[يمامة الوادي]

جفوة وفجوة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على الرحمة المهداة رأفة للعالمين , وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما عن الجفوة في العلاقة بين اثنين فإنها تتولد مع ضعف الإيمان بالله عز وجل.
إنما تحدث الجفوة بين قلبين كلاهما أو أحدهما فارغ من ذكر الله جل في علاه ؛
إذ لا يُعقل أن يعرف قلبين متحابين في الله معنى الجفوة ,
لأن الحب في الله تعرفه القلوب التي تكون قريبة من ربها , التي تكون مليئة بذكر الله ,
ومهما اختلف صاحباهما فإن مرجعهما إلى الله ورسوله وبهذا لا تعرف الجفوة طريقا للقلوب الذاكرة ,
للقلوب الخاشعة , للقلوب المتوكلة على الله , للقلوب الخائفة من الله ,
للقلوب التي ترجو ما عند الله , للقلوب المليئة بالحب في الله خالصا لوجه الله .
وبما أن هذه القلوب ترجع كل أمورها إلا الله ورسوله فإن الفجوة بين أصحابها مستحيلة .
وهذا يطبق على كل العلاقات سواء بين الأزواج أو بين الوالدين والأبناء ....
فلنأخذ على سبيل المثال العلاقة بين الأبناء والوالدين : فالأب والأم اللذان قضوا شبابهما في طاعة الله تكون علاقتهما معا بالأبناء لا تعرف جفوة ولا فجوة لأنهما اجتمعا على طاعة الله ورسوله
وبإذن الله يربيان الجيل على طاعة الله ورسوله ؛
فمن أين تدخل الجفوة حتى تعقبها الفجوة إذا كانت الأسرة على المنهج الصحيح ؟ .
وأما إذا كان الخلل في الوالدين وكان كلاهما بعيدين عن المنهج الصحيح
فهذا يعجل بوجود الجفوة بينهما وبين الأبناء مما يفتح بابا للفجوة فيدخل الشيطان منه
فيضيع الأبناء بين الملهيات والتوافه حتى يضلوا الطريق إلا من رحم الله جل في علاه
ومن هنا يتخرج جيل المخدرات والمعاكسات والفواحش ما ظهر منها وما بطن ....
وهناك الفئة الثالثة حيث يكون أحد الوالدين على المنهج الصحيح والثاني لا يفرق بين موقع رأسه
من موقع قدمه ؛ أي إنسان أو إنسانة من غير هدف واضح في الحياة ,
فهو إما أب تائه لا هدف له يهيم في الإستراحات وبين الأصدقاء ولربما في المنكرات ولربما في الفواحش ....
أو هي أم تائهة في الأسواق وبين الباعة , مقلدة للصديقات الضالات بحثا عن لون الحذاء والحقيبة
الذي يلائم الفستان , وعن الطقم الذي ... وعن آخر عطر نزل بالأسواق ....
فأكيد بـَيـْن هذا الأب وهذه الأم تكون جفوة من صنع الأب الضائع أو الأم التائهة مما يحدث الفجوة .
لكن على الطرف الثاني العاقل كما قلنا في هذه الحالة أحد الوالدين يكون على المنهج الصحيح ؛
فهذا الأخير يكون عليه عبء المسؤولية وهو مأجور عليها بإذن الله جل في علاه حتى يـُـقـَـوِّم الجيل
ويعوض النقص الحاصل من الطرف الثاني التائه ,
وبإذن الله لن تحدث جفوة كاملة بل حتى وإن وجدت فهي جزئية وبهذا يتمكن الطرف الذي يتبع
المنهج الصحيح من أن يكون حاجزا أمام أي فجوة وبهذا يقفل الباب أمام ضياع الجيل
وبإذن الله يـُهدي للأمة بمجهوده جيلا مقتديا بأشرف خلق الله صلى الله عليه وسلم وبالصحابة رضي الله عنهم
وبالسلف الصالح .
وأخيرا أسأل العلي القدير أن يصلح الأسر الإسلامية ويلهمها إلى تربية الجيل على هدي المصطفى
صلوات ربي وسلامه عليه .

وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين .


بقلم : أمة ربها وفاء محمد النجار .