لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
تحريم التحلم بما لم يره في منامه
وذكر الوعيد الشديد على ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «من أفرى الفرى أن يُري عينه ما لم تَرَ» رواه الإمام أحمد والبخاري، وفي رواية لأحمد قال: «أفرى الفرى من ادعى إلى غير أبيه وأفرى الفرى من أرى عينيه في النوم ما لم تريا ومن غير تخوم الأرض». وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال نبي الله : «إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه أو يري عينيه في المنام ما لم تريا أو يقول على رسول الله ما لم يقل» رواه الإمام أحمد والبخاري وهذا لفظ أحمد وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه أحمد أيضًا بإسنادين كل منهما على شرط مسلم ولفظه في إحدى الروايتين: «إن أعظم الفرية ثلاث أن يفتري الرجل على عينيه يقول رأيت ولم ير وأن يفتري على والديه فيدعى إلى غير أبيه أو يقول سمعت ولم يسمع» ورواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه. قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث»: الفرى جمع فرية وهي الكذبة. وأفرى أفعل منه للتفضيل، أي من أكذب الكذبات أن يقول رأيت في النوم كذا وكذا ولم يكن رأي شيئًا لأنه كذب على الله فإنه هو الذي يرسل مَلَك الرؤيا ليريه المنام. انتهى. وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله قال: «إن من أعتى الناس على الله عز وجل من قتل غير قاتله أو طلب بدم الجاهلية من أهل الإسلام أو بَصَّرَ عينيه في النوم ما لم تبصر» رواه أحمد والطبراني، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال: «من تَحلَّم بحلْم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل» رواه الإمام أحمد والبخاري وهذا لفظه. ولفظ أحمد: «ومن تحلم عذب يوم القيامة حتى يعقد شعيرتين وليس عاقدًا». وفي رواية له: «ومن تحلم كلف يوم القيامة أن يعقد شعيرتين – أو قال – بين شعيرتين وعذب ولن يعقد بينهما». وفي رواية له أيضًا: «ومن تحلم عذب حتى يعقد شعيرة وليس بعاقد»، ورواه أبو داود ولفظه: «ومن تحلم كلف أن يعقد شعيرة» ورواه الترمذي ولفظه: «من تحلم كاذبًا كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين ولن يعقد بينهما» ثم قال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه ابن ماجه ولفظه: «من تحلم حلمًا كاذبًا كلف أن يعقد بين شعيرتين ويعذب على ذلك» ورواه ابن حبان في "صحيحه" ولفظه قال رسول الله : «الذي يُري عينيه في المنام ما لم يَرَ يكلف يوم القيامة أن يعقد بين شعرتين». وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: «ومن تَحلَّم كاذبًا دفع إليه شعيرة وعذب حتى يعقد بين طرفيها وليس بعاقد» رواه الإمام أحمد. وعن علي رضي الله عنه عن النبي قال: «من كذب في حُلْمِهِ كلف يوم القيامة عقد شعيرة» رواه الإمام أحمد والترمذي والدارمي والحاكم، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. قال: وفي الباب عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي شريح وواثلة. وعن علي رضي الله عنه عن النبي قال: «من كذب في الرؤيا متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد المسند". قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث» ومنه الحديث: «من تَحلَّم كُلَّف أن يعقد بين شعيرتين» أي قال: إنه رأى في النوم ما لم يَرَه. يقال: حَلَم بالفتح إذا رأى. وتَحلَّم إذا ادعى الرؤيا كاذبًا. فإن قيل: إن كذب الكاذب في منامه لا يزيد على كذبه في يقظته فلِمَ زادت عقوبته ووعيده وتكليفه عقد الشعيرتين ... قيل: قد صح الخبر أن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة. والنبوة لا تكون إلا وحيًا. والكاذب في رؤياه يدعي أن الله تعالى أراه ما لم يره وأعطاه جزءًا من النبوة لم يعطه إياه، والكاذب على الله تعالى أعظم فرية ممن كذب على الخلق أو على نفسه. انتهى. وقال الخطابي: معنى عقد الشعيرة أنه يكلف ما لا يكون ليطول عذابه في النار، وذلك أن عقد ما بين طرفي الشعيرة غير ممكن. انتهى. ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" عن الطبري أنه قال: إنما اشتد فيه الوعيد مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ قد تكون شهادة في قتل أو حد أو أخذ مال، لأن الكذب في المنام كذب على الله أنه أراه ما لم يره. والكذب على الله أشد من الكذب على المخلوقين لقوله تعالى: وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ [هود: 18] الآية. وإنما كان الكذب في المنام كذبًا على الله لحديث: «الرؤيا جزء من النبوة» وما كان من أجزاء النبوة فهو من قِبَل الله تعالى. انتهى ملخصًا. |
فيما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى في المنام
قال ابن سيرين: من رأى ربه في المنام دخل الجنة، رواه الدارمي وأبو نعيم في "الحلية". وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: احتبس عنا رسول الله ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعًا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله وتجوّز في صلاته فلما سلّم دعا بصوته فقال لنا: «على مصافكم كما أنتم» ثم انفتل إلينا فقال: «أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قُدّر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد، قلت: لبيك رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، قالها ثلاثًا، قال: فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثدييّ فتجلى لي كل شيء وعرفت. فقال: يا محمد، قلت: لبيك رب، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، قال: ما هنّ؟ قلت: مشي الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء في المكروهات، قال: ثم فيم؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة بالليل والناس نيام، قال: سل، قلت: اللهم أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون، وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك»، قال رسول الله : «إنها حق فادرسوها ثم تعلموها» رواه الإمام أحمد والترمذي وابن خزيمة في "كتاب التوحيد". وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. سألت محمد بن إسماعيل – يعني البخاري – عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح. وذكر ابن عدي عن أحمد أنه صححه، وقد رواه الحاكم في "المستدرك" مختصرًا ولم يتكلم عليه. وعن أبي قلابة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: «أتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة – أحسبه يعني في النوم – فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا، قال النبي : فوضع يده بين كتفيّ حتى وجدت بردها بين ثدييّ، أو قال: في نحري، فعلمت ما في السموات وما في الأرض، ثم قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: نعم يختصمون في الكفارات والدرجات، قال: وما الكفارات والدرجات؟ قال: المكث في المساجد والمشي على الأقدام إلى الجمعات وإبلاغ الوضوء في المكاره. ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقل يا محمد إذا صليت اللهم أسألك الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون، قال: والدرجات بذل الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام» رواه الإمام أحمد والترمذي وهذا لفظ أحمد. ورواه الترمذي أيضًا من طريق أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي فذكره بنحوه مختصرًا. ثم قال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، قال: وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عائش عن النبي . وعن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي أن رسول الله خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا: يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقال: «وما يمنعني وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة، قال: يا محمد، قلت: لبيك ربي وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري أي رب، قال ذلك مرتين أو ثلاثًا قال: فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض، ثم تلا هذه الآية: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الآية. قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: في الكفارات، قال: وما الكفارات؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد خلاف الصلوات وإبلاغ الوضوء في المكاره، قال: من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، ومن الدرجات طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام، فقال: يا محمد إذا صليت فقل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب عليّ وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون» رواه الإمام أحمد، قال الهيثمي: ورجاله ثقات. وعن عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله يقول: «رأيت ربي في أحسن صورة، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: أنت أعلم يا رب، قال: فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات والأرض وتلا: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [الأنعام: 75]» رواه الدارمي هكذا مختصرًا. وقد رواه الطبراني مطولاً ولفظه عن عبد الرحمن بن عائش قال: قال رسول الله : «رأيت ربي في أحسن صورة فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: أنت أعلم أي رب، فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثدييّ فعلمت ما في السموات وما في الأرض ثم تلا: * وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ثم قال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ فقلت: في الكفارات، قال: وما هنّ؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجمعات والجلوس في المساجد خلاف الصلوات وإسباغ الوضوء أماكنه في المكاره، قال: قال الله عز وجل من يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير ويكون من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومن الدرجات إطعام الطعام وبذل السلام وأن تقوم بالليل والناس نيام، ثم قال: يا محمد قل اللهم إني أسألك فعل الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وتتوب عليّ وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون، فقال النبي : تعلموهن فو الذي نفسي بيده إنهن لحق». وفي رواية أن رسول الله غدا مستبشرًا على أصحابه يعرفون السرور في وجهه، فذكر نحوه وقال فيه: «وإذا صليت يا محمد فقل»، وقال فيه: «والدرجات الصوم وطيب الكلام». وفي رواية عن خالد بن اللجلاج قال: سمعت عبد الرحمن بن عائش يقول خرج علينا رسول الله ذات غداة، قال فذكر نحو الذي قبل هذه الرواية. قال الهيثمي: رواه كله الطبراني ورجال الحديث الذي فيه خرج علينا رسول الله ثقات. وكذلك الرواية الأولى، وفي الرواية الوسطي معاوية بن عمران الجرمي ولم أعرفه، وقد سئل الإمام أحمد عن حديث عبد الرحمن بن عائش عن النبي بهذا الحديث فذكر أنه صواب هذا معناه، انتهى كلام الهيثمي. وقد روى الحاكم في "المستدرك" من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا خالد بن اللجلاج حدثنا عبد الرحمن بن عائش الحضرمي قال: سمعت رسول الله يقول وذكر الرب تبارك وتعالى فقال: «قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب عليّ وتغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون»، فقال رسول الله : «تعلموهن فو الذي نفسي بيده إنهن لحق». قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي على تصحيحه. وعن ثوبان رضي الله عنه قال: خرج إلينا رسول الله بعد صلاة الصبح فقال: «إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا، قال: ثم ذكر شيئًا، قال: فخيل لي ما بين السماء والأرض، قال: قلت: نعم يختصمون في الكفارات والدرجات. فأما الدرجات فإطعام الطعام وبذل السلام وقيام الليل والناس نيام. وأما الكفارات فمشي على الأقدام إلى الجماعات. وإسباغ الوضوء في المكروهات، وجلوس في المساجد خلف الصلوات، ثم قال: يا محمد قل يسمع وسل تعطه، قال: قلت: فعلمني، قال: قل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني إليك وأنا غير مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحبًا يبلغني حبك». رواه البزار من طريق أبي يحيى عن أبي أسماء الرحبي، قال الهيثمي وأبو يحيى: لم أعرفه وبقية رجاله ثقات، قلت: قد روى ابن أبي عاصم في "كتاب السنة" طرفًا من أوله. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله تلبث عن أصحابه في صلاة الصبح حتى قالوا: طلعت الشمس أو تطلع، ثم خرج فصلى بهم صلاة الصبح فقال: «اثبتوا على مصافكم»، ثم أقبل عليهم فقال لهم: «هل تدرون ما حبسني عنكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «إني صليت في مصلاي فضرب على أذني فجاءني ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد، فقلت: لبيك رب وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب فوضع يده بين كتفيّ حتى وجدت بردها بين ثدييّ فعلمت ما سألني عنه، ثم قال: يا محمد، قلت: لبيك رب وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: في الكفارات والدرجات، قال: وما الكفارات والدرجات؟ قلت: الكفارات إسباغ الوضوء عند الكريهات، ومشي على الأقدام إلى الجماعات وجلوس في المساجد خلف الصلوات، وأما الدرجات فإطعام الطعام وطيب الكلام والسجود بالليل والناس نيام، فقال لي ربي تبارك وتعالى: سلني يا محمد، قلت: أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأسألك أن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون، اللهم إني أسألك إيمانًا يباشر قلبي حتى أعلم أن لن يصيبني إلا ما كتبت لي ورضني بما قضيت لي» رواه البزار. وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي قال: «أتاني ربي في أحسن صورة فقال: يا محمد، قلت: لبيت وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري، فوضع يده بين ثدييّ فعلمت في مقامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الدرجات والكفارات، فأما الدرجات فإسباغ الوضوء من السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، قال: صدقت، من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وأما الكفارات فإطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام والصلاة بالليل والناس نيام، ثم قال: اللهم إني أسألك عمل الحسنات وترك السيئات وحب المساكين ومغفرة وأن تتوب عليّ وإذا أدرت بقوم فتنة فنجني غير مفتون» رواه الطبراني في "الكبير". قال الهيثمي: وفيه ليث بن أبي سليم وهو حسن الحديث على ضعفه، وبقية رجاله ثقات، قلت: قد روى ابن أبي عاصم في كتاب "السنة" طرفًا من أوله. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إن الله تعالى تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: ربي لا أعلم به، قال: فوضع يده بين كتفيّ حتى وجدت بردها بين ثدييّ -أو وضعها بين ثدييّ حتى وجدت بردها بين كتفي- فما سألني عن شيء إلا علمته» رواه ابن أبي عاصم في "كتاب السنة" ورجاله رجال الصحيح. |
في بيان أن رؤيا الأنبياء في المنام وحي وحقّ
