[يمامة الوادي]

زوجك أولاً .. بعقل وعاطفة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أنا أم متزوجة و لي طفلان عمرهما12 و8 أعوام. أنا أعيش مع زوجي في بلد خليجي بعيد عن والدي ووالديه. ونزورهم كل عام مرة في إجازة الأولاد المدرسية. أنا وزوجي وبحمد الله أصبحنا ملتزمين ولا نحب معصية الله بقدر الإمكان...ولكن أسرنا مازالوا يقومون بكثير من الأمور التي تغضب الله مثل رؤية المسلسلات و الأفلام الكرتونية الهدامة وسماع الأغاني وغيرها من الأمور التي يستهين بها كثير من الناس. وهذه الأمور تؤثر على أبنائي سلبا ولمدة طويلة رغم قصر المدة التي نقضيها معهم خلال الإجازة وتهدم جزء كبير مما أبنيه عام كامل.

أصبح والدي كبار في السن ولكن و الحمد لله مازالا بصحة تمكنهم من العمل خارج المنزل. وهم يعيشون مع أخي وأختي في نفس المنزل. أريد أن أرجع وأكون بقربهم لأقوم بدوري ببرهم خصوصا في هذه السن المتقدمة. مع العلم أن أمي لا تشجعني على الرجوع وأبي يريد رجوعي. زوجي لم يكن مقتنعا لأسباب مادية(خوفا على وظيفته) ولكني أقنعته لأن والديه أكثر حاجة إليه من والداي.

السؤال:

1) إذا لم أرجع خوفا على ديني و تربية أبنائي.. هل هذا يعد عقوقا و عدم بر؟

2) وإذا رجعت هل يصح أن أرجع قبل زوجي وذلك حتى يجد عملا في بلدنا؟ وهذا بناء على طلبه.. مع العلم أني سأقيم في نفس البيت مع والديه(أي مع أمه وأبيه). وأنا لا أحبذ أن ارجع قبله ولكنه قال لي هي خطوة مبدئية؟ آسفة على الإطالة وجزاكم الله خيرا ..

الجواب :

الأخت الفاضلة أم علاء الدين ..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، ونسأل الله أن يزيدك حرصا على دينك ، وأن يوفقك لطاعة زوجك وبر والديك ، وتربية أولادك التربية الحسنة المباركة .
بداية أيتها الأخت الكريمة لا بد أن تعلمي أن المرأة عندما تتزوج ، طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ، هذا من حيث الأصل ، ويتعامل مع الوالدين بالمعروف ، كما الحال مع الزوج بالطاعة في المعروف والبر والوداد .
الأخت الكريمة :

تعالي معي نجري مقارنة سهلة وشيقة ؛ بحيث نقسم الموضوع إلى جانبين ، جانب البقاء وجانب العودة لبلدك ، ونضع في كل جانب السلبيات والإيجابيات ، ثم نرى ما يظهر لنا ، ونستخير الله تعالى ، ونعزم ، وننطلق متوكلين على الله بقرار رائق حكيم بحول الله تعالى ، وسوف اعتمد على ما ذكرته لنا من معلومات في رسالتك .


أولاً : جانب البقاء :

أ) السلبيات :

* البعد عن الأهل .

* عدم القدرة على بر الوالدين بالتواجد الشخصي والاتصال المباشر .

* ( ........... )

* ( ........... )

ب) الإيجابيات :

* توفر وظيفة مستقرة لزوجك .

* بيئة أنسب لتربية الأولاد .

* الاستقرار في بيت مستقل .

* التحكم في تربية الأولاد دون تدخل من أحد .

* القدرة على بر الوالدين بطرق مختلفة .

* الاستعداد والتخطيط للمستقبل في البلد الأصلي ، بناء على حياتكم في البلد الحالي .

* ( .......... )

ثانيا : جانب الرجوع :

أ) السلبيات :

* العيش في بيت غير مستقل .

* عدم التحكم في تربية الأولاد .

