[يمامة الوادي]

آخر الليل




جاءني قبل سنة تقريباً شاب بعد صلاة الجمعة، عليه آثار التوبة والندم، يقص علي قصته وعيناه مغرورقتان بالدموع، يقول انه كان مع صاحبيه يشربون الخمر في خيمة في الصحراء، وظلوا يشربون الخمر الى آخر الليل حتى ثملوا وذهبت عقولهم، وفجأة انتبهنا الى الخيمة فوجدناها تحترق، يقول محدثي انها احترقت بسرعة كبيرة وسقطت علينا وهي تحترق، هربت من الخيمة وهرب احد صاحبي معي ونظرنا الى الخيمة تحترق، فجأة سمعنا صوت صاحبنا يصرخ ويستغيث، ويقول لم ندر ماذا نفعل، حاولنا انقاذه فلم نستطع، يستغيث بأسمائنا ونحن ننظر اليه كيف تشويه النار وتصليه ونبكي عليه، حتى سكت صوته، وخرجت روحه، وتفحم جسده

انتهت هذه القصة المؤلمة والتي حكاها لي من شهدها وأحد اشخاصها، سألني بعدها هذا الشاب ماذا يستطيع أن يفعل لصاحبه الذي مات وهو يحترق وكان قبلها يشرب الخمر، فسألته قبل ان اجيبه (أكان يصلي؟) قال وهو يبكي (لا.. ما كنا نصلي ابدا).. قلت لا حول ولا قوة الا بالله.. مات وهو سكران ولا صدق ولا صلى!! ويبعث يوم القيامة على ما مات عليه (سكرانا)!! استغفروا له لعل الله ان يغفر له.


الا يعلم من يشرب الخمر انه (ملعون) وانه مطرود من رحمة الله جل وعلا، بل حتى اولئك الذين يهربون الخمور للبلاد او نصبوا مخيمات ووفروا فيها الخمور او الذين يخدمون الزبائن بتوفير الخمور او سكبها في الكؤوس.. كل اولئك يلعنهم الله عز وجل ويطردهم من رحمته.

اي لذة في شرب (النجاسات)؟! واي نشوة يزينها الشيطان للذين يجتمعون في ليلة حمراء ليشربوا (ام الفواحش)، وهم يعلمون انها من الموبقات التي تهلك صاحبها، بل تجعل الرب عز وجل يمقته وان صلى لله جل وعلا بعد ان يشرب ولو شربة واحدة لم يقبل الله منه سجودا ولا ركوعا ولا قياما اربعين يوما!! فأي خذلان وخزي بعد هذا؟!

والله لو رأى العاقل نفسه ماذا يقول وكيف يتصرف بعد ذهاب عقله لاستحى من نفسه لو بقيت فيه ذرة حياء، انه الجنون بعينه عند اولئك الذين يذهبون عقولهم متعمدين، فلم يشكروا تلك النعمة ولم يقدروها.

الا يخشى شارب الخمر ان ينزل عليه ملك الموت وهو في حال سكره، واللعنات تتنزل عليه؟! الا يعلم انه لو بعث مدمنا يوم القيامة فسيكون حاله كعابد الوثن وعابد الصنم، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.

ليحذر الواحد منا مجرد التفكير في هذه الكبيرة الخطرة والفاحشة الموبقة، التي لا تجر إلا الويل والثبور، واللعنة والعذاب في الدنيا والآخرة، ولنفكر في الخمر الحقيقي وهو خمر الجنة الذي فيه كل اللذة ولا يذهب شيئاً من العقل أو الدين، فمن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، فمحروم كل الحرمان من شرب خمر الدنيا.

ومن أخطر الأمور لمن شرب الخمر ولو كأساً واحداً ان الله عز وجل سيسقيه من «ردغة الخبال» كما جاء في الحديث الصحيح «من شرب الخمر كان عهدا على الله أن يسقيه من «ردغة الخبال»»، قالوا وما ردغة الخبال يا رسول الله؟ قال: عصارة أهل النار.. أعوذ بالله من سخط الله.. ليست النار مصيرهم فقط.. بل سيشربون مما يسيل من أجساد اهل النار من قيح وصديد!! يا الله.. كم هو مؤلم ومفزع هذا العذاب.. لمن؟!.. إنه وعد من الله لمن شرب الخمر ولو كأساً واحداً!!

إن باب التوبة مفتوح لمن أراد أن يدخل فيه، ومن اراد التوبة فليتلف كل ما عنده، وليقاطع كل من يشرب، وليندم على ما فعل وليعزم على هجر هذه الفاحشة وليستغفر الله بعدها فإن الله غفور رحيم.





نبيل العوضي - جريدة الوطن الكويتية

[Ŝђǿǿq Ťąbσύĸ]

[يمامة الوادي]

شكرا لمرورك