لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
الدكتور فهد بن سعود العصيمي |
اللهم ارحمهما واغفر لهما واجعل مثواهما الجنة |
صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه |
مساحة إعلانيه |
لطلب خدمة التعبير الهاتفي فضلا ابعث رسال لرقم الجوال:0568849911,أخي الزائر / أختي الزائرة مرحبا بكم في موقع بشارة خير ولتفسير أحلامكم نرجو اطلاعكم على المواضيع التالية:,منتدى التعبير المجاني بموقع د/ فهد بن سعود العصيمي,تفعيل خدمة الدعم الهاتفي (رسائل واتس أب) وإشتراك الدعم (الماسي), |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
لسانها يردد (لا إله إلا الله ) حتى ماتت
في أحد الأيام ذهبت أنا وأحد الإخوان إلى أحد المستشفيات بغرض زيارة مريض وبينما نحن عند موظف الاستقبال نسأل عن غرفة هذا المريض قابلنا أحد الزملاء وقال لنا : أريد أن أزور أحد الإخوان وأريد أن أقدم له واجب العزاء في والدته قلت لزميلي لعلنا نذهب معه . دخلنا الغرفة وسلمنا على الرجل ... بدأنا نتكلم عن الموت والحياة وكنا نريد التخفيف على هذا الأخ فلما فرغنا . بدأ هذا الأخ بالتحدث وكان متماسكاً وصابرا .... والله كأنه هو الذي يواسينا وليس نحن وبدأ يسرد قصته يقول : والدتي كبيرة في السن وكانت تعيش مع والدي في قريتنا التي تقع جنوب المملكة ويقول بأنها كانت تعاني من بعض الأمراض فسافرت لكي أحضرها إلى تبوك لكي أبدأ بعلاجها .. أدخلتها المستشفى وبعد الفحوصات قال الطبيب لوالدتي : أنت مرضك لا يمكننا أن نعالجه. يقول الأخ : بكل هدوء قالت والدتي : يا دكتور ( الله لم يخلق داء إلا له دواء) خرجت من عند الطبيب أنا وأمي وكان واضح على وجهها علامات الهم والحزن.. ولكنها كانت صابرة محتسبة قلت سوف أذهب بها إلى الرياض عن طريق البر لكي تزور أخي الثاني وفرصة لكي أخرجها من حالة الهم والحزن الذي كانت تعيشه . وبعد خروجنا من تبوك بحوالي مائة وعشرين كيلوا انقلبت السيارة وقذفت السيارة بوالدتي إلى الخارج و ارتطمت بالأرض ... خرجت من السيارة واتجهت إلى والدتي وإذا بها كانت تردد (لا إله إلا الله ) ولما وصلنا إلى المستشفى وهي مازالت تردد نفس الكلمة. قال الطبيب : إن هذه الحالة من أغرب الحالات التي مرت لأن جزء من الدماغ قد تهشم و بعض من أعضاء جسمها ومازال لسنها يردد ( لا إله إلا الله ) حتى ماتت ... يقول هذا الأخ : إنها كانت صائمة. يقول الأخ : أنا لست حزين على موتها ولكني حزين على أن باب من أبواب الجنة قد أغلق وهو باب بر الوالدين ولكن أسأل الله أن يعينني على برها بعد موتها وذلك بالدعاء لها والصدقة عنها . أسأل الله رب العرش العظيم أن يحسن خاتمتنا ويرزقنا الثبات حتى الممات . ................. هذه القصة وقفت عليها بنفسي أبو فيصل |
|
من قصص الصائمات
عن ابن سيرين قال : خرجت أم أيمن مهاجرة إلى الله وإلى رسوله صلي الله عليه وسلم وهي صائمة ليس معها زاد ولا حمولة ولا سقاء في شدة حر تهامة ، وقد كادت تموت من الجوع والعطش ، حتى إذا كان الحين الذي فيه يفطر الصائم سمعت خفيقاً على رأسها فرفعت رأسها فإذا دلو معلق برشاء أبيض ، قالت : فأخذته بيدي فشربت منه حتى رويت فما عطشت بعد ، قال : فكانت تصوم وتطوف لكي تعطش في صومها فما قدرت على أن تعطش حتى ماتت . الكاتب: القسم العلمي. |
|
|
هدايتي عبر جهاز المكرفون
سلطان العمري أخبرني صاحبي عن أحد التائبين في الحي الذي يسكن فيه وقال: إن ذلك التائب كانت توبته غريبة؛ كان الشاب في بيته في " الحوش " يدخن والناس يصلون العصر، وبعد الصلاة قام أحد الدعاة في المسجد وألقى كلمة عن الجنة والنار. يقول الشاب: فدخلت الكلمات إلى قلبي ورميت السيجارة وتوضأت ودخلت المسجد وصليت العصر واستمعت لباقي الكلمة. ومن بعد تلك الكلمة إلى هذه اللحظة وأنا في عالم الاستقامة بحمد الله تعالى. قلتُ: وهنا إشارات: - ضرورة تفعيل الكلمات داخل المساجد التي في الأحياء، وعدم الاقتصار على المساجد الكبار. - أهمية الدعوة إلى الله في إنقاذ الناس من النار ومن الطريق المؤدية إليها. - لا بد من العناية بالمواعظ التي تحرك القلوب. - الناس فيهم خير ولو كانوا ممن يمارسون الكبائر، ولكن أين الذي يعتني بهم ويتقن التأثير فيهم. - أهمية المكرفونات الخارجية للمسجد ودورها في إيصال صوت الحق للناس في بيوتهم، ولكن لا بد من مراعاة مناسبة الصوت وعدم رفع الصوت بشكل مزعج. |
|
الزلاقة