* ترك زوجك لوحده في البلد الحالي .

* عدم توفر بيئة مناسبة في البيت للأولاد وتربيتهم .

* ربما فقد وظيفة زوجك الحالية وعدم توفرها له في بلده .

ب) الإيجابيات :

* القرب من والديك و والدي زوجك .

* بر الوالدين مباشرة بالتواجد الشخصي .

* ( ........... )

* ( ........... )
بإمكانك استيفاء بقية النقاط تبعا لظروفك...

وكما ذكرت فإن هذا التقسيم بناء على المعلومات الواردة منك في سؤالك ، وتلاحظي أن الفارق كبير بين الجانبين ، فالمسألة الاقتصادية أصبحت ملحة وضاغطة على الجميع ، وكل فترة وجيزة تزداد الأمور تعقيدا وصعوبة

وقد منّ الله تعالى على زوجك بوظيفة مستقرة ، ومن عليكم بعيش كريم من تعب زوجك وجهده ، كما أنك في بيئة أفضل لأولادك من حيث تربيتهم على تعاليم الشرع وغرس قيم الإسلام فيهم

هذه الأمور كلها تحتاج منك لوقفة والتفكير فيها بعمق .


كما أن تواجدك بمفردك بينما يكون هو في البلد الحالي في دول الخليج ، قد يجعل تربية الأولاد تفلت منك ، وعرضة لتدخل المتواجدين معك ، ولو أنك كنتِ حازمة معهم وأنت لوحدك دون زوجك ، ربما يجر هذا الأمر لبعض المشاكل التي نعرفها كلنا في مجتمعاتنا العربية .


وترك زوجك لوحده في دول الخليج أمر غير مبرر ، وهو يعمل ويكدح من أجلكم ، فلمن تتركيه

حتى لو كان الأمر خطة أولية ، فكم ستطول؟

وإلى متى ؟

وهل سيجد عملا لو رجع بعدك بسنة مثلا ؟

وكيف تربي أولادك في تلك البيئة التي وصفتها ؟

كل هذه الأمور أختي الكريمة تجعل الأمور واضحة عندك لو تأملتِ فيه بكل عقل وروية ، ونظرة شرعية واعية .
شعورك بالمسؤولية ورغبتك في بر والديك مهمة ، لكن يمكن حصوله دون العودة والإقامة، فوالديك ولله الحمد ليسا لوحدهما ، فمعهما أختك وأخوك ، وهما بصحة جيدة كما ذكرت ، فليس هناك ما يستدعي العودة الحالية وإغفال بقية الإيجابيات الملازمة لبقائكم...
إن برك بوالديك يكون بطرق كثيرة وجميلة منها ؛ الهدايا ، كثرة الاتصال والاطمئنان عنهم ، الكلام الجميل ، الإعانة بالمال ، واستغلال مواسم الإجازات... وهكذا تجدي الكثير من الأمور التي تمكنك من حسن برك بوالديك .
البر فضيلة ولا تمتنع ببعدك.. ولكن يبدو أن العودة قد تجر من السلبيات ما هو أكثر...


كذلك أختي الفاضلة استقرارك مع زوجك حتى تتحسن الأوضاع في بلدك ويكون لكما بيت مستقلا ، تربيان فيه أولاكم كما تحبون ، هذا أيضا هدف لكل مغترب ، والكل يسعى له ، فخططي مع زوجك بمثل هذه الطريقة السهلة اللطيفة ، ولا تنسي كثرة الاستخارة وطلب التوفيق من الله تعالى في أمرك كله .


وازني بين الأمور بعقل واع ..

وكوني أيتها الأخت مع زوجك ، وربّ أولادك على شرع الله وقيمه ، وصِلي والديك بالمعروف وبكثير من صور البر ، وكوني نعمت البنت لهم ، من بعد أن تكوني نعم الزوجة الواعية ، والأم المربية الفاضلة ..
وفقكم الله وسدد دروبكم لكل خير ...




الشيخ عبد الحميد الكبتي