماته . وذلكم ـ أعني ما قرره الجفري ـ هو مما عابَه الله سبحانه وتعالى على الكفار والمشركين مُبَيِّنًا أنَّ الميتَ لا يمكن أن يُجيب ولا يمكن أن ينفع ؛ فاسمعوا قول الله تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ـ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } . والمقصود أن هذا الرجل أخذ على عاتقِه حَرْف الناس عن التوحيد الخالص ، والتديّن الخالص ، وأن يُعيد الناس بهذه العبارات وأمثالها إلى ما كان عليه المشركون الأوّلون من الضلال ، والكفر بالله سبحانه وتعالى . ولِذا حرّف النصوص ، ولواها ليًّا كي يُطوِّعها إلى مبتغاه ، ويأبى الله ذلك والمؤمنون ، يأبى الله عز وجل إلا أن يَحفظ كتابَه من عبث العابثين ، وانتحال المبطلين ، وتحريف الجاهلين ، وعبث العابثين . ويأبى المؤمنون إلا أن يكونوا على التوحيد الخالص ، ولا يرضَوا بسلوك بُنيّات الطريق ، تتبع بنيات الطريق ذات اليمين وذات الشمال ؛ لأنهم يعلمون أن فلاحَهم في الدنيا والآخرة وسعادتَهم في الدنيا والآخرة بما ارتضاه لهم من التوحيد ، ودين الله الخالص ـ وإن قال فلان وعلان ولله الحمد والمنة ـ . نعم . أقول طال الوقت وعندنا من المشاغل وعندكم ما يجعلنا نَختصر وسوف نتابع في مثل هذه الليلة من الأسبوع القادم وفق الله الجميع لما فيه مرضاته وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . |
الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه . أما بعد .. فلا يزال الحديث معكم ـ أيها السامعون مِن المسلمين والمسلمات ـ حول ما أفرغه (الجفري) من عبارات التضليل، واللبس ، والمخادعات ، والتي هي في الحقيقة عبارات شركية ، دعوة إلى الشرك الصريح ، والكفر الصراح . والآن نسمعكم ما تبَقَّى مِن عباراتِ الرجلِ ، وأظنه وقف بنا الدَّور على الفقرة الثانية من فقرات الاستغاثة . قال المدعو علي الجفري : ( الوجه الآخر : هل تؤمنون بكرامة الأولياء أو لا ؟ هذه من المعلوم من الدين بالضرورة ، هل في حدود للكرامة ، بحيث إني أقول هذي مش معقول تقع ؟ ) . إلى أن قال : ( يمكن الولي روحه تخرج من قبره ، أو الروضة التي هو فيها ويدرك الذي يستغيثه إيش الذي يمنع هذي المسألة ككرامة ؟ ) . ونحن نقول : أولا : مِن أصولِ أهلِ السنة التي يدينون لله بها ـ وهيَ مِن عقيدتِهم ـ : الإيمانُ بكراماتِ الأولياء . والكرامات : جمعُ كرامة ، وهي ما يُجريه الله سبحانه وتعالى ، ويُظهره لبعض الناس من الأمور الخارِقة . وهذه الكرامة : هي ثابتة عند أهل السنة ، وهي موجودة في أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى يومِ القيامة، كما أنها موجودة في سالِف الأمم . وابن تيمية ـ شيخ الإسلام الإمام أحمد بن عبد الحليم ابن عبد السلام ـ رحمه الله ـ له مؤلَّف ماتعٌ في هذا الباب وفي غيره واسم ذلكم المؤلَّف : ( الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ) ـ ذكرتُ ذلكم المؤلَّف لِيراجعَه مَن شاء حتى يقف على تفصيل القولِ في الكرامة وما تميزَ به أهل السنة من الإيمان بكرامات الأولياء ـ . وقد حدثناكم ـ أبناءنا من المسلمين والمسلمات ـ عن الوَلِيّ مَن هو ، وعن الولاية ما هي . وأحب هنا أن أضيف إلى ما سبق ما يأتي : أولا : مذاهب الناس في الكرامة . فالكرامات انقسم المنتسبون فيها إلى الإسلام إلى ثلاثة مذاهب : أحدها : مَن يُنكر كراماتِ الأولياء ، ولا يؤمن بها ، وهؤلاء هم المبتدعة ؛ مِن جهمية ، ومعتزلة ، وغيرهم ممن نَحَا نحوهم، ولف لفّهم . الثاني : مَن يغلو في إثبات الكرامة ، ويطلقها بدون قيود ، ولا شروط . وهؤلاء هم أهل القبورية ، وغلاة المتصوفة ؛ فإنهم يحكون حكايات ، ويَقُصُّون قصصًا كثيرة يَدَّعون أنها كرامات . القسم الثالث : مَن يؤمن بالكرامات ويُثبتها ، وذلك ـ أعني الإيمان ـ بها من أصول دينِهم ؛ وهم أهل السنة والجماعة . |
ولهم في الكرامات شرطان :
أحدهما : صحة نسبتها إلى مَن رويت عنه . وثانيهما : أن يكون المرويُّ عنه تلكم الكرامة هو مِن أهل التوحيد ، من أهل السنة، من أهل الصلاح والتقوى ، من أهل التدين الخالص ، والتعبدِ الحسَن لله سبحانه وتعالى . فإذا اختل أحد هذين الشرطين ؛ فإنهم لا يقبلونها ، ولا يَعدّونها كرامة . فإذا لم تصحّ نسبتها عدّوها في المكذوبات . وإذا صحَّتْ النسبة ، وكان المرويّ عنه ما يُزعم أنه كرامة ؛ من أهل الدجَل والخرافة والفِسق والفجور والشِّركيّات ؛ كذلك لا يَعدُّون هذا كرامة ـ وإن جرى على أيدي هؤلاء ، وظهر لهم خوارق ـ ؛ فإن ذلك عندهم ليس من الكرامات في شيء ، بل هو مِن استدراجِ الشيطان . وقد وعد اللعينُ أن يشارِك عبادَ الله في الأموال والأولاد ، والله ُحقَّق له وعدَه ، أعني في مَن هم مِن حِزبه وأوليائه . ثانيا : ذكر الجفري أمرين وهو يُحَدِّث عن الكرامة ، كعادته في حديث التلبيس والتمويه . الأمر الأول : أن الكرامة ممكنة في جميع الأمور ؛ إلا دعوى إنزال وحي ، أو دعوى وجود ابن مِن غير أب ، وما عدا ذلك فهو ممكن أن يكون كرامة . هذا التعميم ذكر بيانا له في الأمر الثاني ، وهو ادِّعاؤُه أن الولي يمكن أن تَخرج روحُه من قبره ، أو من روضته التي هو فيها ؛ فيدرِك مَن يستغيث به . فإذا أضفنا هذين الأمريْن إلى بعضهما ، وأضفناهما إلى ما سبق ـ مما لبَّس فيه ببعض الآيات مثل : { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } ـ ؛ استبان لكم أن الجفري يقرِّر الكرامة للحي والميت . من كان وليا عنده ؛ فإن كرامته ثابتة له في حياته ومماته . وهذا لم يقل به أحد من أئمة الهدى ؛ فإن الكرامة لمن هم أولياء لله على الحقيقة ، والذين أبان الله عنهم بقوله : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } ، فكأن قائلا قال : من هم يا ربي ؟ ؛ فالجواب : { الّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } ، آمنوا بالله ، وبما جاء عن الله ، على مُراد الله . وآمنوا برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله . وهذا هو ما عبّر عنه الشافعي ـ رحمه الله ـ قال ـ أو كان يقول ـ : ( آمنت بالله ، وبما جاء عن الله ، على مراد الله ، وآمنت برسول الله ، وبما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) . فهذه العبارة شاملة ، وهي تفسير جيد للآية الكريمة ؛ فإن وليَّ الله لا يدَّعي ما ليس له ، ولا يتقوَّل على الله ما لم يكن له به علم . أولياءُ الله هم الذين آمنوا بالله عز وجل ، وكانوا يتقونه في السر والعلانية ، يَخشونه في الغيب والشهادة . وجِمَاع ذلك وخلاصتُه أنهم وقّافون عند أوامره فيأتمرون بها ، وقّافون عند نواهيه فينتهون . ثم إذا نظرنا في الأمر الثاني ـ وهو دعْواه أن روحَ الميت يمكن أن تَخرج من قبره فيدرك من يستغيث به ، ... إلى آخر ما قال ـ . نقول : هذه الدعوى ما دليلها ؟ ما دليلك عليها ؟ ما دليلك على أن روح الميت تُغيث ؟ فالرجل يقرِّرُ الاستغاثة بالأموات ، لكنه يعبِّر بتعبير آخر ، فالاستغاثة بالأموات عندهم مِنَ المسلَّمات ، وهذا بنص سُنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بالنص والإجماع ـ ؛ هو من الشرك بالله سبحانه وتعالى ومن الكفر بعد الإيمان . هذا وجه . ووجه آخر : اسمعوا ما يقول الحق جل ثناؤه ، وتقدَّستْ صفاتُه وأسماؤه قولا يَقطعُ به هذه الحجة ، ويُبَيِّنُ زَيْفها وأنها مِن الافتراء ، والقولِ على الله بلا علم ، قال جل ثناؤه : { يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ {35/13} إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } . فيا أيها السامعون من المسلمين والمسلمات : تأملوا معنا ـ صان الله ُأسماعَكم وأبصارَكم من كل مكروه في الدنيا والآخرة ـ ما الذي تضمنته هذه الآية الكريمة : فأولا : إخباره جل وعلا أن المُلْكَ له وحده . وثانيا : أن المدْعُوِّين ـ سواءً كانوا أحياءً أو أمواتا ـ ما يملكون من قطمير ، لا يملكون شيئا . أتدرون ما هو القِطمير ؟ القطمير هو ما يكون في النواة قطمير ، اللفافة التي على النواة ـ نواة التمر ـ ، كالورقة رقيقٌ جدًّا . وثالثا : تأكيدُ ذلكم ما يتضمنُ سدَّ الطريق على مَن كان يؤمِّلُ في الأموات إجابة الدعاء ، وقضاءَ الحاجة ، وتنفيسَ الكُربة ، وتفريجَ الهمّ ؛ { إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ } ثم زاد في ذلك : { وَلَوْ سَمِعُوا } ؛ حتى لو سمع ، لو فُرض أن الميت سمِع ؛ ما استجابوا لكم : { وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } ، ثم قاصمةُ الظهر ، الفيْصل الذي لا يُدرِكُه إلا مَن ألقى السمعَ وهو شهيد : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } ، فهل بالله عليكم ـ أيها السامعون من المسلمين والمسلمات ـ يبقى بعد هذه الأمور طمعٌ لعاقِل حتى يؤمِّل ما قرَّره الجفري مِن أن روحَ الميت تَخرجَ من قبره ، ويدَّعي ذلك كرامة !! الله ُجل ثناؤه يَحكم هذا الحُكْم ؛ بأنهم لا يَمْلِكون شيء ، لا يسمعون الدعاء ، ولو سمعوا ما مَلكوا الإجابة . والرجل يقولُ تَخرج روحُه من قبره ؛ فيدرك مَن يستغيث به !! أليس هذا ـ يا عبادَ الله ـ مِن تكذيب ربِّ العزة والجلال الذي أودعَ في كتابِه ما سمعتُم وأمثاله ، ذلكم الكتاب الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ، ولا مِن خلفِه تنزيل من حكيم حميد !! |
ثم هاكم من سُنة نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يزيد الأمر توكيدا وإيضاحًا وقوة ؛ يدركه أولُو الأحلامِ والنهى ، والحصافة والحجى :
في سنن ابن ماجه وغيره وهو حديث صحيح أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لقيَ جابرًا بنَ عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ فقال : " يا جابر ! ما لي أراكَ مُنْكسِرًا ؟ " ، قال : يا رسول الله ! إن أبي استُشْهد ـ يعني يوم أحد ـ وترك ديْنا وعيالا . قال : " ألا أبَشِّرك يا جابر بما لقي الله ُبه أباك ؟ " قال : بلى . قال : " إن الله لم يكلمْ أحدًا إلا من وراءِ حجاب ، وإنه كلَّم أبَاك كِفاحًا ـ يعني بلا حجاب ـ ، فقال : يا عبدي تمنَّ ؛ أعْطِك . قال : يا ربّ تُحْييني ؛ فأقتل فيك ثانية . قال الله : إنه سبقَ القولُ مني أنهم إليها لا يَرجعون ـ أو إليها لا يُرجعون ـ " . فتأمَّلوا ـ يا أولي الأبْصار ـ ؛ عَبدٌ مِن عِبَاد الله ، مِن خِيرةِ أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يَسْألُهُ رَبُّهُ أن يتمنّى ، فيتمنى أمرًا هو لنصرةِ الإسلامِ وأهلِه ؛ أن يُحْيِيَه الله ، ثم يُقتلُ في سبيلِ الله . ما تَمَنّى الحياة ، وأن يَعمرَ وقتَه بعبادة الله طول العمر ، لا ؛ تَمنى أن يُحْيِيَه ربُّه ثم يقتل . فيُجيبُه ربه جل وعلا بهذا الحُكم الذي لا يَفذُّ عنه فاذٌّ ، ولا يَشِذّ عنه شاذّ : " سبَق القولُ مني أنهم إليها لا يرجعون " ؛ لا يرجع أحد . وهذا بعمومه شاملٌ بقطع الأملِ في رجوع مَن مات إلى الدنيا ؛ بروحه أو بِجسده أو بكليهما . ولكن إذا استحْكمَ التعصُّب الأعمى ، والتقليدُ الطائش، والرأيُ الذي يُصادِم النصوص ؛ فإنَّه يُطبَع على القلوب ، وتكون الغِشاوة على البصائر ، هذا حُكْمُ الله : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلًا } ، { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا } ؛ " أنهم إليها لا يرجعون " . وها هنا قد يسأل سائل فيقول : ما تقولون في الذين قال لهم الله موتوا ، ثم أحياهم ، { خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ } ، والرجل الذي مَرَّ على القرية الخرِبة ، فقال : { أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ } ؟ فالجواب : لا نزاع عندنا في هذه ، وكيف يكون نِزاع وهي ثابتة في كتاب ربنا جل وعلا ! ولكن الذي يظهر أحد أمرين : إما أنه لم ينتهِ أجلُ هؤلاء ، ولكن أماتهم الله ثم أحياهم . أو أن هذه خصِّيصة نالها هؤلاء . والله أعلم . والقاعدة : أن النصَّ الظاهر مقدَّم في الاحتجاجِ على ما كان يُمكِنُ أن يُؤَوَّل ؛ " أنهم إليها لا يَرجعون " . وعلى التسليم أن هذا أمرٌ مضطرد فيمن سلف من الأمم ؛ فإن الآية قاضية قضاء عاما ، وحُكما عاما على أن مَن مات من أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يرجع ، بل حتى نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يرجع إلا يوم القيامة . وما عُلم مسلمٌ خالط الإيمانُ بشاشة قلبِه يقول بِخلاف هذه الآية ؛ إلا ابنُ سبأ ـ اليهوديّ اليمنيّ الذي أسلم نفاقا ـ ؛ فإنه يقرِّر رجعة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الحياة مستعمِلا القياس ؛ فيقول : كيف ينزل عيسى حَكما بالقسط ، ولا يعود محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟! وعيسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يمتْ ، إن عيسى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يزال حيًّا ، فهو ينزل حيًّا ، ويموت بعد ما يشاء الله . وأما محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلن يرجع إلى هذه الدنيا . هذا حكمُ الله العامّ . والقاعدة العامة في العقائد ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ أن عامَّها على عمومه ، فهو مِن العام الذي لم يدخلْه التخصيص . هذا في مسألة الكرامة . قال المدعو علي الجفري : يشتدُّ القحط فيأتي كما ذكر الإمام ابنُ حجر العسقلاني في " فتح الباري " في المجلد الثاني في كتاب الاستسقاء ورواه البيهقي والحاكم وابن خزيمة بسند صحيح أن بلال بن الحارث المزني وهو من أصحاب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاء إلى قبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سَنَةٍ مُقْحِطة في عهد عمر ، ووقف على القبر الشريف ، وقال : يا رسول الله ! استسْقِ لأمَّتِك ) . أولا : يا أولي الأبصار ! هل يُعقلُ أن صحابيًّا مثل هذا الرجل سمِع قول الله جل وعلا : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } الآية ، وسمِع قوله جل ثناؤه : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ؛ هل يُعقلُ أن يصنع هذا الصنيع !! إن عوامَّ المسلمين الذين هم على التوحيد ، ولم يكونوا من أهل العلم ؛ يَربؤُون بأنفسهم عن مثل هذا ـ ولو نالهم ما نالهم ـ . وما سمِعنا عاميا من بوادينا ـ مع ما يصيبهم من شدة الجدب والقحط ـ يصنعون هذا الصنيع . هذا أولا . وثانيا : عزا الجفري هذه القصة إلى مَن سمِعتُم : البيهقي ، وابن خزيمة ، والحاكم . فإذا أطْلِقت هذه الثلاثة ؛ فقال القائل : ( رواه البيهقي ) ؛ فإنه لا ينصرف ذهنُه إلى السنن الكبرى . وإذا قيل : ( رواه الحاكم ) ؛ فلا يتبادر إلى الذهن إلا أنه مخرَّجٌ في " المستدرَك " . وإذا قال : ( رواه ابن خزيمة ) ؛ فإنه أول ما يتبادر إلى ذهن السامع أنها في " صحيح ابن خزيمة " . وبَعدَ النظر ؛ فإن هذه القصة رُوِيَتْ في " مُصَنَّف " ابن أبي شيبة ، و " الدلائل " للبيهقي . وهنا أطلب من أبنائِي ـ المسلمين والمسلمات ـ إلى أن يتفطَّنُوا إلى نتيجة النظر في هذيْن الكتابين . هذه القصة إسنادُها ضعيف ، وذلكم ـ وأنا أعني هذيْن المصدريْن : " مصنف " ابن أبي شيبة ، و " الدلائل " للبيهقي ـ ؛ وذلكم أنها من طريق الأعمش عن أبي صالح السمّان ذكوان ، عن مالك الدار ؛ كِلا الإسنادين على هذا . وكيف هذا الإسناد ضعيفًا ؟ نعم ، فيه عَنعنةُ الأعمش ، واسمه سليمان بن مهران ـ رحمه الله ـ فهو ـ مع جلالة قدره ـ يتقي العلماءُ عنعنتَه ؛ لأنه مُدَلِّس . |
وثانيا :