أسماء محمود إبراهيم عبدالرحمن جلس المعتمد بن عباد صاحب إشبيليَّة يُفكر في هول ما صنع، بعدما وردت إليه الأنباء بأنَّ ألفونسو السَّادس القشتالي قد غزا مملكة بني هود، واستولى عليها بعد أن ضرب عليها الحصار. وأدرك المعتمد أنَّ الدور قادم عليه لا مَحالة، ولن تنفعه محالفته لألفونسو، ولا دفع الجزية له، ولا مساعدته له على إخوانه المسلمين، وظَلَّ المعتمد يتعجب كيف طاوعته نفسه على أن يعاونَ الفرنجة على غزو طليطلة، وقد كانت حاضرةَ بني ذي النُّون، وعاصمةَ الدَّولة الأموية لمدة تزيد عن ثلاثمائة وخمسين عامًا، وحاول أن يهرب من وطأة تأنيب الضَّمير، فبرر فعلته بأنه أدَّب بني ذي النون خصومه، كما أنه لم يكن ليملك حيلة أمام قوات ألفونسو، ثُمَّ إنَّه لم يفعل أكثر مما فعل ملوك الطوائف الآخرين، الذين تحالفوا مع الفرنجة. ولكن صحوة الضمير التي انتابته أبطلت له هذه الحجة، فقد رأى بعينه كيف هبَّ المتوكل بن الأفطس حاكم بطليوس، الذي أرسل جيشًا بقيادة ابنه الفضل لنجدة طليطلة، ولم يدفع يومًا جزية للفرنج، ولم يُعاضدهم على إخوانه المسلمين، ورغم أنَّ جيش ابن الأفطس لم يكتب له التَّوفيق في صد الهجوم الإفرنجي الإشبيلي؛ إلاَّ أن الرجل بَرَّأ ذمَّته أمام الله وأمام المسلمين، وأمن اللَّعنة على منابر الأندلس، والتي ظَنَّ المعتمد أنَّها لاحقته لا مَحالة، ليس هذا فحسب، بل يغزوه ألفونسو كما غزا بني هود، وهُمْ حلفاؤه المقرَّبون، فيجتمع عليه خزيُ الدنيا والآخرة. وفي تلك الأثناء إذ بالحاجب يدخل عليه يبلغه بوفود رسولٍ من قشتالة للقائه، فإذا بكتاب من ألفونسو قال فيه: "كَثُر - بطول مقامي - في مجلسي الذُّبابُ، واشتدَّ عليَّ الحرُّ، فأتحفني من قصرك بمروحة أروِّح بها عن نفسي، وأطرد بها الذباب عن وجهي". وفطن المعتمد إلى ما يرمي إليه ألفونسو، وعلم أنَّه يريد غزو إمارته، فرد عليه المعتمد: "قرأت كتابك، وفَهِمْت خُيَلاءَك وإعجابك، وسأنظر لك في مراوِحَ من الجلود اللَّمْطيَّة، تروح منك، لا تروح عليك، إن شاء الله". ولم يقصد المعتمد بجوابه هذا إلاَّ أنَّه أخيرًا سيخلع عباءة الذُّلِّ والخنوع، وسيستبدل بها رداءَ العِزِّ والكبرياء، ولن يكونَ هذا إلا بموالاة إخوانه المسلمين والعَوْدة إلى ما شرع دين الله، الذي ذل عندما ابتغى العزَّ في غيره. بعث المعتمد من رُسُلِه إلى ملوك غرناطة وبطليوس وقرطبة يطلب إليهم الاجتماع، فجاؤوا على عَجَل، فهم - أيضًا - تُساورهم نفس المخاوف. وتشاور القُوَّاد في أمر الغزو الصليبي، واتَّفقوا جميعًا على توحيد صُفُوفهم لرَدِّه، ولكن أيَّة صفوف هذه التي سيوحدونها وقد كَفَّت جيوشُهم عن الغزو والفتح منذ زمن طويل، ولم يستخدموا جيوشَهم إلاَّ في مناوشة بعضهم البعض؟! وكيف سيصمدون أمام هذا الطُّوفان الصليبي وقد سلَّموا إليهم قلاعًا وحصونًا اتِّقاء شرِّهم؟! وأمام هذا الخطب الجلل لم يَجدوا أمامهم إلاَّ ملاذًا واحدًا؛ لعلَّ الله - تعالى - يَجعل فيه مخرجًا: إنَّهم المرابطون في المغرب، الذين لم يجعلوا لهم هدفًا في الحياة إلا الجهادَ في سبيل الله وإعلاء كلمته، وقد نجحت هذه الدولة الفتية أن تقيمَ للإسلام قاعدة عريضة مَهيبة، وقد ضمَّت المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا. وأجمع الحاضرون على طَلَبِ النَّجدة من يوسف بن تاشفين سلطان المغرب، وأن يضمُّوا صُفُوفَهم إلى صفوفه، وسُرَّ المعتمد بهذا الاتِّفاق الذي لم يحدث منذ زمن بعيد، ولكن ابنه ما لبث أنِ اعترض على هذا القرار قائلاً: وكيف نضمن إذا جاء المرابطون إلى الأندلس لا يَضُمُّونها إليهم، ويُجردوننا من ملكنا؟ فرَبَتَ المعتمد على كتف ابنه وقال له: "أيْ بُنَي، والله لا يسمع عني أبدًا أنَّنِي أعدت الأندلس دارَ كُفر ولا تركتها للنَّصارى، فتقوم عليَّ اللَّعنة في منابر الإسلام، مِثْلَما قامت على غيري، وإنَّنا إن دُهينا من مُداخلة الأضداد[1] لنا، فأهونُ الأمرين أمرُ المُلَثَّمين[2]، ولأَنْ يرعى أولادُنا جمالَهم أحبُّ إليهم من أنْ يرعَوا خنازيرَ الفرنج"؛ ولَمَّا تأثَّر بعضُ حاشيته من كلام ابنه، خوَّفوه من ابن تاشفين، فقال لهم: "تالله، إنَّني لأوثر أن أرعى الجمالَ لسلطان مراكش[3] على أن أغدوَ تابعًا لملك النصارى وأن أؤدِّيَ له الجزية، إنَّ رعيَ الجمال خيرٌ من رعي الخنازير". فكتب المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين يقول له: "إنْ كنت مؤثرًا للجهاد، فهذا أوانه، فقد خَرَجَ الفرنج إلى البلاد، فأسرعْ في العُبُور إليهم، ونَحن - معاشرَ أهل الجزيرة - بين يديك". وكاتب أهلُ الأندلس من الخاصَّة والعلماء يستصرخونه في تنفيس العَدُوِّ عن مَخنقهم، ويكونون معه يدًا واحدة عليه. وقَبِلَ ابن تاشفين الدَّعوة، شَرْطَ أنْ يسلمه ابن عباد الجزيرة الخضراء، وأعَدَّ العُدَّة، وجهز الجيش، وأَمَرَ أنْ تُحمل الجمال على السفن إلى جزيرة سبتة، فعَبَر منها ما أغص الجزيرة، وارتفع رغاؤها إلى عنان السماء، وكان ليوسف في عبورها غاية بعيدة، ثُمَّ سار ابن تاشفين بجيشه من سبتة، وما كادت السُّفُن تنشر قلاعها حتى هاج البحر، فصعد إلى مقدمة السفينة، ورفع يديه نحو السماء، ودعا الله مخلصًا: "اللَّهم إن كنت تعلم أنَّ في جوازي هذا خيرًا وصلاحًا للمسلمين، فسَهِّل عليَّ جواز هذا البحر، وإن كان غير ذلك، فصعِّبْه حتَّى لا أجوزه"؛ فهدأ البحر، وجازت السُّفُن سراعًا، ولَمَّا وصلت إلى شاطئ الأندلس، سجد لله شكرًا. وتسلَّم ابن تاشفين الجزيرة الخضراء، وأَمَر بتحصينها أَتَمَّ تحصين، ورتب بها حامية مُختارة؛ لتسهر عليها، وشحنها بالأقوات والذَّخائر؛ لتكون ملاذًا آمِنًا، يلتجئ إليه إذا هُزِم. يتبع |
|
ثم غادرها جيشه إلى إشبيليَّة، وتعهَّد كلُّ أمير من أمراء الأندلس أن يَجمع كلَّ ما في وُسعه من الجُنْد والمُؤَن، وأن يسيرَ إلى مكان مُحدد في وقت مُعين، ولبث ابن تاشفين في إشبيلية ثمانية أيام؛ حتى يرتب القُوَّات وتتكامل الأعداد، وكان صائمَ النَّهار قائم الليل، مكثرًا من أعمال البر والصَّدقات، ثُمَّ غادر إشبيلية إلى بطليوس، في مُقدمة الجيش الفرسان، يقودهم أبو سليمان داود ابن عائشة، وعددهم عشرة آلاف، ثم قوات الأندلس عليهم المعتمد بن عباد، ثُمَّ سار بعدهم - بيوم واحد - جيشُ المرابطين، ولَمَّا وصلوا إلى بطليوس، أقام هناك ثلاثة أيام.
ولما سمع ألفونسو بِمَقْدم المرابطين وكان محاصرًا سرقسطة، تحالف مع ملك "أراجون" و"الكونت" ريموند، فانضَمَّا إليه، وانضَمَّ إليه كذلك فرسانٌ من فرنسا، وجاءته الإمدادات من كلِّ صَوْب من ملوك أوروبا، واستنفر الفرنجة للخروج، ورفع القسيسون والرُّهبانُ والأساقفة صُلبانَهم، ونشروا أناجيلهم، فاجتمع له منهم ما لا يُحصى عددُه. ثُمَّ برز ألفونسو بالشجعان المهرة من جنوده، وترك بقيَّة جموعه خلفه، وقال حين نظر إلى ما اختاره منهم: "بهؤلاء أقاتل الجنَّ والإنسَ وملائكة السماء". وكان جيش المسلمين ثمانية وأربعين ألفًا، نصفُهم من الأندلسيِّين، ونصفهم من المرابطين، أمَّا جيش ألفونسو فقد كان مائة ألفٍ من المشاة، وثمانين ألفًا من الفُرسان، منهم أربعون ألفًا من ذوي العدَد الثقيلة، والباقون من ذوي العدَد الخفيفة. وعَسْكَر الجيشان قُرْبَ بطليوس في سهل تتخلَّله الأَحْرَاشُ، وفرَّق بين الجيشين نَهرٌ صغير، وضرب ابن تاشفين مُعسكره وراء رَبْوة عالية، منفصلاً عن مكان الأندلسيين، وعَسْكَر الأندلسيون أمام النَّصارى، ولَبِثَ الجيشان أمام بعضهما ثلاثةَ أيَّام، ثُمَّ أرسل يوسف بن تاشفين لألفونسو كتابًا يعرض عليه فيه الدُّخولَ في الإسلام أو الجزية أو الحرب؛ كما هي السُّنة. ومن جملة ما في الكتاب: "بلغنا - يا أذفونش[4] - أنَّك دعوت اللهَ في الاجتماع بنا، وتَمنَّيْت أن تكونَ لك سُفُنٌ تعبر عليها البحر إلينا، فقد عبرناه إليك، وقد جمع الله - تعالى - في هذه العَرْصَة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك". فلما سمع ألفونسو ما كتب إليه يوسف، جاش بَحر غيظه، وزاد في طغيانه، وأقسم ألاَّ يبرحَ من موضعه حتَّى يلقاه. واستمرت المُكاتبات بعد ذلك في شأن المعركة، ومما كتبه ألفونسو: "إنَّ غدًا يوم الجمعة وهو يوم المسلمين، ولست أراه يصلح للقتال، ويوم الأحد يوم النَّصارى، وعلى ذلك فإنِّي أقترح اللِّقاء يوم الاثنين، ففيه يستطيعُ كلٌّ منَّا أن يجاهد بكل قواه؛ لإحراز النَّصر دون الإخلال بيومه"، فقَبِلَ ابن تاشفين الاقتراح، ومع هذا تَحَوَّط المسلمون وارتابوا من نِيَّات ملك قشتالة، فبعث ابن عباد عيونه؛ لترقبَ تَحرُّكات معسكر النَّصارى. فلَمَّا كان الفجر من يوم الجمعة؛ وبينما ابن عباد في آخر ركعة من صلاة الصُّبح؛ إذ أقبلت الخيلُ التي كانت طليعةً على العدو مسرعةً إليه؛ فأخبروه أنَّ العدو قد زحف نحو المسلمين في أُمَمٍ كالجراد المنتشر، فأرسل الخبر إلى ابن تاشفين يعرفه غَدْرَ ألفونسو، فاستعدَّ، وأرسل كتيبة؛ لتُشاغِلَ ألفونسو وجيشه. تهيَّأ الطَّرَفان للمعركة، وسيَّر ألفونسو القسمَ الأول من جيشه بقيادة جارسيان ورودريك؛ لينقضَّ على معسكر الأندلسيين الذي يقوده المعتمد، آملاً في بثِّ الرعب في صفوف المسلمين، ولكنَّهم وجدوا أمامهم جيشًا من المرابطين قوامه عشرة آلاف فارس، بقيادة داود ابن عائشة، أشجع قادة ابن تاشفين، ولم يستطع ابنُ عائشة الصُّمود؛ لكثرة النَّصارى وعُنف الهجوم، لكنَّه