لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
الوعد الثاني :
تمكين دين الله ، وهذا معناه أنه يمكنُ أهله القائمين عليه ، الناصرين له ، الذين أخلصوه لله سبحانه وتعالى ، وهذا نظير قوله جل وعلا : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } . والوعد الثالث : الأمن بدلا من الخوف ، وذلكم بأن يظهرَ الله دينه ، ويعلِيَ القائمين به ، ويرفعُ درجتَهم ، ويقوي سلطانَهم ، وفي ذلكم من سنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولُه : " أعطيتُ خمسًا لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي : نصِرْتُ بالرعب مسيرةَ شهر ... " الحديث . * الفائدة الثالثة : أن من رزقوا التوحيد وأخلصوه لله ؛ هم نائلون مِن الله عز وجل الأمنَ والهداية . قال جل وعلا : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } . يوضح هذا تفسيرُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرادَ الله بالظلم ؛ الذي فهمَ أصحابُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا أمنَ معه ولا هداية . ففي الصحيحين عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ لما نزل : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } ؛ شقَّ ذلك على أصحاب محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالوا : أيُّنا مَن لم يلبِس إيمانه بظلم ؟ فهموا ـ رضي الله عنهم ـ بصريح لغتهم وفصيحها ـ أن هذه الآية تتضمن تهديدًا عظيما ، وأنه لا أمنَ لما تضمنته من الظلم . { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } ؛ يعني : لم يخلطوا إيمانَهم بظلم ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ليس ذاك ، ألم تسمعوا إلى قولِ العبد الصالح : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ؟" . فبان بهذا شيئان ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ : أحدهما : أن الظلم الذي لا أمنَ معه ولا هداية ؛ هو الشرك بالله سبحانه وتعالى . وثانيهما : أن ما دون هذا الظلم ؛ يحصل معه أمن وهداية |
وهذا يستدعي بيان أمرين آخرين : الأمر الأول :
اعلموا أن الظلم على ثلاثة أضرب : أحدها : ظلم لا يغفره الله لمن مات عليه ، فهو خالد مخلّد في النار ، وهذا الشرك . وسوف يأتي له مزيد تفصيل وبيان . ثانيها : ظلمٌ ؛ من مات عليه كان تحت مشيئة الله ، وسوف يأتي . وثالثها : ظلمٌ لا يدَعُ الله منه شيئا ، فيقتصُّ مِن الظالم للمظلوم ؛ وهو ظلم العباد فيما بينهم . فتلخَّص من هذا : أن الشرك هو : أظلم الظلم ، وأن حقوقَ العباد مبنية على المُقاصَّة . ولهذا سوف يُوفِي الله سبحانه وتعالى المظلومَ حقَّه من ظالمه يوم القيامة . وظلم العبد نفسَه هو ما كان تحت المشيئة . الأمر الثاني : اعلموا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ أن الأمن أمنان : أمن تام : وهذا يناله الموحِّد الذي يلقى الله على التوحيد والسلامة مِن المعاصي ؛ فإنه آمنٌ مِن دخول النار . والأمن الثاني : أمْنٌ ناقص ، وهو في حقِّ مَن لقيَ الله موحِّدًا ومُصِرًّا على كبائر ؛ فإن هذا الصنف مِن الناس آمنٌ من الخلود في النار ، غيرُ آمِنٍ من دخولها . وخلاصة القول : اعلموا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ أن الأمْن التام هو ثمرة الهداية التامة ، وأن الأمن الناقص هو ثمرة الهداية الناقصة . هذه بعض فوائد التوحيد وثمراته |
الأمر الثالث في هذه المقدمة :
مضى في أول حديثنا أصلُ الدين وأساسُه ، وأنه أمران : أحدهما : الدعوة إلى عبادة الله وحده ، وثانيهما : النهي عن الشرك ، أو التحذير من الشرك . والذي يجب أن يعلمَه كل مسلم ومسلمة أن أئمة الهدى والعلم والإيمان لم يقرِّروا هذين الأصلين مِن تلقاء أنفسهم ، ولا بمحض عقولِهم واجتهادِهم ، وإنما قرّروهما مستَدِلِّين على ذلكم بكتابِ ربِّنا وسنةِ نبيِّنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ . وقد عرفتم إشارة مما أسلفتُه لكم من الأدلة ؛ أن الدين الخالصَ ، وعبادة الله الخالصة ؛ لا يستقيمُ إلا على الحذر من الشِرك مع توحيد الله ، وبهذا يُعلم أنه لا يكفي في المرء أن يقول