لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
5 – التوزيع الجغرافي للسكان وكثافتهم :
تمهيد : يعد التوزيع الجغرافي للسكان عبر أرجاء المعمورة من بين الحقائق السكانية الهامة التي يجب أن تتوفر بين أيدي الباحثين خاصة المهتمين بالبحث الاقتصادي والاجتماعي وبعض الفروع المعرفية الأخرى التي تستوجب معرفة السكان وتوزيعهم، في الوقت الراهن لم يعد الجغرافي أو الديموغرافي المهتم الوحيد بهذا الجانب المعرفي، بل أن الهيئات الرسمية أصبحت هي الأخرى بحاجة إلى هذه المعلومات لاستعمالها في شتى الجوانب التخطيطية خاصة تلك التي ترتبط بإعادة التوزيع الجغرافي لسكانها عبر أقاليمها الجغرافية، وقد أصبح هذا الجانب في صلب اهتمام الكثير من دول العالم. - التوزيع الجغرافي لسكان العالم : يختلف التوزيع الجغرافي في أغلب دول العالم من إقليم إلى آخر ومن نقطة إلى أخرى بسبب التباينات بين المناطق، فبينما نجد بعض مناطق التركز السكاني كبعض المدن التي تتميز بمحدودية رقعتها الجغرافية، بالمقابل نجد صحاري وجبال شاسعة المساحة خالية تماما من السكان، علاوة على أن توزيعهم غير منتظم الذي يتميز بالتعقيد رغم ملوكهم بالثبات النسبي في كثير من بقاع الأرض إلى أنها دائمة التغيير، ومما لا شك فيه فإنها ستعرف تغييرا ملموسا، إن الدليل الذي يعتبر نموذجا عالميا هو أن أكثر من نصف سكان المعمورة (سكان جنوب شرق آسيا) يعيشون على مساحة لا تتجاوز %10 من مساحة الأرض، زيادة على كون 1/5 سكان العالم (سكان أوروبا بما في ذلك روسيا الأوروبية) يعيشون فوق مساحة لا تتجاوز %5 من مساحة المعمورة، وهي الصورة التي تعكس عدم التناسب بين عدد السكان والمساحة التي يشغلونها. وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم الكرة الأرضية إلى قسمين، قيم معمور وقسم غير معمور، إلا أن المشكلة المطروحة هو عدم الفصل بين القسمين بحدود دقيقة، ذلك لكون القسم المعمور هو في حد ذاته توجد به بعض المناطق غير معمورة، ويسعى الإنسان دوما خاصة في ظل عدد السكان المتزايد إلى احتلال المزيد من المناطق غير المعمورة واستغلالها زراعيا عن طريق استصلاح الأراضي الصحراوية وتجفيف البحيرات وغيرها، وتقدر الأراضي المعمورة بـ %30 فقط من مساحة اليابس وهي نسبة قليلة. - التوزيع الجغرافي لسكان العالم : (أنظر الشكل رقم 12)، يمكن تقسيم مناطق التوزيع الجغرافي في العالم إلى ثلاث مناطق أو نطاقات. 1 – مناطق التركز السكاني الرئيسي. 2 – مناطق التركز السكاني الثانوي. 3 – مناطق غير معمورة (خالية من السكان تقريبا). 1 – آسيا : أو ما تسمى عند المهتمين بعلم المناخ بآسيا الموسمية أي تلك المناطق التي تسقط بها الأمطار صيفا وتتميز بالتركز السكاني العالي أو الرئيسي، وهي تضم الصين، اليابان، كوريا، الهند الصينية، تايلاند، بورما، ماليزيا، اندونيسيا، الفلبين، سيلان وشبه جزيرة الهند، وأكثر المناطق كثافة سكانية اليابان وشرق الصين، ونطاق ضيق شمال فيتنام وشمال الهند وسهول الكنج وبنقلاديش وجزيرة جاوة، ويضم هذا الإقليم أكثر من نصف سكان العالم ويشتغل أكثر من %60 من سكانه بالزراعة، ويضم نطاق آسيا الموسمية 2094 مليون نسمة (في منتصف عام 1975 م) أو %52,8 من سكان العالم، يشغلون رقعة جغرافية تبلغ مساحتها %19,4 مليون كم2 أو %14,3 من مساحة العالم. وعلى أية حال فإن سكان هذا النطاق يتمركزون في السهول الساحلية والأنهار مثل اليانكستي، الهوانكهو، الكيانغ، الكنج، الميكونك، الإيراوادي، وتبلغ كثافة السكان في هذه المجتمعات الزراعية أكثر من (2000 نسمة/كم2)، ويعود السبب في ارتفاع الكثافة بهذه المناطق إلى الخصوبة السكانية المرتفعة وإلى نمط الزراعة السائدة الذي يعتمد على زراعة الأرز بعدد ثلاث مرات في السنة، مما يجعل هذا المحصول كافيا لسد الأفواه الجائعة، بالإضافة إلى الإنتاج الحيواني الغزير بهذه المناطق، وإلى كميات المياه الكافية، وهي الصفة تميز هذه المناطق عن غيرها. 2 – النطاق الأوروبي : يأتي هذا النطاق في المرتبة الثانية بتعداد سكاني قدره 517 مليون نسمة (حسب عام 1975 م) أو بنسبة قدرها %13 من سكان العالم وبمساحة قدرها 7,8 مليون كلم2، أو بنسبة قدرها %5,8 من مساحة الأرض، وهو عبارة عن مثلث يمثل أحد أضلاعه خطا يمتد من اسكتلندا إلى جبل طارق، والضلعان الآخران يلتقيان في شرق أوروبا، ويشمل هذا المثلث الدول الأوروبية بكاملها بما في ذلك روسيا والدول المستقلة الواقعة في النطاق الأوروبي، والسبب في ارتفاع الكثافة يعود إلى التركز الصناعي في غرب أوروبا وشرقها. 3 – النطاق الأمريكي : ويشغل هذا النطاق المنطقة الشمالية الشرقية من الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أصغر مساحة مقارنة بالنطاقين السابقين وأقل كثافة يشغل هذه المجمعات العمرانية الضخمة %4 من سكان العالم بتعداد قوامه 160 مليون نسمة (عام 1975 م)، ويأخذ هذا النطق هو الآخر شكل مثلث أحد رؤوسه في بلتيمور جنوبا والرأس الآخر في بوسطن شمالا، في حين يقع الرأس الثالث إلى الشمال الغربي من مدينة شيكاغو، وهذا النطاق يعد أكثر صناعة بالولايات المتحدة الأمريكية. وهناك منطقة رابعة وهي دالتا النيل بمصر، حيث ترتفع بها كثافة السكان وأغلبهم يعمل بالزراعة. 4 – نطاق التركز السكاني الثانوي : ويضم هذا النطاق مجموعة من المناطق تنتمي إلى عدة قارات وهي : جنوب شرق أستراليا والساحل الغربي لإفريقيا وجنوب شرق أمريكا الجنوبية، والتجمعات السكانية بأمريكا الوسطى (فوق المرتفعات وسحل المحيط الهادي والساحل الجنوبية والسهول الوسطى بالولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى السهول الساحلية ومنابع البترول بالوطن العربي، وشرق إفريقيا وبعض النويات المتفرقة بأمريكا الجنوبية (في البرازيل والأرجنتين والشيلي). والخلاصة فإن معظم سكان العالم يتمركزون في المناطق الهامشية للقارات، أي أن ثلاث أرباع ¾ سكان المعمورة يعيشون بالمناطق الساحلية أو بالمناطق الداخلية القريبة من السواحل، أي تلك التي لا تتجاوز 500 كلم عن السواحل، ومعنى هذا أن سكان العالم تجمعهم السواحل وتفرقهم المناطق القارية. يتبع
|
بعد دراسة هذه النطاقات من حيث التركز والتوزيع الجغرافي فلابد من تصنيف العالم إلى أقاليم من حيث الكثافة السكانية.
أقاليم الكثافة السكانية : (من الشكل رقم 13) يمكن الوقوف عند الأقاليم الآتية : 1 – إقليم الكثافة الشديدة الارتفاع : وفيه تزيد الكثافة عن 100 نسمة/كم2، ويتلخص في جنوب شرق آسيا خاصة اليابان وشرق الصين والهند وبنغلاديش وفيتنام والبحرين ولبنان ودول آسيوية أخرى، كما تظهر هذه الكثافة أيضا في دول غرب أوروبا، مثل بريطانيا وهولندا وبلجيكا والدانمرك وألمانيا وسويسرا وإيطاليا، كما تظهر في شرق أوروبا خاصة في التشيك وسلوفاكيا والمجر وبولندا، وعموما فإن هذه الكثافة ترتبط بالمناطق الصناعية التي تعتمد على مناجم الفحم، كما تظهر هذه الكثافة أيضا بإفريقيا خاصة بدلتا النيل ورواندا وبوروندي ودول إفريقية أخرى، أما بالنسبة لأمريكا اللاتينية فيظهر هذا النوع من الكثافة في هايتي وجمايكا والسلفادور وبورتوريكو. والخلاصة فإن دول العالم الثالث والتي تنطوي تحت هذا النوع من الكثافة تتميز بالنشاط الزراعي وانخفاض نصيب الفرد من الدخل (القومي) الوطني. 2 – إقليم الكثافة المرتفعة : وفيه تتراوح الكثافة ما بين 50 – 100 ن/كم2 كبعض الأجزاء من الصين بآسيا ونيجيريا بأفريقيا، وبعض الدول بغرب أوروبا كفرنسا وإسبانيا والبرتغال، كما تضم معظم دول شرق أوروبا وجنوبها الشرقي، كالنمسا وروسيا ورومانيا وبلغاريا ويوغسلافيا واليونان وألبانيا، والملاحظ فإن هذه الدول قد تطورت هي الأخرى صناعيا، إلا أن النشاط الزراعي مازال يلعب دورا رئيسا في هذه الدول. 3 – إقليم الكثافة المتوسطة : وفيه تتراوح ما بين 25 – 50 نسمة/كم2، ويشمل هذا الإقليم بعض الدول التي تنتمي إلى قارة أوروبا كإرلندا وروسيا الأوروبية، أما في آسيا فيشمل كل من بورما وكمبوديا وسوريا واليمن وأفغانستان، أما بالنسبة لقارة إفريقيا فيضم كل من المغرب وتونس وغانا ومصر وأوغندا والمالاوي، أما بالنسبة لأمريكا الوسطى فيشمل كل من كوستاريكا والهندراس والمكسيك، وخلاصة القول فإن الدول التي تنتمي إلى قارات العالم النامي تعيش معظم سكانها على النشاط الزراعي. 4 – إقليم الكثافة المنخفضة : وتتراوح الكثافة السكانية بهذا الإقليم ما بين 10 – 25 نسمة/كم2، وتشتمل بعض الدول المنتمية إلى شمال أوروبا كالدول الاسكندينافية والتي تتميز ببرودتها الشديدة، حيث تقتصر الحياة بها على بعض المناطق الجنوبية والساحلية، حيث التركز الصناعي والتعديني، كما تضم بعض الدول الآسيوية كاللاووس وإيران، كما تضم بعض الدول الإفريقية الواقعة في القسم الشرقي والجنوبي، وكذلك القسم الغربي، كما تضم بعض الدول من إفريقيا الوسطى كالكونغو الديمقراطية، وعلى أي حال فإن الكثير من المناطق بإفريقيا تتميز بكونها مناطق طرد بشري كالصحاري والغابات الاستوائية أو بعض المناطق الأخرى، حيث تمارس الزراعة البدائية أو الجمع والالتقاط من قبل القبائل البدائية التي مازالت تعيش في العصر الحجري. كما تضم هذه الكثافة الجبال الغربية من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول من أمريكا الوسطى، وبعض الدول من أمريكا الجنوبية مثل البيرو وفنزويلا وكولومبيا والأكوادور والأرغواي والشيلي والبرازيل. 