ليس في هذين الإسنادَيْن أن صاحبَ القصة هو بلال بن الحارث المُزَني ـ رضي الله عنه ـ ، بل فيهما عن مالك الدار أن رجُلا أتى إلى قبرِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال ما سمعتم ، ما حكاه الرجل ، ثم أُتي في المنام وفي بعض الروايات أتاه رسول فقال : ( اذهب إلى عمر ) ، فذهب إلى عمر فقال : ( اللهم إني لا آلوا إلا ما عجزت عنه ) ، وفي بعض طرقها أنه قيل له : ( قل له : الكيس الكيس ) ، يعني الفطنة . وفي بعض طرقها أنه قيل له : ( الكفَّان ) وأظن يعني : أنفِق ، ابسُط يديْك بالنفقة . والله ُأعلم . هذا أولا . ثم هنا سؤال : مَن صرَّح بأن صاحبَ القصة الذي سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يستغيث أو يستسقي لأمته ، من صرّح بأنه بلال ؟ هو سيف بن عمر. وسيف بن عمر هذا هالك ، ضعيف ، لا يُحتجّ به . قال فيه الذهبي : ( متروك باتفاق ) ، راجعوا ترجمتَه في المغني في الضعفاء للذهبي . وقال فيه البخاري : ( يُتَّهم بالزندقة ) ، أو قال : ( مُتَّهمٌ بالزندقة ) ، وهذا كافٍ . وابنُ حبان كذلك ـ وأظنه يعني في المجروحين ـ . فهل مثل هذا الإسناد ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ يُقبَل ويُعَوَّلُ عليه حتى يُقال إن بِلالا بن الحارث المزني صنع هذا الصنيع ؟!! ثم ثمة وجهٌ آخر في " الصحيح " حين اشتدَّ بالمسلمين القحط في عام الرمادة ، وشُكِي ذلك إلى عمر ـ رضي الله عنه ـ خرج بالمسلمين ، بأصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومَن معهم من خيار التابعين للاستسقاء فقال : ( اللهم إنا كنا نستسقي بنبيِّك فتسقينا ـ يعني نطلب منه الدعاء ـ ، وإنا اليوم نستسقي بعمِّ نبيك فاسْقِنا . قمْ يا عباس !) . فقام العباسُ بنُ عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ فسأل الله َ، دعا الله عز وجل . عمر ـ رضي الله عنه ـ صنعَ هذا في ملأ عَلنًا ، ولم يُعلمْ أن أحدًا استنْكر عليه ـ لا سِرًّا ولا علانية ، لا جماعة ولا أفراد ـ ، فلو كان التوسلُ برسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سائغًا بعد وفاتِه ؛ ما قصدَ أميرُ المؤمنين الفاروقُ الذي مِن مناقبِه أنه إذا سَلكَ فجًّا ؛ سلك الشيطانُ فجًّا آخر مهابةً ـ ؛ يعني ما قصد إلى دعاءِ العباس ، لذهب وتوسل بنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وعلى سبيل الفرْض أنّ هذا غاب عن عمر ، وأنه ثمّة سُنَّة خفِيتْ عليه ؛ فهل تَخفى على جميع ذلكم الملأ ؟! ولا شك أن صنيع ابن الخطاب ـ ثاني أمراءِ المؤمنين ، وثاني الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم وعن سائر أصحاب نبينا أجمعين ـ ؛ تبقى دون نَكير ؟!! فسبحانك يا ربي هذا بهتان عظيم !! قال المدعو علي الجفري : ( قال تعالى : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ـ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } ، هذه الآية دليل من الأدلة التي استدلَّ بها أهلُ السنة والجماعة في جواز أن يُطلِعَ الله ُتعالى مَن شاء من عباده على شيء من الغيب . { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } ؛ هذا الأصل أن الغيبَ المطلق لا يطَّلِعُ عليه أحد ، ثم جاء الاستثناء : { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } ، ولم يقل إلا الرسل ، وإنما قال : { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } . و { مِنْ } قد تأتي لضرب المثل ، فيكون الرسول غير الرسول مِمن قد يُكرَم بمثل هذا الاطلاع ، وهو مِما عبِّر عنه بالفراسة التي مرتْ الاستفاضة فيها ) . لا يزال الرجل ينقلُنا من غريبةٍ إلى أخرى ، ولا يزال ينفثُ في سامعيه البَلِيّة تلوَ البلية ، وهذه حالُ كلِّ مَن أعمى الله بصيرتَه عن الهدى ، وركِبَ الضلالة ، وارتضاها سُلَّمًا يصلُ به إلى مَن هم سذَّجٌ ، ومُغَفَّلون ، وجَهلة ، لا يعرِفون مِن دين الله ما هو أصلٌ ، وهمْ جُهّال لا يعرفون أصل هذا الدين ، لا يعرفون زبدة الرسالة ، لا يعرفون إخلاص الدعاء لله ، وإنما هم مسلمون انتسابًا هكذا. فأمثال الجفري يَجدون هؤلاء غنيمةً باردة ، يُلْقون عليهم ما استمْلوْه مِن شياطين الإنس والجن ، وأولئكم السذَّج والمغفَّلون يَروْن هذا من دين الله ؛ لأنه ألقاه فيهم مَن ينتسبُ إلى العلم ، وهو في الحقيقة جاهل ، بل ضالٌّ مضلّ . وهكذا كما قال الشاعر : يُقضَى عَلَى المرءِ فِي أيَّامِ مِحْنَتِهِ حَتَّى يَرَى حَسَنًا مَا لَيْسَ بِالْحَسَنِ فمن يَستمع إلى أمثال هذه العبارات هو أحدُ رَجُلين : رجل جاهل ليس عنده من دين الله ما يتشبثُ به ، ويُمَيّز به بين الحق والباطل ، والهدى والضلال . وآخر ضالٌّ مضلٌّ ، صاحبُ هوى ، مُنحرِف عن الصراط المستقيم ، والنهجِ القويم ، سالكٌ غيرَ سبيل المؤمنين ، مشاقٌّ مُحادٌّ لله ولرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . لا غرابة أن يَجدَ سابِكُ هذه العباراتِ سُوقًا بين جُمُوعٍ غفيرةٍ تروجُ عليهم هذه العبارات . وهذا ما يَسْتَدْعِي أن يُقبِل المسلمون والمسلمات على الاجتهاد في تحصيل العلمِ الشرعي من أهل السنة . هذه العبارة يُمكن تلخيصُ أهم ما دلت عليه فيما يأتي : أولا : الحيدة عن ظاهر الآية . فإن الرب سبحانه وتعالى ضمّنها أمريْن عظيمين : أولهما : العموم : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } ؛ عالم الغيب كل الغيب ؛ { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } ، وأمثال هذا كثير . ولهذا فإن أئمة الهدى والعلم والإيمان مُطْبِقُون على أن مُدَّعِي الغيب كافر ؛ وذلكم لأنه تضافر الكتاب والسنة على أن عِلم الغيب هو من خصائص الرب سبحانه وتعالى . { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } . الثاني : الاستثناء : { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } . { مِن رَّسُولٍ } : نكرة في سياق النفي ، مسبوقة بِمِنْ ، وهذا عند علماء الأصول نصٌّ صريحٌ في العموم ، { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } . فإذًا إطْلاعُ الله سبحانه وتعالى على الغَيب ليس لأحد إلا مَن ارتضى من رسول . ثم انظروا ما بَعد هذه الجملة { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ } لماذا ؟ { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ـ لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ } الآية . فإذًا بان بهذا شيئان : أولا : أن الغيبَ لا سبيل إلى معرفته لا مَلك مُقرَّب ، ولا نبيٌّ مُرسَل ، إلا مَن أطْلعَه الله من رسُله . ثانيا : أن هذا الإِطْلاع الذي امتنَّ الله ُبه على مَن شاء من رسُلِه له علةٌ ؛ وهو إبلاغ الرسالة . ومن ذلكم ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن بعض الماضِين ، وما أخبر به في المستقبل من حدوث أمور ، وما كشَف الله له من أحوال البرزخ ؛ مثل حديث صاحبَيْ القبْريْن ، وهو مُخَرَّجٌ في الصحيحين عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( مرَّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قبرين فقال : " إنهما ليُعَذَّبان ، وما يُعذَّبان في كبير ؛ أمّا أحدُهما فكان لا يسْتَتِرُ مِن بوْله ... " ) الحديث . فهذا موطن عبرة . وما أخبر به ـ صلى الله عليه وسلم ـ من عذاب القبر ونعيمه ، وكلُّ ذا وذاك يُسَلَّم به ، ويؤمَن به ويصدَّق كما يقرره أهل السنة في أصول الدين ، ولا يبحثُ في كيفيته . الجفري حاد عن ظاهر الآية ، بطريقةٍ فيها لفّ ، قال : ( الغيب المطلق لا يعلمُه إلا الله ) ، ومَن نازَع في هذا ؟! لكن هنا سؤال : الغيب غير المطلق ، وهو الذي يُمكن التوصل إليه بوسائل ؟ هذا لا ينكره أحد ، هناك غيب ـ يعني ـ نسبي ؛ كأنْ يُكتَشف أن هذي الأرض فيها ماء ، وكالمراصد التي يستخدمها علماءُ الفلك فيتوقّعون حدوث كذا ، توقع .. مراصد .. وسائل . أما ادعاء الغيب فإنه لا يسوغ لأحد أن يدَّعِيه ـ وقد قدَّمتُ لكم حكم ذلك ـ . وفي الحديث الصحيح : " مَن أتى عرافا فسأله عن شيء فصدَّقه ؛ لم تقبلْ له صلاة أربعين يوما " . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " من أتى كاهِنا أو عرَّافا فصدَّقه ؛ فقد كفر بما أنْزِل على محمد " ـ صلى الله عليه وسلم ـ . والأمر الثاني : انْظُروا في عبارة الرجل قال : { مِنْ } : جاءت لضرب المثل . ونـحن نقول : مَن سبق إلى هذا التفسير ؟! لا نعلمُ إمامًا ذا عِلْم ، وفِقهٍ ، وبصيرةٍ بتفسير كتابِ الله من القرآن ، ومِن سنّة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبالمأثور من أقوالِ الصحابة ، والتابعين قال هذا أبدا : لِضَرْبِ المثل !! وأكّدَ هذا بقوله : ( فالرسول وغير الرسول سواء ) !! هذا معناه أنه يساوِي بين الرسول والوليّ ؛ وهذا كُفرٌ باتِّفاق ؛ فإن مرتبة النبوة ليس فوقها شرف من البشر أبدًا ، فالأنبياء والمرسَلون همْ خيرُ عبادِ الله ، ولهذا اصْطفاهم الله من البشر . قال : ( الرسول وغير الرسول سواء ) ف( مِنْ ) لضرب المثل !!! كيف المثل يعني ؟!! يعني معنى هذا أنه يمكن للولي أن يعلم الغيب !!! والذي خبر مَن تُزعم فيهم الولاية من غلاة الصوفية ليسوا كذلك بل يدَّعون مغيَّبات لا يعلمُها إلا الله ، ولكن الرجل أراد أن يغطِّي وهكذا كلُّ مَن أوتِي المكْر والاحتيال على الناس ؛ فإنه يَجعل في ثنايا عباراتِه تغطيات ، ولكنها لا تنكشف ، أقول : هذه العبارات لا تنكشف لمن ؟ لكل أحد ، بل لمن كان عنده علم وبصيرة ، وفقه بكتاب الله ، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وسيرة السلف الصالح ، ومسلك المبتدعة . وأما عوام الناس فلا تنكشف لهم هذه الحيل أبدا . هذا وجه . ثم ختم القول بالفراسة . الفراسة ما هي ؟ الفراسة ليست من الغيب في شيء ، الفراسة أنّ إنسان عنده خبرة بأحوال الناس الاجتماعية والشخصية ؛ فإنه يتفرس في وجه هذا الخيْر ، ويتفرس في وجه هذا الشرَّ . ويُروى ـ أقول يُروى ـ أن ابنَ سيرين ـ رحمه الله ـ وابن سيرين إذا أُطْلِق فهو (محمد) ـ ؛ جاء إليه رجلان فقصَّا عليه رؤيَا واحدة ، كلٌّ منهما قصَّ عليه أنه يُؤَذِّن في المنام كلٌّ قال : يا شيخ أرى أني أؤذن . الرؤيا واحدة . ففسَّرها بتفسيريْن مُتناقضَيْن متضادَّين ، فقال في أحدهما : يَسْرِق وتُقطع يدُه ، وقال في الآخر : يَحُجُّ . فقيل : كيف ذاك ، لماذا ؛ الرؤيا واحدة ، كيف فسرتَ بهذين التفسيرين المتضادين ؟ قال : ( أما أحدُهما فعرفتُ في وجهِه الشرَّ ؛ فأوَّلْتُها : فـ { أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } ) . عجيب ولا لا ؟! ( وأما الآخر فإني تفرست فيه أو عرفت في وجهه الخير والصلاح ؛ فأوَّلتُه على قوله تعالى : { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ } ) . وهذه قاعدة معروفة عند الحاذقين في تعبير الرؤى ؛ فإن مِن قواعدِهم التي يستعينون بها على تعبير الرؤيا معرفة حالِ الشخص ؛ فقد تكون الرؤيا من شخص لها تعبير ، ومن شخص آخر لها تعبير آخر . وليس هذا مقام بسط وتفصيل في هذا الباب لكني ذكرته استطرادا . والمقصود أن الجفري جعل علم الغيب من الفراسة ـ انظروا : علم الغيب جعله من الفراسة !! ـ ؛ وعلى هذا فإنه للولي أن يتفرس ويُخبر بِمُغَيَّبات . ويَحْكون عن بعض مَن يُدَّعى فيهم الولاية من أساطين الصوفية الضالّة المُضَلِّلة المضِلَّة أن أناسًا مِن مُريديه فقدوا ولدًا لهم ، فسألوه ، قال : أما الجنةُ فلم أجدْ فيها فقِيري ـ انظروا !! ـ ، وأما النار فلن يدخلها ، ـ الجنة لم يجدْه فيها ، والنار لن يدخلها ـ لن !! ـ إذا هو أين هو ؟ ـ إذا هو حيٌّ بناء على هذا ، وسيجدونه بعد حين . هذا وأمثاله أراد أن يروجَّه الجفري بإدخالِه إياه في الفراسة . قال : ( التي مرت الاستفاضة فيها ) ، كثيرا ما يستدل بحديث : " اتقوا فراسة المؤمن ؛ فإنه ينظر بنور الله " . هكذا يستدل به !! |