أنا موحِّد ، أو يقول أنا أصلي وأصوم وأزكي وأحج مخلِصًا لله في ذلك كلِّه ، بل يجب إخلاصُ التدينِ كلِّه والعبادةِ كلِّها لله سبحانه وتعالى . وهاكم بعض الأدلة على ما بيَّناه وقرَّرناه . وأظنكم أدركتم أن هذا ليس من عند أنفسنا ، بل وأقول وليس مِن عند علمائنا من تلقاء أنفسهم ، بل هو مُقتضَى الكتاب والسنة ، دِلالة ظاهرة صريحة ، وذلكم أن الحقَّ جل ثناؤه حذّر من الشرك بالله في كثير من آي تنزيله ، وبِصُوَرٍ متنوعة ، إذا انضم شيءٌ منها إلى بعضِه ؛ اقشعرّ قلبُ المسلم من الشرك ، ونفر منه نفورا ، فكيف إذا انضمتْ كلّ الآيات في هذا الباب مع جميع ما صحَّ عن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الباب أيضا إلى بعضها؟! فإنه لا تَقْبلُ الشركَ نفسٌ اطمأنتْ للإيمان ، ودانتْ لله بالتوحيد ، وتيقّتْ أن العبادة هي محضُ حق الله سبحانه وتعالى ، كما سيستبين أنه ليس كل من قال لا إله إلا الله، ليس كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسولُ الله ؛ هو مسلم . وسيظهر ذلكم ـ إن شاء الله ـ في ثنايا الحديث الذي قد يتتابع حلقات متعددة . فنقول وبالله التوفيق : قال الحق جل ثناؤه : { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } فماذا في هذه الآية ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ؟ |
تأملوا تأمل مَن ينظر في آي التنزيل الكريم نظرة تدبر ، يظهرْ لكم أنها تضمنت أمرين :
أولهما : عدم مغفرة الله الشرك لمن مات عليه . وثانيهما : أن ما دون الشرك ـ يعني ما كان أقل من الشرك والكفر من كبائر الذنوب والمعاصي ـ ؛ فإنه تحت مشيئة الله . وها هنا سؤال : هل الآية خاصة بهذا الوعيد في الشرك الأكبر ، أو هي عامة في أكبر الشرك وأصغره ؟ والجواب : الآية عامة ، فما توعد الله به من عدم مغفرة الشرك لمن مات عليه ـ وهذا مقيّد بنصوص أخَر ـ ، شاملة بهذا الوعيد للنوعين من الشرك . لكن .. يفرَّق بينهما من وجهين : ـ الوجه الأول : أن الشرك الأكبر ناقل عن ملة الإسلام إلى ملة الكفر ؛ وذلكم لأنه ينافي التوحيدَ بالكلية . وأما الشرك الأصغر فليس ناقلا عن ملة الإسلام . قال أهل العلم : كيسير الرياء ؛ الذي لا يصلُ بالمرء إلى أنه لا يريد بعملِه وجهَ اللهِ ولا الدار الآخرة . أما إذا وصل به الأمرُ إلى أنه لا يريد بعمله ؛ لا وجهَ الله ، ولا الدارَ الآخرة ، فهذا ـ المحقِّقون ـ على أنه شرك أكبر . والله أعلم . ـ الوجه الثاني : الشركُ الأكبر موجبٌ الخلودَ السرْمدِيّ الأبديّ في النار ، ما دامت السماواتُ والأرض ، لا يخرج منها أهلُه أبدًا ؛ لأنهم هم أهل النار . أما الشرك الأصغر ؛ فلا يوجب الخلودَ في النار ، ولكنه أكبر من الكبائر ؛ مثل الزنى ، والقذف ، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم ، وشرب الخمر . هذه الصورة الأولى . الصورة الثانية : حبوط العمل ، واسمعوا .. قال جل وعلا : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . انظروا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ما أشدَّ هذا الوعيد ، يُظهِر جليًّا حبوط عملِ المشرك ـ وإن كان صوّاما قوّاما عامِلا كلَّ عملٍ يُتَقرَّب به إلى الله ، ويُعبَدُ الله به . ولهذا قال أهل العلم : ( الشرك مثل السم ؛ يفسد العبادة ، كما أن السمَّ إذا خالط العمل أفسده ). وقال بعضهم : ( العبادة طهارة ، والشرك مثل الحدث ، والحدث إذا دخل على العبادة أفسدها ) . مَن توضأ أو اغتسل .. من توضأ وتهيأ للصلاة ؛ فإنه بالحدث يَبْطُل وضوؤه ، وتبطل صلاتُه ـ إن صلى محدِثا عالمِا عامدًا ـ ، يعني يعلم أنه محدث ويتعمد ؛ فإن صلاته تبطل . فالشرك محبط للعمل كله ؛ ألم تسمعوا إلى ربكم جل في علاه وهو يخاطب نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . |
وها هنا سؤال يجب الإصغاء إليه والتفطن لجوابه وهو :
