لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
تأثير القرآن الكريم في الدكتور لويس أميليو بلسوني البرازيلي:
الدكتور لويس طبيب أسنان برازيلي، ترجع قصة تعرّفه على الإسلام إلى فترة دراسته في الجامعة في أوائل الثمانينات، وعلى الرغم من أنه نشأ في عائلة مسيحية كاثوليكية حرصت منذ البدء على تربيته على مبادئ الديانة المسيحية من خلال النشاطات في الحي ومن خلال التحاقه بمدرسة ابتدائية كنسيّة فإن ذلك لم يكن عائقاً أمام النور الربّانيّ الّذي تسلّل إلى قلبه. لقد هاله عندما درس في الجامعة مادة الفنون الجميلة مقدار انتقال كثير من الفنون الإسلامية في المعمار والهندسة إلى الثقافة الغربيّة ثم عرف أن الثقافة الغربيّة قد نهلت كثيراً من المسلمين في مجالات أخرى متعدّدة تعرف عليها بعد أن أخذ حبّ القراءة في هذا الباب بشدّة يوماً بعد يوم، لقد أدرك منذ البداية أن القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم هو سبب ذلك التغيير العميق في الحضارة الإنسانية على امتداد العصور. فبعد دراسة متعمّقة ومتواصلة بعد تخرّجه من الجامعة امتدّت لعشر سنوات أراد أن يسلك طريقاً أكثر قرباً من الإسلام فبحث عن مركز إسلامي في ضاحيته، وقرّر أن يدرس اللغة العربيّة ويعرف المزيد عن القرآن الكريم بلغة القرآن مباشرة، ولم تطل الفترة، ففي خلال ثلاثة أشهر فقط أعلن الدكتور لويس إسلامه واختار أن يكون اسمه مركّب من اسم النبي صلى الله عليه وسلم فكان اسمه ( محمد أمين ) إنه لا يستطيع أن ينسى ذلك الشعور الّذي هزّه عندما سمع الشيخ يقرأ القرآن قبل دخوله في الإسلام على الرغم أنه لم يكن يفهم اللّغة العربيّة حينئذ إلا أنّ القرآن الكريم كان يمسّ جزءاً ما في روحه... لقد أعلنها بسهولة: ( لا إله إلّا الله محمداً رسول الله ) وأصبح يحسّ ويرى ويسمع ويشعر بكلّ ذرّة في كيانه بمعنى وحقيقة قوله تعالى: { إنّي تبت إليك وإنّي من المسلمين } ومنذ ذلك التاريخ بدأ يُعنى بتعليم نفسه وأسرته الإسلام ويحاول أن يحفظ القرآن الكريم ويتعلّم اللّغة العربيّة، والتحق بحلقة النّدوة العالميّة للشّباب الإسلامي لتعليم القرآن الكريم في ( ساوباولو ) ودرس التجويد [110] ما أعظم هذا الدين لو وُجد له رجال يحملونه وينشرونه ويهدون به الضّال ويرشدون به الحائر وما أشدّ حاجة الناس إليه، فهل من مشمّر ؟ رابعاً: أثر القرآن الكريم على المنافقين: لقد ترك القرآن الكريم أثره في نفوس المنافقين فصاروا يعيشون في خوف وحذر دائمين منه، لأنّه يكشف عن خبيئة قلوبهم وينشر على المؤمنين ما أسرّه المنافقون وأبطنوه في طوايا نفوسهم يقول الله تعالى: { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعفُ عن طائفة منكم نعذّب طائفة بأنهم كانوا مجرمين }[111] إلى هذا الحدّ بلغ تأثير القرآن الكريم من نفوس المنافقين فهم يحذرونه حتى قبل أن ينزل، لأنّهم أخفوا في قلوبهم أموراً، والقرآن سيكشفها بصدق لا مراء فيه. وقد كان لهذه الآيات الكاشفة الفاضحة لطوايا نفوس المنافقين الخبثاء، والّتي جعلته قتادة يسمّي سورة براءة التي ذكرت فيها فيها باسم ( الفاضحة )[112] من شدّة تأثيرها على بعضهم وتفاعل مع ما بقي من هشاشة الإيمان في قلوبهم، فأقلعوا عن النّفاق. وجاء في تفسير ابن كثير: ( كان رجل ممّن شاء الله أن يعفو عنه يقول: ( اللّهم إنّي أسمع آية أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، توجل