استطاع تَحطيم عُنف الهجمة، وخَسِرَ كثيرًا من رجاله في صَدِّ هذا الهجوم. ولما رأى الأندلسيُّون كَثْرة النَّصارى، هرب بعضُ أمرائهم، بَيْدَ أن فرسان إشبيلية بقيادة أميرهم الشُّجاع المعتمد بن عباد استطاعوا الصُّمُود، وقاتلوا قتالَ الأسود الضَّواري، يؤازرهم ابن عائشة وفرسانه. وأيقن ألفونسو بالنَّصر عندما رأى مُقاومةَ المعتمد تضعُف، وفي هذه اللحظة الحرجة وَثَبَ الجيشُ المرابطي المظفر إلى الميدان، وقد كان مُختبأً خلف رَبْوة عالية لا يُرى، وأرسل ابن تاشفين عِدَّة فِرَقٍ لغَوْث المعتمد، وبادر بالزَّحف في حرسه الضَّخم، وكان لقوات ابن تاشفين أَثَرٌ كبير في إنعاش الجيش المسلم؛ بسبب الجمال التي امتلأ بها جيشه، ولم يكن الفرنجة قد رأوا قَطُّ جمالاً، ولا كانت خيلهم قد رأت صُوَرَها، ولا سمعت أصواتَها، وكانت تُذعَر منها وتقلق، وكان ليوسف بن تاشفين في عبورها رأي مُصيب، كان يُحْدِقُ بها مُعسكره، وكان يُحضرها الحرب، فكانت خيلُ الفرنج تحجم عنها. واستطاعَ الجيشُ الإسلاميُّ أن يُباغتَ معسكرَ ألفونسو، الذي كان يطاردُ ابن عباد حتى بعد قدوم النَّجدات التي أرسلها ابن تاشفين. وفي تلك اللحظة يرى ألفونسو جموعًا فارَّةً من النَّصارى، وعلم أن ابن تاشفين قد احتوى المعسكر النَّصراني، وفَتَكَ بمعظم حرسه، وغَنِمَ كلَّ ما فيه، وأحرق الخيام، فتعالت النار في محالهم، وما كاد ألفونسو يقف على هذا النبأ حتى ترك مطاردة الأندلسيين، وارتد من فوره؛ لينقذ محلته من الهلاك، وليسترد معسكره، وقاتلوا الجيش المرابطي بجلد، وكان ابن تاشفين يحرض المؤمنين على الجهاد، وكان بنفسه يقاتل في مقدمة الصُّفُوف يخوض المعركةَ في ذِرْوة لَظَاها، وقد قتلت تحته أفراسٌ ثلاثة، وقاتل المسلمون قتالَ من يطلب الشَّهادة ويتمنى الموت. ودام القتال بضعَ ساعات، وسقطت ألوف مُؤلفة، وقد حصدتهم سيوفُ المرابطين، وبدأت طلائعُ الموقعة الحاسمة قبل حلول الظَّلام، فقد لاحظَ ابن عباد وابن عائشة عند ارتدادهما في اتجاه بطليوس أن ألفونسو قد كفَّ عن المطاردة فجأة، وسرعان ما علما أنَّ النصر قد مال إلى جانب ابن تاشفين، فجمعا قُواتِهما وهرولا إلى الميدان مرَّة أخرى، وأصبح ألفونسو وجيشه بين مِطْرَقَةِ ابن عباد وسَنْدَانِ ابن تاشفين. وكانت الضربة الأخيرة أنْ دفع يوسفُ بن تاشفين بحرسه - وقوامُه أربعة آلاف - إلى قلب المعركة، واستطاع أحدُهم أن يصلَ إلى ملك قشتالة ألفونسو، وأن يطعنَه بخنجر في فخذه طعنة نافذة، وكانت الشَّمسُ قد أشرفت على المغيب، وأدرك ألفونسو وقادَتُه أنَّهم يواجهون الموتَ، ولما جَنَّ الليل، بادر ألفونسو في قِلَّة من صَحْبِه إلى التراجع والاعتصام بتَلٍّ قريب، ولما حَلَّ الليل، انحدر ومن معه تحت جنح الظلام إلى مدينة قورية. ولم ينجُ من جيش القشتاليِّين مع ملكهم سوى أربعمائة أو خمسمائة فارس، معظمهم جرحى، ولم ينقذِ البقيَّةَ من جيش ألفونسو سوى حلول الظلام؛ حيثُ أمر ابنُ تاشفين بوقف المطاردة، ولم يصل إلى طليطلة فيما بعدُ من الفرسان سوى مائة فارس فقط. وقضى المسلمون لَيْلَهم في ساحة القتال يُردِّدون أناشيد النَّصر؛ شكرًا لله - عزَّ وجل - فلَمَّا بزغ الفجر أدَّوْا صلاة الصبح في سهل الزَّلاَّقة، ثم حشدوا جموعَ الأسرى، وجمعوا الأسلاب والغنائم، وأمر ابن تاشفين برؤوس القَتْلى، فصفت في سهل الزلاقة على شكل هرم، ثم أمر فأُذِّن للصلاة من فوق أحدها، وكان عددُ الرؤوس لا يقل عن عشرين ألف رأس. وكَتَبَ أميرُ المسلمين بالفَتْح إلى بلاد العدوة، وإلى تَميم صاحب المدينة، فعُمِلت المُفْرِحات في جميع بلاد إفريقيَّة وبلاد المغرب والأندلس، واجتمعت كلمةُ الإسلام، وأخرج النَّاس الصدقات، وأعتقوا الرِّقاب؛ شكرًا لله - تعالى - على صُنْعِه الجميل وفضله، وذاع خبرُ النصر، وقرئت البُشرى به في المساجد وعلى المنابر، وغَنِمَ المسلمون حياةً جديدةً في الأندلس، امتدت أربعة قرون أخرى. ــــــــــــــــــــــ [1] المنافسين. [2] لقب المرابطين. [3] يقصد: المغرب. [4] يعني: ألفونسو. |
|
ابتسامة تائب فى ساعة الاحتضار ( قصة رائعة )