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «رؤيا الأنبياء في المنام وحي» رواه ابن أبي حاتم وذكره الترمذي في مناقب عمر بن الخطاب تعليقًا. وعنه رضي الله عنه أنه قال: «كانت رؤيا الأنبياء وحيًا» رواه ابن جرير وابن أبي عاصم في "كتاب السنة" والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي في تلخيصه. وعن عبيد بن عمير قال: «إن رؤيا الأنبياء وحي» ثم قرأ: إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصافات: 102] رواه البخاري. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه موقوفًا: «أن رسول الله كان ما رأى في يقظته أو نومه فهو حق» رواه الإمام أحمد وابن أبي عاصم في "كتاب السنة" بأسانيد صحيحة. وفي رواية لأحمد: «رؤيا النبي حق». وإذا علم أن رؤيا النبي في المنام وحي وحق فليعلم أيضًا أنه يجب الإيمان بما أخبر به رسول الله من رؤيته لربه تبارك وتعالى في المنام في أحسن صورة وأنه وضع كفه. وفي رواية يده بين كتفي رسول الله حتى وجد بردها بين ثدييه. ويجب أيضًا إمرار ما جاء في ذلك الأحاديث التي تقدم ذكرها كما جاء من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وقد تلقاها الصحابة عن النبي وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت، ثم تلقاها من رواها عنهم من التابعين وكذلك أتباع التابعين من بعدهم وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت ثم خرجها من جاء بعدهم من أكابر المحدثين الذين تقدم ذكرهم وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت. وهذه الطريقة هي طريقة السلف في آيات الصفات وأحاديث الصفات، وهي أسلم وأحكم من طريقة الخَلَف الذين خاضوا في تأويل آيات الصفات وأحاديثها وصرفوها عن ظاهرها بما سنح لهم من الاحتمالات والتأويلات الباطلة حتى آل بهم ذلك إلى التعطيل. وقد قال ابن عبد البر في كتابه "جامع بيان العلم وفضله": إن السلف رووا أحاديث الصفات وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علمًا وأوسعهم فهمًا وأقلهم تكلفًا، ولم يكن سكوتهم على عيّ، فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر. انتهى. وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" عن القاضي عياض أنه قال: لم يختلف العلماء في جواز رؤية الله تعالى في المنام. انتهى. وذكر النووي في "شرح مسلم" عن القاضي أنه قال: اتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها. انتهى المقصود من كلامه. وذكر البغوي في كتابه "شرح السنة" عن الإمام -وهو شيخه القاضي حسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروروذي شيخ الشافعية في زمانه- أنه قال: رؤية الله في المنام جائزة، فإن رآه فوعد له جنة أو مغفرة أو نجاة من النار فقوله حق ووعده صدق. وإن رآه ينظر إليه فهو رحمته، وإن رآه معرضًا عنه فهو تحذير من الذنوب لقوله سبحانه وتعالى: أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ [آل عمران: 77]. وإن أعطاه شيئًا من متاع الدنيا فأخذه فهو بلاء ومحن وأسقام تصيب بدنه يعظم بها أجره لا يزال يضطرب فيها حتى يؤديه إلى الرحمة وحسن العاقبة. انتهى. فصل فيما جاء في رؤية النبي في المنام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي» رواه الإمام أحمد ومسلم وابن ماجه بهذا اللفظ. وفي لفظ لأحمد: «من رآني في المنام فقد رآني إن الشيطان لا يتشبه بي»، ورواه البخاري ولفظه: «ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي»، ورواه ابن أبي شيبة بهذا اللفظ، ورواه الإمام أحمد بنحوه ولفظه: «من رآني في المنام فقد رآني إن الشيطان لا يتصور بي». قال شعبة أو قال: «لا يتشبه بي»، ورواه الترمذي ولفظه: «من رآني فإني أنا هو فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي». قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي رواية لأحمد وابن حبان: «من رآني في المنام فقد رأى الحق إن الشيطان لا يتشبه بي». وفي رواية لأحمد: «من رآني في المنام فقد رآني الحق إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي». وفي رواية لأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي»، هذا لفظ البخاري، ولفظ أحمد ومسلم وأبي داود «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي» زاد البخاري: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته. وفي رواية لأحمد عن عاصم بن كليب حدثني أبي أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله : «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي». قال عاصم: فحدثنيه ابن عباس رضي الله عنهما فأخبرته أني قد رأيته، قال: رأيته؟ قلت: إي والله لقد رأيته. قال: فذكرت الحسن بن علي، قال: إني والله قد ذكرته ونعته في مشيته، قال فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه كان يشبهه، وقد رواه الترمذي في الشمائل والحاكم بنحوه مختصرًا وصححه الحاكم والذهبي. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": سنده جيد. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي» رواه الإمام أحمد والبخاري. ورواه ابن أبي شيبة مختصرًا، ولفظه: «إن الشيطان لا يتمثل بي»، ورواه الترمذي في "الشمائل" بنحو رواية أحمد والبخاري. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «من رآني في النوم فقد رآني إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي» رواه الإمام أحمد ومسلم وابن أبي شيبة وابن ماجه. وفي رواية لمسلم: «من رآني في النوم فقد رآني فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي». وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا ينبغي له أن يتمثل بمثلي» رواه الإمام أحمد والدارمي والترمذي وابن ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من رآني فقد رأى الحق» رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم والدارمي وهذا لفظ البخاري ومسلم. ولفظ أحمد: «من رآني فقد رآني الحق»، ولفظ الدارمي: «من رآني في المنام فقد رأى الحق». وفي رواية للبخاري: «وإن الشيطان لا يتراءى بي». وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال: «من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني» رواه الإمام أحمد والبخاري وابن أبي شيبة وابن ماجه وهذا لفظ البخاري. ولفظ أحمد: «من رآني فقد رآني الحق فإن الشيطان لا يتكون بي». ولفظ ابن أبي شيبة وابن ماجه: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي». قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث» فيه: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتكونني». وفي رواية: «لا يتكون في صورتي» أي يتشبه بي ويتصور بصورتي وحقيقته يصير كائنًا في صورتي. انتهى. وقد روى الطبراني في "الصغير والأوسط" حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ولفظه: «من رآني في المنام فقد رآني حقًا فإن الشيطان لا يتمثل بي ولا بالكعبة». قال الهيثمي: فيه محمد بن أبي السري وثقه ابن معين وغيره وفيه لين وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن أبي جحيفة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي» رواه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" وهذا لفظ ابن ماجه، وفي رواية ابن حبان: «فإن الشيطان لا يتشبه بي». وعن أبي مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فقد رآني» رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والبزار والطبراني. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وقد رواه الترمذي في "الشمائل" ورجاله رجال الصحيح. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة، من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل بي» رواه الطبراني في "الأوسط والكبير" وهذا لفظه في "الكبير"، قال الهيثمي: ورجاله ثقات. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فإياي رأى فإن الشيطان لا يتخيل بي» رواه الإمام أحمد وابن ماجه وهذا لفظ أحمد، ولفظ ابن ماجه: «من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي». وفي إسناد كل منهما جابر الجعفي وهو ضعيف ولكن لحديثه هذا شواهد كثيرة مما ذكر قبله من الصحاح. وعن يزيد الفارسي قال: رأيت رسول الله في النوم زمن ابن عباس رضي الله عنهما وكان يزيد يكتب المصاحف، قال: فقلت لابن عباس: إني رأيت رسول الله في النوم، قال ابن عباس: فإن رسول الله كان يقول: «إن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه بي فمن رآني في النوم فقد رآني» فهل تستطيع أن تنعت لنا هذا الرجل الذي رأيت؟ قال: قلت: نعم، رأيت رجلاً بين الرجلين جسمه ولحمه أسمر إلى البياض حسن المضحك أُكحل العينين جميل دوائر الوجه قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره، قال: فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا. رواه الإمام أحمد. قال الهيثمي: ورجاله ثقات. وقد رواه الترمذي في "الشمائل" بنحوه، ورواه ابن أبي شيبة مختصرًا، ويشهد للمرفوع منه ما تقدم من الأحاديث الصحيحة. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله لا يخيل على من رآه» رواه الطبراني، قال الهيثمي: ورجاله ثقات. وعن المثنى – يعني ابن سعيد – قال: «سمعت أنسًا رضي الله عنه يقول: قَلَّ ليلة تأتي عليّ إلا وأنا أرى فيها خليلي ، وأنس يقول ذلك وتدمع عيناه» رواه الإمام أحمد، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. |