5 – إقليم الكثافة الشديدة الانخفاض : وهي تقل عن 10 أشخاص في الكلم2، وتشمل بقية دول العالم أو بعض جهاتها ويمكن تقسيمها إلى مجموعتين : أ – المجموعة الأولى : وهي تضم مجموعة من الدول تتميز بقساوة طبيعتها في الكثير من أجزائها، مما لا يسمح بالتواجد السكاني بتاتا كالمناطق القطبية التي تتميز بالبرودة الشديدة ومثالنا على ذلك روسيا الآسيوية (3,5 نسمة/كم2) وأيسلندا وكرينلند، وكذلك القارة القطبية الجنوبية (انتاركتيا)، والكثير من المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية بالسعودية وبعض المناطق من الصحراء الكبرى بالجزائر وليبيا ومالي وموريتانيا والصومال وجزء كبير من السودان، وجنوب غرب إفريقيا وتشاد والنيجر وجيبوتي. ب – المجموعة الثانية : وتشمل الدول الشاسعة المساحة والتي تعاني من نقص ملموس في الكثافة السكانية كدولة كندا التي فتحت أبوابها للهجرة بهدف تعمير الكثير من أجزائها باستثناء الجزء الشمالي الذي يتميز بالبرودة الشديدة والذي تسكنه قبائل الإسكيمو، كما تشمل معظم دول أمريكا الجنوبية التي فتحت أبوابها للاستثمار الأجنبي كالأرجنتين وبوليفيا والبراغواي، وكذلك أستراليا، وهذه الدول قابلة للزيادة السكانية لو أنها فتحت أبوابها للهجرة، وتتميز هذه الدول بمنتجاتها الزراعية والحيوانية الهائلة. وعموما فقد بلغ متوسط الكثافة العالمي 48.2 ن/كم2 في منتصف 2006 ( أنظر الشكل رقم 14 ). بعد تقسيم العالم إلى أقاليم حسب خفة وحدة الكثافة السكانية لاشك بأن هناك عوامل أثرت بشكل أو بآخر في توزيع السكان وكثافتهم. - العوامل المؤثرة في توزيع السكان محليا وعالميا : تتجلى قدرة الإنسان في التأثير على البيئة من خلال ما يقوم به من أعمال تنموية جراء صراعه الدائم مع الطبيعة، وبقدر سيطرته على البيئة المحلية وتسخيرها لصالحه بقدر ما تقاس درجة حضارته وتحدياته، غير أن الإنسان بطبعه وسلوكه يؤثر على البيئة ويتأثر بها من خلال تسعير وسائله المادية وتكييفها مع الظروف المحلية للبيئة التي يعيش فيها، فالإنسان يبني مسكنه بمواد محلية من البيئة التي يعيش فيها، ويجعل سقفه وفقا لما تقتضيه الظروف المناخية المحلية، ويتبع نمطا معينا في الأكل انطلاقا من الإمكانيات الطبيعية التي توفرها البيئة المحلية وهكذا دواليك، وعلى العموم يتأثر السكان من توزيعهم وكثافتهم على سطح الأرض بعدة عوامل وهي العوامل الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية، ونمط هذا التوزيع ا هو إلا محصلة لهذه العوامل الثلاث، واختصارا يمكن تصنيف هذه العوامل حسب التسلسل التالي : 1 – صنف العوامل الطبيعية : يتأثر السكان في توزيعهم بمجموعة من العوامل الطبيعية، وفي مقدمتها المناخ ومظاهر سطح الأرض والجيولوجيا(1) والجيومورفولوجيا(2) وما ينجم عنها من ثروات مائية ومعدنية وترب صالح للزراعة. أ – المناخ : يؤكد الباحثون على أن للمناخ دور هام في توزيع السكان عبر أرجاء المعمورة: فانخفاض السكان في المناطق القطبية والصحراوية والاستوائية، ويعود بالدرجة الأولى إلى عدم صلاحية مناخ هذه الجهات، وللدلالة على أهمية المناخ في توزيع السكان على نصف مساحة اليابس لا تزيد فيها كثافة السكان على شخص واحد في كل 2,5 كم2، بسبب البرودة الشديدة وتبين بعض الدراسات بأن 16,4 مليون/كلم2 من سطح الكرة الأرضية لا تصلح للزراعة بسبب شدة برودتها، وأن هناك 38,4 كلم2 لا يمكن زراعتها بسبب جفافها، وتعد الأقاليم الباردة أقاليم طرد للسكان كالأطراف الشمالية من الكرة الأرضية والقارة القطبية الجنوبية الخالية من السكان، إن الحياة في العروض الشمالية صعبة للغاية بسبب عدم وجود حياة نباتية وبالتالي قلة الفيتامينات، مما جعل قبائل الإسكيمو لا يتكاثرون بسرعة بسبب قلة الخصوبة والنسل. وبالتالي فإن حياة هؤلاء تعتمد على لحوم عجل البحر وحيوان الكريبو، وبالتالي فإن حياة هؤلاء تعتمد على أكل اللحوم النيئة بنسبة %100 على عكس القبائل البدائية في حوض الأمازون وأدغال إفريقيا والتي تعتمد في حياتها على الجمع والالتقاط(1)، والخلاصة فإذا اقترنت الحرارة المرتفعة بالرطوبة الشديدة، فإن ذلك يؤدي إلى قيام غطاء نباتي كثيف، كما هو الشأن في الغابات الاستوائية بحوض الأمازون وحوض الكونغو، مما يؤدي في الأخير إلى ندرة عدد السكان. 2 – التضاريس : تلعب التضاريس دورا هاما في كثافة السكان، حيث تبدو العلاقة عكسية بين الارتفاع والكثافة السكانية، فقد بينت الدراسات بأن 9/10 من سكان العالم يعيشون على منسوب 400 م فوق مستوى سطح البحر، كما أظهرت دراسة أخرى بأن %56 من سكان العالم يعيشون بين مستوى سطح البحر و200 م فوق هذا المستوى، حيث يشكل هذا الارتفاع نحو %27,8 من مساحة اليابس، وتبلغ كثافة السكان عند هذا المنسوب المنخفض ضعف مستوى الكثافة العالمية، علما بأن أربعة أخماس البشر يعيشون دون منسوب 500 م فوق مستوى سطح البحر وعلى مساحة قدرها %57 من مساحة اليابس، هذا ويمكن تقسيم عوائق السكان في المرتفعات إلى ثلاث مجموعات : أ – العوائق الميكانيكية : وتكمن في أن التضرس ضد الجاذبية عملية شاقة، وتزداد هذه الصعوبة إذا كان المنحدر في ظل المطر، وبالتالي خاليا من الحياة النباتية. ب – العوائق الطبيعية : وتتلخص في أن الحرارة تنخفض بدرجة واحدة كل 150م، وأن المطر يتزايد إلى حد الثلوج علما بأن الرطوبة والضغط الجوي يتناقصان إلى أن يصل الضغط الجوي إلى نصفه عند ارتفاع 6000م، وعلى ارتفاع 3300م يتناقص الأوكسجين لدرجة لا يحتملها إلا من ولد فوق هذه المرتفعات، ومن أراد أن يغامر فإنه يصاب بالدوران وصعوبة التنفس والأمراض الرئوية وشدة اضغط على القلب والخفقان، ثم يصاب بالإغماء وإذا ارتفع عن ذلك بكثير فإنه يصاب بانهيارقد تتبعه الوفاة. جـ - العوائق الحيوية : وهي تلك التي ترتبط بإنتاج الغذاء ذلك لأن المرتفعات تتميز بقلة الرقع الزراعية، وهناك علاقة طردية بين كثافة السكان ومصادر الغداء، إلا أن هناك بعض السكان استطاعوا التكيف مع نقص الأوكسجين، منهم سكان التبت ووديان جبال الهملايا، وسكان جبال الأنديز وخاصة في البيرو حيث تعيش جماعات سكانية على ارتفاع 4850م فوق مستوى سطح البحر، كما يؤدي الارتفاع في الجهات المعتدلة إلى انخفاض درجات الحرارة، وبالتالي قلة الحياة النباتية، وهناك من يسكن الجبال في شمال أوروبا ولكن بعدد محدود، أما في وسطها وفي النمسا مثلا نجد السكان على ارتفاع 1690م فوق مستوى سطح البحر، أما الجبال العالية في المناطق المداري باستثناء جبال قارة آسيا التي فقدت تربتها والجبال القديمة غير المرتفعة في المناطق الشبه مدارية، هذه التضاريس جاذبة للسكان لهذا السبب ترتفع كثافة السكان في دول الأنديز، فنسبة من يسكنون على ارتفاع 3300 م فوق مستوى سطح البحر تصل إلى %98 في كولومبيا و%85 في الأكوادور و%75 في بوليفيا و%62 في البيرو، ونجد في إفريقيا يعيش أكثر من 20 ملين نسمة على ارتفاعات تزيد عن 800 م فوق مستوى سطح البحر بين خطي العرض 010 شمالا وجنوبا بسبب الاعتدال الحراري والسواحل على المناطق الداخلية. 3 – التربة : تلعب التربة دورا حاسما في الاختلافات التوزيعية للسكان، فالتربة الصالحة للزراعة تعمل على جذب السكان، أما التربة الصحراوية وتربة التندر(1) والتربة البودزولية(2) بإقليم الغابات الصنوبرية وتربة المناطق الاستوائية (اللانترايت(3)) والتربة الجبلية الفقيرة، كل هذه الأنواع من الترب تتفق مع حدود اللامعمورائي أنها لا تصلح للإنبات، أما التربة البركانية والفيضية فيه ترب صالحة للزراعة، ورغم خطورة التربة البركانية بالجبال والتلال، إلا أنها تغص بالسكان كما هو الحال باليابان وجاوة وصقلية وأمريكا الوسطى، وكذلك الشأن بالنسبة لتربة (اللويس) (4) في شمال ووسط الصين والتربة الطفيلية(5) ، في وسط أوروبا كل هذه الأنواع تعد تربا صالحة للزراعة، وبالتالي فهي جاذبة للأعداد هائلة من السكان، وقد لعبت التقنيات الحديثة دورا هاما في تحويل الكثير من الترب الفقيرة إلى ترب صالحة للزراعة كما هو الحال بالنسبة للبلدان المتقدمة. 4 – المعادن ومصادر الطاقة : تعد المعادن ومصادر الطاقة إحدى العناصر الأساسية في توزيع السكان، ولها آثار مباشرة في المنشآت العمرانية، حيث يؤدي استغلال المناجم في كثير من بقاع العالم على قيام تجمعات حضرية، ولكنها تزول بنفاذ هذه المناجم في كثير من الحالات مثل مدينتا الذهب في جنوب غرب أستراليا (كول كاردي) وكالكورلي. يتبع
|
ولكن قد تكون لمناطق التعدين ومصادر الطاقة وآثار غير مباشرة قد تؤدي إلى قيام تجمعات عمرانية دائمة مثل قيام الصناعة في أماكن الفحم الحجري، كما هو الحال في شمال غرب أوروبا، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع الكثافة السكانية، وقد يكون المصادر الطاقة الأخرى كالبترول والغاز آثار مباشرة في قيام مدن بكل مقوماتها، كما هو الحال بالنسبة لمدينة حاسي مسعود بالجزائر خاصة إذا كان احتياطي هذا النوع من الطاقة كبير جدًّا، ولعل معادلة (المطر، الرز، السكان) في جنوب شرق آسيا تقابلها معادلة (الفحم، الصناعة، السكان) في شمال غرب أوروبا.