يقول أحد الدعاة حدثني صاحب لي قال : كنت ذاهباً إلى إحدى الدول العربية لمهمة تستغرق يوماً واحداً وبعد أن أنهيت مهمتي , عدت إلى المطار استعداداً للإياب وكلِّي تعب ونصب من هذه الرحلة التي ما ذقت فيها النوم إلا غفوات .. فالتفتُّ يمنة ويسرة وبحثت عن المسجد لأصلِّي , فوجدت في المطار مكاناً أُعِدَّ للصلاة .. فذهبت إليه ونمت نوماً عميقاً , وقبيل الظهر استيقظت على بكاء شاب يصلي ويبكي بكاءً مريراً , قال : فعدت لنومي وقد أعياني التعب والنصب , ثم دنا ذلك الباكي مني بعد لحظات , وأيقظني للصلاة , ثم قال : هل تستطيع أن تنام ؟ قال : قلت : نعم , قال الشاب : أما أنا فلا أقدر على النوم , ولا أستطيع أن أذوق طعمه , قال : قلت : نصلي وبعد الصلاة يقضي الله أمراً كان مفعولاً ، قال : ثم أقبلت عليه بعد ذلك , فقلت : ما شأنك قال الشاب : أنا من الرياض ومن أسرة غنية كل ما نريده مهيأ لنا من المال والملبس والمركب .. ولكنني مللت الروتين والحياة .. فأردت أن أخرج خارج البلاد ثم أجَّلت النظر هل أذهب إلى دولة يذهب إليها الناس , فاخترت بين دول عدة هذه البلاد التي أنا وإياك في مطارها حتى لا يعرفني أحد وما كان همي فعل فاحشة بل لعب وضياع وقت ولهو وتفسح . ولما وصل هذا الشاب إذا برفقة سوء قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم .. فاطمأن إليها بادئ الأمر وما زالوا معه من فساد إلى فساد ومن عبث إلى عبث حتى أتوا به إلى خطوات الزنا مع الجواري والفتيات الغانيات الفاجرات .. وما زالوا به حتى انفرد بواحدةٍ منهن وما زالت تلاعبه حتى وقع عليها وزنى بها .. ولما بلغ به الأمر مبلغه وبلغت فيه الشهوة ذروتها وأخرج ما في جوفه إذا بحرارة تلسع قلبه وتضرب ظهره .. وبدأ يبكي ويصيح : زنيت ولأول مرة .. كيف هتكت هذا الجدار والسور المنيع من الفاحشة .. إني سأحرم حور الجنة وبدا عليه شأن وأمر غريب وعجيب وخرج من الباب باكياً . وإذا بفاجر يقابله فقال له : ما لك تبكي ؟ قال الشاب : ولِمَ لا أبكي ، لقد زنيت ، فقال له : الأمر هيِّن خذ كأساً من الخمر تنس ما أنت فيه ، قال الشاب : أما يكفيك أني زنيت تريد أن تحرمني خمر الجنة , فقال له : إن الله غفور رحيم . ونسي هذا العابث أن الله شديد العقاب .. أعدَّ للمجرمين ناراً تلظى .. تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك , إذا رأت المجرمين سمعوا لها تغيَّظاً وزفيراً وشهيقاً . ثم أخذ الشاب يبكي من حرقة ما أصابه .. ويقول لصاحبه الذي في المطار : يا ليتهم أخذوا مالي .. لقد مضوا بي إلى الزنا .. لقد أفسدوا وكسروا ديني وإيماني .. فقال صاحبنا : أتلو عليك آية من كلام الله .. فلتسمع .. وتلا عليه قول الله تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) . فأجاب ذلك التائب الذي بلغت التوبة في قلبه ذلك المبلغ قال : كلٌ يغفر له إلا أنا , ألا تعلم أني زنيت .. ثم سأل الشاب صاحبه : هل زنيت ؟ قال : لا والله ، قال : إذن أنت لا تعلم حرارة المعصية التي أنا فيها . قال : وما هي إلا لحظات حتى أعلن مناد المطار إقلاع الرحلة التي سأعود معها بإذن الله إلى الرياض .. فأخذت عنوانه ثم ودعته وانصرفت .. وأنا واثق أن ندمه سيبقى يوماً أو يومين ثم ينسى ما فعل , وبعد أيام من رجوعي إلي الرياض إذ به يتصل بي .. واعدته ثم قابلته فلما رآني انفجر باكياً وهو يقول : والله منذُ فارقتك وفعلت فعلتي تلك ما تلذذت بنوم إلا غفوات .. ما قولي أمام الله يوم أن يسألني ويقول : عبدي زنيت أقول نعم زنيت وسرت بقدماي هاتين إلى الزنا ، فقال صاحبه هوِّن عليك إن رحمة الله واسعة . فقال ذلك الشاب لصاحبنا هذا ما جئتك زائراً .. ولكني جئتك مودعاً ولعلي ألقاك في الجنة إن أدركتني وإياك رحمة الله .. قلت : إلى أين تذهب ؟ قال : أُسلم نفسي إلى المحكمة وأعترفُ بجرم الزنا حتى يقام حد الله عليّ . قال : قلت له : أمجنون أنت أنسيت أنك متزوج .. أنسيت أن حد الزاني المحصن هو الرجم بالحجارة حتى الموت .. قال : ذاك أهون على قلبي من أن أبقى زانياً وألقى الله زانياً غير مطهر بحد من حدوده . قال : صاحبه : أما تتقي الله .. أُستر على نفسك وأسرتك وجماعتك .. قال الشاب : هؤلاء كلهم لا ينقذونني من النار وأنا أريد النجاة من عذاب الله .. قال الصاحب : فضاقت بي المذاهب وأخذته وقلت له : أريد منك شيئاً واحداً فقال التائب : اطلب كل شيء إلا أن تردني عن تسليم نفسي إلى المحكمة . قال : غير ذلك أردت منك .. قال الشاب : ما دام الأمر كذلك فأوافقك .. قال صاحبه : امدد يدك عاهدني بالله أن تعمل وتصبر لما أقول قال : نعم .. فعاهدني .. قلت له : نتصل بالشيخ فلان من كبار العلماء وأتقاهم لله حتى نسأله في شأنك فإن قال : سلّم نفسك إلى المحكمة فأنا الذي أذهب بك إلى المحكمة .. وإن قال لا فلا يسعك إلا أن تسمع وتطيع قال : نعم . فسألنا الشيخ فقال : لا يسلم نفسه , ولكن هذا الشاب لم يهدأ بل ظل يتصل بالشيخ مراراً يريد أن يقنعه بتسليم نفسه ويجادل ويصر ويلح على ذلك .. قال صاحبه : فلما قابلته قلت له : لماذا أزعجت الشيخ بهذا الاتصال وأنا الذي قد كفيتك مئونة الاتصال به ، فقال : أحاول أن أقنعه لعله أن يأمرني أو يوافقني على تسليم نفسي . قال : ومن كلام هذا الشاب للشيخ : اتق الله يا شيخ وأنا أتعلق برقبتك يوم القيامة وأقول يا رب إني أردت أن أسلِّم نفسي ليقام حدّ الله عليّ فردني ذلك الشيخ ، فقال الشيخ : هذا ما ألقى الله به وما أفتيتك إلا عن علم . ثم قال الشاب التائب لهذا الصاحب : إني أودعك قال : إلى أين ؟ قال : أريد الحج وكان الحج وقتها قريباً ، فطلب هذا الصاحب من الشاب أن يحج معه ومع إخوانه .. فقال : لا وظن صاحبه أنه قد اختار رفقة ليحج معهم . قال : فلما قضينا مناسكنا وعدنا إلى الرياض قابلته فسألته فقال : لقد حججت وحدي وتنقلت بين المشاعر على قدمي لعل الله أن ينظر إليّ ذاهباً من منى إلى عرفة أو واقفاً على صعيد عرفة أو ذاهباً إلى مزدلفة أو ماضياً إلى الجمرات لعل الله أن ينظر إليّ فيرحمني . ولقد كان هذا التائب يقول في حجه : أخشى ألا يغفر الله لمن حولي لشؤم ذنبي ، وتارة يقول : لعل الله أن يرحمني بهؤلاء الجمع المسبِّحين الملبِّين .. قال صاحبي ولقد دامت الصلة والزيارات بيني وبينه , ولقد حفظ هذا الشاب التائب القرآن كله بعد الحج وأصبح يصوم يوماً ويفطر يوماً . قال الصاحب : وإنني رأيت أحد العلماء فأخبرته بقصة هذا التائب وما كان منه من انكسار وإنابة وصيام وقيام وحفظ للقرآن فقال هذا العالم : لعل زناه هذا قد يكون سبباً لدخول الجنة ولعل بعض الآيات تصدق في حقه ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدِّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماًْ } الفرقان قال الصاحب : لما سمعت هذه الآية عجبت وقلت : كيف غفلت عن هذه الآية .. فولَّيت إلى بيت صاحبنا في دار أبيه العامرة في قصر أبيه الفسيح .. ذهبت إليه لأبشره فقال أهله : إنه في المسجد فذهبت إليه فوجدته منكسراً تالياً للقرآن .. فقلت له : عندي لك بشرى قال : ما هي ؟ قال : فقرأت عليه : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون قال : فلما بلغت هذه الكلمة كأني أطعنه بخنجر في قلبه قال : فمضيت تالياً : ومن يفعل ذلك يلقَ آثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما ) . قال : فلما أكملت هذه الآية قفز فاحتضنني وقبَّل رأسي وقال : والله إني أحفظ القرآن ولكن كأني أقرأها لأول مرة ثم أذن المؤذن فانتظرنا إقامة الصلاة وغاب الإمام ذاك اليوم فقام مؤذن المسجد وقدّم صاحبنا التائب . فلما كبَّر وقرأ الفاتحة تلا قول الله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) فلما بلغ ْ ( إلا من تاب ) لم يستطع أن يكملها فركع ، ثم اعتدل ثم سجد ، ثم اعتدل ، ثم سجد ، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية الفاتحة وأعاد الآية يريد أن يكملها فلما بلغ ( إلا من تاب وآمن ) .. لم يستطع أن يكملها فركع وأتم صلاته باكياً . قال الصاحب : وهكذا مضى على هذا الحال زمناً إلى أن جاء يوم من الأيام وكان يوم جمعة وبعد العشاء من ذلك اليوم اتصل بي رجل .. فقال أنا والد صاحبك أحمد وأريدك في أمر مهم أريدك أن تأتي إليّ مسرعاً . قال : فخرجت مسرعاً خائفاً فلما بلغت دار قصره إذا بالأب واقف على الباب فسألته ما الخبر ؟ قال : صاحبك أحمد يطلبك السماح يودعك إلى الدار الآخرة لقد انتقل مغيب هذا اليوم إلى ربه .. ثم انفجر الأب باكياً .. يقول الصاحب واسمه أحمد أيضاً وأنا أُهوِّن عليه .. وبقلبي على فراق حبيبي وصديقي مثل الذي بقلب والده .. ثم أدخلني في غرفة كان الشاب فيها مسجَّى فكشفت عن وجهه فإذا هو يتلألأ نوراً .. كشفت وجهاً قد فارق الحياة .. ولكنه أنور وأبهى وأبهج وأجمل من قبل موته .. وجهٌ كله نور .. ورأيت محياً كله سرور .. قال الصاحب : فقال لي والده : ما الذي فعل ولدي ؟ فمنذُ أن جاء من السفر وهو على هذا الحال ؟ فقال الصاحب : إن ولدك يوم أن سافر فقد عزيزاً عليه في سفره ذلك , نعم والله .. فقد في تلك اللحظة إيماناً عظيماً .. فقد في لحظة الزنا إخباتاً وإقبالاً وأي شيء أعز من ذلك , وأما زوجة هذا التائب فتقول : إن نومه كان غفوات وما استغرق في نوم بعد رجوعه من السفر وهم لا يعرفون حقيقة القصة .. قال الصاحب: فسألت والده عن موته فقال الأب : يا أحمد إن ولدي هذا كما تعلم يصوم يوماً ويفطر يوماً .. وفي يوم الجمعة هذا بقي عصر يومه في المسجد يتحرى ساعة الإجابة وقبيل المغرب ذهبت إليه فقلت يا أحمد .. تعال أفطر في البيت .. فقال الابن التائب : يا والدي أحس بسعادة فدعني الآن .. وأرسلوا لي ما أفطر عليه في المسجد , قال : الأب : أنت وشأنك . وبعد الصلاة قال الأب لولده : يا ولدي هيّا إلى البيت لتنال عشائك .. فقال الابن : إني أحس براحة عظيمة الآن وأريد البقاء في المسجد وسآتيكم بعد صلاة العشاء .. فقال الأب : أنت وما أردت. ولما عاد الأب إلى المنزل أحسَّ بشيء يخالج قلبه ، يقول الوالد : فبعثت ولدي الصغير فقلت اذهب إلى المسجد وانظر ما الذي بأخيك ؟ فذهب الولد وعاد صارخاً يا أبتي يا أبتي .. أخي أحمد لا يكلمني . يقول الأب : فخرجت مسرعاً إلى المسجد فوجدت ولدي أحمد ممدوداً وهو في ساعة الاحتضار .. وكان يتكئ على مسند يرتاح في خلوته بربه واستغفاره وتلاوته ، قال الأب : فأبعدت عنه المتكأ الذي يتكئ عليه وأسندته إليّ .. فنظرت إليه فإذا هو يذكر اسم صاحبه أحمد الذي حدّث بقصته وكأنه يوصي بإبلاغ السلام عليه , ثم إن هذا التائب ابتسم ابتسامة في ساعة الاحتضار يقول أبوه : والله ما ابتسم ابتسامة مثلها من يوم أن جاء من سفره ، ثم قرأ في تلك اللحظة التي يحتضر فيها : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .. ) . قال فلما بلغ هذه الكلمة فاضت روحه وأسلمها إلى باريها .. من كتاب : ( التائبون إلي الله ) بتصرف |
|
من طلب رضا الناس بسخط الله
د. عبد الله مبارك الخاطر عرفته في بريطانيا شاباً طموحاً يتدفق حيوية وحركة.. جل همه أن يحصل على شهادة (دكتوراه) ثم يعود إلى بلده ليكون مدير جامعة أو وكيل وزارة أو وزيراً. كان يحدثنا عن ثقته بنفسه وقدرته على استمالة الناس إليه.. فهذا المسؤول أقنعه بوجهة نظره، وذاك المدير أقام معه أطيب العلاقات وأمتنها.. وخلال إقامته في بريطانيا نهج طريقه المعروف، فأخذ يتقرب إلى مشرفه ويتملق له، ويحاول إرضاءه بمختلف الوسائل والأساليب ولم يقصر " دكتور المستقبل " في إقناع أستاذه بأنه ليس رجعياً، ولا متديناً، وفضلاً عن هذا وذاك فهو معجب أشد الإعجاب بالإنكليز وجامعاتهم وتقدمهم العلمي. وذات يوم أراد الأستاذ أن يمتحن مصداقية أقوال تلميذه، فدعاه إلى وكر من أوكار الخمور، وسارع (دكتور المستقبل) إلى تلبية الدعوة.. وظن الأحمق أن استجابته لطلب المشرف سوف تساعد على اختصار الوقت. شرب (دكتور المستقبل) حتى الثمالة، وفقد توازنه، ولم يعد قادراً على ضبط أقواله وأفعاله.. أما المشرف فكان يشرب قليلاً ويتمتع برؤية تلميذه وهو يشرب لأول مرة. وهب أنه شرب كثيراً فلا فرق عنده بين الماء والخمرة، لقد اعتاد شرب الخمر. أما " دكتور المستقبل " فقد أخذ يعبر عن مشاعره الحقيقية نحو الإنجليز، وراح يلصق بهم أبشع النعوت وأحطها، والمشرف ينظر إليه ويؤمن على كلامه ويبتسم له ويخفي في نفسه ما لا يبديه. ومضت الأيام، وكلما قدم (دكتور المستقبل) فصلاً أخّره المشرف مدة طويلة ومملة، ثم يعيده لتلميذه طالباً حذف بعض الأمور وإضافة أمور أخرى وإعادة الصياغة لأن لغة الكاتب ركيكة.. وكان المشرف يغلّف حقده بقوله: أريدك أن تكون دكتوراً ناجحاً، وسوف تستفيد كثيراً من هذه الفترة الطويلة التي تمكثها بيننا، ولا يتخرج من جامعاتنا إلا الأفذاذ من الرجال. وأخيراً بقي الطالب الطموح ضعفي المدة المحددة، وذاق الويلات، وأصبح يشك بمواهبه وقدراته.. وبعد التي واللتية نال شهادة الدكتوراه، وقبل سفره جلس مع أستاذه المشرف يحدثه عن إعجابه بالإنكليز وجامعاتهم وتقديره لكل ما رآه عندهم، فأجابه المشرف بكل خبث ودهاء: إن حقيقة رأيك بالإنكليز وأخلاقهم وعاداتهم سمعته منك في الخمارة قبل ثلاث سنين، فحاول (الدكتور الجديد) أن يعتذر ولكنه أخذ يتكلم ويهذر ولكنه يعرف أن كلامه ليس مقنعاً ومن كان عاجزاً عن إقناع نفسه فكيف يقنع غيره. أدرك الدكتور الجديد ورجل المستقبل في بلده لماذا غيّر المشرف أسلوبه ولماذا تضاعفت مدة الدراسة لكنه بكل أسف لم يدرك الأمور التالية: من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. ولم يدرك أنه (ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً *ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). ولم يفهم - وهو المسلم - أن التنافس يكون على الأعمال الصالحة وليس على حطام الدنيا التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة. وليت هذه العقوبة الدنيوية تكون سبباً في هداية الدكتور وتوبته.. وليت أمثاله يتعظون |
|
توبة بعض المغنين من الغناء وخذلان بعضهم الآخر