منها القلوب، اللّهم اجعل وفاتي قتلاً في سبيلك لا يقول أحد، أنا غسّلت، أنا كفّنت، أنا دفنت، قال فأصيب يوم اليمامة فما من أحد من المسلمين إلا قد وجد غيره )[113] لقد تسآل المنافقون هذا السؤال العجيب الذي يتبيّن منه خوفهم الدائم على ما تخفيه قلوبهم أن يظهره القرآن ويكشفه يقول الله تعالى مصوّراً حالهم: { وإذا ما نزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً فأمّا الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون }[114]. سؤال غريب عجيب لا يقوله إلّا الذين لم يستشعروا وقع السورة المنزلة في قلبه وإلا لتحدّث عن آثارها في نفسه بدل التساؤل عن غيره وهو في الوقت ذاته يحمل رائحة التهوين من شأن السورة النازلة والتشكيك من أثرها في القلوب. لذلك يجيء الجواب الحاسم ممن لا رادّ لما يقول { فأما الّذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون }. فأما الذين آمنوا فقد أضيفت إلى دلائل الإيمان عندهم دلالة فزادتهم إيماناً وقد خفقت قلوبهم بذكر ربّهم خفقة فزادتهم إيماناً وقد استشعروا عناية ربهم بهم في إنزال آياته عليهم فزادتهم إيماناً وأمّا الّذين في قلوبهم مرض الذي في قلوبهم رجس من النفاق فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون، وهو نبأ من الله صادق وقضاء منه سبحانه محقّق [115]. فأثر القرآن ومظاهر هذا التّأثير واضحة في الفريقين: في المؤمن: زيادة في الإيمان واستبشار في الوجود، وفي المنافقين: زيادة في الرجس والشّرّ والدّنس، وخاتمة سيّئة، وهو موت على الكفر. فأثر القرآن مختلف في الفريقين حسب نوع المتلقّي وما لديه من استعدادات لاستقبال المؤثّرات القرآنية أو موانع في أمراض القلوب المتنوّعة، ومنها بالنّسبة للتّأثّر بالقرآن كما يقول ابن كثير: ( فأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم، أي زادتهم شكّاً إلى شكّهم وريباً إلى ريبهم كما قال تعالى: {وننزّل من القرآن ما هو شفاء}[116] وقوله: { قل هو للّذين آمنوا هدىً وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد }[117] وهذا من جملة شقائهم أن ما يهدي القلوب يكون سبباً لضلالهم ودمارهم كما أن سيئ المزاج لو غذي بما غذي به لا يزيده إلّا خبالاً ونقصاً[118]. خامساً: أثر القرآن الكريم على الجماد: القرآن له أثر عظيم لأنه كلام الله تعالى وهناك آيات تخبر عن أثر القرآن الكريم على الجبال لو خاطبها الله به وآيات تبيّن أثر القرآن على القلوب المؤمنة التي تحمله. أمّا أثر القرآن الكريم على الجبال والجوامد فيما لو خاطبها الهل به ففي قوله تعالى: { ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض، أو كلّم به الموتى، بل لله الأمر جميعاً، أفلم ييأس الّذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحلّ قريباً من دارهم، حتى يأتي وعد الله، إن الله لا يخلف الميعاد }[119] يقول سيّد قطب وهذا القرآن العميق التأثير، حتى لا تكاد تسير به الجبال وتقطع به الأرض ويكلّم به الموتى لما فيه من سلطان وقوّة ودفعة وحيويّة. ولو أنّ الله أراد أن يكون القرآن هكذا، وأن يكون أثره على الجوامد لفعل، ولو أراد الله تسيير الجبال بالقرآن لفعل، ولو أراد الله تقطيع الأرض بالقرآن لفعل، ولو أراد تكليم الموتى بالقرآن لفعل [120]. فهذا هو أثر القرآن على الجبال والأرض والموتى فيما لو خاطبها الله به وكلّفها به وأمرها بتنفيذ ما فيه ولكنّ الله الحكيم سبحانه ما أراد ذلك ( لقد شاء أن يكون القرآن خطاباً للبشر الأحياء ذوي القلوب والنفوس والمشاعر والأحاسيس فلماذا لا يتفاعلون معه ؟ ولماذا لا يسعدون معه ؟[121] وأخبرنا الله تعالى عن أثر القرآن الكريم على الجبل – فيما لو خاطبه به – فقال تعالى: { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلّهم يتفكّرون }[122] فإنّ هذا القرآن لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعاً متصدّعاً من خشية الله لكمال تأثيره في القلوب، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق، وأوامره ونواهيه محتوية على الحكم والمصالح المقرونة بها [123]. الجبل الجامد يتأثّر بالقرآن لو أنزله الله عليه، سيتصدّع هذا الجبل من تأثير القرآن ويخشع هذا الجبل من خشية الله، ولكن الله تعالى ما شاء ذلك، إنما شاء إنزال القرآن على بشر وليس على جبل، فأنزله على قلب سيّد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وتأثّر بالقرآن وتفاعل معه. وهذا القرآن خطاب للإنسان، فلماذا لا يتأثّر كيانه بهذا القرآن، ولماذا لا يخشع قلبه من خشية الله منزّل هذا القرآن ؟ وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عمل له منبر – وقد كان يوم الخطبة يقف إلى جانب جذع من جذوع المسجد، فلما وضع المنبر أول ما وضع، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليخطب، فجاوز الجذع إلى المنبر، فعند ذلك حنّ الجذع، وجعل يئن كما يئن الصبي الذي يُسكّت، لما كان يسمع من الذكر والوحي عنده، وهكذا هذه الآية. إذا كانت الجبال الصّمّ لو سمعت كلام الله وفهمته لخشعت وتصدّعت من خشيته، فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم [124]. ويصوّر سيّد قطب تأثير القرآن في الجماد أبلغ تأثير فيقول: ثم يجيء الإيقاع الذي يتخلل القلب ويهزّه، وهو يعرض أثر القرآن في الصخر الجامد لو تنزّل عليه: { لو أنزلنا هذا القرآن..... } وهي صورة تمثل حقيقة فإن لهذا القرآن لثقلاً وسلطاناً وأثراً مزلزلاً، لا يثبت له شيء يلتقّاه بحقيقته، ولقد وجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما سمع قارئاً يقرأ من سورة الطور: { والطّور وكتاب مسطور في رقّ منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب ربّك لواقع ما له من دافع } فارتكن إلى الجدار، ثم عاد إلى بيته يعوده الناس شعراً مما ألمّ به. واللحظات الّتي يكون فيها الكيان الإنساني متفتّحاًَ لتلقّي شيئاً من حقيقة القرآن يهتزّ فيها اهتزازاً ويرتجف ارتجافاً، ويقع فيه من التغيّرات والتحوّلات ما يمثّله في عالم المادّة فعل المغناطيس والكهرباء بالأجسام أو أشد، والله خالق الجبال، ومنزل القرآن، والّذين أحسّوا شيئاً من حسّ القرآن في كيانهم يتذوّقون هذه الحقيقة تذوّقاّ لا يعبّر عنه إلّا النّصّ القرآنيّ المشعّ الموحي [125]. |
|
الإعجاز النفسيّ في القرآن العظيم أو تأثير القرآن وفاعليّته في الأفئدة:
إنّ تأثير القرآن في القلوب قد بلغ مبلغاً عظيماً لم يعرف قبله ولا بعده كلام قط، إذ تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم روعة وخشية وتعتريهم هيبة وتهيمن عليهم عظمة، ترى آثاره على الجاحدين أبلغ وأظهر، إذ يقرعهم ضلالهم ويقيم عليهم حججاً لا معقّب لها فيستغلّون سماعه ويتولّون عنه بنفور مدبرين. قال تعالى: { وإذا ذكرت ربّك في القرآن وحده ولّوا على أدبارهم نفوراً }[126] وقد شعر بعض زعماء الشرك أن القرآن قد تملّك قلوبهم، وأحسّوا في أعماقهم هزّة روعته فكانوا يستخفون من الناس ويسترقون السمع إليه ليلاً، ورأوا آثاره في أتباعهم الذين تخالط بشاشة الإيمان قلوبهم بين عشية وضحاها من تأثير الآية والآيتين والسورة والسورتين، يتلوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد أصحابه فتناقد إليه نفوس كانت متعصّبة للأوثان فتهجرها وتتلى بهدي القرآن علماً وعملاً، أدباً وخلقاً، فأدرك زعماء الشرك شدّة أثر وخطر القرآن على سلطانهم ونفوذهم، فأوصوا أتباعهم أن يحولوا بينه وبين أنفسهم. قال تعالى: { وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون }[127] ونذكر شدّة تأثّر عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة بالقرآن وكيف احتال الوليد لصرف الناس عنه فقال: { إن هذا إلّا سحر يؤثر }. وما قصّة إسلام زعيمي الأوس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ إلّا شاهد على ذلك. وقد ورد في الصحيح عن جبير بن مطعم قال: (( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب سورة الطّور فلما بلغ الآية { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يؤمنون، أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون }[128] كاد قلبي أن يطير للإسلام[129] وفي راوية أخرى وذلك أوّل ما وقر الإيمان في قلبي [130]. إن تأثير القرآن ونفاذه يستحيل أن تتحصّن دونه القلوب، فإنّه لو أنزل على قمم الجبال لغلقها وشققها بما يودعه فيها من هيبة الله وجلاله ألا ترى أنّه يعتري من لا يفهم معانيه ولا يعلم تفاسيره من العوام من الخشوع والسكينة وزيادة الإيمان ما لا يخفى، وذلك كلّه من دلائل معجزاته وعظيم آياته الدالّة على نبوّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا الفضيل بن عياض، مسلم لكنّه كان قاطع طريق، يسلب المال ويسفك الدماء، استمع ذات ليلة إلى قارئ يتلو: { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون}[131] [132] فتاب وحسنت توبته حتى أصبح من كبار الصالحين المقتدى بهم، فهل كلام يحدث جميع هذه الآثار يدعو به رجل أمّيّ لا دولة له ولا سلطان، هل يكون إلا كلام رب العالمين. أثر القرآن في الجنّ: كما كان للقرآن أثر بالغ وواضح على الإنس مؤمنهم وكافرهم كان له ذلك التأثير على الجنّ وهذا ما سجّله القرآن الكريم حيث قال في سورة الأحقاف: {وإذ صرفنا إليك نفر من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا: أنصتوا، فلما قضي ولّوا إلى قومهم منذرين }[133] يقول سيّد قطب: ( ويرسم النّصّ مشهد هذا النفر وهم يستمعون إلى هذا القرآن ويصوّر لنا ما وقع في حسّهم منه، من الرّوعة والتّأثر والرّهبة والخشوع، {فلمّا حضروه قالوا أنصتوا } وتلقي هذه الكلمة ظلال الموقف كلّه طوال مدّة الاستماع. { فلما قُضي ولّوا إلى قومهم منذرين } وهذه كتلك تصوّر الأثر الّذي انطبع في قلوبهم من الإنصات للقرآن، فقد استمعوا صامتين منبهتين حتى النهاية، فلما انتهت التلاوة لم يلبثوا أن سارعوا إلى قومهم، وقد حملت نفوسهم ومشاعرهم منه ما لا يطيق السّكوت عليه، أو التّلكؤ في إبلاغه والإنذار به، وهي حالة من امتلأ حسّه بشيء جديد، وحفلت مشاعره بمؤثر قاهر غلّاب، يدفعه دفعاً إلى الحركة به والاحتفال بشأنه، وإبلاغه للآخرين في جدّ واهتمام)[134] ووقع الحق والهدى في هذا القرآن هائل