هذا الخطاب هل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والجواب : المخاطب به مَن عدا رسولِ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لأنه يمكن أن يتأتَّى منه الشرك ، أما نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه معصوم من الشرك ، ومعصوم من كبائر الذنوب ، ومعصوم من صغائر الخسة ، كما هو حال جميع النبيين والمرسَلين ـ عليهم الصلاة والسلام أجمعين ـ . فتوجُّه الخطابُ إليه ؛ لأنه إمامُهم ـ إمام هذه الأمة ـ ، وهو الذي يبلغُ إليهم شرع الله سبحانه وتعالى ، فالآية قاضيةٌ على المشرك الذي تعمد الشرك وعاند وأصرَّ على ذلك حتى مات عليه ؛ بمصيبتين : إحداهما : حبوط عمله ، وإن كانت أعماله أمثال الجبال . وثانيتهما : خسارته ، وهذه مصيبة لا أعظم منها ، لا أعظم من مصيبة يعود الساعي في أجلِّ الأعمال ، وأمثلِ الأعمال ، وأفضلِ الأعمال ـ فيما يرى ـ خاسرا خائبا . الدليل الثالث : من سنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد أخرج الشيخان عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : سألتُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك " ـ يعني شريكا في عبادته ـ ، قلت : إن ذلك لعظيم ، ثم ماذا ؟ قال : " أن تقتل ولدَكَ خشية أنْ يطعمَ معك" ، قلت : ثم ماذا ؟ قال : " أن تُزاني حليلة جارِك " . الحديث . هذا الحديث ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ما أظنه خفِيَ عليكم نصًّا عن نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ البيان بأن الشرك هو أعظم ذنب عُصي الله به ، ويزيده وضوحا ما أخرجه الشيخان عن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " ألا أنبئكم بأكبرِ الكبائِر ؟" تأملوا .. " ألا أنبئكم بأكبرِ الكبائر ِ؟" قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : " الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور .." الحديث . ونظير هذين الحديثين : حديث أبي هريرة ـ وهو في الصحيح ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " اجتنبوا السبعَ المُوبِقات "ـ يعني المهلكات ـ ، قالوا : وما هن يا رسول الله! قال : " الإشراكُ بالله ، والسِّحْر ..." الحديث . ووجه الاستدلال من هذا الحديث على ما تضمنه حديث ابن مسعود وحديث أبي بكرة ـ رضي الله عنهما ـ في بَدء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشرك ، وجَعْلِه إياه أول الموبقات في الذّكْر . يعني هو أول الموبقات في الذكر . الدليل الرابع ـ على خطورة الشرك ـ : حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وهو في الصحيح ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلمةً ، وقلتُ أخرى ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " منْ ماتَ يدعو لله نِدًّا ؛ دخَل النار " ، وقلتُ أنا ـ يعني ابن مسعود ـ : (ومَن مات لا يدعو لله نِدًّا ؛ دخل الجنة ) . إلى غير ذلكم ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ من الأدلة الصريحة المستفيضة بل متواترة ـ ومعنى متواترة : فائقة الحصر ـ ؛ على أن الشرك أعظم ذنب عُصِيَ الله به، وعلى أنه مُحبِط للعمل ، وعلى أن الجنة حرامٌ لمن مات عليه ، إلى غير ذلكم من الخسائر التي يبوء بها مَن أشركَ مع الله غيره . وخاتمة هذه المقدمة : أذكِّر ما كرَّرْتُه على مسامعكم أو على مسامع أكثركم : أن أهل السنة حين يرُدُّون على مَن يخالف السنة ؛ ليس لهم في ذات ذلكم المخالف مقصِد ولا هدف . وإنما لهم مقاصد ثلاثة : المقصد الأول : الحرص على أن يكون التدين خالصا لله سبحانه وتعالى ، سالما من الشرك والبدعة ، ويحرصون ـ كذلكم ـ على أن يكون أهل الإسلام والسنة سلِيمين من المعاصي ـ سواء كانت مفسقات أو دونها فضلا عن المكفرات ـ . المقصد الثاني : الحيلولة بين دعاة الضلال وأئمة السوء وبين الناس ، وبعبارة لعلها أوضح ـ يريدون أن يقطعوا الطريق أمام أئمة الضلال حتى لا يفسدوا على الناس دينَهم الذي ارتضاه لهم . المقصِد الثالث : إقامة الحجة على مَن أبَى وعاند واستنكف عن قبول الحق |
وفي ذلكم ـ أيها المسلمون ـ أحاديث متواترة ؛ نختار منها حديثين اثنين ، وكلاهما في الصحيح :