فصل
في ذكر أقوال العلماء في رؤية النبي في المنام قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه "عارضة الأحوذي" حديث رؤية النبي في المنام، قد قيل: إن الرؤيا لا حقيقة لها وهم القدرية، تعسًا لهم. وغلا صالح فيه فقال: كل الرؤيا والرؤية بعين الرأس حقيقة، وهذا حماق، وقيل: مدركة بعينين في قلبه، وهذه عبارة مجازية. قال: والصحيح عندي أنها إدراك. فأما رؤية النبي فمن رآه في المنام بصفة معلومة فهو إدراك الحقيقة، وإن رآه على غير صفته فهو إدراك المثال، وقد جاء الحديث على أربعة ألفاظ صحاح: الأول: «من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي». الثاني: قوله: «من رآني فقد رأى الحق». الثالث: «فسيراني في اليقظة». الرابع: «فكأنما رآني في اليقظة». فأما قوله: «من رآني فقد رآني» فقد بيناه في وجه إدراكه. وأما قوله: «فقد رأى الحق» فتفسيره قوله: «إن الشيطان لا يتمثل بي»، وأما قوله: «فسيراني في اليقظة» فيحتمل أن يكون معناه فسيرى تفسير ما رأى لأنه حق وغيب ألقاه إليه الملك، وقيل معناه: فسيراني في القيامة، وهذا لا معنى له ولا فائدة في هذا التخصيص، وأما قوله: «فكأنما رآني» فتشبيه ووجهه أنه لو رآه في اليقظة لرآه حقًا فكذلك هذا يكون حقًا وكان الأول حقًا وحقيقة ويكون الثاني حقًا تمثيلاً ومجازًا، فإن قيل: فإن رآه على خلاف صفة ما هو، قلنا: هي أمثال. فإن رآه حسن الهيئة حسن الأقوال والأفعال مقبلاً على الرائي كان خيرًا له وفيه. وإن رأى خلاف ذلك كان شرًا له وفيه لا يلحق النبي من ذلك شيء. انتهى. وقال النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماء في معنى قوله : «فقد رآني»، فقال ابن الباقلاني: معناه أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث ولا من تشبيهات الشيطان، ويؤيد قوله رواية: «فقد رأى الحق» أي الرؤية الصحيحة، قال: وقد يراه الرائي على خلاف صفته المعروفة كمن رآه أبيض اللحية وقد يراه شخصان في زمن واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ويراه كل منهما في مكانه. ثم ذكر النووي عن القاضي أنه قال: يحتمل أن يكون قوله : «فقد رآني» أو: «فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» المراد به إذا رآه على صفته المعروفة له في حياته، فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة. قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي ضعيف، بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها. وقد تعقب الحافظ ابن حجر كلام النووي فقال: لم يظهر لي من كلام القاضي ما ينافي ذلك، بل ظاهر قوله أنه يراه حقيقة في الحالين. لكن في الأولى تكون الرؤيا مما لا يحتاج إلى تعبير، والثانية مما يحتاج إلى التعبير. ثم ذكر ابن حجر عن القرطبي أنه قال: من المعلوم أنه يرى في النوم على حالة تخالف حالته في الدنيا من الأحوال اللائقة به وتقع تلك الرؤيا حقًا، ولو تمكن الشيطان من التمثيل بشيء مما كان عليه أو ينسب إليه لعارض عموم قوله: «فإن الشيطان لا يتمثل بي»؛ فالأولى أن تنزه رؤياه وكذا رؤيا شيء منه أو مما ينسب إليه عن ذلك فهو أبلغ في الحرمة وأليق بالعصمة كما عصم من الشيطان في يقظته. قال: والصحيح في تأويل هذا الحديث أن مقصوده أن رؤيته في كل حالة ليست باطلة ولا أضغاثًا، بل هي حق في نفسها ولو رؤي على غير صورته فتصور تلك الصورة ليس من الشيطان بل هو من قِبَل الله. قال: وهذا قول القاضي أبي بكر بن الطيب وغيره. ويؤيده قوله: «فقد رأى الحق» أي رأى الحق الذي قصد إعلام الرائي به فإن كانت على ظاهرها وإلا سعى في تأويلها ولا يهمل أمرها لأنها إما بشرى بخير أو إنذار من شر، إما ليخيف الرائي وإما لينزجر عنه وإما لينبه على حكم يقع له في دينه أو دنياه. انتهى باختصار. وذكر النووي عن القاضي أنه قال: قال بعض العلماء: خص الله النبي بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السّلام بالمعجزة وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور فحماها الله من الشيطان ونزغه ووسوسته وإلقائه وكيده، قال: وكذا حمى رؤيتهم أنفسهم. انتهى. وذكر الحافظ ابن حجر عن أبي سعد أحمد بن محمد بن نصر أنه قال: من رأى نبيًا على حاله وهيئته فذلك دليل على صلاح الرائي وكمال جاهه وظفره بمن عاداه، ومن رآه متغير الحال عابسًا مثلاً فذاك دال على سوء حال الرائي. وذكر ابن حجر أيضًا عن أبي محمد بن أبي جمرة أنه قال: منهم من قال إن الشيطان لا يتصور على صورته أصلاً فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذاك خلل في الرائي من جهة الدين. قال: وهذا هو الحق وقد جرب ذلك فوجد على هذا الأسلوب، وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يتبين للرائي هل عنده خلل أو لا؟ وكذلك يقال في كلامه في النوم أنه يعرض على سنته فما وافقها فهو حق وما خالفها فالخلل في سمع الرائي، فرؤيا الذات الكريمة حق والخلل إنما هو في سمع الرائي أو بصره، قال: وهذا خير ما سمعته في ذلك. انتهى. وأما قوله : «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة» فقد تقدم قوله: ابن العربي المالكي أنه يحتمل أن يكون معناه فسيرى تفسير ما رأى لأنه حق وغيب ألقاه إليه الملك. وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن بطال أنه قال: يريد تصديق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق، وليس المراد أنه يراه في الآخرة لأنه سيراه يوم القيامة جميع أمته من رآه في النوم ومن لم يره منهم. وقال المازري: إن كان المحفوظ «فكأنما رآني في اليقظة» فمعناه ظاهر، وإن كان المحفوظ «فسيراني في اليقظة» احتمل أن يكون أراد أهل عصره ممن يهاجر إليه فإنه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أنه سيراه بعد ذلك في اليقظة. وقال القاضي: وقيل معناه: سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها، انتهى المقصود مما ذكره ابن حجر عن بعض العلماء في معنى الحديث. |
فصل