ضخم، لا يقف قلب غير مطموس، ولا تصمد روح غير معاندة ولا مستكبرة ولا مشدودة بالهوى الجامع اللئيم، ومن ثمّ لمس هذه القلوب لأوّل وهلة. وقال سبحانه وتعالى: { قل أوحي إليّ أنه استمع نفرٌ من الجنّ فقالوا إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربّنا أحداً }[135]. هذه الآيات تنبئ عن وهلة المفاجأة بهذا القرآن للجنّ، مفاجأة أطارت تماسكهم وزلزلت قلوبهم وهزّت مشاعرهم، وأطلقت في كيانهم دفعة عنيفة من التأثّر امتلأ بها كيانهم كلّه وفاض، فانطلقوا إلى قومهم بنفوس محتشدة مملوءة فائضة بما لا تملك له دفعاً، ولا تملك له صبراً، قبل أن تفيضه على الآخرين في هذا الأسلوب من يفاجأ لأوّل مرّة بدفعة قويّة ترج كيانه، وتخلخل تماسكه، وتدفعه إلى نقل ما يحسّه إلى نفوس الآخرين. وأوّل ما بدا لهم منه أنّه عجب غير مألوف، وأنّه يثير الدّهش في القلوب، وهذه صفة القرآن عند من يتلقّاه بحسّ واعٍ وقلب مفتوح ومشاعر مرهفة، وذوق ذوّاق، ذو سلطان متسلّط، وذو جاذبيّة غلّابة وذو إيقاع يلمس المشاعر ويهزّ أوتار القلوب. فآمنا به: وهي الاستجابة الطبيعية المستقيمة لسماع القرآن وإدراك طبيعته والتأثّر بحقيقته، يعرضها الوحي على المشركين الذين كانوا يسمعون هذا القرآن ثم لا يؤمنون، وفي الوقت ذاته ينسبونه إلى الجنّ، فيقولون: كاهن أو شاعر أو مجنون، وكلّها صفات للجنّ فيها تأثير، وهؤلاء هم الجنّ مبهورين بالقرآن مسحورين متأثّرين أشدّ التأثّر منفعلين أشدّ الانفعال، لا يهلكون أنفسهم من الهزّة الّتي ترجّ كيانهم رجّاً، ثم يعرضون الحقّ فيستجيبون له مذعنين معلنين هذا الإذعان، فآمنا به: غير منكرين لما مسّ نفوسهم منه ولا معاندين كما كان المشركين يفعلون. سر تأثير القرآن في النفوس: تميّز القرآن الكريم بتأثيره الخاص على النفوس، وهذا التأثير الأخّاذ البليغ يدلّ على أنّ القرآن كلام الله. وللقرآن سلطان خاصّ على الفطرة، متى خُلّي بينها وبينه لحظة، وحتى الذين راتب على قلوبهم الحجب، وثقل فوقها الركام، تنتفض قلوبهم أحياناً وتتململ تحت وطأة هذا السلطان وهم يستمعون إلى هذا القرآن. إن الذين يقولون كثير – وقد يقولون كلاماً يحتوي مبادئ ومذاهب وأفكاراً واتجاهات، ولكن هذا القرآن ينفرد في إيقاعاته على فطرة البشر وقلوبهم فيما يقول: إنه قاهر غلّاب بذلك السلطان الغلّاب ! من الذي يتأثّر بالقرآن أكثر من غيره ؟ إنه المؤمن الّذي يفتح للقرآن قلبه وعقله، وكيانه كله، الذي أشرق قلبه، وشفت روحه وصفت نفسه: إن كل آية وكل سورة تنبض بالعنصر المستكن العجيب المعجز في هذا القرآن، تنشئ بالقوة الخفيّة المودعة في هذا الكلام، وإن الكيان الإنساني ليهتزّ ويرتجف ويتزايد ولا يملك التماسك أمام هذا القرآن، كلما تفتح القلب وصفا الحس وارتفع الإدراك، وارتفعت حساسيّة التلقّي والاستجابة. وإن هذه الظّاهرة لتزداد وضوحاً كلّما استعت ثقافة الإنسان، ومعرفته بهذا الكون وما فيه ومن فيه، فليست هي مجرد وهلة تأثيرية وجدانيّة غامضة، فهي منخفضة حين يخاطب القلب المجرّب والعقل المثقّف والذهن الحافل بالعلم والمعلومات [136]. وقد وقف كثير من علماء البلاغة والتفسير في القديم والحديث أمام أسلوب القرآن، ولاحظوا تأثيره البليغ الأخّاذ على القلوب والنفوس والأرواح واعتبروا هذا التأثير دليلاً على أن القرآن الكريم كلام الله تعالى. الخاتمة: الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات والصلاة