الحديث الأول : حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " إنه لم يكنْ نبيٌّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمتَه على خيرِ ما يعلمُه لهم ، وأن ينذرَهم شرَّ ما يعلمه لهم ، وإن أمتكم هذه جُعل عافيتُها في أولِّها ، وسيصيبُ آخرَها بلاءٌ وأمور تنكِرون .. " الحديث . الحديث الثاني : حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم " . فإذا تأملت ـ أيها المسلم وكذلكِ أيتها المسلمة ـ وأعني مَن كان حريصا على التوحيد والسنة ؛ فإنكم ستستظهرون أمرين : الأمر الأول : أنه لا فلاح ولا صلاح ولا نجاة ولا نجاح إلا باتباع هدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهدي الخلفاء الراشدين من بعده ، ومن تبعهم بإحسان ؛ فإن ذلكم هو السلامة . وكان وهب بن كيسان ـ رحمه الله ـ يقعد لأصحابه ، ولا يقوم حتى يقول لهم : ( اعلموا أنه لن يصلحَ آخرَ هذا الأمرِ إلا ما أصلحَ أوله ) . قال أصبغ ابن الفرج لمالِكٍ ـ رحم الله الجميع ـ : ماذا يريد ؟ قال : ( يريد بادئ الدين ، أو التقوى ) [رواه أبو عمر ابن عبد البر بسنده عن أصبغ بن فرج عن الإمام مالك ـ رحم الله الجميع ـ ] . الأمر الثاني : الحذر من كل محْدث في الدين سواء كان الحدث يناقض التوحيد أو بدعة من البدع . وأرى ـ وهذا زيادة على ما وعدناكم لكنكم تتحملون بارك الله فيكم ـ أن ينضاف إلى هذين الحديثين حديث حذيفة ابن اليمان ـ رضي الله عنه ـ رضي الله عنهما ـ ؛ لأنه أباه صحابي ـ ، وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما ، قال : ( كان الناس يسألون رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الخير ، وأسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ! كنا في جاهلية وشر ؛ فجاء الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : " نعم " . قلت : فهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : " نعم ، وفيه دَخَن ". قلت : وما دخَنُه ؟ قال : " قوم يهدون بغير هديي ، ويستنّون بغير سُنّتي ، تعرِف منهم وتُنْكِر " ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها ؛ قذفوه فيها " . قلت : فصِفهم لنا يا رسول الله ! قال : " هم من بني جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا ..." الحديث . فبان بهذا الحديث معنى الحديثين قبله ، وأن دعاة السوء، ودعاة الشرك ، ودعاة البدعة هم مِن بني جلدتكم ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ، وهذا مُوجِبٌ الحذرَ كلَّ الحذر ممن رفع عقيرته بما يناقض التوحيد والسنة . وبهذا القدر نكتفي من الحديث معكم في هذه المسألة . وسنتابع الحديث ـ إن شاء الله ـ في مثل هذه الليلة من ليلة الجمعة القادمة ، وأظن أن ذلك سيكون في التاسعة والنصف . وفق الله الجميع لما فيه مرضاته ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . ونستودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
فيا أيها المسلمون والمسلمات ما أظنكم إلا وتذكرون ما بدأنا به الحديث معكم حول الحبيب ـ أو حول المدعو ـ الحبيب علي الجفري ، قدمنا مقدمة تضمنت عدة أمور ما أظنكم إلا وأدركتموها تماما .
وبدءا من هذه الليلة ـ إن شاء الله تعالى ـ يبدأ الحديثُ معكم ـ أعاننا الله وإياكم وكان معنا بنصره وتأييده وحفظه في الدنيا والآخرة ـ ، نتحدث بَدءا من هذه الليلة عما تم اختيارُه مِن عبارات الرجل . وبادئ ذي بدء أقول : إن ما أفرغه هذا الرجل من عُصارة فكره المنحرف ، وبَثَّه في هذه الأمة هي عشرات العبارات ، وأكثرها فيه مِن اللفِّ والخلْطِ والتمويهِ ما لا يُدْركه إلا مَن أوتِي الكياسة والفطنة والحِذق والخبرة بأساليب القوم أمثاله . ولو جمعنا كلَّ عباراتِه التي ثبتتْ عندنا ـ وهي حاملة ضلالاتِه وانحرافاتِه ودعوتَه الجلْدة لِمَسخ هذه الأمة من الهدى إلى الضلالة ، ومن التوحيد إلى الشرك ، ومن الإيمان إلى الكفر ، ومن السنة إلى البدعة ؛ لاستقطب ذلكم منا وقتًا طويلا ، ولأثقلنا على مسامعكم ، ولشغلنا وقتكم . وحرصا على بيان الحقيقة في أقصر وقت ؛ فقد اخترنا من عشرات عباراته التي تفوقُ الحصْر ـ وهي مُوَثّقة عندنا ـ ، وعندنا وثائق عن الرجل بالصوتِ والصورة ، فلا تظنوا أننا جمعناها مِن مُفرَّغات فقط ، بل ما جمعناه من تُرَّهات الرجل وانحرافاته ، هو ثابت عندنا بصوته ، ومنها ما هو بصوته وصورتِه ، فمَعاذ الله أن نتكلمَ فيه أو في