[اأالعنووود]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أخي وأختي المسلمة أن التجسس على عباد الله سلوك مشين و عادة قبيحة و فاعلها يبحث عن عورات الناس و يتصيد أخطائهم و زلاتهم وينسى هذا الجاهل أن الله سيوقعه في سيء أفعاله و ظنونه وان الله كاشف عوراته وهذا ما صرحت به السنة النبوية فعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته))
تفرد به أبو داود (( فقوله من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه على رؤوس الأشهاد الأولين والآخرين )) *
.

(( إن ظن القبيح بالمسلم كهمزه ولمزه والسخرية والهزء به نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - وأخبر أنه إثم وعن التجسس وهو تتبع أحواله في خلواته وجوف داره والتعرف لها فإن ذلك إذا بلغه ساءه وشق عليه فكان التعرض له من باب الأذى الذي لا موجب له ولا مرخص فيه ))

قال الغزالي رحمه الله ((*فستر العيوب و التجاهل و التغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في ستر القبيح و إظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح))

*ليس للمسلم أن يدخل بيت غيره ليتصيد عثرات الناس أو يطلع على ما بدخله من عورات أو محارم (( سواء كان الباب مغلقا أو مفتوحا لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لا يطلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه فقد روى علماؤنا *
((عن عمر بن الخطاب أنه قال: من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق))

من أراد العلاج من هذه الخصلة السيئة فعليه بالابتعاد عن الظنوطن وعدم الانقياد لها ولوساوس الشيطان فقد عدوا من ثمرات سوء الظن المنهي عنه التجسس
فإن القلب المريض لا يقع بالظن فيتطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس فيقع في سوء الظن بالذم وهذا سهل بن عبد الله التستري يقول في العلاج مرض التجسس: من أراد أن يسلم من الغيبة فليسد على نفسه باب الظنون فمن سلم من الظن سلم من التجسس ومن سلم من التجسس سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبة سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان )
وقال أبو حاتم رضي الله عنه التجسس من شعب النفاق كما أن حسن الظن من شعب الإيمان والعاقل يحسن الظن بإخوانه وينفرد بغمومه وأحزانه كما أن الجاهل يسيء الظن بإخوانه ولا يفكر في جناياته وأشجانه ))
وانشد بعضهم في ذم التجسس قول الشاعر:
*لا تلتمس من مساوي الناس ما ستروا... فيهتك الناس سترا من مساويكا*
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا... ولا تعب أحدا عيبا بما فيكا

*عزيزي القاري : إن تجسس الفرد على الفرد في الشريعة الإسلامية محرما سواء كان الفرد يتجسس لصالح نفسه أو لصالح غيره مهما كانت حججه و أهدافه وليس لمن أراد الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر ذلك لان من شروط المنكر أن يكون ظاهرا من غير تجسس و لا تفتيش كم نص عليه أبو يعلى في الأحكام السلطانية
ومن الظواهر المنتشرة بيننا اليوم هي التجسس و استراق السمع وكشف العورات بطالع الفضول والتطفل ثم القيام بنشرها عبر التقنية الحديثة وخاصة شبكة المعلومات الانترنت أو رسائل الجوال المصورة وذات الصوت مما ترتب عليه وقوع مفاسد وهتك أعراض وإشاعة الفاحشة و نشر أسرار الناس و الحط من سمعة الفضلاء و تشويه صورة بعض الأشخاص بسبب عداوة شخصية أو مماحقة فكرية أو حزبية بغيضة
وكم من قصة سمعناها فيمن نشر صورة امرأة صالحة أو فتاة عفيفة بواسطة الجوال أو الانترنت و ادخل عليها بعض التعديلات المشينة ليحط من قدرها ويثلب عرضها و يدنس سمعتها و قد تكون هذه المرأة داعية مشهودا لها بالخير والصلاح ولكن نفسا شريرة سولت لصاحبها أو صاحبتها استراق صورة هذه المرأة و هي غافلة ثم يقومون بنشرها و التعليق عليها و ما كان لصاحبة الصورة من ذنب إلا أن أمرت بمعروف أو نهت عن منكر
وهذا رجل طلق زوجته و يشرد أطفاله لأن امرأة حقودة أو حاسدة نشرت صورة هذه الزوجة وهي في حفل أو فرح وهي لا تدري فأخذت أجهزة الغوغائية والسفهاء في نشرها حتى بلغت زوجها فكان ما مكان من طلاق وهدم بيوت كانت أمنة مطمئنة عدة عليها شهوة عابث أو عابثة فجعلته خرابا بلقعا
*إن من يفعل ذلك أو يساهم فيه فقد ارتكب كبيرة من الكبائر
قال الله تعالى (({إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19

*لقد نصت الشريعة الإسلامية على تحريم التلصص بأي وسيلة كانت أو استراق السمع او النظر بل إن السنة النبوية نصت على تحريم من استرق النظر إلى محارم الناس أو خصوصياتهم وأباحت له فقء عين الناظر وذلك لمنع وقوع جريمة التلصص
*ولهذا فان من التقط صورة للفرد وهو في بيته أو في مكان يمنع التصوير فيه كمحافل النساء يجعل الجريمة قائمة لان (( التقاط الصورة فوق ما فيه من مسارقة بصرية فهو ينطوي على معنى أخر وهو استدامة هذه المسارقة وذلك بما يحتفظ به من صورة للشخص مما يشكل خطورة اشد ولا يشترط في الصورة أن تكون قد أخذت له هو في وضع معين بان يكون مكشوف العورة
أو في حال تبسط مع أسرته بل تعتبر الجريمة متوفرة في كل الأحوال التي يكون عليها الفرد
إننا من هذا المنبر الكريم ندعو جميع المسلمين إلى تقوى الله ومراقبته في السر والعلن والبعد عن المعاصي و نذكرهم بحرمة التجسس والتنصت و استراق السمع والنظر و كشف عورات الناس فهذه من المعاصي التي تهدد أمنهم و وتنشر بينهم القطيعة والرذيلة
فيجب عليك أخي المسلم وأختي المسلمة أن تحترم خصوصية الغير و أسراره و أن تستر على أخيك المسلم
قال رسول الله صل الله عليه وسلم (لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)
وختاما نسأل الله الستر للجميع

جزاك الله خير شيخنا الفاضل ..ووفقكم لما فيه خير وصلاح أمركم .اللهم آمين