في رؤية الأنبياء والملائكة في المنام ذكر البغوي في "شرح السنة" عن الإمام – وهو شيخه القاضي حسين بن محمد المروروذي – أنه قال: رؤية النبي في المنام حق ولا يتمثل الشيطان به، وكذلك جميع الأنبياء والملائكة، وكذلك الشمس والقمر والنجوم المضيئة والسحاب الذي فيه الغيث لا يتمثل الشيطان بشيء منها. ومن رأى نزول الملائكة بمكان فهو نصرة لأهل ذلك المكان وفرج إن كانوا في كرب، وخصب إن كانوا في ضيق وقحط، وكذلك رؤية الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن رأى ملكًا يكلمه ببر أو بعظة أو يبشره فهو شرف في الدنيا وشهادة في العاقبة. ورؤية الأنبياء مثل رؤية الملائكة إلا في الشهادة لأن الأنبياء كانوا يخالطون الناس، والملائكة عند الله سبحانه وتعالى لا يراهم الناس. ورؤية النبي في مكان سعةُ لأهل ذلك المكان إن كانوا في ضيق وفرجٌ إن كانوا في كرب ونصرةٌ إن كانوا في ظلم، وكذلك رؤية الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ورؤية أهل الدين بركة وخير على قدر منازلهم في الدين، ومن رأى النبي كثيرًا في المنام لم يزل خفيف الحال مُقِلاًّ في دنياه من غير حاجة فادحة ولا خذلان من الله عز وجل، قال النبي : «إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه»، ورؤية الإمام إصابة خير وشرف. انتهى. فصل في بيان حقيقة الرؤيا قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه "عارضة الأحوذي": قد بينا حقيقة الرؤيا وأنها إدراكات يخلقها الله في قلب العبد على يدي الملك أو الشيطان، إما بأمثالها، وإما أمثالاً بكناها، وإما تخليطًا. ونظير ذلك في اليقظة الخواطر فإنها تأتي على نسق في قصد، وتأتي مسترسلة غير محصلة، فإذا خلق الله من ذلك في المنام على يدي الملك شيئًا كان وحيًا منظومًا وبرهانًا مفهومًا. انتهى. وقد تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «الرؤيا ثلاث، فرؤيا حق ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه ورؤيا تحزين من الشيطان». وتقدم أيضًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «الرؤيا من الله والحُلْم من الشيطان». وفي رواية: «الرؤيا الصالحة من الله والرؤيا السوء من الشيطان». قال البغوي في "شرح السنة": قوله: «الرؤيا ثلاثة» فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها. وهي على أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان أو يريه ما يحزنه، وله مكايد يحزن بها بني آدم، ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل فلا يكون له تأويل. وقد يكون ذلك من حديث النفس كمن يكون في أمر أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر. والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك. وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة كمن غلب عليه الدم يرى الفصد والحجامة والرعاف والحمرة والرياحين والمزامير والنشاط ونحوها، ومن غلب عليه طبيعة الصفراء يرى النار والشمع والسراج والأشياء الصفر والطيران في الهواء وغيرها، ومن غلب عليه السوداء يرى الظلمة والسواد والأشياء السود وصيد الوحوش والأهوال والأموات والقبور والمواضع الخربة وكونه في مضيق لا منفذ له أو تحت ثقل ونحو ذلك، ومن غلب عليه البلغم يرى البياض والمياه والأنداء والثلج والجمد والوحل ونحوها فلا تأويل لشيء منها. انتهى. إذا علم هذا فالكلام في هذا الفصل فيما يجوز تعبيره من الرؤيا وهي الرؤيا الصحيحة التي جاء وصفها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بأنها رؤيا حق، وجاء وصفها في حديث أبي قتادة رضي الله عنه بأنها الرؤيا الصالحة وأنها من الله، وهذه الرؤيا نوعان. أحدهما: ما هو ظاهر لا يحتاج إلى تأويل. والثاني: ما هو من ضرب الأمثال للنائم، وهذا النوع هو الأكثر والغالب على الرؤيا وهو الذي يحتاج فيه إلى التأويل. ومن النوع الأول رؤيا إبراهيم عليه الصلاة والسلام في المنام أنه يذبح ابنه. وقد ذكر الله هذه القصة في قوله تعالى: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ [الصافات: 101-107]. وقد جاء في هذا النوع أحاديث كثيرة عن النبي ، وسأذكر منها ما تيسر إن شاء الله تعالى، وأذكر بعدها جملة مما جاء في غير الأحاديث المرفوعة وهو مما يستحسن ذكره. فمن ذلك ما ثبت عن النبي أنه رأى ربه في المنام في أحسن صورة وأن الله تعالى سأله عما يختصم فيه الملأ الأعلى، وأنه تعالى وضع كفه، -وفي رواية يده- بين كتفي النبي حتى وجد بردها بين ثدييه. وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك قريبًا فلتراجع. ومن ذلك رؤيا النبي في المنام أنه أتي بعائشة رضي الله عنها فعرضت عليه وقيل له هذه زوجتك. وقد روى الحديث الوارد في ذلك أحمد والبخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله : «رأيتك في المنام مرتين أرى رجلاً يحملك في سَرَقَة حرير فيقول هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت فأقول إن يكن هذا من عند الله يمضه»، وفي رواية للبخاري قالت: قال لي رسول الله : «أُريتكِ في المنام يجيء بك الملَك في سَرَقَة من حرير فقال لي هذه امرأتك فكشفت عن وجهك الثوب فإذا أنت هي فقلت إن يك هذا من عند الله يمضه»، وفي رواية له أخرى: قالت: قال رسول الله : «أُريتك قبل أن أتزوجك مرتين رأيت الملك يحملك في سَرَقَة من حرير فقلت له اكشف فكشف فإذا هي أنت فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم أريتك يحملك في سَرَقَة من حرير فقلت: اكشف فكشفت فإذا هي أنت، فقلت: إن يك هذا من عند الله يمضه» ورواه مسلم بنحو الرواية الثانية عند البخاري إلا أنه قال في أوله: «أُريتك في المنام ثلاث ليال» ورواه ابن حبان في "صحيحه" بمثل الرواية الأولى عند أحمد والبخاري ورواه البيهقي بمثل رواية مسلم. ورواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها: «أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي فقال: إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة». قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه ابن حبان في "صحيحه" بنحوه. قوله: «سَرَقة من حرير» هي بفتح السين والراء. قال الجوهري: السَّرَق شقق الحرير، قال أبو عبيد: إلا أنها البيض منها الواحدة منها سَرَقة. قال: وأصلها بالفارسية "سَرَهْ" أي: جيد فعربوه. انتهى. ومن ذلك رؤيا النبي دار الهجرة. وقد جاء ذلك في حديثين عن النبي ، أحدهما: عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي قال: «رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب» رواه البخاري ومسلم وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه". قوله: «فذهب وَهَلي» قال النووي في "شرح مسلم": الوَهَل بفتح الهاء ومعناه وهمي واعتقادي. قال: وهجر مدينة معروفة وهي قاعدة البحرين، وأما يثرب فهو اسمها في الجاهلية فسماها الله تعالى المدينة وسماها رسول الله طيبة وطابة. انتهى. وقال ابن حجر في "فتح الباري": يقال وَهَل بالفتح إذا ظن شيئًا فتبين الأمر بخلافه. قال: وهجر بفتح الهاء والجيم بلد معروف من البحرين وهي من مساكن عبد القيس. قلت: وهو الذي يسمى في زماننا الأحساء. ولا يزال اسم هجر باقيًا على هذه البلاد زماننا. الحديث الثاني: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله للمسلمين: «قد رأيت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان» فخرج من كان مهاجرًا قِبَل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين. رواه الإمام أحمد والبخاري وابن حبان في أثناء حديث طويل في الهجرة، وهذا لفظ أحمد، ونحوه عند ابن حبان ورواه البيهقي بمثل رواية أحمد. ومن ذلك رؤيا الأذان، وقد جاء ذلك في عدة أحاديث. منها ما رواه أبو داود والبيهقي عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال:اهتم النبي للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضًا فلم يعجبه ذلك. قال: فذكر له القُنْع -يعني الشَّبُّور- شَبُّور اليهود فلم يعجبه ذلك وقال: «هو من أمر اليهود» قال: فذكر له الناقوس فقال: «هو من أمر النصارى» فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لِهَمّ رسول الله فأري الأذان في منامه قال: فغدا على رسول الله فأخبره فقال: يا رسول الله، إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومًا ثم أخبر النبي فقال له: «ما منعك أن تخبرني؟» فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله : «يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله»، قال: فأذن بلال. ومنها ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله أن عبد الله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلاً قام وعليه بردان أخضران على جذمة حائط فأذن مثنى وأقام مثنى وقعد قعدة. قال فسمع ذلك بلال فقام فأذن مثنى وأقام مثنى وقعد قعدة. ومنها ما رواه الإمام أحمد والدارمي وأبو داود وابن ماجه وابن حبان |