ثانيا صنف العوامل الاقتصادية : يلعب النشاط الاقتصادي دورا هامًّا في توزيع السكان وكثافتهم، وتتدرج هذه الأخيرة في الارتفاع بداية من حرفة الصيد إلى حرفة الرعي إلى النشاط الزراعي، لتبلغ الكثافة مداها في النشاط الصناعي. أ – مناطق الصيد (البري والبحري) : تميز بيئة الصيد بكونها باردة جدا أو جافة جدا أو رطبة جدا، وبالتالي فإن الصائد هو بحاجة إلى منطقة فسيحة تمكن من البحث عن الصيد الوافر فضلا عن كون الغذاء غير مضمون في كثير من الحالات، وبالتالي فإن الكثافة السكانية فيمثل هذه المناطق لا تزيد عن شخص واحد/كم2. ومن الجماعات التي ما زالت تمارس الصيد في الوقت الراهن الإسكيمو الذين يعيشون في ألاسكا وكرينلند بالقرب من القطب الشمالي البارد جدًّا، وكذلك اليورك الذين يعيشون في الجزء الأدنى من نهر أوب في سيبيريا و(اللابيون) شمال الدول الاسكندينافية، وفي نصف الكرة الجنوبي تعيش جماعات (الأونا) في جزيرة (تيرادل فويكو)، أما في الأقاليم المدارية فتعيش جماعات تعتمد على الصيد مثل الأسترالية الأصليون وقبائل (البوشمن) في المناطق الصحراوية والأقزام الزنوج في حوض الكونغو، وبعض الهنود الحمر في حوض الأمازون. ب – حرفة الرعي : وتعد هي الأخرى قليلة الكثافة بسبب التنقل الدائم لهذه الجماعة من الرعاة بحثا عن الماء والكلأ وتتمركز هذه الحرفة في قارتي آسيا وإفريقيا في عروضها الوسطى أو على أطرافها (المناطق المدارية). جـ - النشاط الزراعي : وتختلف كثافة السكان في البيئات الزراعية حسب أسلوب الزراعة المتبع، فالذين يمارسون الزراعة البدائية المتنقلة من غير حرث ولا تسميد تقل كثافتهم، أما الذين يمارسون الزراعة الواسعة (المزروعة قمحا لينا أو شعيرا) خاصة بالمناطق الواسعة كأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية، فكثافة السكان بهذه المناطق متوسطة، أما الكثافة المرتفعة فتبدو جلية في المناطق التي تمارس فيها الزراعة الكثيفة (أي زراعة الخضر والأشجار المثمرة)، وعموما فقد تلعب الزراعة الحديثة التي تعتمد على الوسائل التكنولوجية دورا في تخفيض الكثافة السكانية/كم، لأنها لا تحتاج إلى يد عاملة كثيرة، ومثالنا على ذلك فإذا كان الكلغ الواحد من الرز يحتاج لإنتاجه من العمل إلا ثلاث ساعات ونصف بجنوب شرق آسيا، فإنه يحتاج إلى دقيقة ونصف لإنتاجه بولاية لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية. د – النشاط الصناعي : لقد كان للنشاط الصناعي دور هام خاصة منذ بزوغ الثورة الصناعية في أوروبا، حيث أدت إلى تركز سكاني كبير خاصة في مناطق استغلال الفحم التي ترتب عنها قيام مراكز صناعية ضخمة، مما أدى إلى زيادة الكثافة السكانية، حيث وصلت إلى 1000 نسمة/كم2، وقد يحدث العكس تماما بالنسبة لبعض الدول كالصين والهند والبرازيل، حيث يستغل الفحم بطرق تقليدية، وبالتالي لم تنجح هذه الدول في إنشاء صناعات تحويلية تستقطب السكان وتسهم في رفع الكثافة السكانية، فحقول الفحم في جنوب البرازيل مثلا تنقل باتجاه الشمال وعلى بعد 1600 كلم بالقرب من المدن الكبرى ومناجم الحديد، كما لعبت بعض المعادن الثمينة دورا محوريا في رفع الكثافة السكانية كما هو الحال بالنسبة للصحراء الأسترالية التي نزح إليها 554,000 نسمة بين سنتي 1851 – 1860م في الوقت لم يكن فيه سكان أستراليا لا يتجاوز 405356 نسمة، ومعنى ذلك أن الهجرة فاقت عدد السكان الأصليين بسبب هذه المناجم، كما كان لاكتشاف الذهب والماس في جنوب إفريقيا بوتسوانا دورا رئيسيا في زيادة الكثافة السكانية. وخلاصة القول فإذا كانت الصناعات الاستخراجية مرتبطة بعمر المناجم أي الاحتياطات المنجمية، فإن الكثافة السكانية تتناسب معها طردًا في البداية ثم عكسها في النهاية بسبب نفاذ هذه المعادن على عكس الصناعات التحويلية التي تجذب إليها أعدادا هائلة من السكان، في الوقت ذاته فإن بعض الصناعات الثقيلة أو بعض الصناعات الكيماوية أو النووية لا تتطلب إلا أشخاصا معدودين للقيام بها، وبالتالي فإن الكثافة السكانية ستظل محدودة، وفي الوقت الراهن فقد عملت الكثير من الدول على انتشار صناعاتها عبر أقاليمها واستعملتها كوسيلة لإعادة توزيع سكانها. 3 – طرق المواصلات : تعتبر طرق المواصلات من العوامل البشرية الهامة والمؤثرة في توزيع السكان وكثافتهم، ويتجلى ذلك بشكل واضح في الأقاليم والمدن التي تشقها طرق المواصلات، حيث ساهمت هذه الأخيرة وبشكل ملموس في امتداد العمران على طول طرق المواصلات، كما عملت على جلب الاستثمارات في الكثير من المناطق، وبالتالي زيادة الكثافة السكانية بسبب توافد العمال والتجار الناقلون للمنتجات الصناعية والزراعية وغيرها، ولطرق المواصلات سواء كانت برية أو بحرية دورا هاما فقد تكون وليدة النشاط الاقتصادي بسبب اتساعه وتعدد اختصاصاته في الإنتاج، مما يدفع بالمهتمين إلى شق طرق مواصلات جديدة، وقد يحدث العكس أحيانا فتصبح التنمية الاقتصادية على اختلاف أنواعها وليدة المواصلات وسهولة التنقل خاصة بالمناطق الجديدة التي عمرت بواسطة العناصر المهاجرة، ولطرق المواصلات أيضا تأثير مباشر على الجوانب الاجتماعية والحضارية، بحيث وضعت حدا للعزلة في مختلف دول العالم، وبفضلها أصبح العالم عبارة عن ثرية صغيرة ولم تقتصر طرق المواصلات على المألوف منها بل أصبحت المواصلات السلكية واللاسلكية وتكنولوجيات الاتصال بفضل الأقمار الصناعية وشبكات المعلومات تنقل وبسرعة إلى مختلف دول العالم، مما سهل عمليات الاستثمار والتبادلات التجارية بين الأمم والشعوب مهما كان موقعها الجغرافي، كما سهل عملية تبادل المعلومات في جميع المجالات سواء كانت معلومات اقتصادية أو اجتماعية أو عليمة وتقنية وحتى سياسية، وبالمختصر المفيد فإن لطرق المواصلات كعامل بشري يعد من أخطر العناصر في توزيع السكان وكثافتهم. ثالثا : صنف العوامل التاريخية والاجتماعية : هناك عوامل تاريخية واجتماعية تتحكم في الاستيطان البشري، هذا الأخير الذي يختلف من قارة لأخرى ومن بلد إلى آخر ومن إقليم إلى آخر ضمن القطر الواحد، ولقد كان الاستيطان البشري الأول ببلاد ما بين النهرين والنيل ودلتاه والصين والشرق الأدنى عموما، وقد ارتبط هذا الاستيطان بمصادر المياه وخصوبة التربة فراحت الكثافة السكانية تزداد على مر الأيام. 1 – عمر الاستيطان البشري : بإجراء مقارنة بين العالم القديم (أوروبا) والعالم الجديد (أمريكا الشمالية وأستراليا) يتبين هذا الفرق، فمساحة أوروبا (عدا الاتحاد السوفيتي سابقا)، تبلغ 4,9 مليون كم2 يسكنها 473 مليون نسمة (1975 م) بكثافة قدرها 96 نسمة/كم2، تقابلها أمريكا الشمالية بمساحة قدرها 21,5 مليون كم2 بعدد من السكان قدره 237 مليون نسمة، وبكثافة قدرها 11 نسمة/كم2، أي أن سكان أمريكا يساوي تقريبا نصف سكان أوروبا، علما بأن الحضارتين مشابهتين من حيث التقدم الاقتصادي والتطور العلمي والنمط المعيشي، إلا أن الاختلاف في الكثافة السكانية يكمن في قدم عمر الاستيطان بأوروبا وحداثته بأمريكا الشمالية، وحتى في العالم القديم نفسه نلاحظ بأن هنا فوارق مردُّها إلى عمر الاستيطان، فعلى سبيل المثال لا الحصر ففي الهند الصينية مثلا وبالضبط في دلتا نهر توتكين تبلغ الكثافة السكانية حوالي 500 نسمة/كم2، بينما تبلغ 200 نسمة/كم2 في شرق دلتا الميكونك و70 نسمة/كم2 في دلتا نهر الايراوادي ببورفا، والسبب في هذا الفروق هو أن الاستيطان في نهر توتكين أقدم بكثير منه في الميكونك والايراوادي. 2 – الجانب الديموغرافي : وهذا العامل له دوره الفعال من خلال المواليد والوفيات، فإذا كانت هذه المعادلة هي الضامن لاستمرار الجنس البشري فإنها في الوقت نفسه لها أثرها على الكثافة السكانية، والملاحظ بأن هذه الأخيرة قد انخفضت خلال السنوات الأخيرة خاصة بالعالم المتقدم بفعل ما حققه من تقدم ملحوظ في الميدان الصحي، حيث انخفضت المواليد والوفيات في نفس الوقت. أما بالنسبة للعالم الثالث وخاصة إفريقيا فإن معدلات المواليد والوفيات مازالت مرتفعة بسبب تأخر الوضع الصحي، وبالتالي فإن الكثافة السكانية في تغير مستمر. وللعادات والتقاليد الاجتماعية والدينية دور هام في زيادة السكان، ففي الأقطار العربية مثلا وبحكم العادات ينظر إلى القبيلة نظرة احترام وتقدير من خلال عدد أفرادها، وقد كان لتعدد الزوجات أيضا وإنجاب عدد كبير من الأطفال دور مهم في زيادة الكثافة السكانية خاصة بالنسبة لبعض الدول التي تتميز بعدد قليل من السكان كبلدان الخليج العربي، وعموما فقد كان لقوانين الهجرة التي وضعتها بعض الدول المتقدمة دور سلبي في الكثافة السكانية خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. 3 – الحروب : تؤدي الحروب والمشكلات الحدودية وكذا الحروب الأهلية إلى نزوح السكان من مناطق الحرب إلى مناطق أخرى آمنة، وقم تعم الحرب فيتخطى السكان حدود دولة أخرى بحثا عن السلم والأمان، وبالتالي فإن الكثافة السكانية تنخفض بشكل محسوس في الأقاليم المهاجر منها، وتزداد بالمناطق الحدودية الآمنة، والأمثلة كثيرة ومتنوعة بالصومال وبإقليم دارفور بالسودان، وبانغولا وغيرها من الدول الإفريقية وبلبنان، حيث هاجر الكثير من السكان باتجاه الحدود السورية هروبا من القصف الإسرائيلي وخاصة بمنطقة الجنوب، مما سيؤدي إلى انخفاض الكثافة السكانية، وقبل اليوم وإبان الحرب الكونية الثانية فقد هاجر 30 مليون أوروبي بين دول القارة، كما عرفت القارة الهندية هجرات واسعة النطاق بعد تقسيمها إلى دولتين على أساس الدين، وهي الهند والباكستان من قبل الاستعمار البريطاني، وقد أدى هذا التقسيم إلى هجرة 18 مليون شخصا بين الدولتين، كما كان للاستيطان اليهودي بفلسطين دورا سلبيا من خلال طرده لعدد من السكان الفلسطينيين خارج الوطن، ومن هنا فإن الكثافة السكانية الآن تختلف تماما عن الكثافة السكانية قبل سنة 1948 م، وهناك بعض السياسات المجحفة كتلك كالتي طبقتها أستراليا والتي سميت بأستراليا البيضاء، حيث حرمت الألوان الأخرى من البشر دخول هذه القارة ما عدا اللون الأبيض، وبالتالي أصبحت هذه القارة التي تبلغ مساحتها 7,7 مليون كلم2 أقل قارات العالم من حيث عدد السكان بـ 13,5 مليون نسمة. تلك هي نتائج الحروب المدمرة والسياسات المجحفة، فتعمر مواطن وتجلى مواطن أخرى من سكانها. يتبع
|
كثافة السكان
من المألوف أن ننظر إلى كثافة السكان على أنها مجرد نسبة بين عدد ما من السكان ومساحة معينة من الأرض، غير أن المدلول الجغرافي لهذه الكثافة البسيطة محدود القيمة من الناحية العلمية، إذ قد تكون هذه البقعة أو هذه المساحة ليست كلها ذات أهمية اقتصادية واحدة، فقد يكون بعضها مستغلا والبعض الآخر غير مستغل، ويتوقف ذلك –بالطبع- على مدى وجود عوائق تحول دون استغلال الموارد الطبيعية. وإذا كانت كثافة السكان تعتبر معيارا لاستجابة الإنسان للبيئة التي يعيش فيها ومدى التفاعل فيما بينها، كما أنها مقياس لدرجة تشبع بقعة ما بسكانها، إلى جانب إمكانية استخدامها في قياس مستوى معيشة السكان، فإن نسبة العدد الكلي للسكان إلى المساحة المطلقة، وهي ما تعرف بالكثافة الحسابية أو الكثافة العامة أو الكثافة البسيطة لا تؤدي هذه الأغراض لهذا السبب عمل الباحثون في هذه المسألة حتى توصلوا إلى أنواع أربعة للكثافة وهي : أولا : الكثافة الحسابية : وهي الكثافة البسيطة المعروفة وهي نسبة = عدد السكان إلى مساحة الأرض التي يعيشون فوقها بصرف النظر عن الإمكانيات الاقتصادية لهذه الأرض، وقدرتها الإنتاجية وبصرف النظر عن نمط الاستغلال الاقتصادي. ثانيا : الكثافة الفزيولوجية : وهي نسبة عدد السكان إلى الأرض المستغلة اقتصاديا، ومعنى هذا أننا استبعدنا في هذه الكثافة الأراضي الصحراوية وأراضي البور، وبصورة عامل كل الأراضي التي لا تستغل أو التي لا يمكن استغلالها. ثالثا : الكثافة الزراعية : ويستخدم هذا النوع من الكثافة عادة في البلاد الزراعية، وتحسب هذه الكثافة بنسبة عدد السكان المشتغلين في الزراعة وحدهم إلى مساحة الأراضي الزراعية دون غيرها من أجل معرفة نصيب الفرد من الإنتاج الزراعي والدخل الوطني، حيث تأخذ هذه الكثافة من الاعتبار وظيفة السكان فضلا عن وظيفة الأرض، غير أن هذه الأنواع الثلاثة السابقة من الكثافات مازالت عاجزة عن أن تمدنا بمقياس إحصائي دقيق للعلاقة بين السكان والموارد الاقتصادية، لهذا السبب حاول بعض الباحثين ابتكار نوعا رابعا من الكثافة، وهي الكثافة الاقتصادية العامة. رابعا : الكثافة الاقتصادية العامة : وهي قسمة عدد السكان في وحدة مساحية معينة على مجموع الدخل الأهلي في تلك الوحدة المساحية، وعلى الرغم من عدم توفر البيانات في كثير من الأحيان إلا أن هذا النوع من الكثافة يبين الدرجة التي بلغها الإنسان في استغلال بيئته، كما يبين مقدار استجابة هذه البيئة للإنسان متمثلة في الدخل الأهلي، وقد استخدم العالم (كارسو ندرز) هذا النوع من الكثافة لقياس العلاقة بين السكان والموارد الاقتصادية، فعندما يأخذ دخل الفرد بالزيادة يكون دليلا على أن القطر في وضعية سكانية جيدة، وأنه ما يزال بحاجة إلى زيادة عدد سكانه كي يستغلوا موارده الطبيعية، كما هو الشأن بالنسبة لأستراليا والأرجنتين والبرازيل التي تتوفر على مساحات زراعية هائلة. 