وهذا الحديث رُوي عن أبي سعيد الخدري ، وعن أبي أمامة ، وعن ثوبان ، وعن أبي هريرة ، وعن ابن عمر ـ خمسة من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم ـ ، ولكن هذا الحديث أسانيده ضعيفةٌ ، واهية ، لا يصلح للاحتجاج ، لم يصح إسناده عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فمنها : ما فيه رجل ضعيف ، ومنها : ما فيه متروك . ومَن أراد أن يقف على الاستزادة ، ويتزود معرفةً على طرق هذا الحديث ، وما في أسانيدها من آفاتٍ وعِللْ ؛ فلْيراجعْ الجزءَ الرابع من السلسلة الضعيفة (رقم 1821) ؛ فإن الإمامَ الألباني ـ محدِّث هذا العصر ـ وإن رغمت أنوف، وقالت فيه ما قالت ؛ نقولها ولا نَخشى إلا الله : هو إمام محدث هذا العصر ، رافع لواء السنة ـ ؛ فصَّل القول تفصيلا يُدْرِك الناصحُ لنفسه ، الحازم في أمره ؛ أن الجفري قد لبّس بهذ الحديث على مَن يَروجُ له قولُه . فلْيُراجِع المصدر مَن شاء منكم ـ بارك الله فيكم ـ أيها السامعون والسامعات ـ . قال المدعو علي الجفري : ( وتساءل الصحابة أين ندفن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمنهم مَن قال في البقيع . وروى الإمامُ مسلم في صحيحه أن بعضَ الصحابة قالوا ندفنه عند منبره أي في مسجده . وفي هذا دليل على أن لعنة اليهود والنصارى في جعل قبور أنبيائهم مساجد ؛ إنما هي نازلةٌ على سجودهم فوق قبور أنبيائهم ، وليس على وجود القبور في المساجد ؛ لأن المسألة لو كانت من الاعتقاد الذي يُلعَن صاحبُه لما ثقل الصحابة بعد وفاة رسول الله ـ ثمرة حياتهم معه أوصلتهم إلى أن بعضهم فكر إلى أن يَجعل قبرَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المسجد ) . هذه العبارة التضليلية الرابعة من عبارات الأصول التي يُدَندن حولها الجفري بل يصدع بها ، في تقرير عقيدة الشِّرك ، وحرْفِ الناس عن توحيد الله ، وحرفهم عن دين الإسلام الذي ارتضاه لهم . والكلام على هذه القصة من أوجُه : أولا : هؤلاء الذين زعمَ أنهم اختلفوا أين يدفنون نبيَّهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيهم الصديق خير هذه الأمة بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذي يقرر أهلُ السنة أن إمامَته وخلافته كانت بنص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وليس هذا المقام مُمَكِّنًا لنا من البسط والتفصيل حتى نروي الغليل ، ونشفي العليل في هذا الموضوع ـ ، ونعني به أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ ، ولا شك أنه ـ على ما زعم الجفري ـ كان ضمن المختلفين ، قال : ( اختلف أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) ، وأبو بكر ـ رضي الله عنه ـ هو الذي روى حديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ما من نبي قُبِض ؛ إلا دفن حيث يقبض " . هذه النكارة ، هذا وجه النكارة ـ فتفطَّنوا أيها المسلمون ـ كيف عمد الرجل إلى هذه القصة على أنها من المُسَلَّمات ، ومن الأخبار الصحيحات !! ثم الرجل عزاها إلى " صحيح مسلم " ، و " صحيح مسلم " هو ثاني أصحِّ الكتب بعد كتاب الله ، فما مِن مسلم ، ولا مسلمة عندهم محبةٌ للخير ، ورغبة فيه ؛ إلا ويطمئن إذا سمع عزو قصة أو حديث إلى هذا الكتاب . والظاهر ـ بل أجزم ؛ لما أدركْتُه من حال الرجل ، وما أشرِب قلبُه به من التلبيس والتدليس ـ أنه يريد أن يـجعل من " صحيح مسلم " تُكْأةً ، وترويـجًا لهذه القصة ؛ لأن الرجل مُتَفنِّن في حَبك العبارات ، وزَخْرفة المقالات . وأزيدكم فأقول : ليست القصة في " صحيح مسلم " . وهاكم طرقها : الطريق الأول : طريق ابن ماجه ـ الإمام أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني ـ رحمه الله ـ ، وهذا الإسناد فيه : حُسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبيد الله بن العباس . وما حال حسين هذا الذي روى ابن ماجه القزويني الإمام المحدِّث صاحب السنة ـ رحمه الله ـ القصة من طريقة ، أتدرون ما حاله ؟ قال فيه البخاري : ( مُتّهمٌ بالزندقة ) ، يعني زنديق ، متَّهم بالكفر ، هل هذا فقط ـ مع أن العلة كافية في إسقاط هذا الطريق ، وأن القصة لا يُحتج بها ، فما دام زيديقا فسوف يكذب ـ ؟ ماذا قال غيره ؟ علي بن المديني قال : ( تركتُ حديثه ، وتَرَكه أحمد ) . هذا هو الطريق الأول . |
الطريق الثاني : طريق الواقدي ـ محمد بن عمر المؤرخ المعروف ـ ، وهذا أخباري وليس عنده علم بالحديث ، ولا فقه بأسانيده ، ولهذا قال أهل العلم : ( مَتروك ) ، يعني لا يُحتج بحديثه ـ وإن كانوا يقبلون ما يرويه من التاريخ .
