لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
خواطري مع الحج
أريج الطباع كم تاقت نفسي لهذا اليوم الذي يُكْتَب لي فيه الحجُّ، في كل عام كنتُ أتوق لأن أكونَ هناك، وتَحُول الظروف دون ذهابي! ما أروع منظرَ تجمُّع المسلمين مِن شَتَّى البقاع، على اختلاف ألوانِهم وجنسياتهم، وثقافاتهم، مُلبِّينَ، مُكبِّرين، يتوجَّهون لغاية واحدة، تَجْمعهم (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). كنتُ أُتَابِعُهم مِن خلف الشاشة، وعينِي تفيض بالعَبَرات، ليتني هناك. حججْتُ فَرْضِي؛ لكنّي كنتُ صغيرةً وقتها، كانتْ صفحَتِي بَيضاءَ، وكُلُّ يوم يمضي بِحَياتِي كانتْ تَتَكَدَّرُ، ولَكَمْ تُقت أن أعيد مسحها من جديد! أذْكُر مرَّةً حِينما كنتُ طالبةً بالثانوية، سألَتْنَا معلِّمة الدِّينِ: مَن منكُنَّ تتمنَّى لو خُلِقتْ شابًّا لا فتاة؟ كثيراتٌ رفَعْن أيديَهُنَّ وقتها، وكنتُ ضمن هذا الجَمْع، تعجَّبَتْ معلمتي لما تعرفه عني، وابْتدرَتْنِي بالسؤال: لِمَ يا ابْنَتِي؟! تبسمْتُ وقتها وأنا ألحظ تعجبها، وقلت لها بثقة: كي أتوجَّه للجهاد. وَقْتَهَا كانتْ أحداثُ أفغانستان والروس، كلَّ يوم كانت تجمع التبرعات، يشيد الجميع بالمجاهدين، لم يكونوا إرهابيّينَ وَقْتَها! كم كنتُ أغبطهم، جادُوا بنفوسهم، وتركوا دُنْياهم؛ لغايةٍ تسمو عن غايات البشر، لا يذوقُ حلاوَتَها إلا مَنْ خالَطَ الإيمانُ شغاف قلبه. وقتها تبسَّمَتْ مُعَلّمَتِي، وقالتْ: بسيطة يا بُنَيَّتِي، توجَّهي لِلحجّ فهو جهاد المرأة؛ ربما أقْنعتْنِي وقتها وجلستُ راضية، أحلم بالحج. وكان حلمي يكبر مع الأيام، وتَحُول بيني وبينه العوائقُ. اليوم كبر أولادي لدرجة تكفي لأن أتركهم وأتوجَّه للحج. فرحَتِي كانت لا تُوصَف وزوجي يُبشِّرُني بأنه حَجَزَ لنا مع حملة لهذا العام. حتَّى أولادي شارَكُوني فَرْحَتِي، مِن شِدَّة ما رَأَوْا سَعَادَتِي بِهَذِه الرِّحْلَة، وصارُوا يُشارِكُونَنِي عَدَّ الأيام؛ لِلانْطِلاق لِلخيام بمِنى. بدأنا الاستعداد للحج، واشترى زوجي ملابسَ الإحرام، بيضاء ناصعة، تلتفُّ على جسده دون تفصيل. لوَهْلَة اقْشَعَرَّ بدني وأنا أقول له: كم تُشْبِه هذه المناشف الكَفَن! تبسَّمَ وهو يقولُ لي: هذه الغاية منها، أن تذكِّرَنا بهذا اليوم، لِنَرى الدنيا ضئيلة قصيرة؛ لكننا اليوم نذْهَبُ بأرجُلنا، وغدًا نُساق مُكْرَهينَ. قال لي: نعم؛ لذلك يسهل علينا الاستعداد، وهل أروع مِن أن تعودي كيوم ولدَتْكِ أمُّكِ؟ لم يبقَ سِوى حقوقِ العباد، فسارعي بسدادها. شعرت برُعْب ثانية، كيفَ لي أن أجمع كل مَن عرفت؛ لأسْتَسْمحهُم ليُحلُّوني، فقد مَرَّ عليَّ بِحياتي الكثيرُ، ولا أعرف لمن أسَأْتُ! سارَعْتُ لجَوَّالِي، لِلمسنجر، للهاتف؛ أُرْسِل رسائل سريعة للجميع؛ أسألهن السَّماح، ويوصونني بالدعاء هناك. سألَتْنِي إحداهُنَّ: هل مِن طبعك التشاؤم عادة؟ لماذا تودعينَ كأنكِ لن تعودي؟ تبسَّمْتُ وأنا أجيبها: أشْعُر بأن الحج لهذه الغاية، وسعيدة أني أستطيع الاستعداد اليوم، أسألُ الله أن يُحْسِنَ خِتامَنا، ويُمَكِّنَنا من الاستعداد قبله. عادت لذهني صورةُ صحابِيّ كان على فراش الموت، فجمع الجميع يسألهم أن يُحلُّوه، ولم يغمض جفنه حتى اطمأن لذلك.. غفر الله له وبلَّغَنا هذا. أعْددتُ حقيبة صغيرة، ضمنتها أساسيات فقط؛ كيلا يثقل حملها. كَوْنِي حججْتُ فرضِي، فقد نويتُ هذا العامَ أن أُهْدِيَ حجتي لأحد الأحبة، الذين فارقونا ورحلُوا. كانتْ أُمّي ليلتها تزور أهل عبير - رحمها الله - عادت لزيارتي، وقالت لي: كدتُ أخبر أمها أنَّكِ ستُهْدِينَها الحَجَّ وتنوينَهُ عنها؛ لكنني آثرت أن أسألكِ قبلها. فاضَتْ عيني، وأنا أفكّرُ بِأُمّي: كم هي رائعة! بالتأكيد عبير غالية - رحِمها الله - وما أروع أن يكون بيدي أن أُقَدِّم لها هَديَّةً، حتى بعد انقطاع التواصُل بالدنيا! نَوَيْتُ الحج عن عبير - رحمها الله - ونواه زوجي عن جَدِّه، وتواصَيْنا أن نذكر أحبتنا بالدعوات. حَضَنْتُ أولادي أُودِّعهم، وودَّعْتُ أهلي، ونظَرْتُ نظرةً أخيرة لبيتي الدافئ ومُستقرِّي، وركبت تختلط المشاعر بداخلي، وأشْعُر بشَوْق لِلوُصول للخيام بمِنى صباح يوم التَّرْوِية. انطلقتِ السيارة، وخلَّفنا وراءنا كل ما يشدنا لهذه الأرض، لا نحمل سِوى متاعِنا الخفيف. "صحبة الحج" هناك داخل أسوار الخيام التقَيْنا. منهنَّ مَن أعرِفُها قبل الحج، ومنهن مَن لم تكُنْ لتجْمَعَنِي بها الأيامُ سِوى بهذه الخيام. كانت خيامُنا مُعَدَّة لاستيعاب عدد كبير مِن الحاجَّات، تلْتَصِق أماكنُنا معًا دون فاصل، كان ذلك سببًا لتذمُّرِنا بالبداية؛ لكننا سرعان ما حمِدنا الله ونحن نشاهد حجيجًا افترشوا الأرض والتحفوا السماء، وحَمِدنا الله حينما تآلَفَتْ قلوبُنا التي اجتمعت لغاية واحدة. إحدانا تندَّرتْ حينما دخلتْ وشبَّهتْ خِيامنا بِالمهاجع! فكانَتْ تُذكِّرُنا دومًا بدعوة لإخواننا الأسرى، الذين سُلِبوا حُرّيَّتَهُم؛ لقولهم لا إله إلا الله. قبل الحج كنتُ أحلم بحج يجمعُني بكافَّة الثقافات، أشعر به بمعنى الحج الحقيقي، وبالفعل كنا بالخيمة أجناسًا مختلفة؛ أُخت من تونس، وأخت من اليمن، وأخت من الأردن، ومن مصر، ومن لبنان، ومن سوريا، ومنَ السعوديَّة... وبخيام مُجَاوِرة لنا جدًّا كان هناك حجَّاجٌ من الهند أيضًا. وكما تفاوَتَتْ أجناسُنا، تفاوتَتْ أيضًا ثقافاتُنا، وخلفياتنا الشرعية. آلَمَنِي أن أجدَ إحداهُنَّ لا ترتدي الحجابَ أَصْلاً، وتُقَصِّر في صلاتِها، وتَمْلِكُ قلباً مُرْهفًا، ودموعًا قريبة تدرس بالغرب، وتستقي منه ثقافتها، وأخرى ارتدتِ الحجابَ قريبًا، ولم تقطع صلاتَها يومًا، وتُجاهِد ببيئة مُتفلِّتة، تمسك دينها كالماسِك على الجمر! وبالمقابل كانتْ بيننا الداعيةُ الحريصةُ التي تزوَّدت بمراجعَ عن الحجِّ، ترجع