5 – الهجرة : يمكن أن نحصر عوامل النمو السكاني في ثلاثة : المواليد والوفيات والهجرة، والفرق بين العاملين الأولين هو ما يعرف بالزيادة الطبيعية وقد سبقت دراستها، أما الهجرة فتسهم بما يعرف بالزيادة غير الطبيعية، وقبل الغوص في تفاصيل هذا الموضوع فلابد من التطرق إلى بعض المفاهيم المتعلقة بالهجرة. أ – مفهوم الهجرة : تعرف الهجرة بأنها حركة انتقال السكان من أرض تدعى (مكان الأصل) إلى أخرى تدعى مكان الوصول أو الاستقبال، وما يرافق ذلك من تغيير في مكان الإقامة، وبطبيعة الحال تختلف هذه الحركة بحسب المسافة المقطوعة والزمن المستغرق، وليس كل انتقال يمكن تسميته بالهجرة، فالبدو الرحل الذين ينتقلون باستمرار وكذلك السواح وطلبة العلم ليسو بمهاجرين، وعلى هذا الأساس فالمهاجرين يتميزون بسلوكات معينة، حيث ينوي الإنسان ترك وطنهُ بصورة نهائية أو على الأقل بصفة دائمة، إذن فالهجرة هي استعداد نفسي قبل أن يكون حركي، وبالتالي فالمواطن الذي يترك ريفه ويتجه صوب المدينة للاستقرار بها فهو مهاجر، إذن فالتحويلات التي تعرفها الكوادر بسبب العمل والتنقلات على أماكن معينة بهدف إنجاز عمل لا تدخل ضمن الهجرات، وإلى جانب هذه الأخيرة يوجد ما يسمى بالنزوح التي تساعد مقارنتها مع الهجرات على توضيح بعض الخصائص والمميزات الخاصة بهذه الأخيرة تنتج الهجرة عن الحاجة لتحسين الظروف المعيشية لبعض الأفراد الذين يرغبون في ذلك وهي لا تمس إلا نسبة قليلة جدًا من السكان، بالإضافة إلى كونها اختيارية وليست إجبارية، وتتم عر مراحل زمنية متفرقة. أما النزوح فهو يختلف في الطبيعة المادية لأسبابه وسيكولوجيته كونه يتم تحت ظروف استثنائية واضطرارية كالزلازل والفيضانات والحروب المدمرة، فترغم جماعة كبيرة من الناس على تخطي الحدود والعيش في بلد آخر بصورة دائمة، ويتم النزوح بصورة جماعية لا فردية. 1 – تحديد مفهوم المهاجر : بعد تحديد مفهوم الهجرة والنزوح فلابد من تحديد مفهوم المهاجر باعتباره هو الذي يقوم بالهجرة، وحسب أحد الباحثين فالمهاجر له ثلاثة مفاهيم. أ - من هو المهاجر Le migrant : هو الشخص الذي يدخل منطقة باجتيازه حدودها من نقطة نقع خارج حدود هذه المنطقة ضمن حدود القطر. ب – المهاجر Immigrant : هو الشخص الأجنبي الذي يدخل منطقة معينة من نقطة تقع خارج حدود القطر كالمهاجر الذي يدخل إلى الجزائر. جـ - المهاجر Emigrant : هو الشخص الذي يغادر بلده إلى قطر آخر باجتيازه حدود دولية، كالمهاجر الذي يغادر الجزائر إلى قطر آخر، حيث يعتبر في نظر القطر الذي هاجر إليه (Immigrant). وهناك نوع آخر من الهجرة وهي هجرة العمال الموسمية خلال فصل من فصول السنة مثل العمل في البستنة أو حصاد الغلات الزراعية، فتسمى هذه الهجرة (هجرة العمل تختلف من مفهومها عن مفهوم الهجرة الذي تطرقنا إليه آنفا. أسباب ودوافع الهجرة الداخلية والخارجية : أ – الهجرة الداخلية : تختلف الهجرة الداخلية عن الهجرة الدولية أو الخارجية من عدة جوانب، فهي أقل تكلفة من الهجرة الدولية بحكم أن الانتقال يكون عادة لمسافة قصيرة، فضلا على أن مشاكل الخروج والدخول من دولة إلى أخرى لا تعترض المهاجر داخليا، وبالإضافة إلى هذا وذاك فإن مشكلة اللغة التي تواجه المهاجرين دوليا لا تواجه المهاجرين داخليا، كما يلاحظ بأن استعداد الناس من الناحية النفسية للهجرة الداخلية أكثر منه في الهجرة الدولية، كل هذا يجعل الهجرات الداخلية التي يشهدها العالم أكبر حجما من الهجرات الداخلية وعلى أية حال فهناك أنواع من الهجرة الداخلية. - أنواع الهجرة الداخلية : هناك عدة أنواع من الهجرة الداخلية إلا أن أبرزها تداولا. 1 – الهجرة من الإقليم إلى إقليم آخر أو من ولاية إلى ولاية داخل الدولة الواحدة، ومن خصائص هذا النوع قصر المسافة التي يقطعها المهاجر. 2 – الهجرة من الريف باتجاه المدن وهي ظاهرة النصف الثاني من القرن العشرين حدثت على نطق واسع، وشملت معظم دول العالم ولم يسبق لها مثيل في فترة من الفترات التاريخية السابقة، وعلى كل فإن هناك دوافع وأسباب تقف وراء الهجرة الداخلية. - دوافع الهجرة الداخلية : أ – حجم الدولة : كلما كانت الدولة شاسعة المساحة متعددة الأقاليم، متباينة في جغرافيتها كلما وزاد حجم الهجرات الداخلية في الدولة، وخير دليل على ذلك الهجرات الداخلية في الاتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية في أبرز الهجرات الداخلية التي شهدها العالم في العصر الحديث، أما الحجم السكاني فلا يعتبر دافعا على الهجرة لأن الصين والهند لم تشهد هجرات داخلية. ب – المسافة : تلعب المسافة دورا كبيرا في الهجرات الداخلية والخارجية على حد سواء، فبالإضافة إلى ما تحدده عوامل الطرد والجذب من تأثير في اتجاه تيارات الهجرة، فإن عامل المسافة يلعب دورا في تحديد هذا الاتجاه. جـ - الدفع الاقتصادي : من الملاحظ بأن الهجرة من إقليم إلى آخر أو من ولاية إلى أخرى داخل الدولة الواحدة يرتبط ارتباطا وثيقا بالموارد الاقتصادية المتوفرة في هذا الإقليم أو ذاك، غير أنه بات من المؤكد أن الهجرات الداخلية خلال السنوات الأخيرة أضحت واضحة من الأرياف باتجاه المدن، حيث تكمن عوامل الطرد في الأولى وعوامل الجذب في الثانية بما تتوفر عليه من صناعات تقدم أجورا مغرية في كثير من الأحيان، وليست هذه الهجرات مجرد انتقال من بيئة إلى أخرى ولكنها تعني أيضا تحولا من حرفة إلى أخرى، وفي الغالب من الزراعة إلى الصناعة أو التجارة، ولذلك يلعب نظام الملكية في الريف دورا هاما في طرد السكان من الريف إلى المدن أو بقاءهم فيه، كما تلعب السياسة التنموية للدولة دورا إيجابيا في تثبيت سكان الريف من خلال القروض الممنوحة بهدف إنشاء مشاريع جوارية، وقد لعبت وزارة الفلاحة الجزائرية دورا هاما في هذا الاتجاه من خلال ما قدمته من أجل التنمية الريفية. د – الدافع الديموغرافي : ويكمن في الزيادة الطبيعية الناجمة عن بعض العادات والتقاليد، فمن الشائع لدى الهنود ألا يتزوج الرجل من بلدته أو قريته، وإنما من بلدة أخرى، وقد نجم عن ذلك اتساع حجم الهجرات الداخلية وربط بعض الباحثين بين ارتفاع نسبة الإنجاب في الريف وقلتها في المدن. هـ - الدافع السياسي للحكومات : تعمل بعض الحكومات وفق خطة مدروسة على توجيه الهجرة نجو إقليم معين من خلال وضع برامج اقتصادية تطورية في هذا الإقليم أو ذاك، وقد نجح الاتحاد السوفيتي سابقا في تنظيم الهجرة إلى سيبيريا لتعميرها، في حين لم تنجح اندونيسيا في حمل بعض أبناء جزيرة جاوة على الهجرة إلى الجزر الأخرى، كما لم تنجح سوريا في إعادة تعمير محافظة القنيطرة بعد الهجرة منها بسبب تهديم المدينة واحتلال الجولان من قبل الإسرائيليين، رغم التشجيعات التي أعطيت للسكان كالقروض الفلاحية وغيرها، كما لم تنجح اليابان في حمل أبناء الجزر اليابانية للهجرة إلى جزيرة (هوكايدو)، أما بالنسبة لسياسة الحكومة الجزائرية فيما يتعلق بتشجيع الهجرة إلى الصحراء فقد نجحت إلى حد ما في هذا المسعى من خلال منح الأراضي عن طريق الامتياز للعديد من الشباب الراغب في الهجرة نجو الجنوب. الهجرة الخارجية (الدولية) : هي أن يعبر المهاجر أو جماعة من المهاجرين الحدود السياسية للوطن الأم باتجاه دولة أخرى، والهجرة الخارجية تتميز بطول المسافة التي يقطعها المهاجر. أما المصادر الإحصائية للهجرة الخارجية فهي القنصليات والسفارات الممثلة للدولة الأم لدى الدولة المستقبلة، وهذه الإحصائيات تتميز بالاختلافات وعدم الدقة، مما يستدعي في كثير من الأحيان أخذ أرقامها بشيء من الحذر والتبصر، وهناك مصدر آخر هام وهو الحصول على كشوفات المسافرين الذين سافروا بواسطة وسائل النقل المختلفة (برا وبحرا وجوا)، والهجرة الدولية تكون على نوعين :
|
أ – هجرة خارجية دائمة : وفي هذه الحالة فإن المهاجر ينفصل انفصالا تاما عن وطنه الأم، ويسعى جاهدا للتأقلم مع طبيعة وتقاليد وعادات البلد المستقبل حتى وإن استغرق بعض الوقت.
ب – هجرة خارجية مؤقتة : وتتمثل في الأشخاص المهاجرين الذين يسعون إلى كسب المال من أجل تحسين ظروف معيشتهم، وبالتالي فإن هجرتهم قد تكون قصيرة أو طويلة الأمد، ولكن عودتهم إلى البلد الأصلي واردة ما في ذلك شك، ومهما كان نوع الهجرة سواء كانت دائمة أو مؤقتة فإن هناك دوافع أدت إلى حدوثها. دوافع الهجرة الخارجية : الكثير من الباحثين يرجعون دوافع الهجرة إلى عدم رضا الأفراد عن أوضاعهم الاقتصادية، ولكن هناك دوافع نفسية أخرى كحب المغامرة والاضطلاع على العالم الآخر، كل هذه الدوافع تدفع الناس إلى الهجرة، وعموما فقد أمكن تلخيص هذه الدوافع في النقاط التالية : 1 – اختلاف التوازن الاقتصادي القائم : لقد كان للثورة الصناعية أثر بارز في هذا الاختلال، حيث أدت على هجرة الأوروبيين في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، لأن هؤلاء كانوا يعيشون على الموارد الزراعية البحتة، وبدخول هذه الثورة اتجهت الكثافة السكانية باتجاه مناطق التعدين والصناعة فكانت الهجرة من دول أخرى. 2 – تأثير قوي للطرد والجذب : تلعب قوى الطرد والجذب دورا في تشكيل نوع الهجرة وتحديد أحجامها واتجاه تياراتها، وتقف وراء هذه الأمور كلها دوافع اقتصادية وسياسية، فهجرة الأوروبيين والأفارقة والعرب باتجاه العالم الجديد تقف وراءها دوافع اقتصادية محضة، وعوامل الجذب تفوق بكثير عوامل الطرد وهناك أمثلة أخرى، فاكتشاف موارد جديدة يؤدي إلى جذب السكان أو هجرتهم إليها، كاكتشاف الذهب في غرب الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الحال بالنسبة لاكتشاف حقول النفط والبترول في الصحاري العربية، والذي أدى استقرار البدو وجذب العديد من اليد العاملة من مناطق أخرى، وعموما فإن حب المال والكسب حافز قوي للهجرة، كما أن هجرة الصينيين إلى جنوب شرقي آسيا تعود أساسا إلى العامل الاقتصادي، ولكن عوامل الطرد في هذه الحالة أقوى بكثير من عوامل الجذب بحكم الزيادة السكانية المفرطة والتي أدت إلى انخفاض مستوى المعيشة. 3 – الدوافع النفسية : هناك دوافع نفسية تقف وراء الكثير من الهجرات الجماعية والفردية كالبحث عن حرية التعبير وحرية المعتقد، علاوة عن الاضطهادات السياسية التي تمارس ضد بعض الأشخاص، فالظروف السياسية التي أعقبت الثورة البلشفية عام 1917 م أدت إلى فرار حوالي 18000.00 مليون وثمانمائة ألف روسي، أما في النصف الثاني من القرن العشرين فإن الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والمحاكمات التعسفية قد أفضت إلى نفي العديد من الفلسطينيين خارج فلسطين وعدم السماح لهم بالدخول، وقد أوضحت إحصائيات هذه السنة بأن حوالي مليوني فلسطيني يعيشون خارج الوطن الأم. الحجم الكلي للهجرة وصافي الهجرة : من أجل معرفة الحجم الكلي للهجرة وصافيها هناك ثلاثة مصادر أساسية لبيانات الهجرة وهي : 1 – التعداد، 2 – سجل السكان، 3 – المسح بالعينة (وقد سبق شرح هذا المصدر). ومن أجل معرفة الحجم الكلي للهجرة فلابد من معرفة عدد المهاجرين الداخلين إلى المنطقة وعدد الخارجين منها وعدد السكان الإجمالي لنفس المنطقة، وهذه العناصر الثلاثة لابد من توافرها من أجل معرفة معدل الهجرة الكلية والتي يمكن صياغتها كالتالي : معدل الهجرة الكلية = عدد المهاجرين إلى المنطقة + عدد المهاجرين من المنطقة × 100 جملة عدد سكان المنطقة أما إذا أردنا معرفة معدل المهاجرين الداخلين إلى المنطقة فقط أو ما نسميها بمعدل الهجرة الوافدة فيمكن صياغتها بالطريقة الآتية : عدد المهاجرين إلى المنطقة معدل الهجرة الوافدة = ــــــــــــــــــــــــــــ 100 x جملة عدد سكان المنطقة أما إذا أردنا معرفة معدل المهاجرين الخارجين من المنطقة فقط أو ما نسميها بمعدل الهجرة المغادرة فيمكن صياغتها بالطريقة الآتية : عدد المهاجرين من المنطقة معدل الهجرة المغادرة = ــــــــــــــــــــــــــ 100 x جملة عدد سكان المنطقة أما معدل صافي الهجرة فيمكن الوصول إليه عن طريق الصيغة الآتية : معدل صافي الهجرة = عدد المهاجرين إلى المنطقة - عدد المهاجرين من المنطقة × 100 جملة عدد سكان المنطقة بعد معرفة حجم الهجرة وصافيها لابد من التعرض إلى الطرق المتبعة في قياس الهجرة، وقد أجمع الباحثون على أن هناك طريقتين : أ – المقياس المبشر لإحصاء الهجرة : وهذا المقياس يرتكز على الأسئلة الموجودة في استمارة التعداد وتتلخص في الآتي : - ما هو أصلك الجغرافي (أين ولدت) ؟ - ما هي المدينة أو القرية أو الريف الذي كنت تسكنه قبل 10 سنوات. - ما هو تاريخ مجيئك إلى هذا المكان ؟ - أين كنت تسكن قبل مجيئك إلى هذا المكان. وبعد استخلاص النتائج من استمارات التعداد يمكن تصنيف السكان إلى قسمين المهاجرين وغير المهاجرين. فالمهاجرين هم أولائك الذين عُدُّو في مكان مختلف عن مكان ولادتهم. ب – المقياس غير المباشر : ويرتكز أساسا على ثلاث طرق : الطريقة الأولى : وهي حساب الفرق بين الزيادة الكلية للسكان والزيادة الطبيعية (وقد سبق شرحها)، وذلك بالاعتماد على مصدرين إحصائيين، الأول لابد من توفر تعدادين متتاليين بمعنى التعداد اللاحق – التعداد السابق = الزيادة الكلية. والإحصاءات الحيوية في نفس فترة التعدادين للحصول على الزيادة الطبيعية (المواليد – الوفيات)، وبالتالي تصل إلى الهجرة = الزيادة الكلية – الزيادة الطبيعية. ومن عيوب هذه الطريقة عدم دقة الإحصاءات الحيوية من الدول النامية. (1 (س2 – س1) – (م – و) س2 = س1 + م – و ± حيث : ص = الهجرة الصافية. س2 = عدد السكان في التعداد الثاني أو اللاحق. س1 = عدد السكان في التعداد الأول أو السابق. م = عدد المواليد بين التعدادين. و = عدد الوفيات بين التعدادين. الطريقة الثانية : وتعتمد على محل الميلاد والإقامة ومصدرها واحد وهو تعدادات السكان، وعن طريق الجداول الخاصة بمكان الميلاد، والجداول الخاصة بمكان الإقامة وإجراء المقارنة بينهما، فالذين عدوا مثلا في الولاية (أ) وليسوا من مواليدها يعتبرون مهاجرين وعلى العكس من ذلك يعتبر الذين عدوا في ولايات أخرى وكانوا من مواليد الولاية (أ) مهاجرين من هذه الأخيرة إلى الجهات التي عُدُّوا فيها، ولكن هذه الطريقة لا تخلو هي الأخرى من عيوب لأن إحصاءاتها لا تتضمن الوفيات من المهاجرين، كما أنه من الصعب معرفة عدد مرات الانتقال من مكان الإقامة الأصلي إلى المكان الآخر في الفترة ما بين التعدادين، كما أن إحصاءاتها لا تتضمن الهجرات العائدة، كما يتعذر معرفة زمن الهجرة بالتحديد، وعدم دقة بيانات محل الميلاد بسبب تغير الحدود الإدارية في كثير من الأحيان، ورغم هذه العيوب فإن بيانات محل الميلاد تعطينا فكرة لا بأس بها عن الاتجاهات الرئيسية لتيارات الهجرة الداخلية، وفي هذه الطريقة يمكن تطبيق معدل الهجرة الكلية والتي تم التطرق إليها آنفا. الطريقة الثالثة : طريقة نسبة البقاء : وهي من الطرق المعمول بها في الوقت الراهن، وفي هذه الطريقة نعتبر بأن كل فئة سكانية مجموعة قائمة بذاتها، وبذلك يمكن حساب عدد السكان الباقين على قيد الحياة في كل فئة من فئات السكان مع افتراض بقائهم في مكان إقامتهم، أي أنهم لم ينتقلوا إلى مكان آخر، وباستبعاد عدد الوفيات التي وقعت في كل فئة نحصل على حجم الفئة المتوقع في التعداد التالي، وأن الفرق بين هذا العدد المتوقع والعدد الفعلي لسكان منطقة معينة عن طريق التعداد يدل على حجم الهجرة الصافية بافتراض عدم وجود أخطاء في التعداد. مثال : إذا كانت الفترة التي تفصل بين تعدادين هي (ص) في السنين فإن فئة السكان التي عمرها (س) في التعداد الأول يصبح عمرها (س + ص) في التعداد الثاني، وبالتالي يصبح عدد السكان في التعداد الأخير أقل من عدد السكان في التعداد الأول لفقد جزء من السكان عن طريق الوفاة وبافتراض عدم وجود هجرة خارجية، وبالتالي يمكن كتابة المعادلة بالصيغة التالية : نسبة البقاء للفئة العمرية للأطفال (0 – 4 سنوات) = سكان الجزائر سنة 1998 م مواليد الجزائر بين 1982 – 1998 م مع الأخذ بنظر الاعتبار الفئة العمرية من (0 – 4) وطرحها من تعداد 1987 – 5 = 1982، وهكذا دواليك بالنسبة للفئات العمرية الباقية. التيارات الكبرى للهجرة الخارجية في العصر الحديث : ويمكن أن نحصر الهجرات الخارجية الرئيسية التي شهدها العالم في العصر الحديث فيما يلي : 1 – الهجرة الأوروبية. أ – فيما وراء البحار. يتبع
|
– الهجرات الإفريقية.
أ – الهجرات الأوروبية فيما وراء البحار : يعد تعمير الأوروبيين للقارات الأخرى أعظم الهجرات البشرية في التاريخ، فبعد اكتشاف العالم الجديد ومنذ بداية القرن السادس عشر ترك أكثر من 60 مليون أوروبي أوطانهم بل قارتهم، ليبحثوا عن وطن جديد يستقرون فيه، وقد استقر معظمهم في الأوطان الجديدة، وأصبحت ذريتهم تمثل أغلبية سكانه في بعض مناطق العالم تفوق أوروبا في مساحتها، وكان المغامرون الأوائل من الأسبان والبرتغاليين والهولنديين والإنجليز، وقدر عددهم باتجاه نصف الكرة الشمالي منذ مطلع القرن التاسع عشر نحو 75 مليونا، دخل منهم الولايات المتحدة الأمريكية نحو 30 مليونا واختصارا يمكن تقسيم حركة المهاجرين إلى الولايات المتحدة إلى خمس فترات متميزة. 1 – الفترة الأولى : وتشمل السنوات من بدء تأسيس المستوطنات الأولى إلى ظهور الدولة القومية في عام 1783 م. 2 – الفترة الثانية : وتبدأ من نهاية الفترة الأولى حتى حوالي عام 1830 م، وكان دخول البلاد فيها حرا. 3 – الفترة الثالثة : وكانت ما بين سنتي 1830 م و 1882 م وكانت فترة تنظيم الولاية. 4 – الفترة الرابعة : وقد بدأت بإصدار أول قانون قومي للوافدين في عام 1882 م، واستمرت حتى عام 1917 م، وكانت فترة تنظيم فدرالي على مستوى الدولة واختيار فردي، وبلغ عدد الذين دخلوا الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الفترة 42 مليون نسمة، وكانت أغلبيتهم من أوروبا وبنسبة %90. 5 – الفترة الخامسة : وهي المرحلة الحالية والتي بدأت في عام 1917 من وفيها أقر مجلسا النواب والشيوخ بأغلبية الثلثين تقييد حركة هجرة الوافدين من الأقطار الأخرى، وإذا ما أردنا تحليل هذه الهجرات يمكن الوقوف عند النقاط التالية،( أنظر الشكل رقم 15 ) . أ – الهجرة الأوروبية إلى العالم الجديد قبل سنة 1820 م لم تكن منظمة. ب – قدر (فرنشي) عدد المهاجرين البريطانيين على العالم الجديد بنصف مليون في القرن السابع عشر وبنحو مليون في القرن الثامن عشر، وألمانيا بنحو 2000 شخصا. جـ - بدأت أكبر الهجرات النازحة من أوروبا باتجاه العالم الجديد بعد سلسلة الحروب الأوروبية في أوائل القرن التاسع عشر التي نشرت الخراب في كثير من البلاد الأوروبية، وكانت هذه الهجرة في شكل ستة تيارات بين سنتي 1850 م وبعد الحرب العالمية الثانية، وأهمها تلك التي حدثت سنة 1913 م، حيث غادر القارة 1,5 مليون نسمة، أغلبهم من الإيطاليين والبريطانيين والأسبان والنمساويين. د – لقد خرج من شمال غرب أوروبا 25 مليون مهاجر يشكل البريطانيون 2/3 العدد ( أنظر الشكل رقم 16) ، واتجه %56 من هؤلاء المهاجرين صوب الولايات المتحدة الأمريكية و%15 صوب كندا و%5 إلى أستراليا و%5 إلى جنوب إفريقيا غير أن تيار الهجرة النازحة بدأ في النقصان بعد قيام الحرب العالمية الأولى، وفي فترة ما بين الحربين العالميتين لم تتغير نسب المهاجرين من كل دولة كما كانت عليه قبل الحرب العالمية الأولى. هـ - كادت الهجرة الأوروبية إلى ما وراء البحار أن تتوقف خلال الحرب العالمية الثانية، وقد نتج عن هذه الأخيرة ما يسمى بالهجرة القسرية، حيث هاجر ما بين سنتي (1946 – 1955 م) إلى ما وراء البحار 4,5 مليون ونصف مهاجر، منهم حوالي مليون مهاجر من المعسكر الشرقي، أما الباقي فمصدرهم أوروبا الغربية والجنوبية، وقد ساهمت بريطانيا وحدها بـ 860 ألف مهاجر ذهب معظمهم إلى سائر أجزاء الكومنولث البريطاني، وهذه الهجرة لا تتطلب اكتساب جنسية جديدة (انظر الشكل رقم 17 )، والخلاصة ففي القرون الأولى كانت الاضطهادات السياسية والدينية هي السبب الرئيسي في الهجرة، أما في القرنين التاسع عشر والعشرين فقد كان الاقتصاد هو العامل الرئيسي في الهجرة، وقد ميز (كيرك) بين تيارين من الهجرات تتمثل أساسا في مجموعتين من الدول. - المجموعة الأولى : وتتمثل في بريطانيا وألمانيا واسكندينافيا، وقد سيطرت على التيار الأول من الهجرة، وقد سماها (الهجرات المبكرة) وتتصدرها بريطانيا بـ 20 مليون مهاجر أي ثلث مجموع المهاجرين الأوروبيين فيما وراء البحار. - المجموعة الثانية : وتتمثل في فرنسا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، وسميت بالهجرة (المتأخرة) وجاءت بعد الحرب العالمية الثانية، وتتصدرها إيطاليا بـ 10 ملايين مهاجر. 2 – الهجرات الآسيوية : في الواقع لم تسهم قارة آسيا رغم ضخامة عدد سكانها في الهجرة الدولية إلى القارات الأخرى إلا بأعداد ضئيلة، بحيث لا يتجاوز العدد 20 مليون شخصا، وكانت هذه الهجرات في منتصف القرن التاسع عشر، وأهم الدول المهاجر منها هي : الصين والهند والباكستان واليابان وكوريا. أما الدول المستقبلة فهي الملايو، بورما، سيلان، فيتنام، اللاووس، كمبوديا، تايلاند، اندونيسيا، ولم تسهم الصين رم ثقلها السكاني حتى عام 1953 م، إلا بـ 11,7 مليون نسمة ومرد ذلك إلى كون الشعب الصيني شعب زراعي مرتبط بأرضه أشد الارتباط، أما من نزح منهم إلى أمريكا فلا يتجاوز ربع مليون مهاجر، وعلى أية حال ففي عام 1963 م قدر عدد الصينيين الذين يعيشون في خارج بلدهم بـ 20 مليون شخصا. أما الهنود : فهي اقل هجرة من الصين إذا ما قورن بعدد سكان الهند، حيث قدر عددهم في العالم الجديد بـ 400 ألف مهاجر، وبين سنتي 1834 م و1937 م قدر عدد المهاجرين الهنود بـ 6 ملايين شخصا. أما اليابانيون : فقد عرفوا تيارين للهجرة، فالتيار الأول توجه إلى دول آسيا أي إلى نفس القارة وقدر عددهم بـ 1,8 مليون مهاجر، أما التيار الثاني فقد توجه خارج آسيا وقدر عدده بـ 1,2 مليون مهاجر نصفهم في القارة الأمريكية، أما بالنسبة للقارة الآسيوية كقارة مستقبلة للمهاجرين فليست هناك هجرة تذكر سوى هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة والتي بدأت في شكل موجات أو مراحل يمكن تلخيصها في الآتي : - المرحلة الأولى : من سنة 1882 – 1903 م وبلغ عدد اليهود المهاجرين إلى فلسطين 25 ألف شخص أغلبهم من روسيا. - المرحلة الثانية : من سنة 1904 – 1913 م وبلغ عددهم 40 ألف مهاجر وأغلبهم من روسيا أيضا. - المرحلة الثالثة : من سنة 1919 – 1923 م وبلغ عددهم 25 ألف مهاجر جاؤوا من أوروبا الشرقية. - المرحلة الرابعة : وقد بدأت مع الانتداب البريطاني أي من سنة 1924 – 1931 م وهي من أخطر المراحل، وتعتبر مقدمة لقيام دويلة إسرائيل، وقد بلغ عددهم 81 ألف مهاجرا أسسوا أكثر من 100 مستوطنة زراعية. - المرحلة الخامسة : وتمتد ما بين سنتي 1932 – 1939 م، وقد بلغ عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين 225 ألف مهاجرا وكلهم جاؤوا من ألمانيا نتيجة للحركة النازية. - المرحلة السادسة : بعد ركود الهجرة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية قامت دويلة إسرائيل في سنة 1948 م، فازداد شراهة اليهود للهجرة باتجاه فلسطين وبلغت 120 ألف مهاجرا، وفي سنة 1949 م بلغ عددهم 240 ألف مهاجر، وفي سنة 1950 م بلغ العدد 175 ألف مهاجرا وكانت بولندا إحدى المصادر الهامة للمهاجرين اليهود، حيث أسهمت بربع مليون مهاجر تليها رومانيا ثم العراق ثم اليمن، هذه هي أهم التيارات التي استقطبتها قارة آسيا وتحديدا فلسطين. 3 - الهجرات الإفريقية : ويمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع : 1 – هجرات من القارة باتجاه العالم الجديد : وهي هجرة قسرية قام بها تجار الرقيق، وهم أمريكيون في الأصل وعلى مد أربعة قرون (بين القرن السادس عشر والقرن التاسع عشر)، حيث قاموا بشراء (20 مليون شخصا) نقلوا عبر ميناء السنغال الشهير للعمل في المزارع الأمريكية، والأكيد أن هذا العدد لم يصل كله حيث توفي في الطريق وعبر المحيط الأطلسي (5 ملايين شخصا بسبب الأمراض والمعاملة القاسية). 2 – الهجرات باتجاه إفريقيا : وتشمل : أ – العرب : وقد اتجهوا إلى إفريقيا في موجتين هامتين الأولى وكان مصدرها الجزيرة العربية باتجاه السواحل الشرقية لإفريقيا وخاصة كينيا وزنجبار، حيث أقام العرب علاقات تجارية هامة، وازدادت هذه العلاقة نتيجة لاكتشاف العرب للرياح التجارية التي ساعدت السفن الشراعية في السير باتجاه الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث كانت تأتي محملة بالبضائع العربية والهندية ثم تعود بعد تغير الرياح التجارية باتجاه المشرق العربي محملة بالبضائع الإفريقية وباتجاه الهند أيضا قاطعة مسافة قدرها ألفي كلم عبر المحيط الهندي، ونتيجة لهذه العلاقات التجارية فقد قدم عدد من عرب عمان في القرن السابع الميلادي. أما الموجة الثانية فقد بدأت في مطلع القرن العشرين، وكانت مصادرها سوريا ولبنان باتجاه ساحل إفريقيا الغربي مثل غانا وسيراليون ونيجيريا. يتبع
|
ب - الهنود : جاؤوا إلى جنوب القارة بواسطة البريطانيين بعد أن جلبوهم معهم كعمال زراعيين وبقدر عددهم بـ 360 ألف نسمة، وفي أوغندا وكينيا وتنجانيقا بـ 170 ألف نسمة.