والطريق الثاني كذلك عنده : هي من رواية محمد بن عمرو بن علقمة ؛ وهذا ـ وإن كان صدوقًا ـ ؛ لكن له أوهام ، فلعل هذه من أوهامه . فالقصة إذا : من حيث الإسناد أولا هي ؛ ضعيفة ، ولم يصح إذًا ـ على هذا ـ أن أصحاب النبي ـ صلى االله عليه وسلم ـ اختلفوا أين يدفنوه . وثانيا : كذب الجفري إذ عزاها إلى " صحيح مسلم " ، وهي في غيره . قال المدعو علي الجفري في سياق ذكرِه للأولياء قال : ( عندَهم إذْنٌ مِن الله في التصرف في الكون ، هذا ما فيه إشكال ، لا إحياء لا موت إلا بإذن الله تعالى ) . هذه آخر العبارات التضليلية المصادِفة للملة الحنيفية ، فتفطنوا ـ يا أيها المسلمون والمسلمات ـ . أظنكم أدركتم أني لم أحْصِ عباراتِ الرجل كلَّها ، لكن هذه الأصول التي يُدندن بها وينطلق منها ؛ إذًا يتفرع فروع كثيرة ، ولو أفضتُ في الحديث معكم ، ومررْت بكم على كل عبارة ما تنتهي عباراتُ الرجل ، وهكذا كلُّ صاحب مناكير وبواطيل ؛ لا يقف عند حدّ ؛ لأن هؤلاء الذي أولِعُوا بالباطل ، وخالطتْ بشاشتُه قلوبَهم عرُوا عن الدين والعقيدة ؛ فسلكوا مسلك السفهاء ؛ فلا ينتهون عند حد . ونُذكِّر السامعين ـ من المسلمين والمسلمات ـ بمقولة قالها سفيان بن عيينه أوغيره من السلف ـ رحمة الله عليهم ـ : البدعة أحب إلى إبليس من المعصية ؛ لأن المعصية يمكن أن يتاب منها وأما البدعة فلا . فهذا ـ أعني الجفري وأمثاله ـ مِمن رضوا دينًا غيرَ دين الإسلام ، وأخذوا على عواتقهم الدعوة إليه ، يجالدون ، ويُجادلون وينافحون ، لا ينتهون عند حد معين ، إلا مَنْ مَنَّ الله عليه بالتوبة النصوح ، وثاب إلى رشده ، وعلِم الحق ، ورجع إلى الله عز وجل . ومَن كانت عليه تضفى عليه هالات من الجاه والمنصب والمكانة الاجتماعية والشخصية ؛ فهذا قلّ مَن يرجع إلى الصواب ؛ تُعْميهم هذه الهالات والرئاسة . هذه العبارة واضحة ، وهي تقرير الرجل أن الأولياء يتصرفون في الكون ، عندهم إذْن من الله بالتصرف في الكون . وأقول بادئ ذي بدء : كانت قريش ومَن دان دينها من أهل الجزيرة ومن حولهم يعبدون الملائكة ، منهم من يعبد الملائكة ، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين ، ومنهم مَن يعبد الأحجار ، ومنهم من يعبد الأشجار ، ومنهم مَن يعبد الشمس والقمر ، ومنهم من يعبد أصناما لأشخاص اللات ، والعُزّى ، ومناة ، وأساف ، ونائلة ، وهُبَل ، ولم يُنْقل أن أحدا منهم قال في هؤلاء المعبودين الذين رضيَ بعضُهم بِحَزِّ رؤوسهم في سبيل عبادتِها لم يقل أحدٌ إن هؤلاء يتصرفون في الكون ، وأنهم عندهم إذن بالتصرف في الكون ، حتى الملائكة ما قيل فيهم هذا ، ـ صلى الله وسلم على ملائكته وأنبيائه ورسله ، ونسأل الله أن يجعلهم شهودا لنا وإياكم بالخير ، والإسلام ، والسنة في الدنيا والآخرة ، آمين . إذًا فاق الرجل بِما قرّره في هذه العبارة مَن سبق مِن المشركين ، فاق قريشا . وهاكم أمر آخر يؤكد ما قلناه : إن المشركين الذي بعث فيهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهم على ما ذكرتُ لكم من العبادات والمعبودين؛ كانوا يُخلِصون الدعاء لله في الشدة ، في الشدة كانوا يخلصون الدعاء لله . وهذا ما قصهُ الله عنهم في غير ما آية من كتابه ، ومنها : { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } ، انظروا ، ولم يقل أحدٌ منهم : إن هؤلاء يتصرفون ، دعُونا من الأحجار والأشجار ، لكن الملائكة والنبيين والصالحين ؛ ما ادُّعِيَ فيهم هذا أبدا ، فشِركُهم آلهتهم هو في الرخاء فقط وأما في الشدة فإنهم يخلصون لله الدعاء . وهذا الذي تضمنته عبارة الرجل ؛ هو شِرْك في الربوبية؛ فإن الشرك في الربوبية ما عُرف أنه قال به أحدٌ إلا الملاحدة من الفلاسفة ، والصابئة عُبّاد الكواكب الذين يقولون إن الكواكب تتصرف في الكون . أما وليٌّ من أولياء الله ، وعبْد مِن عباده الصالحين ، مَلك مُقرَّب ، أو نبي مرسل عَبَده القوم ، وأولئكم المصطفون الآخيار من الملائكة والنبيين والمرسلين و صالحي المؤمنين بريئون من عبادة هؤلاء ؛ ما ادَّعَى فيهم أحدٌ أنهم يتصرفون في الكون وعندهم إذن يتصرفون في الكون أبدا ، عرفوا هذا ؛ بما بقي لهم من سلامة الفطرة التي فطرهم الله عليها . فالناس مفطورون على التوحيد بـجميع أنواعه ، لكنهم ـ مع تطاول الزمن ـ نسوا توحيد العبادة ، وبَقِي مركوزا في فِطرهم توحيدُ الربوبية . يتصرفون في الكون !! كيف يتصرفون في الكون !! يُمكن لقائل أن يقول : ينزلون المطر ، يُمكن لقائل أن يقول يُحيون الموتى ، يتصرفون في الكون ، هذا من الكون ، يُمكن لقائل أن يقول : أنه يسوغ لهم أن يستدعي محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيوجه له دعوة فيحضر في الحضرة ، ولا أستبعد أن الحضرة التي يقيمونها بمناسبة المولد ـ أعني الصوفية ـ أنها مبنية على هذا ؛ لا أستبعد ؛ ولهذا هم يقولون : حضر محمد ويقومون له . والمقصود أولا : أن يَعلم مَن هو سليمة فِطرته ، خالط الإيمان بشاشة قلبه ، وقادته السُّنة إلى مراشد أموره ؛ أن الرجل قرَّر في هذه العبارة ما لم يسبقْه إليه المشركون ، سبق المشركين . ثم هذه الدعوى هل عليها دليل من كتاب الله نصا صراحة ، أو إشارة ، أو تلميحا ؟؟! والقاعدة أن كل دعوى لم تُقمْ عليها بينة ؛ فهي دعوى باطلة . فكيف ـ يا أيها المسلمون والمسلمات ـ بدعوى قام الدليل على بطلانها من الكتاب ، والسنة ، وإجماع أئمة الهدى والعلم والإيمان ؟! هذا من أبطل الباطل . وهاكم دليلا لا أرى مزيدا عليه ، وهو صريح وواضح في الدلالة : قال تعالى : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ـ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } الآية . هذه الآية أو الآيتان عَرَف علماءُ الملة المباركة ، علماءُ السُّنة قدْرَها فوقعتْ في أفهامِهم موقعًا عظيما ، وَعَوْها حقَّ وعيِها ؛ لأنهم تدبَّروها حق التدبر ، أتدرون ماذا قالوا ؟ أتدرون ماذا قال أولئكم الأئمة ؟ قالوا : ( إن هذه الآية هي الآية التي اجتثَّتِ الشرك من عروقه ) . وأقول وذلكم أولا : ـ وما أظنكم غفلتم أيها المسلمون والمسلمات حين تلوتُها عليكم آنفا عما احتوته ـ : أولا : نفيُ الله المُلكَ عن هؤلاء في السموات والأرض استقلالا ، فليس لهم مُلك . ثانيا : نفي الشَّرِكة وذلكم ـ والله أعلم ـ أنه لو قال قائل : ليس لهم ملك استقلال ، لكن قد يكون لهم شركة قال : { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ } ، لا بإذن ولا بغيره . وثالثا : نفي المعاونة في حقه سبحانه وتعالى ، أنه ليس لله منهم معين ، لا يعينه أحد لكمال غناه ، وكمال سلطانه ، وعظيم قهرِه وقدرته . { وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ } . وبقيت الشفاعة ، فكمُل اجتثاثُ الشرك من القلوب بعروقه ؛ { وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } . والجفري يُقرِّر ما يناقض هذه الآية تماما ، فتصديق عبارة الرجل ـ أيها المسلمون ـ هو تكذيبٌ لصريح كتاب الله ، تكذيب لما أنزله الله على رسولِه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهذا من الشرك في الربوبية ـ كما قدمت لكم ـ . والشرك ـ يا عباد الله ـ هو أعظم ذنبٍ عُصِيَ الله به ـ ، وهذا صريح السنة ، سواء كان الشرك في الربوبية ، أو الألوهية ، أو في أسماء الله وصفاته ، كما يفعل ذلك المشبِّهة ، وكذلك المعطِّلة . وبعد هذا : فإني أختم الحديث الذي طال معكم ، وأستسْمِحكم أظني أمْللْتُكُم ، لكن ليس لدينا حيلة ، والناس ـ أعني أهل السذاجة ، والغفلة ، والجهل ـ يَجوب الأرض فيهم مثلُ الجفري داعينَهم إلى الضلالة بعد الهدى ، والكفرِ بعد الإسلام ، فإنه لا بدَّ لنا من البيان ، وهذا ما أوجبَه الله ُعلينا في كتابه ، وجاءت به كذلكم سنة النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد قدمتُ لكم الأدلة في أول الحديث فلا داعي إلى إعادتها . وثانيا : بان لكم مِن الحديث الذي اجتهدنا فيه عن كشف حال الرجل ، وإبطالِ ما احتوتْه عباراتُه بالدليل ـ ولله الحمد والمنة ـ ؛ بان لكم أن الرجل مرْتكس في شرك ارتكاسًا ، ومنغمس فيه انغماسًا ، وليس هو على ما بعث الله به رسوله محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليكم من التوحيد والإسلام والسنة ، بل الرجل داعيةٌ إلى الشرْك ، وأدركْتُم جَلدَهُ ، وتفنُّنَهُ من خلال ما كشفناهُ لكم بالدليل مِن كذِبِه ، وتلبيسِه ، وحِيَلِه ، وغِشِّه ، وتدليسِه . والأمر الثالث : إني ـ وأقولها ولا أخاف في الله لومة لائم ، وأدينُ الله بذلك ـ إني أحَذِّرُ مَن يسمع حديثي من المسلمين والمسلمات ، وأطلبُهم ، وأتوسل إليهم أن يُبلِّغوا هذه النصيحة مَن لم يسْمَعها منا كِفاحًا أو مشافهة ـ لأن المئات بيننا وبينهم حجاب ـ ، أطلبُ منكم ـ بنين من المسلمين والمسلمات ـ أن تبلغوا ما سمعتم ، وهو ـ ولله الحمد ـ مبنيٌّ على الدليل القاطع ، والبرهان الساطع من كتاب ربنا وسنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ فإن ذلكمْ من التعاون على البر والتقوى الذي أمرَنا الله به في آيات كثيرة ومنها : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } . وأزيد فأدعو ـ خصوصًا وعمومًا ، أخصُّ وأعمُّ ـ ؛ فأخص أبناءنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا في دول شبه الجزيرة . ثم أزيد فأدعو أبناءنا من المسلمين والمسلمات وإخواننا وأخواتنا إلى الحذر من هذا الرجل ، وهَجْره ، والبُعْد عنه ، ومفاصلته ؛ فإن مَن والاه وأحبَّه ؛ فهو مِمَّن يوادُّ مَن حادَّ الله ورسوله ، فإن الرجل بهذه العبارات محادٌّ لله ورسولِه ، مُكذِّبٌ كتاب ربه ، وسنة نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، سالكٌ غير سبيل المؤمنين . ثم أعَمِّمُ فأدعو جميع المسلمين والمسلمات إلى هذا ، حيث كانوا في أوروبا ، في أمريكا ، في أفريقيا ، في شرق آسيا ، في جميع القارات ، وأن يَعْلموا أن صلاة الرجل باطلة ـ مادام على هذا ـ ، وكذلك اعْلموا بطلان صلاة مَن صلَّى خلفه ـ سواء كان في الفروض أو الجمعة أو العيدين . فلو نُصِّب إمامًا فلا تُصَلّوا خلفه ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ما دام أنه على هذا ـ . وأقولها بصراحة داعيًا العلماءَ الأخيار ، والفضلاء من الدعاة إلى الله على بصيرة ؛ أن يطلبوا من وليِّ أمر بلدٍ يقيم فيه ذلكم الرجل أن يطلبوا منهم محاكمتَه ، أن يرفعوا عليه قضية لدى المحاكم الشرعية ؛ ليقول فيه قضاة المسلمين قولهم ، ويصدروا فيه حكمَهم ، ويَسْتَتِيبُوه . ووالله وبالله وتالله ؛ إن لم يتب الرجل عن هذا المسلك توبة نصوحًا ، يُقلِع فيها عن هذا ، ويصلِح حاله ، يعود إلى التوحيد ـ إن كان موَحِّدا في الأصل وما أظنه كان موحِّدا ـ ، وأن يبين للناس التوحيد ، ويبين أنه أفسد على الناس دينهم ؛ فهو ـ والله ـ حلال الدم والمال . يَجب على وليِّ أمره ، وإمامه إن لم يتب أن يقتله . وليس لآحاد المسلمين ، لا يسوغ لفرد من أفراد المسلمين أن يعمد إلى قتله ، لا.. هذا من الفوضى ، وإنما وليُّ أمر المسلمين ، إمام المسلمين الذين يقيم بينهم الجفري ـ وأنا لا أخص بَلدًا معيَّنا ـ حيث يقيم ؛ أن يطلب أو يعمِّمَ قضاة المسلمين بِمحاكمته . هذا ما يسَّر الله . وأسأل الله الكريم ربَّ العرش العظيم أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين ، صالحين مصلحين ، وأن يرينا وإياكم الحق حقا ويرزقنا اتباعَه ، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن لا يجعله ملتبسا علينا فنضل . ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امته عن طريق الرؤية | geier139 | منتدى الصوتيات والمرئيات | 4 | 2010-06-02 8:12 PM |
معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد 1400 سنة..انشقاق القمر | السرهندية | المنتدى الإسلامي | 4 | 2007-04-04 7:09 PM |
أشهد أن لا أله الا الله وأن محمد رسول الله (( رؤيا فيها الرسول صلى الله عليه وسلم )) | ابو دنيا | 🔒⊰ منتدى الرؤى المفسرة لأصحاب الدعـم الذهـبي ⊱ | 2 | 2007-02-03 8:06 PM |
عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نصرت ياعمرو بن سالم) | افياء | منتدى الشعر والنثر | 4 | 2007-01-23 8:56 PM |
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم ينعاني في صلاة العصر | ابو عبد الله | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 1 | 2004-09-04 8:45 PM |