عبد الله زقيل الحمد لله وبعد؛ إن الإنسانَ المؤمنَ ليفرحُ ويُسرُ عند سماعِ توبةِ عاصٍ من العصاةِ، ثم يتحولُ بعد التوبةِ إلى فردٍ يسخرُ جهدهُ ووقتهُ لا ستغلالِ ما وهبهُ اللهُ له من نعمةٍ في خدمةِ دينهِ، أو نفسهِ لتدارك ما فاتهُ من العمرِ الذي قضاهُ في مرحلةِ المعاصي، فيستكثرُ من الطاعاتِ المقربةِ إلى اللهِ - جل وعلا -. والمتأملُ في حالِ بعضِ أهل المعاصي من أهلِ الغناءِ يستغربُ من أحوالهم، وكيف أن الشيطانَ زينَ لهم سوءُ أعمالهم من الضربِ بالعودِ، والغناءِ الماجنِ، وغير ذلك من الآت اللهو المحرم. وقد يهدي الله بعضا من هؤلاء، فتجد حاله ينقلب رأسا على عقب - وهذا كله بيد الله - والمسلمُ ليس له إلا أن يسال الله أن يهدي اولئك الذي يضيعون أعمارهم وأوقاتهم في مثل هذه المعصية التي تجر معها أنواعا أخرى من المعاصي - نسأل الله أن يجنبنا الفواحش -. وقد وجدت قصصا تحكي توبة من اشتغلوا بالغناء، ثم هداهم الله، وتابوا من هذا الفعل، والتزموا الجادة. - قــــــــصــــــة توبة زاذان من الغناء: جاء في ترجمة زاذان في سير أعلام النبلاء (4/280 - 281) ما نصه: وقال ابن عدي تاب على يد ابن مسعود. وعن أبي هاشم الرماني قال: قال زاذان: كنتُ غلاماً حسنِ الصوتِ، جيِّد الضربِ بالطُّـنْـبُـور، فكنت مع صاحبٍ لي، وعندنا نبيذٌ، وأنا أغنِّيهم؛ فمر ابنُ مسعودٍ فدخل فضرب الباطِيَةَ - كل إناء يجعل فيه الخمر - بدَّدَها، وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما يُسمَعُ من حُسنِ صوتك يا غلامُ بالقرآن كنت أنتَ أنتْ، ثم مضى. فقلتُ لأصحابي: من هذا؟ قالوا: هذا ابنُ مسعود؛ فألقى في نفسي الَّتوبة، فسعيت أبكي، وأخذتُ بثوبه، فأقبل علي فاعتنقني وبكى، وقال: مرحبا بمن أحبه الله، اجلس؛ ثم دخل وأخرج لي تمرا. قال زبيد: رأيت زاذان يصلي كأنه جِذْع. فوائد من القصة: 1 - إنكار الصحابي الجليل ابن مسعود للمنكر، وتكسيره آنية الخمر، والطنبور. وهذا فيه أن من كسرها لا يضمن، لأنها مما يتلف بسبب استخدامها في المعصية. 2 - أثرت كلمة ابن مسعود في زاذان، بالرغم أن ابن مسعود قال كلمة بسيطة ولكن انظروا مدى تأثر ذلك الشاب بها. وفي هذا درس لنا أننا نحرص على حسن اختيار الألفاظ مع العصاة الذين يرجى منهم الرجوع إلى الجادة وإلى الطريق السوي. وكذلك لا ننتظر النتائج بعد إلقاء الموعظة على العاصي مباشرة. 3 - هداية الله لزاذان بسبب تلك الكلمة، التي لامست قلبه فقادته إلى الهداية. 4 - حسن استقبال ابن مسعود للتائب، ومعانقته إياه، والفرح برجوعه إلى الطريق المستقيم، والتلطف معه في العبارة. وهكذا ينبغي أن يكون حالنا مع التائبين. - توبة أحد أئمة الحنابلة من الغناء: ذكر الحافظ ابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة (3/330) عند ترجمة عبد الرحمن بن النفيس بن الأسعد الغياثي، الفقيه المقرىء أبو بكر: كان في ابتداء أمره يغني، وله صوت حسن، ثم تاب وحسنت توبته. وقرأ القرآن في زمن يسير، وتعلم الخط في أيام قلائل، وحفظ كتاب الخرقي وأتقنه. وقرأ مسائل الخلاف على جماعة من الفقهاء. وكان ذكيا جدا، يحفظ في يوم واحد ما لا يحفظه غيره في شهر. ا. هـ. الله أكبر؛ كيف يفتح الله على العبد إذا أخلص التوبة لله؟؟؟!!! وعكس هذه الصور من التوبة، صورٌ تبين ما قد يقلب الله به حال أهل الطاعة والهدى إلى حال أهل المعصية والردى، نسأل الله العافية والسلامة. - انتكاس ابن أبي وداعة: ذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (10/215) في حوادث سنة ثنتين وتسعين ومئة في ترجمة إسماعيل بن جامع بن أبي وداعة ما نصه: أحد المشاهير بالغناء، كان ممن يضرب به المثل! وقد أولاً يحفظ القرآن! ثم صار إلى صناعة الغناء وترك القرآن. ا. هـ. وذكر ابن كثير قصصا من اشتغاله بالغناء، نسأل الله السلامة والعافية. - سيد درويش البحر: في " الأعلام " للزركلي في ترجمة " سيد درويش البحر " (3/146) قال: سيد درويش البحر النجار: ولد بالإسكندرية، وحفظ القرآن وتحول من ترتيله إلى إلقاء التواشيح....وابتلي بشم " الكوكايين " فمات بتأثيره في الإسكندرية. نعوذ بالله من الحور بعد الكور. والله أعلم. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصة من روائع القصص | geier139 | المنتدى الإسلامي | 1 | 2009-01-23 2:51 AM |
لقد رأت نور الله...من اعجب القصص | أمل حزين | 🟠 منتدى الرؤى المتحققه وغرائب وعجائب الرؤى والأحلام | 21 | 2008-08-23 8:28 PM |
من بدائع القصص النبوي | airhaab | المنتدى الإسلامي | 4 | 2007-04-15 7:23 AM |
تلاوة من سورة القصص | يمامة الوادي | رياض القرآن | 2 | 2007-04-12 12:38 AM |
باقة ورد | أمل حزين | ⚪️ منتدى الرؤى المفسرة لغيرالداعـمين،أو المفسرة في المنتدى ∞ | 2 | 2006-03-24 2:12 AM |