جـ - الأوروبيون : يقدر عددهم بالقارة الإفريقية بحوالي خمس ملايين يتركز نصفه جنوب القارة ومليونان في شمال غربها، ونصف مليون في مناطق متفرقة من القارة. 3 – هجرة الأيدي العاملة داخل إفريقيا : ( أنظر الشكل رقم 18 ) يبدو أن البيعة النباتية والزراعية لإفريقيا تفرض على سكانها الانتقال من منطقة إلى أخرى ولمسافات طويلة، فهجرة العمال إلى إقليم كانتكا في الكونغو وإقليم بوتشي في نيجيريا الغنيان بالنحاس وكذلك مزارع الكاكاو وفي غانا وأرض الجزيرة بالسودان من أجل العمل في القطن. كما يتميز غرب إفريقيا كالسنغال حتى الكامرون بحركات موسمية معتبرة بحثا عن العمل، كما يهاجر الذكور الذين بلغوا سن العمل من مالي وبوركينافاسو والنيجر من الأجزاء الشمالية بالكوت ديفوار وغانا ونيجيريا في الاتجاه الجنوبي خلال موسم الجفاف بحثا عن العمل في المناطق الريفية والتجمعات الحضرية، وتشمل مناطق الجذب هذه المحاصيل الزراعية والمراكز التجارية والإدارية ومدن الموانئ، وتدوم فترة العمل الموسمي من شهرين إلى خمس أشهر، وبالإضافة إلى هذه الحركة الموسمية هناك هجرة قصيرة الأمد للعمل بالمناجم والمدن الزراعية تصل إلى عامين، وتشمل مناطق شرق ووسط وجنوب وسط إفريقيا بهذا النوع من الهجرة أكثر من الهجرة الموسمية، ومع ذلك يبقى انتقال المهاجرين من شرق إفريقيا إلى زنجبار للعمل في حصاد القرنفل من أبرز التنقلات الموسمية. 4 – الهجرة السرية في إفريقيا باتجاه أوروبا : تعتبر الهجرة السرية من أبرز السمات التي اتسمت بها إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، حيث يقدم الشباب من دول إفريقيا الوسطى والغربية عبر الحدود الجزائرية الغربية، ثم إلى المملكة المغربية وعن طريق مليلة وطنجة ينتقلون بواسطة قوارب الصيد إلى ملاقا بإسبانيا وهي أقرب نقطة، وخلال سنة 2006 قامت الشرطة المغربية بعد أن شنت حملة واسعة النطاق وقتلت العديد منهم، وفي هذا الصدد تلقت المملكة المغربية احتجاجا من قبل الهيئات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، هذا علاوة على الوفيات التي سجلت في صفوف هؤلاء المهاجرين في عرض البحر بسبب سوء الأحوال الجوية وعدم صلاحية قوارب الصيد للسفر على مسافات بعيدة. وقد وجهت السلطات المغربية اتهاما للجزائر على أنها تسمح لهؤلاء المهاجرين بالمرور عبر أراضيها، إلا أن الجزائر عملت دوما على منع هؤلاء وبالطرق الإنسانية، وقد جمعت منهم في سنة 2006م 500 عنصرا حاولوا التسلل عبر الحدود الغربية، وبعد الاتصالات مع سفارات بلدانهم أعيدوا إلى مواطنهم الأصلية دون أن يتعرضوا إلى أي مكروه، وفي شهر جوان من سنة 2006 قامت اسبانيا بمنح أسلحة متطورة للجيش الملكي المغربي بحجة محاربة الهجرة السرية على الحدود الجزائرية، وهي أمور جيوسياسية أكثير منها هجرة سرية. الهجرة الداخلية في الجزائر ونتائجها المختلفة الفترة الأولى بين سنتي 1962 – 1966 م : سيتم التركيز على هذه الفترة القصيرة باعتبارها نقطة تحول كبرى في تاريخ الجزائر الحديث، لنرى حجم حركة السكان الداخلية خاصة وأن المعطيات الإحصائية متوفرة عن الهجرة. الحجم الكلي للهجرة أو إجمالي الهجرة : يوضح إجمالي الهجرة مدى كثافة حركة السكان خلال فترة معينة بمنطقة معينة، وقد سبق توضيح هذه النقطة، والملاحظ من خلال البيانات الإحصائية هو ارتفاع إجمالي للهجرة بجميع الولايات، فهو يتراوح بين (40 و ‰130)، غير أن الجزائر العاصمة قد استأثرت بالحد الأعلى، أما الحد الأدنى فتشترك فيه عدة ولايات وهي الشلف، مستغانم، تيارت، باتنة، عنابة، قسنطينة، الواحات، الساورة، وقد تساوت حركة السكان الداخلية خلال هذه الفترة، بينما بلغ المعدل في سعيدة ووهران (‰80)، وفي تلمسان والمدية (70 و ‰60) على التوالي و(‰100) بولاية تيزي وزو. 1 – الهجرة الوافدة والمغادرة حسب الولايات : نظرا لاختلاف ظروف الطرد والجدب السكاني من منطقة إلى أخرى، فقد أدى ذلك إلى اختلاف كثافة الهجرة الداخلية بين الولايات، وقد تراوح بين (10 و ‰126) في الألف، أو بين (1 و%13) كحد أدنى، وقد تمثل هذا الأخير بأقصى غرب البلاد وبالضبط بولاية تلمسان، والحد الأقصى بولاية الجزائر، وقد استحوذت هذه الأخيرة على %48 من مجموع حركة السكان الوافدة، كما ترتفع في ولايات أخرى كوهران (‰65) في الألف وفي سعيدة (‰25) في الألف، وفي باتنة وتيزي وزو (‰20) في الألف لكل منهما، وقد بلغت (‰17) في الألف في كل من عنابة والساورة، أما بقية الولايات فإن معدلات الهجرة الوافدة بها تقل عن (‰15) في الألف أو (%15)، والخلاصة التي آلت إليها الهجرة الكلية والهجرة الوافدة يتبين بأن الهجرة المغادرة تستحوذ على كبريات النسب من حركة السكن الداخلية في جل الولايات، إذ أن أغلب الولايات بها (%75) من الهجرة المغادرة، والنسبة المتبقية وافدة، والنتيجة هي أن عوامل الطرد السكاني أكبر من عوامل الجذب ماعدا الجزائر العاصمة ووهران مع وجود تباين بينهما، إذ يتراوح المعدل بين (20 و ‰70) في الألف. صافي الهجرة الداخلية بين 1962 – 1966 م ويعد صافي الهجرة في المؤشرات الدالة على الولايات الجاذبة والولايات الطاردة لجزء من السكان خلال هذه المرحلة، وإذا كان صافي الهجرة هو الفرق بين السكان الوافدين والسكان المغادرين مقسوما على إجمالي السكان مضروبا في 1000 على مستوى كل ولاية، (لقد سبق شرح صافي الهجرة) فقد حصلنا على نوعين من الولايات . 1 – ولايات بها صافي الهجرة موجبا أي أنها جاذبة للسكان من مختلف الولايات الأخرى، وتتلخص في ولايتين فقط هم الجزائر بـ (‰102) في الألف أي أنه في كل ألف من السكان يوجد 102 شخصا دخلوا إلى الجزائر العاصمة أي مهاجرين، وفي وهران بلغ صافي الهجرة (‰46) في الألف. 2 – ولايات بها صافي الهجرة سالبا أي أنها فاقدة لجزء من سكانها، وتشمل باقي ولايات الوطن. ففي ولاية تيزي وزو بلغ صافي الهجرة (‰50) في الألف، وفي تلمسان (‰43) في الألف والمدية (‰31) في الألف وسطيف وسعيدة (‰27) في الألف، لكل منهما وقسنطينة والشلف (‰17) في الألف لكل منهما. وهناك ولايات طاردة لجزء من سكانها ولكنها بنسب أقل من سابقتها، وهي عنابة والواحات والساورة والأوراس (باتنة)، حيث تراوح معدل صافي الهجرة بها ما بين (3 و (‰5 في الألف، ومادام هناك تفاوت في معدلات صافي الهجرة بالنسبة للولايات الطاردة لجزء من سكانها فقد صنفت إلى الفئات التالية : أ – ولايات طاردة لجزء من سكانها بمعدل صافي الهجرة يقل عن (‰15) في الألف وهي عنابة والواحات والساورة وتيارت ومستغانم والأوراس (باتنة). ب – ولايات متوسطة الطرد لجزء من سكانها بمعدل صافي الهجرة يتراوح بين (15 و (‰30 في الألف وهي الأصنام (الشلف) وقسنطينة وسعيدة وسطيف. جـ - ولايات عالية الطرد لجزء من سكانها بمعدل صافي الهجرة يتراوح بين (30 و (‰50 في الألف وهي تيزي وزو والمدية وتلمسان(1). من خلال هذا التصنيف يتضح أن ولايات طرد السكان تفوق ولايات الجذب، وهذا الأخير يتحكم فيه عامل المسافة، مما أدى إلى تباين تيارات الهجرة. - قلة التيار المتجه مثلا من سعيدة إلى الجزائر العاصمة بحكم بعد المسافة، ونظرا لقربها من وهران فقد استطاعت هذه الأخيرة أن تجذب إليها عددا كبيرا من مهاجري مدينة سعيدة. ونفس الكلام ينطبق عن الساورة وتيارت. - يزداد تيار الهجرة المتجه من الولايات المحيطة بالعاصمة باتجاه هذه الأخيرة بأعداد كبيرة جدا كما هو الشأن بالنسبة لولاية تيزي وزو. - انخفاض تيارات الهجرة المتجهة من الولايات الشرقية والوسطى باتجاه مدينة وهران. والخلاصة فإن الهجرة الداخلية بالجزائر خلال هذه المرحلة والتي جاءت غداة الاستقلال مباشرة تعبر تعبيرا صادقا عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها الجزائر وقتذاك، فالوضع السياسي الذي تميز بترتيب البيت من الداخل أولا، والأوضاع الاقتصادية المزرية بعد رحيل الفرنسيين وتركهم لعدد كبير من المؤسسات، التي أصبحت مشلولة بكم افتقارها لليد العملة المؤهلة والإطارات المديرة والمسيرة مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة، وبالتالي فلم تجد نسبة من السكان سوى الهجرة باتجاه المدينتين الكبيرتين (الجزائر ووهران) بحثا عن فرص العمل أو الهجرة باتجاه فرنسا. الفترة الثانية بين سنتي 1987 – 1998 م وتمثل هذه الفترة ما بين التعدادين وقد اتخذنا ولاية قسنطينة كنموذج عن الهجرة الداخلية في الجزائر، باعتبار مدينة قسنطينة من المدن التي عرفت نزوحا ريفيا هائلا، حتى وإن كانت من الولايات الطاردة بنسبة من سكانها حسب النتائج المتوصل إليها خلال الفترة السابقة (1962 – 1966م)، وهذا الطرد لنسبة من السكان ناجم عن اتساع رقعتها الإدارية وقتذاك لأنها كانت من بين الولايات الأكثر سكانا، أما قسنطينة كمدينة فقد عرفت هجرة أو نزوحا باتجاهها، كما أسلفنا بسبب التركز الصناعي الذي يقدم أجورا مغرية وتعدد الوظائف والخدمات على اختلاف أنواعها، وكان من نتائج هذا التركز أنه قامت مجموعة كبيرة من الأحياء القصديرية التي شوهت منظرها العمراني وأدت إلى خلق مشاكل اجتماعية ظلت المدينة تعاني منها، إضافة إلى هذا وذاك فإن قسنطينة وبحكم موقعها الجغرافي المتميز بشدة الانحدارات وبعض المناطق المعرضة للفيضانات والانزلاقات، زيادة على نواتها القديمة (المدينة القديمة) التي يعود تاريخها إلى العهد التركي والتي شرعت في الانهيارات منذ الستينيات بحكم قدم مساكنها، أصبحت هذه المدينة طاردة لنسبة من سكانها باتجاه توابعها أي المدن المحيطة بها والواقعة ضمن حدودها الولائية بسبب ضيق مجالها التوسعي، وعدم صلاحيته في كثير من الأحيان بسبب الانزلاقات التي أشرنا إليها سابقا، ومن أجل الوقوف على الهجرة الداخلية كميا، فقد قمنا بحساب صافي الهجرة الكلية(1) على مستوى كل بلدية من بلديات الولاية والبالغ عددها اثنا عشر بلدية، وذلك باستخراج الوافدين من مختلف ولايات الوطن باتجاه كل بلدية والمغادرون من كل بلدية باتجاه مختلف ولايات الوطن، والناتج مقسوما على عدد سكان البلدية مضروبا بألف، وبعد استخراج معدل صافي الهجرة الكلية فلابد من استخراج معدل صافي الهجرة السنوية(1) على مستوى كل بلدية من بلديات الولاية، ثم نقوم بجمع المعدلات السنوية لصافي الهجرة على مستوى (12 بلدية) وقسمتها على 12 من أجل استخراج المتوسط الحسابي(2) للولاية، وبعد ذلك القيام برسم الأعمدة البيانية (أنظر الشكل رقم 19 ) و(الجدول )، والنتيجة هو ظهور بلديات تحت المتوسط الحسابي للولاية وهي طاردة وبلديات فوق المتوسط الحسابي للولاية وهي جاذبة، ومن هنا يمكن استنتاج ما يلي : - هنا بلديات طاردة لجزء من سكانها وهي بلدية قسنطينة، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى ترحيل عدد كبير من سكان الأكواخ القصديرية وسكان المناطق المعرضة للانزلاقات، وكذلك سكان المدينة القديمة وإسكانهم بالمدن التابعة لمدينة قسنطينة. يتبع