ومن الرؤيا الظاهرة أيضًا رؤيا النبي أنه سيأتي البيت هو وأصحابه ويطوفون به، وكان ذلك قبل عمرة الحديبية، فلما صدهم المشركون عن دخول مكة عام الحديبية وصالحهم رسول الله على أن يرجعوا عامهم ذلك وأن يعتمروا في العام القابل قال عمر رضي الله عنه للنبي : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: «بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام»،
قال: قلت: لا، قال: «فإنك آتيه ومطوّف به» رواه البخاري في حديث طويل في «باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط»، وقد وقع تصديق رؤيا النبي في عمرة القضاء حيث جاء هو وأصحابه إلى البيت وطافوا به وهم آمنون لا يخافون، وقد ذكر الله هذه الرؤيا الصادقة في قوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 27] وهذا الفتح هو الصلح الذي جرى بين رسول الله وبين مشركي قريش. قال الزهري قوله: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا يعني صلح الحديبية، وما فتح في الإسلام فتح كان أعظم منه إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة وضعت الحرب وأمن الناس كلهم بعضهم بعضًا فالتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئًا إلا دخل فيه فلقد دخل في تينك السنتين في الإسلام مثل من كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر. رواه ابن جرير. ومن الرؤيا الظاهرة أيضًا رؤيا الأمر بدفع السواك إلى الأكبر. والحديث بذلك في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «أراني في المنام أتسوك بسواك فجذبني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لي: كبّر فدفعته إلى الأكبر». ومن ذلك رؤيا عيسى ابن مريم يطوف بالبيت ورؤيا الدجال وراءه، والحديث بذلك رواه مالك وأحمد والبخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر بين رجلين ينطف رأسه ماء فقلت من هذا قالوا ابن مريم فذهبت ألتفت فإذا رجل أحمر جسيم جعد الرأس أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية قلت من هذا قالوا هذا الدجال أقرب بها شبهًا ابن قطن» زاد البخاري، وابن قطن رجل من بني المصطلق من خزاعة، وفي رواية قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية، وقد جاءت هذه الزيادة في إحدى الروايات عند أحمد. ومن ذلك رؤيا النبي أن بني الحكم ينزون على منبره. والحديث بذلك رواه أبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله رأى في منامه كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون فأصبح كالمتغيظ فقال: «ما لي رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة؟» قال: فما رُئِي رسول الله مستجمعًا ضاحكًا بعد ذلك حتى مات . قال الهيثمي: رجال أبي يعلى رجال الصحيح غير مصعب بن عبد الله بن الزبير وهو ثقة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال الذهبي: على شرط مسلم. وقد رواه البيهقي في "دلائل النبوة" بنحوه. ومن الرؤيا الظاهرة ما جاء في حديث سمرة بن جندب الطويل وقد رواه الإمام أحمد والبخاري من طريقين، أحدهما عن عوف – وهو الأعرابي – عن أبي رجاء العطاردي حدثنا سمرة بن جندب الفزاري رضي الله عنه قال: كان رسول الله مما يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم من رؤيا؟» قال: فيقص عليه ما شاء الله أن يقصّ وإنه قال لنا ذات غداة: «إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالا لي انطلق وإني انطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ههنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه، قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى، قال: قلت: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور، قال: وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، قال: قلت لهما: ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرًا فينطلق يسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجرًا، قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلاً مرآة وإذا عنده نارٌ يحشها ويسعى حولها، قال: قلت لهما: ما هذا؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كل لون الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط، قال: قلت لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أَرَ روضة قط أعظم منها ولا أحسن، قال: قالا لي: ارق؛ فارتقيت فيها قال: فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففُتح لنا فدخلناها فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء، قال: قالا لهم: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، قال: وإذا نهر معترض يجري كأنَّ ماءه المحض من البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة، قال: قالا لي: هذه جنة عَدْنٍ وهذاك منزلك، قال: فسما بصري صُعُدًا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء، قال: قالا لي: هذاك منزلك، قال: قلت لهما: بارك الله فيكما ذراني فأدخله، قالا: أما الآن فلا، وأنت داخله، قال: قلت لهما: فإني قد رأيت منذ الليلة عجبًا فما هذا الذي رأيتُ؟ قال: قالا لي: أما إنّا سنخبرك؛ أما الرجل الأول الذي أَتيتَ عليه يُثْلَغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم ، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة»، قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله : «وأولاد المشركين، وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسنًا وشطر قبيحًا فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم» هذا لفظ البخاري. وقد رواه ابن شيبة وابن حبان في "صحيحه" بنحوه. قوله: "ضوضوا" قال أبو عبيدة: يعني ضجوا وصاحوا. وقال الجوهري: الضوضاة أصوات الناس وجلبتهم يقال ضوضوا بلا همز، وضوضيت أبدلوا من الواو ياء، وقوله: «فأتينا على روضة مُعْتَمَّة فيها من كل لون الربيع» كذا جاء في رواية البخاري، وجاء في رواية أحمد وابن أبي شيبة: «فأتينا على روضة معشبة فيها من كل نور الربيع». قال ابن حجر في "فتح الباري" قوله: «فأتينا على روضة معتمة» بضم الميم وسكون المهملة وكسر المثناة وتخفيف الميم بعدها هاء تأنيث. ولبعضهم بفتح المثناة وتشديد الميم. قال الداودي: اعتمَّت الأرض: غطاها الخصب. انتهى المقصود من كلامه، وقوله: «فانتهينا إلى روضة عظيمة لم أَرَ روضة قط أعظم منها ولا أحسن» هكذا جاء في رواية البخاري، وجاء في رواية أحمد وابن أبي شيبة وابن حبان: «فانتهينا إلى دوحة عظيمة لم أَرَ دوحة قط أعظم منها ولا أحسن». قال الجوهري: الدوحة الشجرة العظيمة من أي الشجر كان، انتهى. وسيأتي في رواية جرير بن حازم ما يؤيد رواية أحمد وابن أبي شيبة وابن حبان. الطريق الثاني: عن جرير بن حازم قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله إذا صلى صلاة الغداة أقبل علينا بوجهه فقال: «هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا» فإن كان أحد رأى تلك الليلة رؤيا قصَّها عليه فيقول فيها ما شاء الله أن يقول، فسألنا يومًا فقال: «هل رأى منكم الليلة رؤيا»، قال: فقلنا: لا، قال: «لكن أنا رأيت رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض فضاء أو أرض مستوية فمرا بي على رجل ورجل قائم على رأسه بيده كلوب من حديد فيدخله في شدقه فيشقه حتى يبلغ قفاه ثم يخرجه فيدخله في شقه الآخر ويلتئم هذا الشق فهو يفعل ذلك به، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقت معهما فإذا رجل مستلق على قفاه ورجل قائم بيده فهر أو صخرة يشدخ بها رأسه فيتدهدى الحجر فإذا ذهب ليأخذه عاد رأسه كما كان فيصنع مثل ذلك فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق، فانطلقت معهما فإذا بيت مبني على بناء التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها فقلت: ما هذا؟ قالا لي: انطلق، فانطلقت فإذا نهر من دم فيه رجل وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فيقبل الرجل الذي في النهر فإذا دنا ليخرج رمى في فيه حجرًا فرجع إلى مكانه فهو يفعل ذلك به، فقلت: ما هذا؟ فقالا: انطلق، فانطلقت فإذا روضة خضراء فإذا فيها شجرة عظيمة وإذا شيخ في أصلها حوله صبيان وإذا رجل قريب منه بين يديه نار فهو يحششها ويوقدها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارًا لم أر دارًا قط أحسن منها فإذا فيها رجال شيوخ وشباب وفيها نساء وصبيان فأخرجاني منها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارًا هي أحسن وأفضل منها فيها شيوخ وشباب، فقلت لهما: إنكما قد طوفتماني منذ الليلة فأخبراني عما رأيت؟ فقالا: نعم. أما الرجل الأول الذي رأيت فإنه رجل كذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه في الآفاق فهو يصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة ثم يصنع الله تبارك وتعالى به ما شاء، وأما الرجل الذي رأيت مستلقيًا فرجل آتاه الله تبارك وتعالى القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل بما فيه بالنهار فهو يفعل به ما رأيت إلى يوم القيامة، وأما الذي رأيت في التنور فهم الزناة، وأما الذي رأيت في النهر فذاك آكل الربا، وأما الشيخ الذي في أصل الشجرة فذاك إبراهيم عليه السلام، وأما الصبيان الذي رأيت فأولاد الناس، وأما الرجل الذي رأيت يوقد النار ويحششها فذاك مالك خازن النار وتلك النار، وأما الدار التي دخلت أولاً فدار عامة المؤمنين، وأما الدار الأخرى فدار الشهداء، وأنا جبريل وهذا ميكائيل. ثم قالا لي: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا هي كهيئة السحاب فقالا لي: وتلك دارك، فقلت لهما: دعاني أدخل داري، فقالا: إنه قد بقي لك عمل لم تستكمله فلو استكملته دخلت دارك» هذا لفظ أحمد، وفي رواية البخاري: «قالا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك». |
ومن الرؤيا الظاهرة ما جاء في حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله يومًا وكنا في صُفَّة المدينة فقام علينا فقال: «إني رأيت البارحة عجبًا، رأيت رجلاً من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه، ورأيت رجلاً من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز وجل فطرد الشيطان عنه، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم، ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشًا كلما دنا من حوض منع وطرد
فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه، ورأيت رجلاً من أمتي ورأيت النبيين جلوسًا حلقًا حلقًا كلما دنا إلى حلقة طُرد فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي، ورأيت رجلاً من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجّه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلاً من أمتي يتقي بيده وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترة بينه وبين النار وظللت على رأسه، ورأيت رجلاً من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت: يا معشر المسلمين إنه كان وصولاً لرحمه فكلموه فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم، ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة، ورأيت رجلاً من أمتي جاثيًا على ركبتيه وبينه وبين الله عز وجل حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل، ورأيت رجلاً من أمتي قد ذهبت صحيفته من قِبَل شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه، ورأيت رجلاً من أمتي خَفَّ ميزانه فجاءه أَفْراطه فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي قد هوى في النار فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قائمًا على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكَّن رعدته ومضى، ورأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أيحانًا ويتعلق أحيانًا فجاءته صلاته عليّ فأقامته على قدميه وأنقذته، ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة» رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب «الترغيب في الخصال المنجية، والترهيب من الخلال المردية» وقال: هذا حديث حسن جدًا. ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه «الوابل الصيب في الكلم الطيب» ووصف هذا الحدث قبل سياقه له بأنه حديث عظيم شريف القدر ينبغي لكل مسلم أن يحفظه. ثم قال فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه، وبعد أن انتهى من سياقه قال: وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شأن هذا الحديث وبلغني عنه أنه كان يقول شواهد الصحة عليه. انتهى. وقد رواه الطبراني في الأحاديث الطوال وإسناده ضعيف. ومن الرؤيا الظاهرة ما رآه النبي لأم سليم وبلال وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم وقد جاء ذلك في عدة أحاديث. منها ما ذكروا فيه جميعًا. ومنها ما ذكر فيه اثنان منهم. ومنها ما ذكر فيه كل واحد منهم على انفراده. فمن الأحاديث التي ذكروا فيها جميعًا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال النبي : «أريتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء، امرأة أبي طلحة، وسمعت خشفة أمامي قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا بلال، قال: ورأيت قصرًا أبيض بفنائه جارية فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من المسلمين من أمة محمد قلت: فأنا محمد لمن هذا القصر؟ قال: هذا لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخله فأنظر إليه قال فذكرت غيرتك»، فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أو عليك أغار. رواه الإمام أحمد والبخاري وهذا لفظ أحمد في إحدى الروايتين عنده. ورواه مسلم مختصرًا ولفظه أن رسول الله قال: «أُريت الجنة فرأيت امرأة أبي طلحة ثم سمعت خشخشة أمامي فإذا بلال». ومن الأحاديث التي ذكر فيها عمر وبلال رضي الله عنهما حديث بريدة رضي الله عنه قال: أصبح رسول الله فدعا بلالاً فقال: «يا بلال بم سبقتني إلى الجنة، ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك فأتيت على قصر من ذهب مرتفع مشرف فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من العرب، قلت: أنا عربي لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب». فقال رسول الله : «لولا غيرتك يا عمر لدخلتُ القصر»، فقال: يا رسول الله ما كنت لأغار عليك، قال: وقال لبلال: «بمَ سبقتني إلى الجنة»، قال: ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين، فقال رسول الله : «بهذا» رواه الإمام أحمد والترمذي وهذا لفظ أحمد في إحدى الروايتين عنده. وفي رواية الترمذي أن رسول الله قال: «فأتيت على قصر مربَّع مشرف من ذهب فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لرجل من العرب، فقلت: أنا عربي لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من قريش، قلت: أنا قرشي لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من أمة محمد، قلت: أنا محمد لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب». فقال بلال: يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله عليَّ ركعتين، فقال رسول الله : «بهما». قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب. قال: وفي الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبي هريرة أن النبي قال: «رأيت في الجنة قصرًا من ذهب فقلت: لمن هذا؟ فقيل: لعمر بن الخطاب»، قال: ومعنى هذا الحديث أني دخلت البارحة الجنة، يعني رأيت في المنام كأني دخلت الجنة. هكذا روي في بعض الحديث، ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «رؤيا الأنبياء وحي» انتهى كلام الترمذي. ق |
ومن الرؤيا الظاهرة ما رواه الإمام أحمد بأسانيد صحيحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : «نمت فرأيتني في الجنة فسمعت صوت قارئ يقرأ فقلت: من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان»، فقال رسول الله : «كذلك البر كذلك البر» وكان أبر الناس بأمه، وقد رواه عبد الرزاق وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه.