غيره بدون ما حُجةٍ ولا بُرهان ؛ لأنا ندين الله بأن هذا من الدين ومن الأمانة ؛ وقد قال ربنا جل في علاه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ونحن نسير على نهْج أئمتنا وعلمائنا الذين لا يتكلمون إلا بِبَيِّنة ساطعة ، وحجة قاطعة من خلالها يمكن الحُكم على أهل البدع والضلال بما اقترفتْ أيديهم ، وجَنَتْه من الإفساد في الأمة . وهذا ـ أيها المسلمون ـ أعني كلام الأئمة والعلماء ـ الذين نحن ولله الحمد على موروثهم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وبَلغنا هذا الموروث عن طريقهم ـ ؛ هو من الميثاق الذي أخذه اللهُ على أهل العلم ؛ فقال جل وعلا : { وَإِذ أخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } . ومن القواعد والأصول التي دوّنها أئمةُ العلم والإيمان والهدى ؛ أنّ ما كان موجَّها لِكتَمة العلم مِن أهل الكتاب ، وعدمِ بذْلِه للناس ، وعدم نصح الناس من قبلهم ؛ هو مُتَّجِهٌ إلينا إنْ نحن سَلكْنا مسلكهم , وهاكم ما يؤكد ذلك في صحيح مسلم عن تميم الداريّ ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة " ، قالوا : لمن يا رسول الله ! قال : " لله ، ولكتابِه ولرسوله ، ولأئمةِ المسلمين ، وعامتِهم " . وأشْهِدُ الله ، ومَن حَضَر مِن ملائكتِه ، وأشْهِدُكم ـ أيها الحضور وأيها المستمعين والمستمعات من المسلمين ـ : أنه ليس لي في الرجل غرَض ، وليس بيني وبينه أخْذُ مالٍ ، ولا ضرْبُ ظهْرٍ ، وإنما حمَلني على التصدِّي لهذا البيان ـ الذي هو ردٌّ على الرجل ـ ؛ لكشْفِ ضلالاتِه ؛ أنِّي حتى الساعة لم أعلمْ عالِمًا جَهْبَذًا مِن أهل السُّنة ردَّ عليه مفصَّلا بما يكشفُ للأمة حاله ، ويُبَيِّنُ لهم ضلاله . فلما كان الأمر كذلك رأيتُ أنه مِن حقِّكم عليّ ـ مَن كان حاضرا معي الآن ومَن ستبلغُه هذه الرسالة مِن خلال إذاعةِ الدروسِ السلفية المبثوثةِ من (البالتوك) ـ رأيتُ أن أقول ما عندي ، مُدَلِّلا على ما أقول في الرجل ، مستعينًا بالله ، فهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل ، وهو المستعان وعليه التكلان . فإذا تقرر هذا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ ، ووَعَيْتُموه ؛ نبدأ عباراتِ الرجل ، ولا أستطيع أن آتي عليها هذه الليلة كلِّها ، ولكني أحَدِّثكم بما يتيسر لي من الكلام على بعضِها ، والله المستعان . فهاكم العبارة الأولى : قال المدعو علي الجفري : (( فنجدُ أكثرَ الكلام : التوحيد .. التوحيد .. التوحيد .. خطرٌ على توحيدك ، أوراقٌ توزَّع : ( مبطلات التوحيد ) ، ( نواقض التوحيد .. نواقض التوحيد ) وضوء !! . التوحيد بهذه السطحية هو عند الناس ! هاه ، نخاف عليكَ ، أنتَ عندكَ إشراك ، أو عندك توحيد ؟ أنا مُوَحِّد ؛ أقول أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، آتي أقول : لبيك لا شريك لك لبيك ، وأخاطب أني لست على التوحيد ؟؟! أنا قلتُ : لا شريكَ لك |
هذا المعنى ينبغي أن نتجاوزَه ، فالخلاف في دائرة شؤون العقيدة لا ينبغي أن يكون على هذا النحو .
نظرُنا إلى مَن خالفنا في فهمنا في صفاتِ الله ، هذا جسَّم ـ والعياذ بالله ـ ، هذا عطّل نفى الصفات ـ والعياذ بالله ـ ، لا هذا ولا هذا أرميه في الشرك والكفر ، ولكني أرى أنه أخطأ ، وأدعو له أن يعيدَه الله إلى الصواب . أما أن نحكمَ عليه أنه خرج من الدين ؛ فهذا الذي ينبغي أن نتوقف عنه . فإذا عرفنا أن فرْقا بين الخلاف في العقيدة فهو الذي لا ينبغي أن يُثارَ بين الأمة ؛ فالسواد الأعظم مِن الأمة على العقيدة الصحيحة ـ بفضل الله عز وجل ـ المُتَلقّاة عن الكتاب والسنة كما فهمها أئمةُ السلف مثل : الإمام أبو الحسن الأشعري ، ومثل الإمام أبو منصور الماتريدي ، ومثل بقية أئمة السلف الصالح ، والذي عليه حفَّاظ الحديث ، وشرَّاح البخاري ، وشُرَّاح مسلم ، وشُراح كتب الحديث ، والذي عليه أئمةُ الفِقه مِن الشافعية والأحناف والمالكية والحنابلة ؛ سواد أهلِ العلم همْ على هذ المعنى من الاعتقاد )) . وأقول : هذه العبارة ـ كمثيلاتِها الآتية وما لم نُدَوِّنْه عندنا ـ ما فيها مِن لبْسٍ وخَلْط وتمويهٍ وتناقض ؛ تستدعي محاضرةً كاملة ، وهذا