|
وكذلك بلدية زيغود يوسف وبلدية مسعود بوجريو (عين الكرمة سابقا) وبلدية ابن زياد، هذه البلديات الثلاث الأخيرة تعد طاردة لنسبة من سكانها باتجاه الولايات الأخرى أو لبعض البلديات الواقعة ضمن حدود ولاياتها.
- هناك بلديات جاذبة للسكان من ولايات الوطن أو من بعض البلديات الواقعة ضمن حدودها الولائية، وهي تصنف إلى ثلاثة أصناف : الصنف الأول : بلديات قوية الجاذبية : وهي عين سمارة، وابن باديس، أولاد رحمون، وتعزى الأولى إلى كونها استقبلت نسبة من سكان مدينة قسنطينة، أما الثانية والثالثة فقد استقبلتا نسبا معتبرة من مختلف ولايات الوطن. الصنف الثاني : بلديات متوسطة الجاذبية : وهي حامة بوزيان وديدوش مراد والخروب، وقد استقبلت نسبا معتبرة من سكان مدينة قسنطينة للأسباب التي ذكرناها آنفا أو بعبارة أخرى فهي مدن تابعة لمدينة قسنطينة خصصت ومنذ سنة 1977 م لاستيعاب نمو المدينة الكبيرة قسنطينة. الصنف الثالث : بلديات ضعيفة الجاذبية : وهي بلدتي عين عبيد وبني حميدان، وقد استقطبت كل واحدة منهما نسبة ضئيلة من السكان من مختلف ولايات القطر للعمل أو الاستثمار في المجال الزراعي على أساس أن هاتين البلديتين زراعيتين. - نتائج الهجرة الداخلية بالجزائر : من النتائج التي أسفرت عنها الهجرة الداخلية : 1 – تضخم المدن الكبيرة والمتوسطة وحتى الصغيرة بسبب النزوح الريفي. 2 – قيام أحزمة وأحياء وفي بعض الأحيان مدن صغيرة من الأكواخ القصديرية. 3 – استفحال أزمة السكن بشكل يدعو للقلق. 4 – بروز مظاهر وسلوكات اجتماعية داخل مدن القصدير أقل ما يقال عنها أنها غير لائقة. 5 – الالتهام اللامحدود للأراضي الزراعية المحيطة بالتجمعات الحضرية. 6 – تفريغ الريف من السكان والقضاء على مقومات العالم الريفي. 7 – تقهقر المجال الفلاحي وبالتالي الإنتاج الزراعي بشكل عام. السياسة المنتهجة حاليا للقضاء على مظاهر الفوضى 1 – القضاء بشكل نهائي على أحياء القصدير بمختلف التجمعات الحضرية الجزائرية من خلال قيام مشاريع سكنية طموحة اجتماعية وتساهمية، وحتى عن طريق البيع بالإيجار. 2 – إعادة الاعتبار للعالم الريفي من خلال إنشاء وزارة منتدبة تسمى (وزارة التنمية الريفية). 3 – تثبيت السكان داخل أريافهم من خلال تجهيز العالم الريفي بمخلف التجهيزات والخدمات التعليمية والصحية وغيرها. 4 – منح قروض للفلاحين بالأرياف بغرض إنشاء مشاريع جوارية هدفها تشجيع العالم الريفي على الإنتاج الفلاحي. 5 – النهوض بالصناعات التقليدية ومنح قروض هامة لتشجيعها بهدف خلق مناصب شغل جديدة. 6 – تشجيع الشباب على الاستثمار الفلاحي من خلال منح الأرض عن طريق الامتياز خاصة بالمناطق الجنوبية. 7 – منح قروض للشباب عن طريق الوكالة الوطنية للشباب بهدف إنشاء مؤسسات إنتاجية صغيرة، وتشجيعهم عن طريق الإعفاء الجبائي في البداية. 8 – قامت كل بلدية من بلديات القطر ببناء 100 ملا تجاريا تسلم للشباب العاطل عن العمل وخاصة المتخرجين من الجامعات. كل هذه الحلول من شأنها أن تضع حدا للتدهور الاقتصادي والاجتماعي، وأن تعمل على إعادة التوازن السكاني بين الأرياف والمدن، وأن تسهم في خلق مناصب شغل جديدة تؤدي في نهاية المطاف إلى امتصاص البطالة وتحقيق الاكتفاء الذاتي خاصة في مجال الغذاء. هجرة الجزائريين باتجاه المشرق العربي وأوروبا 1 – هجرة الجزائريين باتجاه المشرق العربي : من الصعب تحديد تاريخ معين لهجرة الجزائريين للمشرق العربي، غير أن بعض المصادر التاريخية تشير إلى بعض الحجاج الذين استقروا بالحجاز ولم يكن هدفهم هو الهجرة من أجل المال، بل أن الهدف أسمى وأنبل وهو الاستقرار في بلد الرسول –صلى الله عليه وسلم-، حيث مهبط الوحي وموطن الرسول الأعظم، كما استقر عدد منهم في بيت المقدس بفلسطين وهناك حارة تسمى بحارة المغاربة وهي مجاورة للمسجد الأقصى. وهناك هجرة جماعية رافقت الأمير عبد القادر باتجاه المشرق العربي، وقبل هذا فقد استقر الأمير بتركيا وبالضبط في مدينة بورصا التي درس بأحد مساجدها لمدة ثلاث سنوات بداية من سنة 1852 م، ومما لاشك فيه فإن بعض العائلات استقرت بمدينة بورصا التركية، إلا أن الأغلبية سافرت معه إلى الشام واستقرت بدمشق، وتشير الكثير من المصادر التاريخية إلى وجود جالية جزائرية معتبرة بأرض الشام، إلا أن هذه المصادر لم تفدنا بعدد مضبوط، وفي بداية القرن العشرين وحتى الآن توجهت أعداد من الطلبة الجزائريين للدراسة بجامعة الأزهر الشريف، وقد استقر عدد كبير منهم بمصر، ويصعب أيضا تحديد عدد هؤلاء المثقفين الذين استقروا بأرض الكِنانة(1)، وفي الوقت الراهن هاجر الكثير من الأساتذة والمهندسين للتدريس بالجامعات والعمل في الحقول البترولية بدول الخليج العربي، واستقطبت هذه الأخيرة أيضا عددا من المختصين في الإعلام والصحافة والرياضة بمختلف اختصاصاتها. هجرة الجزائريين إلى أوروبا إن هجرة الجزائريين إلى أوروبا وتحديدا فرنسا قد بدأت في وقت مبكر، ويصعب تحديد سنة معينة كبداية للهجرة باتجاه هذا البلد الأوروبي، ومن المؤكد حسب المؤرخين أنها بدأت قبل سنة 1874 م، وهي السنة التي صدر فيها مرسوما يقيد الهجرة إلى فرنسا بالحصول على إذن بالسفر، وكانت طليعة المهاجرين الأوائل هم الرعاة الذين رافقوا أنعام مستخدميهم المعمرين إلى مدينة مرسيليا، والتجار المتجولون بالسجاجيد والتحف الجزائرية، والخدم لدى الخواص من الفرنسيين أيضا. والأكيد أن التحقيق الذي أجرته لجنة كونتها الولاية العامة للجزائر سنة 1912 م حول المهاجرين الأوائل قد أوضح كيف تحول هؤلاء من عملهم الأصلي إلى عمال بالمصانع الفرنسية، وقد حدَّد هذا التحقيق عددهم وأماكن عملهم. عدد العمال المناطق نوع العمل 2000 1500 بين 700 - 800 مرسيليا بادي كاليه باريس المصابن، المصافي، المرافئ مناجم، مصانع تعدينية مصانع السكر، شركات النقل، ورشات المصدر : عبد الحميد زوزو، الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين (1919 – 1939 م)، ش. و. ك الجزائر 1983 من ص 13. وقد قدم أحد النواب الفرنسيين شكوى حول الأوضاع المزرية التي يعيشها المهاجرون في منطقة بادي كاليه، فأرسلت الولاية العامة لجنة أخرى سنة 1914 م للتأكد من صحة الشكوى، وفي الأخير أوصت اللجنة بتشجيع الجزائريين على الهجرة لأن أرباب العمل الفرنسيين يرون في هذه الهجرة قوة عمل احتياطية تستخدم عند الإضرابات، لأن اليد العاملة الجزائرية ليست في مستوى اليد العاملة الفرنسية من حيث المؤهلات العملية، وعلى أي حال وعملا بتوصيات اللجنة فقد ألغي الوالي العام مرسوم 16 ماي 1974 م المقيد للهجرة بقرار أصدره في 18 جوان 1913 م، وظل الأمر كذلك إلى أن تأكد القرار عشية الحرب العالمية الأولى بقانون 15 جويلية 1914 م. - هجرة الجزائريين خلال الحرب العالمية الأولى : لقد كان للحرب العالمية الأولى دورا كبيرا في فتح باب الهجرة أمام الجزائريين وذلك لعدة أسباب: أولا : صدور قانون 1914 م الذي شجع الهجرة إلى فرنسا. ثانيا : الإشراف الفرنسي على تنظيم الهجرة وذلك بفتح مصلحة خاصة بهذا الشأن سميت (عمال المستعمرات) والتي كانت تشرف عليها وزارة الحربية الفرنسية، ومهمة هذه المصلحة تسجل العمال ونقلهم إلى فرنسا ثم توزيعهم هناك. ثالثا : تجنيد الجزائريين بوحدات الجيش الفرنسي قبل مرحلة الخدمة العسكرية، وشارك عدد كبير منهم في الحرب العالمية الأولى، كما جندت فرنسا عنوة 17000 جزائري، وبذلك ازدادت الهجرة الجزائرية باتجاه فرنسا بشكل ملحوظ كما يبرز الجدول التالي : السنة الذاهبون إلى فرنسا العائدون إلى الجزائر الباقي 1914 7444 6000 1444 1915 20092 4970 15122 1916 30755 9044 21711 1917 34985 18849 1636 1918 23340 20489 2851 المصدر : عبد الحميد زوزو، مصدر سابق والملاحظ من هذا الجدول بأن عدد المهاجرين قد زاد وفي نهاية الحرب العالمية الأولى تبين بأن العدد الكلي للمهاجرين قد بلغ 270000 ألف مهاجر منهم 120000 كانوا يعملون في التجهيزات العسكرية ومعامل الذخيرة، وفي المواصلات والمناجم وفي حفر الخنادق بجبهات القتال، وقد كانت الهجرة أثناء الحرب العالمية الأولى عنوة، كما تجدر الإشارة بأن عددا كبيرا من الجزائريين قد مات أثناء الحرب العالمية الأولى، ومن بقي بفرنسا فقد تعرف على حياة جديدة ومجتمع جديد وتعلموا كيف يدافعون عن حقوقهم من خلال انخراطهم في النقابات الفرنسية، كما تعلموا حرية الرأي، والكثير من الاتجاهات السياسية في جو من الحرية الكاملة المفقودة في بلادهم، واستمرت الهجرة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، وازدادت أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى تجنيد 80000 جزائري شاركوا في هذه الحرب الكونية عنوة، وقد توفي الكثير منهم أثناءها أيضا. ووضعت الحرب أوزارها واستمرت الهجرة إلى فرنسا، ولكن بأعداد قليلة جدا، ثم جاءت الثورة التحريرية فتوقفت هذه الهجرة باستثناء المجندين في إطار الخدمة العسكرية الفرنسية عنوة، وغداة الاستقلال مباشرة انطلقت من جديد هجرة الجزائريين باتجاه فرنسا بشكل فضيع، نظرا للأوضاع الاقتصادية التي عاشتها الجزائر خلال هذه الفترة، إلى أن توقفت في السبعينيات بقرارات فرنسية، وحسب الدلائل الإحصائية، فقد بلغ عدد المهاجرين إلى فرنسا في الوقت الحالي أربع ملايين جزائري، منهم من يقيم بعائلته هناك وبشكل دائم، ومنهم من يقيم بشكل فردي، والأكيد أن عددا كبيرا منهم عاد بعد الحصول على التقاعد. وقد كانت الهجرة الجزائرية سببا في الكثير من الخلافات السياسية بين الجزائر وفرنسا خاصة في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، والكثير منهم عاد إلى الجزائر في عهده والتحق بالعمل داخل المؤسسات الصناعية الجزائرية تحت (عنوان عودة المهاجرين) وهو القرار الذي أصدره بومدين وقتذاك، وانتهى مفعول هذا القرار بانتهاء صاحبه. يتبع