ومن الرؤيا الظاهرة رؤيا النبي في غزاة البحر الذين غزوا قبرص في زمان عثمان رضي الله عنه والذين غزوا الروم في زمان معاوية رضي الله عنه، وقد جاء في ذلك حديثان. أحدهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وقد روي عنه من ثلاثة طرق: أحدها: ما رواه مالك في "الموطأ" عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله يومًا فأطعمته وجلست تفلي رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة، أو قال مثل الملوك على الأسرة» يشك إسحاق – فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك فقلت: ما يضحك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله ملوكًا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة» كما قال في الأولى، قالت: فقلت: يا رسول الله ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولين»، قال: فركبت البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت، وقد رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق مالك ومن غير طريقه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأم حرام بنت ملحان هي أخت أم سليم وهي خالة أنس بن مالك. انتهى. وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: «باب رؤيا النهار» قال: وقال ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النهار مثل رؤيا الليل. وذكر الحافظ ابن حجر عن علي بن أبي طالب القيرواني أنه قال: لا فرق في حكم العبارة بين رؤيا الليل والنهار وكذا رؤيا النساء والرجال. وقال المهلب نحوه. انتهى. |
جاء في ذلك حديثان عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم، فأما حديث عائشة رضي الله عنها فقد روي عنها من طريقين: أحدهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَحَرَ رسول الله يهوديُّ من يهود بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله ثم دعا ثم دعا ثم قال: «يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طّبه قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وجبّ طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان»، قالت: فأتاها رسول الله في أناس من أصحابه ثم قال: «يا عائشة والله لكأن ماءها نقاعة
الحناء ولكأن نخلها رءوس الشياطين»، قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: «لا، أما أنا فقد عافاني الله وكرهت أن أثير على الناس شرًا فأمرت بها فدفنت» رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه وابن سعد وهذا لفظ مسلم ونحوه عند أحمد وابن ماجه، وليس في هذه الرواية ولا في غيرها من الروايات عند البخاري تصريح بأن مجيء الرجلين إلى النبي كان في المنام. وقد جاء التصريح بذلك وبأن الرجلين كانا من الملائكة في حديث صحيح عند الإمام أحمد. وجاء أيضًا في حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنها كما سيأتي إن شاء الله تعالى. فأما الحديث الذي عند أحمد فهو ما رواه عن إبراهيم بن خالد عن رباح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لبث رسول الله ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أحدهما: ما باله؟ قال: مطبوب، قال: من طبّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: فِيْمَ؟ قال: في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر في بئر ذروان تحت رعوفة، فاستيقظ النبي من نومه فقال: «أي عائشة ألم ترين أن الله أفتاني فيما استفتيته» فأتى البئر فأمر به فأخرج فقال: «هذه البئر التي أريتها والله كأنّ ماءها نقاعة الحناء وكأن رءوس نخلها رءوس الشياطين»، فقالت عائشة: لو أنك كأنها تعني أن يتنشر، قال: «أما والله قد عافاني الله وأنا أكره أن أثير على الناس منه شرًا». في إسناده إبراهيم بن خالد وهو القرشي الصنعاني المؤذن، ورباح وهو ابن زيد القرشي مولاهم الصنعاني وكل منهما ثقة وبقية رجاله رجال الصحيح. |
وليعلم أن السحر الذي أصيب به رسول الله ومرض منه ستة أشهر إنما كان تأثيره في جسده لا في قلبه وعقله فإن الله حمى قلبه وعقله وصانهما من وصول السحر إليهما، وما كان الله ليسلط السحرة والشياطين على قلب رسوله ومقر وحيه وتنزيله، هذا لا يكون أبدًا. وأما بدنه فإنه عرضة للأقسام والآلام كسائر البشر، وذلك لا يحط من قدره، بل يزيده أجرًا وثوابًا في الدار الآخرة. قال القاضي عياض في كتابه "الشفا": السحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض مما لا ينكر ولا يقدح في نبوته. وأما ما ورد أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله فليس في هذا ما يُدْخل عليه داخلة في شيء من تبليغه أو شريعته أو يقدح في صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما يجوز طُروّه عليه في أمر دنياه التي لم يبعث بسببها ولا فضّل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان – إلى أن قال -: إن السحر إنما تسلط على ظاهره وجوارحه لا على قلبه واعتقاده وعقله وأنه إنما أثر في بصره وحبسه عن وطء نسائه وطعامه وأضعف جسمه وأمرضه، ويكون معنى قوله يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتيهن أي يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة على النساء فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يقدر على إتيانهن كما يعتري من أُخذ واعترض. وإذا كان هذا لم يكن فيما ذكر من إصابة السحر له وتأثيره فيه ما يُدخل لَبْسًا ولا يجد به الملحد المعترض أُنْسًا. انتهى
|
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
شرح كتاب أحكام الجنائز للعلامة الألباني رحمه الله تعالى: لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان | Aboabdalah | المنتدى الإسلامي | 2 | 2013-10-11 1:07 AM |
مقتطفات من كتاب الرؤيا للعلامة حمود بن عبد الله بن حمود التويجري | أبو ابراهيم | المنتدى العام | 3 | 2009-01-19 11:28 PM |
خلود | نادر | منتدى الشعر والنثر | 10 | 2007-04-09 7:57 PM |
حلوى | رؤى | 🔒⊰ منتدى الرؤى المفسرة لأصحاب الدعـم الذهـبي ⊱ | 1 | 2005-12-08 3:30 PM |