لها البقية؛ يستَفْسِرْنَ منها، ويسألْنَها كُلَّما أشْكل عليهنَّ أمرٌ، وبيننا المِعْطَاءة الحنونة، التي تسعى لإيصال دعوتها بابتسامتها. كان اجتماعنا معًا له طعمٌ آخر من مناسك الحج، أن نجتمعَ على اختلافنا لغاية واحدة؛ نسعى جميعًا لرضا الله بالنهاية مهما اختلفتِ الطرقُ، تدعو إحدانا الأخرى، وتُنبهها على تقصيرها بأي أمرٍ. لا ينفي ذلك أن البعض افتقر للأُسْلُوب، والبعض كان الجهل سببًا لابتِعادِه عن الغاية؛ لكن هناك بذلك الجو، كانت تربية النفوس أيضًا، وجَبْلها على حُسْن الخُلُق. كثيرة هي المواقِف التي تركَتْ أثرها بنفوسنا، ومن أشدها أثرًا على نفسي هذا الموقف: كان يومُها باردًا جدًّا، استيقظنا مع الفجر، وجاء الإفطار لنتحلَّقَ حوله كعادتِنا، نستمد الدِّفْء من أكواب الشاي، ومن الطَّعام الذي يمدنا بالطاقة للاستمرار على العبادة، ونستعد بالملابس الثقيلة التي تدفع عنا البرد، يومها لم تدفأ أطرافنا برغم استعدادنا بالملابس، وتكوَّرنا تحت الأغطية، ودخَلَتِ الفتاة التشادية التي تحمل الطعام، وهي ترتدي ملابسَ خفيفة، لا تكاد تغطي جسدها النحيل! سألْتُها: ألا تشعرينَ بالبرد؟ تابَعَتْ عملها وقالت همسًا: بل أكاد أتَجَمَّد! فسحبت غطائي عن كتفي، وأعطيتها إياه، كنتُ أرتدي ملابسَ تقيني البرد وقتها مع هذا الغطاء. دمِعَتْ عيني وأنا أرى أمارات الشكر مِن عينيها، وهي تلتحف به، وتنظر إليَّ مُمْتَنَّة. فما كان مِن الأخت التي تُجاورني بالمكان إلا أن خرجت سريعًا إِثْرها، وعادت وهِي ترتَجِف من البرد، تحاول أن تغطيَ نفسها بغطاءٍ خفيف أبقَتْهُ لنفسها، لم يكن لديها سِوى رداءٍ واحد يقيها البرد، ووهبتْهُ لِلفتاة الأخرى التي تعمل حينَما رأتْهَا ترتعش مِن بردها! دمعت عيوننا ونحن نسألها: ألَمْ تُبقِ لنفسكِ شيئًا؟ قالت باسمةً بشفاهها التي ازرقَّتْ مِن البرد: جسدي مُمْتَلِئ أكثر من أجسادهنَّ، ولديَّ هذا الغطاء سيكفيني! فما كان من البقية إلا أن أعطينها ما يكفيها بردَ ذلك اليوم؛ لكنه كان درسًا بالعطاء لا يُنْسَى! . |
|
"يوم عرفة"
كنت أنتظر هذا اليوم بشَوْق، مِن كثرة ما سمعتُ عنه وعن فضله؛ لكنني بنفس الوقت تَهَيَّبْتُ منه، خشيت ألا أشعر بتلك اللذة التي منَّيتُ نفسي بها، خشيتُ أن تغلبني أمور الدنيا، فتسرق مني حظات طالما تقتُ إليها، خشيتُ أن لا تكفيني الساعاتُ هناك، أن يخذلني قلبي ونفسي.. الليلة التي سبقتها كنتُ أعاني صداعًا شديدًا، وأخشى أن يفسد عليَّ متعة الحج. كثيرات شاركْنَنِي تلك اللحظات بقلوبهنَّ، بدعواتهنَّ لِي أن يُخَفِّفَ الله صداعي، ويبلغَنِي يوم عرفة.. أخوات الخيمة لم يقصرْن بالاهتمام، حتى مَن لَمْ أعرفْ منهنَّ قبلُ. الزنجبيل الدافئ، والليمون، وأقراص الدواء، كانت تأتيني مِن كل صَوْب، الأكف الصادقة التي ترتفع بالدعاء كانت تجعلني أشعر بشعور الجسد الواحد حقيقة. جوَّالِي الذي كانت