قدَّمتُ ـ سلفا ـ إليكم العذرَ عنه ؛ لأني أريد أن أصل إلى المبتغى ـ الذي أتفق عليه أنا وأنتم ـ وهو دحض الباطل ، وكشف الشبَه ، وردّ الضلال ، ودفْعه عن الناس . فإذا كان الأمر كذلك ؛ فلنا معها وقفات نلخّص فيها أهمَّ ما انطوتْ عليه هذه الجملُ من مكْرٍ وخِداع وتضْليل . الأمر الأول : التهوينُ من شأن التوحيد وتحقيرُه ، وأنه لا ينبغي أن يُردَّد على المسامع ، وأنه ينبغي أن يُتَجاوَز , وفي هذا تعريض بدعوةِ التوحيد ، التي ورِثها السلفُ الصالح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونعني بهم أصحابه ـ ، ثم ورِثها عن أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من السلف أئمة التابعين ، ثم مَن بَعدهم من أهل القرون المفضَّلة بما فيهم : الأئمة الأربعة ، والسُّفيانان ، والحمّادان ، والرازِيّان : أبو زرعة وأبو حاتم ، والليثُ بن سعد ، والأوزاعيّ عبد الرحمن بن عمرو ، والمعافى بن عِمران ، وأبو عبيد القاسم ابن سلّام ، وأمثالُهم ، وأن هذه الدعوة سطحية . وبهذا تعلمون أن هذا القدح سلسِلة ضمنَ ما تُلفّ عليه هذه السلسلةُ بحلقاتها دعوة التجديد لما اندَرس مِن معالم السلفية ؛ التجديد الأخير ـ تجديد القرن الثاني عشر ـ ، وتلك الدعوة التي صدَع بها الإمامُ الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ ، وناصَره على هذه الدعوة أخوه الأمير الإمام محمد بن سعود ـ رحمه الله ـ. وعلى إثْر هذه الدعوة التجديدية لما اندرس من معالم السلفية ؛ قامت دولةُ التوحيد والسُّنة في أرض الحرمين وما جاوَرها مِن جزيرة العَرب التي عُرفت فيما بعد بالمملكة العربية السعودية . فتفطَّنوا يا أهل التوحيد والسنة . |
وليس الأمر ـ بما تضمنتْه هذه العبارة من قدح وغمز وهمز ـ مقصورًا على أهل التوحيد في المملكة العربية السعودية ، بل هو طائلٌ كلَّ مَن يَدين لله بالتوحيد الخالص ويدعو إليه .
وبهذا تعلمون أن غمْز الرجل وهمْزَه ولمزه وتهكُّمَه طائلٌ الملايين مِن المُوَحِّدين ، في جميع أقطار الأرض ، في قاراتها السبع . ثانيا : ينجر ـ أو يندرج ـ تحت قاعدة هذا التهوين والتحقير ؛ أنّ الوضوءَ أهمّ من التوحيد ، وذلك أنه في تهكُّمِه قال : (الوضوء ، له نواقض !) ، وهذا صريح ما تدلُّ عليه عبارتُه أن الوضوءَ له نواقضُ تبطله ، والتوحيد ليس له نواقض تبطله ، فهو إذا لا ينتقض ، وهذا هو فتحُ بابٍ أمامَ كل مَن أراد أن يشركَ بالله ، وفتح باب لجميع مَن أخرجتهم نِحَلُهم من الإسلام إلى الكفر إلى أن يتَسَتَّروا بذلك ، فيفعلون ما يفعلون من الشِّركيات وتوحيدهم على هذا لا ينتقض . وهذا فيه : أولا : تكذيبُ القرآن ، وقد سُقْتُ لكم ـ في الجلسة الماضية ـ مِن آيِ التنزيل الكريم ما يَدُل على أن التوحيدَ ينتقض ، وأن الشرك يُحبط العمل . وثانيا : تكذيب سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المتواترة ، ومنها حديث أبي بكرة في "الصحيحين" : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله ! قال : " الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور " الحديث . وثالثا : تكذيب إجماع الأمة الذين اتفق أئمتُها على وجوب الصدْع بالتوحيد ، والدعوةِ إليه ، والتحذير من الشرك بالله سبحانه وتعالى . ثم يندرج تحت هذه العبارة التهَكُّمِيّة التضليلية تعريضٌ بِمَن ألَّف وصنَّف في نواقضِ التوحيد مِن أتباع المذاهب الأربعة ، وغيرهم من أئمة الهدى والعلم والإيمان . يعرِف ذلكم ـ أيها المسلمون ـ مَن اطّلع في دواوين الفقهاء ، والمُحدِّثين في باب حكم المرتد ؛ فإنهم يَذكرون نواقضَ التوحيد ، نواقض الإسلام . فالجفري يُكذب أئمتكم ، ويسخر بهم ، ويستهزئ بهم ، ويضللهم ، ويُهيِّج الجهَلة ضدهم ، ويحرضهم عليهم . وثمة أمر ـ لعله الرابع ـ : أن التوحيد مقصورٌ عند الرجل على توحيد الأسماء والصفات . فظاهر عبارته الصريح أن توحيد العبادة أمرٌ بسيط ، وإنما الذي يجب استفراغ الوسع فيه ، هو توحيد الأسماء والصفات . وما أظن الرجل يعرف توحيدَ الأسماء والصفات . فتوحيد الأسماء والصفات هو من معاني ربوبية الله سبحانه وتعالى ، وهو من التوحيد العلمي الخبري ، مثل توحيد الربوبية . فالتوحيد العِلْمي الخبري مركوزٌ في الفِطر ، وإنما الذي جَحَده الناس وكان بينهم وبين أنبيائهم ورسلِهم الخصومة والنزاع فيه هو التوحيد الإرادي الطلبي الذي هو توحيد الألوهية ، ويسمى توحيد العبادة . ويَدُلُّك على أن الرجل لا يعرف التوحيد ، وليس له عنده قدْر ولا تعظيم : أنه يدعو إلى تجاوز هذا ، وأنه لا ينبغي أن يُثار مثل هذا في الأمة !! وهذه العبارة هي عينُها قاعدةُ المعذرةِ والتعاون : ( نتعاون فيما اتفقْنا عليه ، ويَعذُر بعضُنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) ـ وإن كان اللفظ مختلفا ـ ، لكن المعنى هو المعنى ، والغرض هو الغرض ، بأسلوب محْبوك ، وعباراتٍ مُبَطّنة لا يفقهها السُّذَّج والجهال ، ولكن ـ ولله الحمد ـ لا تنطلي على أهل السنة ، فإن عوامَ أهل السنة الذين جالسوا أهل العلم وتفقهوا في السنة عليهم لا تروج عليهم مثل هذه العبارات . تلكم القاعدة التي هي قاعدة المنار ـ أولا ـ ، ثم هي قاعدة الإخوان المسلمين ـ ثانيا ـ ، والتي أسَّس لها من الأصول والأفكار : (حسن البنا) ـ مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر في أول القرن الميلادي الماضي ـ . وخلاصة هذا التهكُّم : هو في الحقيقة منصبٌّ على دعوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومَن مضى قبْله من النبيين والمرسلين ، وقد قدَّمتُ لكم ـ في الجلسة الماضية ـ الأدلة على أن النبيين والمرسلين من لدن نوح أولهم إلى محمد خاتمهم ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ ؛ كلهم متفقون على دعوة الخلق إلى التوحيد وأن من لم يوحد الله عز وجل ، من لم يعبد الله وحدَه ؛ كان كافرا . ومما تضمنته هذه العبارة التهكُّمِيَّة الجائرة : أن الناس كلهم على العقيدة الصحيحة ، كل الناس على العقيدة الصحيحة ، أو السواد الأعظم ، السواد الأعظم على العقيدة الصحيحة . تأملوا .. السواد الأعظم : يعني أكثر الناس !! وهذا القول يكذبه أمران : الأمر الأول : النص . والأمر الثاني : الواقع المحسوس والمشاهد بين المسلمين اليوم . فمِنَ النصّ : قوله تعالى : { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } ، وقوله تعالى : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ } . هذا من التنزيل الكريم ، فماذا من سنة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ صح عن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحةً لا يماري فيها أحدٌ من أهل السنة . الحديث صحيح عن أهل السنة ومتلقَّى بالقبول ، وهو مشهور ، وما تضمنته عندهم هو من أصولهم ، أعني به حديث افتراقِ الأمم ، ومِن ألفاظه : " افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلُّها في النار إلا واحدة " . قالوا : مَن هي يا رسول الله ؟ قال : " الجماعة " . هذه هي الرواية الصحيحة . تفسير الاستثناء : " الجماعة " . فهذا الحديث أيها المسلمون دليل صريح على أن أكثر المسلمين هالك ، وأن الفرقة الناجية واحدة فقط . واثنتان وسبعين فرقة هالكة ، مُتوَعَّدة . وهذه الفرقة هي الجماعة التي فسّرها ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ بقوله : ( الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ؛ فإنك أنتَ حينئذ : الجماعة ) ، وفي رواية أخرى يصححها بعض أهل العلم بشواهدها قال : "إلا واحدة " ، قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : " مَن كان مِثل ما أنا عليه ـ اليوم ـ وأًصحابي " . وهذا يستدعي منا سؤالا نُوَجِّهُهُ إلى كلِّ مَن أوتي الكياسة والفطنة والفقهَ في الدين والخبرة بأحوال الناس: هل السواد الأعظم اليوم على ما أخبر به النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما أظن أحدًا إلا ويقول : ليسوا كذلك، ليس السواد الأعظم هو على ما أخبر به النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ . ويأتي الأمر الثاني وهو الدليل من الواقع المحسوس : الرافضة ـ وهم في كثير من أقطار الأرض ـ أكثر من أهل السنة ، ليسوا على عقيدة التوحيد ؛ ولهذا كفَّرهم بعضُ الأئمة |
الجهمية : ليسوا على عقيدة التوحيد ، فهم خارج الفِرق الإسلامية .