والسلام على أشرف البريات، وعلى آله وصحبه أهل التلاوات وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم نشر الحسنات والسيئات وبعد... فهذا ما يسّر الله تعالى – فله الحمد والمنّة - في هذا البحث راجياً أن أكون قد وفّيته من جودة في العرض ويسر في الأسلوب. إن إعجاز القرآن الكريم لا يمكن حصره، ولا يستطيع أحد جمع أركانه كما في الأثر ( لا تشبع منه العلماء ولا يخلف عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه)[137]. ولعلّ أهم النتائج التي توصّلت إليها ما يلي: 1- تعدد وجوه إعجاز القرآن الكريم وتجدّدها مع مرور الأيام على الدوام. 2- إنّ كثيراً من أوجه الإعجاز في القرآن تحتاج إلى مزيد من تفكّر وبحث وجد في استخراجها. 3- إعجاز القرآن الكريم فيه مجال خصب للدعوة إلى الله تعالى – وخاصّة في زماننا هذا وما يليه من أزمنة حيث يعجّ العالم كلّه بالعلم والتطوّر في الاكتشافات العلمية الحقّة فلذلك أدعى لأن يعرفوا أن الدين الذي لا يتعارض مع العلم تنزيل من رب العلم والخلق جميعاً فيذعنوا له ويأتوا إليه مسلمين. 4- والقرآن الكريم رسالة الله الخالدة التي لن تزول ولن تتغيّر، ومن ثم فهو في حاجة إلى الجهود البشريّة المستثمرة لاستخراج درره ومن ثمّ تبليغه للنّاس جميعاً في كل عصر،وحصر وقد اختار الله أمّة الإسلام لتكون حاملة لرسالة القرآن ومبلّغة له. 5- وكلّ جهد يبذل في تلاوة القرآن أو حفظه أو تعلّمه أو العمل به تدبّره أو الدعوة إليه عبادة ينال فاعلها من الله الثّواب الجزيل. 6- للبحث مع كتاب الله مذاق جميل، لا يطعمه إلّا من اقترب من حياضه، وعاش بين أجزائه وسوره وآياته، ومنّ الله عليه بتوفيقه، وأحاطه بعنايته ورعايته، ولم يحرمه التوفيق فيما يبحث فيه، والوصول إلى المبتغى الّذي نريده، والبحث في وجوه إعجاز القرآن، وبخاصّة ( الإعجاز التّأثيري ) أمر له صعوبته وخطورته. أما صعوبته: فلأنّه لم يكتب فيه علماؤنا الأجلّاء بصورة مستقلّة عن سواه من وجوه الإعجاز الأخرى، وأما خطورته فلأني أخشى القول بما لا أعلم والوصول إلا ما لا أرجو، والأمر لا يتعلّق بشيء هيّن، إنما يتعلّق بأعظم كتاب على وجه البسيطة وهو القرآن العظيم. وفي الختام أقول: إن عملي هذا جهد بشريّ لا يخلو من الخلل والقصور، ولا شكّ أن الباحث أمام القرآن العظيم صغير مهما عظم، قليل مهما كثر، فما كان فيه صحّة وصواب فمن فسي ومن الله وحده، وما كان من زلل أو خطأ فمتى نفي من الشيطان أعاذنا الله منه، وأستغفر الله من ذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين هذا البحث قدم إلى مؤتمر كليّة الشريعة السّابع إعجاز القرآن الكريم 18-20 رجب 1426هـ - 23 – 25 آب 2005 جامعة الزّرقاء الأهليّة المصادر والمراجع: 1-القرآن الكريم وتفسيره وعلومه 2-كتب عامة |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
طفلة حافظة للقرآن الكريم ...........فيديو.... | شمعة فرح | رياض القرآن | 9 | 2013-03-23 12:54 AM |
موقع ممتاز جدا للقرآن الكريم | حسان2006 | المنتدى العام | 6 | 2007-10-25 8:28 AM |
21 إشراقة لتدريس مبدع للقرآن الكريم | يمامة الوادي | رياض القرآن | 3 | 2007-06-02 4:44 AM |
حكم الاستماع إلى تلاوة النساء للقرآن الكريم | يمامة الوادي | رياض القرآن | 6 | 2007-04-30 4:16 AM |
روابط صوتية للقرآن الكريم | يمامة الوادي | رياض القرآن | 11 | 2005-10-28 7:11 AM |