تَصِلُني به رسائل الاطمئنان، وسؤال الأقارب والصديقات ودعواتهم، وما يوصونني به من دعوات. أيْقَظُونا فجرًا، لم نستطِعِ النومَ ليلتها جيدًا، واستيقظنا بوقت باكرٍ جدًّا؛ لنستعد وننطلقَ بعد الشروق. تجمعنا وانطلقنا بالسيارات بعد أن صَلَّيْنَا الضُّحَى بالخيام. وصلنا عرفة العاشرة صباحًا تقريبًا، أختي كانت تطمَئِنُّ علينا، فقالت لي: هنيئًا لكم أن وصلْتُم بهذا الوقت، فحينما حجَجْتُ لم نستطعِ الوصول قبل الثانية ظهرًا. كانت معنا بأوراقها ومَراجعها وحِرْصها على السُّنن، فعَينَّاها أميرةً على مجموعتنا الصغيرة، وأخبَرَتْنا أنه يُسَنُّ الدعاء خارجَ الخِيام، وأنَّ السُّنة بعد الزوال، ويكثر من الدعاء. وأمسكْتُ دِفترًا صغيرًا، ضمنت به الدعوات التي أُوصِيتُ بها، وكانت صفحات كثيرةً، تبسَّمت وقتها، وقالت لي بعجل: أخشى أن أنسى أحدًا دون أن أنْتَبه. هناك افْترشْتُ الأرض بجوار الخيمة، جلسْتُ على تراب الأرض، وتظلني السماء والشمس، وبدأتُ أسْتعيدُ كلَّ مَن أوصاني بدعاء، بدأتُ أدعو بلساني، كنتُ أسمع ضجيج الناس من حولي؛ دعاء جماعي يصدح، مجموعة يتحدثونَ، محاضرة عن فضل يوم عرفة، كنتُ أسمع وأشتت نفسي، لديَّ الكثير الذي أتوق لأن أدعوه، أحتاج خلوة بدعائي لأشعر بخشوع. تداخَلَتْ أصواتُهم، ما عُدْتُ أُمَيّز بينها! ضجيج فقط كلمات مُتداخِلة بلا معنى، وصلْتُ بدعواتي لمن فارقونا ورحلوا، فاضَتْ عبراتي، وأنا أتخيل نفسي فيما صاروا إليه! حمدت الله أن بلغني عرفات، أن أَتَاحَ لنا فرصة؛ نُكَفِّر بها عن خطايانا. كم ظَلَمْنا أنفسنا! كم قصرنا! كم زهدنا بزوادة نحتاجها بيوم لا ينفع به إلا مَن أتى الله بقلب سليم! رذاذ مِن الماء كان يُبلّل وجهي، ما عدت أدري أمِن عيني وعبراتي، أم من السماء؟ أم أنهم يرشّون ماء؛ يخففون به وهج شمس الظهيرة؟ لسْتُ أدري أيّهم بلَّلَ وجهي؟ أمِ اختلطت كلُّها معًا؟ لكنها جعلتني أشعر برحمة الله، وكيف يَسَّرَ لنا الحج، وسَهَّل سُبُلَه. سبق لِي أن قُمْتُ بعمرة عن أشخاص أحببتهم ورحلوا؛ لكنني بهذا الحج كنتُ أشعر بشعور آخر، يختلف كثيرًا عن كل مشاعري التي سبقَتْ، شعور جعلني أشْعُر بالموت أقرب، وجعلني أشعر أنَّ الدنيا لا تدوم. حينما تَشْعُرُ بِمرارة الظُّلْم مِنْ إِنْسَان، حينما تشعر بأن هناك من ترغب بأن تدعوَ عليه؛ ليكف أذاه عنك، أو عن مَن تحب من الناس. يأتيك شعورٌ قويٌّ يدفعك لرفع أكفكَ نحو السماء؛ لتدعوَ بصِدْق عن كُلّ ما تعجِز عنه بضعفكَ البشري؛ لتلجأ لِمَن تثق به وبقوته وبعدله. هناك بهذا الموقف كنتُ قد خططت لدعاء كهذا؛ لكنني حينما شعرت بضآلة الدنيا وسخافتها، تضاءلَتْ مشاعري أيضًا، وصفا قَلْبِي بصِدْق، شعرتُ ألاَّ أحدَ بالدنيا يستحقُّ أن أحْمِلَ له مشاعِرَ سلبيةً، تؤذيني قبل أن تؤذِيَه! وتذكَّرْتُ رحمةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على مُشْرِكي