|
هجرة العقول الجزائرية والعربية نحو الخارج
إن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها العالم العربي حاليا قد أدت في كثير من الأحيان إلى هجرة العقول العربية نحو الخارج، وبالضبط نحو أوروبا وأمريكا. أ – هجرة العقول الجزائرية : ربما تعد العقول الجزائرية من أكثر العقول العربية هجرانا بعد مصر نحو الخارج بحكم تكوينها في العديد من الدول الغربية كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وبالنظر إلى تحكم هذه العقول في اللغات كالفرنسية والإنجليزية وحتى الألمانية والإيطالية والإسبانية، وبالنظر إلى تمكنها من المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء والعلوم الصيدلانية والطب والهندسة وغيرها، فقد بات استغلالها واضح من قبل الكثير من الدول الأوروبية التي تتميز بجامعاتها ومخابرها البحثية المتطورة، إضافة إلى كون هذه الدول تقدم أجورًا مغرية، زيادة على المكانة الاجتماعية التي يحظى بها العلماء في هذه البلدان، لقد أصبحت هجرة العقول من المسلمات، ومن التصريحات التي أدت بها بعض الدوائر الرسمية في الدولة الجزائرية ثبت بأن هناك 2000 عالم في مختلف الاختصاصات التي ذكرناها، يعملون في العديد من الدول السالفة الذكر وهو رقم قابل للزيادة في كل سنة. إن هذه الهجرة المتتالية والتسرب الكبير لهذه العقول والإطارات العلمية قد أضحت مقلقة بالنسبة للدولة والشعب على حد سواء، ولا أدل على ذلك من أن مسؤول الصحة بالولايات المتحدة الأمريكية هو جزائري الأصل. ب – هجرة العقول العربية إلى الخارج : ما يقال عن العقول الجزائرية ينطبق عن العقول العربية، حيث عرفت العديد من الدول العربية تسربا كبيرا لعلمائها وباحثيها باتجاه الدول الأوروبية السالفة الذكر، ويمكننا أن نسوق على سبيل المثال لا الحصر العالم المصري الكبير (فاروق الباز) الذي كان فيما مضى أحد العلماء البارزين في علم الجيولوجيا بقاعدة (النازا) بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان مختصا في دراسة (صخور القمر)، كان يلقب بالملك لأنه كان ملكا بالفعل، فهو الذي وضع الأسس العلمية لـ(أبوللو) التي حطت على سطح القمر، ولأول مرة حيث وطأت أقدام الإنسان سطحه وكان (أمسترونغ) الأمريكي أول النازلين على سطح القمر وكان ذلك سنة 1969 م. لم يكن فاروق الباز وحده وإنما كان هناك عدد كبير من العلماء العرب المهاجرين باتجاه أوروبا، ولكننا نفتقر إلى عدد محدد رقميا بسبب قلة الاهتمام بهؤلاء العلماء. حوصلة النتائج الإيجابية والسلبية للهجرة مما لاشك فإن للهجرة جوانب إيجابية عديدة، وخير مثال على ذلك قيام دولة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أقوى دولة في العالم، اليوم جاءت نتيجة لتيارات الهجرة باتجاه العالم الجديد، وقد لعبت طرق المواصلات البرية والبحرية والجوية دورًا هاما في تنامي الهجرة الخارجية والداخلية على حد سواء، وللهجرة دور هام في قيام الحضارات وازدهار الأمم والشعوب من خلال تبادل الثقافات والخبرات، فكثير من دول العالم استطاعت أن ترق إلى مستوى رفيع من التقدم العلمي والاقتصادي بفضل الهجرة، ويمكن أن نسوق على سبيل المثال دولة كندا التي بنت اقتصادها على الهجرة، وكذلك الحال بالنسبة لفرنسا التي طورت اقتصادها وصناعاتها بفضل الهجرة وخاصة هجرة العمال الجزائريين. أما الجوانب السلبية للهجرة فتنحصر في الدول المتخلفة أو دول العالم الثالث، ذلك لأن الهوة بين الشمال والجنوب أو التقدم والتخلف قد أفضى إلى الهجرة السرية وخاصة من إفريقيا إلى أوروبا، وكان من نتائج ذلك تعرض الكثير من المهاجرين إلى الوفاة في عرض البحر بصورة خاصة وتعرضهم للقمع من قبل بعض الدول. ضف إلى ذلك هجرة العقول أو الأدمغة من دول العالم الثالث باتجاه أوروبا وأمريكا، ومساهمتها في البناء الاقتصادي والعلمي لهذه الدول في الوقت الذي تمارس فيه هذه الأخيرة ضغوطاتها الاقتصادية والمالية على دول العالم الثالث. والله ولي التوفيق يتبع
|
المراجع باللغة العربية
1 – عباس فاضل السعودي: دراسات في جغرافية السكان، منشأة المعارف بالإسكندرية 1980 م 2 – عبد الكريم اليافي : في علم السكان، مطبعة جامعة دمشق 1966 م. 3 – رولان بريسا : التحليل السكاني،ترجمة محمد رياض ربيع، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1985 م. 4 – بيار جورج : جغرافية العالم الصناعية، ترجمة بهيج شعبان، منشورات عويدات، بيروت، الطبعة الأولى 1972 م. 5 – عبد الحميد زوزو : الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين (1919 – 1939 م)، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر 1985 م. 6 – حليمي عبد القادر علي : تطور مدينة الجزائر، رسالة ماجستير، مقدمة لمعهد الجغرافية بكلية الآداب، جامعة الجزائر 1971 م. 7 – عمار بوحوش : العمال الجزائريون في فرنسا، دراسة تحليلية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر 1974 م. 8 – فايزة محمد سالم : مدن الدلتا، دراسة في عملية التحضر بين 1927 – 1960 م، رسالة دكتوراه غير منشورة، مقدمة لقسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة عين شمس، القاهرة 1974 م. 9 – رياض إبراهيم السعدي : الهجرة الداخلية للسكان في العراق بين 1947 – 1965 م، رسالة دكتوراه منشورة، مطبعة السلام، بغداد 1976 م. 10 – محمد عبد الرحمن الشرنوبي :الهجرة من الريف إلى المدن الرئيسية بالجمهورية العربية المتحدة، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، مقدمة لقسم الجغرافيا، كلية الآداب، جامعة عين شمس، القاهرة 1968 م. 11 – دولت أحمد صادق: الأسس الديموغرافية لجغرافيا السكان، الأنجلو المصرية، وعبد الرحمن الشرنوبي : القاهرة 1968 م. 12 – صلاح الدين نامق : مشكلة السكان في مصر، مقوماتها وتحدياتها الاقتصادية، دار النهضة العربية، القاهرة 1972 م. 13 – عبد المجيد فراج : الأسلوب الإحصائي، دار النهضة العربية، القاهرة 1969 م. 14 – محمد محمود صفوت : الإحصاءات الحيوية في الجمهورية العربية المتحدة، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة 1967 م. 15 – محمد السيد غلاب السكان ديموغرافيا، وجغرافيا، الأنجلو المصرية، القاهرة وصبحي عبد الحكيم : 1963 م. 16 – عباس فاضل السعدي : محافظة بغداد، دراسة في جغرافية السكان، الجزء الأول من رسالة الدكتوراه (منشورة)، مطبعة الأزهر، بغداد 1976 م. 17 – محمد شفيق إسماعيل : دراسات في جغرافية السكان، المطبعة الفنية الحديثة، القاهرة 1973 م. 18 – العمالة والتنمية الاقتصادية : إعداد مكتب العمل الدولي بجنيف، تعريب جمال البنا، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة 1966 م. المراجع باللغة الفرنسية 1 – Abdellatif Benachenhou : L’Exode rural en Algérie,ENAP, Alger 1979. 2 – A. Bouisri and F. pradel La population d’Algérie de Lamaze d’après le : recensement de 1966 in (population) numéro spécial, Mars 1971, Paris, 1971, pp. 25-46. 3 – Ageron Charles Robert : Histoire de l’Algérie contemporaine 1830-1966 Presses Universitaires de France, Paris 1968. 4 – Aldredge Hope T. Population distribution and and Thomas D. S. : economic growth in United States : 1870-1950. Demographic Analysis and Interrelations, Vol. 3, Philadelphia, 1964. 5 – David Kingsley : The urbanization of the Human population scientific American, 213 (2, 1965) pp. 41-53. 6 – Faiza Med. Salem : Population changes in the Nil Delta, 1927-60 thesis of M.A (Inpublished) presented to University Bristol, England 1968. 7 – G. Bugeaud : Les constructeurs de la France d’autre mer édition Correa, Paris 1964. 8 – George J. Demko Population Geography : A Readers, and others : Megraw-Hill Book company New York, London, Mexico, Sidney 1970. 9 – M.M Chabane Ali Analyse Démographique El-Kamal : état civil naissance 1964 et 1965 en Algérie. Ministère d’état charge des finances et du plan, direction générale du plan et des études économiques. 10 – Sari Djilali : Problème démographique Algérienne. Revue Maghrib Machvik, No 63 Paris, 1974 pp.32-41. 11- United Nations : Department of economic and social affairs, demographic aspects of Man Power, Sex and Age pattern of participation in economic activities, Report 1st/50A/SERA/33. population studies, No 33, New York 1956. 12 – Gouvernement général de l’Algérie (G.G.A), Recensement de la population (R.P) 1936, 1948, 1954, 1960. 13 – République Algérienne démocratique et population (R.A.D.P). Commissariat national de recensement de la population (C.N.R.P). Recensement de la population 1966. 14 – Gouvernement général de l’Algérie. Annuaire Statistique d’Algérie (A.S.A) 1937, 1948-49, 1954-1955. 15 – République Algérienne Démocratique et Populaire (R.A.D.P) - Annuaire Statistique d’Algérie (A.S.A) 1966, 1970, 1974. - Tableaux d’économie Algérienne, 1970. منقول
التعديل الأخير تم بواسطة @@بدر البدور@@ ; 2009-11-28 الساعة 4:25 PM.
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ملف رؤية الرموز المكروهه " رؤية الثعابين والعقارب " الدكتور سعود الفراج الجزء الثاني | الحسنى | 📺 منتدى برنامج الأحلام على قناة الراية وmbc وغيرها | 153 | 2024-05-03 12:35 AM |
اول مشكلة اكتبها واصعب مشكلة واجهتها بالله عليكم يااهل الخبرة افيدوني | هدايا2020 | منتدى الإرشاد الأسري والنفسي | 61 | 2009-12-30 6:07 PM |
ودع البطالة وتعلم اقتناص فرصة عمل ذهبية | طلال بن قاسم | المنتدى العام | 10 | 2009-05-09 3:52 PM |
رؤية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم | dedede | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 1 | 2007-06-09 3:11 PM |