[يمامة الوادي]

ثانياً: قلب لا يًُصاد بالطعم..
قلب شعاره اليقظة..
ولكن ما هي اليقظة؟؟
اليقظة: ((هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين ولله ما أنفع هذه الروعة!!
وما أعظم قدرها وخطرها!!
وما أشد إعانتها على السلوك..فمن أحس بها فقد أحس والله بالفلاح..وإلا فهو في سكرات الغفلة))..
ما إن نزلت اليقظة في قلب المتسابق حتى لقيت الغفلة جاثمة فيه..
وقبل طردها قالت لها:
سلام على اللذات واللهو والصبا....سلام وداع لا سلام قدوم..
وبدأت في إحداث هذه الآثار:
آثار اليقظة:
**تنبه إلى كثرة النعم..
هذه اليقظة تؤدي إلى ملاحظة نعم الله الظاهرة والباطنة فيشاهد عظمتها وكثرتها وييأس من عدها والوقوف على حدها..وتفضل الله عليه بها دون أن يستحقها ولا أن يدفع ثمنها..
وأنى له أن يدفع!!
ولو سلبت منه نعمة واحدة كنعمة البصر أو السمع ثم طلب إليه أن يدفع كل ما يملك ثمناً لردها ما تردد لحظة واحدة..
كما تؤدي هذه اليقظة إلى مشاهدة التقصير في شكر هذه النعم فيتحقق بذلك ((أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي))
ويعلم بأن هذا الاستغفار حقيق بأن يكون سيد الاستغفار..
ويعلم حينئذ أن الله لو رحمهم لكانت رحمته فضلاً منه لا جزاء عملهم..
ورضي الله عن يحيى بن معاذ إذ يقول في هذا:
( إن أقام عليهم عدله لم تبق لهم حسنة..وإن نالهم فضله لم تبق لهم سيئة).
فباليقظة يعلم العبد بأنه سائر إلى الله بين مطالعة نعمه الكثيرة ومشاهدة تقصيره الشديد..
فتيقظ وأدمن النظر في مرايا النعم..ترى قُبح الجحود بوضوح..
فتسعى في ضوء هذه الرؤية في تجميل النفس وتزيينها بالشكر القولي والعملي..
** تعلم فن إحصاء السيئات:
قال تعالى : ( ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه)..[الكهف: 57]..
فكما يحصي التاجر الدينار والدرهم..وكما يحسب الطالب درجات النجاح والرسوب..فإن المتسابق معنا يُحصي سيئاته ويحذر عاقبتها..
خُذ سفيان الثوري مثلاً حيث يخبرنا بأسى ومرارة..: (( حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته))..
فالشهور لا تنسيه ذنبه..وإنما هو نصب عينيه..وهذا التابعي محمد بن سيرين أصابه دين فحاسب نفسه محاسبة الأبرار لا محاسبة التجار..فقال: (( والله ما وقع هذا إلا بذنب أذنبته منذ أربعين سنة ..قلت لرجل:
يا مفلس..ثم قال: فحدثت به أبا سليمان الدارني فقال: قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ..وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندري من أين نؤتى؟؟))..
وهذا أحمد بن أبي الحواري-ريحانة الشام- يشكو لأبي سليمان الدارني فيقول:
لم أوتر البارحة..ولم أصلي ركعتي الفجر ولم أصلي الفجر في جماعة!!
فقال له: ( لما قدمَّت..والله ليس بظلام للعبيد..شهوة أصبتها))..
قال ابن الصافي.. البقال بدينور يقول: كان بدينور سجَّان قال لي:
( إني بقيت على باب السجن نيفاً وثلاثين عاماً فما من أحد حمل إلى السجن من الذين أخذهم الحرس بالليل إلا سألته فقلت له: هل صليت العشاء الآخرة في جماعة إلا قال : لا ..
( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)..[الشورى:30]..
ويفسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فيقول:
( ما اختلج ((اضطرب وارتعد))عرق ولا عين إلا بذنب وما يدفع الله أكثر)..
وهذا من رحمة الله بعباده المؤمنين أن يجعل عقوبة المعصية في الدنيا حتى تكون تنبيهاً لهم عما بدر منهم..
قال ابن الجوزي:
( فرُب شخص أطلق بصره فحرم اعتبار بصيرته..أو لسانه فحرم صفاء قلبه..أو آثر شبهة في مطعمه..فأظلم سره..
وحرم قيام الليل..وحلاوة المناجاة إلى غير ذلك مما يعرفه أهل محاسبة النفوس)..
بل إن تعجيل عقوبة العبد في الدنيا من علامات حب الله له..يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا..وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة)..
ويؤكد هذا أبو سليمان الدارني فيقول:
( كلما ارتفعت منزلة القلب كانت العقوبة إليه أسرع)..
وأهل اليقظة لا يلتذون بالمعصية لأنه..( لا ينال لذة المعاصي إلا سكران بالغفلة فأما المؤمن فإنه لا يلتذ بها لأنه عند التذاذه يقف أمامه علم التحريم..وحذر العقوبة ..فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي( وهو الله)..
فيتنغص عيشه وقت التذاذه..وماهي إلا لحظة ثم ندم ملازم..وبكاء متواصل وأسف على ما كان مع طول الزمان..حتى لو تيقن العفو وقف بإزائه حذر العتاب)..
واسمع..
( يا من معاصيه أكثر من أن تحصى..يا من رضي أن يطرد فيُقصى..
يا دائم الزلل..وكم يُنهى ويُوصى..يا جهولاً بقدرنا ومثلنا لا يُعصى ..
إن كان قد أصابك داء داود..فنُح نَوح نُوح..تحيا بحياة يحيى)...
*************************
خالد أبو شادي

[غدي 1]

تسلمي كلام تقشعر منه الابدان جزاك الله خير

[حورية القصر الأبيض]

وهل يستطيع من هو في مثل حالنا أن يحصي سيئاته يايمامة

لاحول ولاقوة إلا بالله

هدانا الله إنه على ذلك لقدير وبالإجابة جدير

وجزاك الله خيراً

[يمامة الوادي]

جزاكم الله خيرا
والله المستعان
الله يغفر ذنوبنا

[منولة]

جزاكم الله خيرا

[يمامة الوادي]

بارك الله لك مرورك