ثم انظر في واقع المسلمين ، واقع المنتسبين للإسلام في كثير من الأقطار ؛ تُقام المشاهد ، والأضْرحة ، وتشيَّد عليها القبب ، ويزورها سنويًّا مئاتُ الألوف .. مئات الألوف يُقربون لها القرابين ، وينذرون لها النذور ، ويسألون أهلها قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات ، وهم في كثير مِن الأقطار أكثر من الخلَّص الذين هم على السنة المحضَة . ثم انظر في كثير من الأقطار : أصحاب وحدة الوجود ، وأصحاب عقيدة الحلول ، والباطنية .. وغير ذلك . فبان بهذا أن الجفري لا يُعِير اهتمامًا لعقيدة التوحيد ، وأنه لا يدعو إليها ، ولا يُقرِّرُها ، بل يستهزئ بأهلها ويسخر منهم . فتفطنوا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ . وقد سَبَقه مَن سبقه ، أعني في قوله ـ أو معنى قوله ـ : ( أنه لا يُثار الخلاف في العقيدة ) ، هذا في الحقيقة سَبقه إليه رجال من الدعاةِ إلى وِحْدةِ الأديان ، مثل يوسف القرضاوي ، والترابي وقبلهم حسن البنا ، وبين ذلك سيد قطب ، وغيرُهم كُثر . فهي سلسلة من الأصول والقواعد التي تَجَنَّد بها القومُ ؛ لهدم عقيدة التوحيد ، أو إماتة الولاء والبراء من أجل هذه العقيدة . فتفطنوا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ فإن النار تحت الرماد . قال المدعو علي الجفري في سياق كلامه عن الأولياء : قال : ( إذا عرفنا أنه يسمع ، وأنه يجوز أن ينفعَنا إن استطاع . بقي هل يستطيع ينفع أو لا ؟ كيف بينفع ؟ عشرين طريقة وطريقة ، أولا : الدعاء به . هل دعاء الأولياء مثل دعائي أنا ، هم أقرب إلى القبول منى ؛ لأن انتفاء موانع الدعاء أكبر مني . في الحديث في البخاري : " لئن سأني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنّه " ، { لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ } في موتهم ، وإلا في حياتهم وموتهم ؟ { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ـ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ـ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } يعني مش بس في حياتهم ، البشرى منهم مش بس في حياتهم ، البشرى حقهم من ضمنها : " ولئن سألني" ، الله بشرهم قال : " ولئن سالني " ، وقال في الدنيا والآخرة ، فوسيلة من وسائل الانتفاع لما أقول : يا رسول الله ! يا أبا سودان ! يا جيلاني ! يا حداد ! أن اعتقاد أنه بإذنه تعالى وبالسببية هذه أنه يمكن ينفعني يدعي لي )) . وأقول : أولا : ألم تسمعوا ـ أيها المسلمون والمسلمات ـ إلى قول الحق جل جلاله وهو يدعوكم إلى أن تدعوه وحدَه في غير ما آية من كتابه : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } وقال جل وعلا : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } . إلى غير ذلكم من الآيات المعلومات التي هي أشهرُ مِن أن تُذكر ، وأكثرُ مِن أنْ تُحْصَر ، يحضُّ إلهُنا ، ومعبودُنا وسيدنا فيها إلى أن نضرعَ إليه ، ونلجأ إليه بالدعاء . وثانيا : هذا الذي قرره الجفري وهو أن المسلم يمكن أن ينتفعَ بالولِيّ ؛ وذلك أن يدعو به ، وفسره بقوله : ( حينما أقول يا رسول الله ! يا سودان ! ... ) إلى آخر مَن سمى . أتدرون ماذا يقرر هذا المسكين الضالّ المُضِلّ الذي جنَّده إبليس ؟! إنه يقرر عقيدة قريش الذين بُعِث إليهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فردّ كثيرٌ منهم دعوتَه ، فقريشٌ حين بُعث إليهم النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكذلك مَن دان دينَها مِن جزيرةِ العرب ، هذه عقيدتهم . وكيف ذلك ؟ وما معنى ذلك ؟ إنهم يقولون : نتوسط بالأولياء ، نتوسط بالآلهة ، نجعلها وسائط بيننا وبين الله . وهذا هو ما عابَه اللهُ عليهم وسفَّه به أحلامَهم وعقولهم في آياتٍ كثيرة مِن مُحكم تنزيله ، وهاكُم آيتين فقط ، مُنَبِّهين به على ما هو في معناهما مِن آيِ التنزيل الكريم : قال جل وعلا : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ } ، والآية الثانية { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } الآية إلى قوله : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ } |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى امته عن طريق الرؤية | geier139 | منتدى الصوتيات والمرئيات | 4 | 2010-06-02 8:12 PM |
معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد 1400 سنة..انشقاق القمر | السرهندية | المنتدى الإسلامي | 4 | 2007-04-04 7:09 PM |
أشهد أن لا أله الا الله وأن محمد رسول الله (( رؤيا فيها الرسول صلى الله عليه وسلم )) | ابو دنيا | 🔒⊰ منتدى الرؤى المفسرة لأصحاب الدعـم الذهـبي ⊱ | 2 | 2007-02-03 8:06 PM |
عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نصرت ياعمرو بن سالم) | افياء | منتدى الشعر والنثر | 4 | 2007-01-23 8:56 PM |
سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم ينعاني في صلاة العصر | ابو عبد الله | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 1 | 2004-09-04 8:45 PM |