قريش، حينما سأله جبريل: "أَأُطْبِقُ عليهِمُ الأخْشَبَيْن؟" فقال بما معناه: ((لا، لعل الله يُخرج مِن أصلابِهم مَن يوحده))، ودعا لهم بالهداية. وحدهم اليهود والمنافقين، وكل مَن أراد بالإسلام سوءًا، لم أتمالك نفسي مِن الدعوات عليهم، وأنا أتذكَّرُ بُيوتًا هُدِّمَتْ، ومساجدَ حُرِّقَتْ، وأسْرَى يَئِنُّون، سُلِبُوا حق الحياة، وأنا أتذكَّرُ شعاراتٍ رُفِعَت، وأفواهًا كُمِّمَت، وأيادي قُطِّعَتْ! شريط حياتي كان يَمُرُّ أمامي يومها، وأنا أعد أيامي التي مَضَتْ، وأسترجع ما بقي لي منها، بهذا الشريط مَرَّ عليَّ كلُّ مَن صادَفْتُ وأحبَبْتُ، كلُّ ما رأيتُ واكتسبْتُ (منه) مِن خبرات! دعَوْتُ الله أن يلهمنا الصوابَ، وأن يقِيَنا شرَّ أنفسِنا، وأن يَحفظَنا ويبعدَنا عن مداخل الشيطان. كانت نفسي تُطمئنني بأنك بخير، ففعلت وفعلت.... وتعود لي ذِكْرَى قصص الصحابة التي قرأتها، وعِشْتُ بين صفحاتها، وأنا أتصوَّر لحية عثمان - رضي الله عنه - المُبَلَّلَة بالدموع كلما تذكَّر عذاب القبر! وأنا أرى قلق عُمر وخشيته أن يكون من المُنافقينَ، وسؤاله للصحابي الذي ائتمنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أسماء المُنافقينَ: "هل أنا منهم؟" لله درُّك يا عمر، تَخْشَى النِّفاق وقد بشَّرَكَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالجنة! يقْشَعِرُّ بدني، وأنا أذكر استغفار الرسول - صلى الله عليه وسلم - نفسه، وإكثاره منه! بكاء أبي بكر الصديق الذي خَشِيَ المشركون أن يُفْتَنَ به نساؤهم وأطفالهم عن دينهم! كانوا رجالاً بحق، حتَّى دموعهم تشعرُني بالقوة، بقوة إيمانهم، وقوة حُبِّهِم لله. قوة لا يقابلها إلا شعوري بالخَجَل مِن حالنا، ساعات مَرَّتْ لَمْ أشعر إلا بصوت أذان العصر يرتفع وينادونني؛ لننضمَّ للصلاة وبعدها للغداء. كنت كمَنِ اقتلعوه؛ ليعود للأرض ثانية! وأسرعنا بالغداء، فما هي إلا سُوَيعات وينتهي الوقت، وينتَهِي هذا اليومُ الذي طالما تُقْنا إليه. ولسُنَّة أرادها الله بالكون، لابد لكل شيء بالدنيا من نِهايةٍ، وقد مَرَّ يومُ عرفة كما مَرَّتْ قبله أيامٌ كثيرة! لكنَّه لم يكُنْ كأيِّ يومٍ، ولَنْ يَمُرَّ أثرُه الذي تَرَكَهُ بِنُفُوسِنَا حتمًا ما دُمْنا |
|
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تكفين يا دمعة على الخد ماها.............يسيل لا يشوفك على الخد نمام | بارعة | منتدى الشعر والنثر | 16 | 2016-02-23 3:51 PM |
دفتر خواطري | هدى الله | منتدى النثر والخواطر | 5 | 2007-08-27 10:23 PM |
عذرا خواطري | NISSAN | منتدى النثر والخواطر | 0 | 2007-04-06 9:32 PM |
مقدمه لجميع خواطري القادمه بإذن الله ... | القلب المتدفق | منتدى النثر والخواطر | 6 | 2006-01-06 12:30 PM |
منـــــــاجاة .... ( من خواطري ) | رتــــاج | منتدى النثر والخواطر | 6 | 2005-12-03 12:13 AM |