[البركة سليمان]

سبحان الله، كل المحاولات اللبقة الرافضة لتواجد بعض الناس بيننا فشلت!! فهل ينتظرون سماع مالا يحبون!!! عجبا لحال تلك العقول المشلولة، تلك العقول التي توقفت عند ما تعتقده وصورت لنفسها أنها من يعقل وغيرها لا يفقه شيء، ولو أنها فقهت لعلمت أن اللبيب بالإشارة يفهم، وصدق من قال: وأنفسُ ما للفتى لُبهُ.... وذو اللّبّ يَكْرَهُ إنْفاقَهُ

من توفيق الله لعباده أنه يكشف لهم سريعا أصحاب الأقنعة الزائفة، ولقد سقطت اليوم أقنعة زائقة جمّلت بعض الأشخاص أمامنا لفترة قضوها هنا، ولكن بفضل الله تساقطت وظهر الوجه القبيح، ورحمة الله على من قال:
كل امرىء صائر يوما لشيمته...... وإن تخلق أخلاقا إلى حين

تعبنا من أناس يرددون عبارات مثل ( نحن لا نجامل )، فليتهم كما توقفوا عن المجاملة ونبذوها – حسب زعمهم -، توقفوا أيضا عن الحسد، وتوقفوا عن التدخل فيما لا يعنيهم، وتوقفوا عند رغبة الآخرين في عدم فرضهم أنفسهم وكلامهم على هذه الساحة، وليتهم توقفوا عن كل ما لا يحفظ لهم ماء وجوههم ورحلوا بصمت كصمت صاحب الدار وصبره على أمثالهم.
يبدو أننا بالفعل في آخر الزمان... فمن أشراط الساعة، إنتشار الفضول بين الناس، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " إن بين يدي الساعة سنين خدّاعة، يُخَوَّن فيها الأمين، ويؤتمن فيها الخائن، ويتكلم فيها الرويبضة". قالوا: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: "الرجل التافه -وفي رواية: السفيه - يتكلم في أمر العامة".
فأولئك أشخاص عقولهم خاوية، لا يجيدون الكلام ولا يرتقون لأن يصلحوا أمور الناس، إلا أنهم يضعوا أنفسهم هنا وهناك فضولا وتدخلا فيما لا يعنيهم بحجة النصح، رغم إجماع كل من سمعهم بأن كلامهم هباء، ورغم إعلان الجميع صراحة أننا لا نرغب بسماع كلامكم، ولكن لا حياء ولا إحترام للذات، ولا إحترام لرغبة الجماعة، نعم كان رأي الجماعة ( رجاءً اصمتوا وارحلوا فلا ثقة لنا بما تقولون ) ومع هذا يصرون على فرض أنفسهم كالثقلاء، ويتدخلون بأمور قيل لهم لا شأن لكم فيها، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم؛ ثم يكون أناس يشهدون ولا يستشهدون... أي أنهم يشهدون من غير أن يطلب منهم؛ وذلك من باب الفضول، وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخلق.

ولمن لا يعرف حقيقة الفضول، فهو كما قالوا: " فضول الخبر أن تجد العبد مشغولاً بالأخبار، يتصيدها وينتظرها وينشرح صدره لها، وقد يبذل الوقت والجهد من أجل أن يظفر بخبر عن أحد "..... ورغم إنشغالهم كما يدّعون ما زلنا نراهم هنا وهناك، فهلا وفروا وقتهم لإنشغالتهم

صدق السلف الصالح عندما قال أحدهم: " كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله -عز وجل". وهذا هو الخذلا واضح كوضوح الشمس، وهل هناك خذلان أكبر من إجماع الكل على أن ( سين من الناس ) لا نرغب بسماع حديثه، ولا نريده بيننا، ولو كانت النية حسنة لأجرى الله على لسان أولئك كلام حسن، ولهيء الله له من يقبله، فتأييد الله لعبده يكون بقبول الناس لما يقول، وخذلان العبد وفضح سريرته يكون بعكس ذلك.
فإنْ عِبْتَ قوماً بالَّذِي ليس فيهمُ *** فذلك عند الله أعظم وأكبر
وإنْ عِبْتَ قوماً بالذي فيك مثله *** فكيفَ يعيب العُور مَن هو أعور
وكيف يعيب الناسَ مَن عيبُ نفسِهِ *** إذا عُدّت العيوب أشدّ وأنكر
متى تلتمس للناس عيباً تجدْ لَهُمْ *** عيوباً ولكنَّ الذي فيك أكبر

وفي الختام أخواني وأخواتي أهل هذه الدار الكرام، إذا أبقى صاحب الدار على أمثال هؤلاء، واضطررتم تحمل أي ثقيل بينكم فتذكروا قول الشاعر:
وإن بُليت بشخص لا خلاق له ..... فكن كأنك لم تسمع ولم يقلٍ

[/align]