[يمامة الوادي]

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا اسمي محمد، عمري 20 سنة، أعاني تلعثمًا، هو ليس بشديد، ولكن يظهر في بعض الأحيان، ولكن يُصيبني بضيق شديد، وهو عندما يُطرح عليَّ سؤالٌ ما، أجد صُعُوبة في النُّطق، أو عندما أريد أن أحكيَ قِصَّةً ما، أيضًا أُصاب بتلعثُم عندما أريد أن أنطق أيَّ كلمة إنجليزية، على العلم أنِّي إذا كنتُ في حالةٍ نفسيَّة جَيِّدة، وأشعر بالثِّقة، أتكلَّم بطلاقة، ولكن هذا يَحدث قليلاً، أنا مَرَرْت بظروفٍ صعبة، أظنُّ كثيرًا حتَّى الآن أنَّ طُفُولتي من المُمكن أن تكون هي السبب، أو من المُمكن أن يكون هناك سبب آخر، المهم أنا أريد المساعدة، وأريد النَّصيحة؛ لكي أسلك أول الطريق في التخلُّص من هذا الهمِّ، أنا أخشى إقامة علاقات مع الناس؛ حتَّى لا أتعرض للحرج، كأني محبوس، والسجان هو لساني، أرجو المساعدة، ومع العلم أن هذه أول مرة أدخل على الموقع، والذي شجعني أنِّي لقيت إجابات مقنعة جدًّا في بعض المسائل الأخرى، وشكرًا، على العلم أني متعلم وفي كلية تجارة خارجية.
الجواب:

أخي الكريم،
حياكَ الله، ومرحبًا بك معنا،
لو بحثتَ عن مُشكلتك - يا أخي الفاضل - في المواقع الأجنبيَّة، ستصافح عينيك كثيرًا هذه الجملة: If you stutter, you are definitely in good company!؛ ذلك لأن التلعثُم هو سمة العُظماء والمشاهير وأصحاب الشخصيات الحساسة التي تجنحُ كثيرًا للمثاليَّة.

التلعثم أو التَّأْتأة أو اللجلجة Stuttering جميعها مفردات تصبُّ في منبع واحدٍ لأحد عيوب الكلام، التي تتَّصف بعدم وجود سُيُولة في خروج المقاطع الأولى من الجمل، ومعرفة سبب هذه الحالة ليس بالأمر المُهم في الحقيقة، كما أنَّه لا يُؤثر على نوعية العلاج، كما يقول د. محمد شحاتة، وهو طبيب عانى بنفسه مُشكلةَ التلعثم، ثم عُوفِيَ منها بشفاء الله تعالى.

يقول الدكتور محمد شحاتة: "رأيي الشَّخصي هو أنَّ القابليَّة لحدوث التلعثُم هي قابليَّة عُضوية، يتوقف ظُهُورها على الأجواء المُحيطة بنشأة الطِّفل، وأستدلُّ على وجود هذه القابليَّة العُضوية بما يلي:

1- اكتشاف وجود مركز في المخ مسؤول عن التلعثم.

2- السريان النِّسبي للتلعثُم في العائلات، واكتشاف بعض الجينات المرتبطة به.

3- دراسة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكيَّة أثبتت أن الذين يعانون التلعثمَ يقعون ضمن 2 % من الناس، الذين يتصفون بأنَّهم في حالات الانفعال يقبضون عضلات الحنجرة، بينما الـ 98 % الباقون من الناس لا يفعلون هذا".



وهذا يعني تزايُد المُشكلة على نحوٍ يستدعي منَّا البحث مطولاً عن حلولٍ عمليَّة حقيقيَّة؛ للتخلص من هذه المشكلة التي تستهدف أجمل ما نَملك: لغتنا العربية الفصيحة.

الطرق الحديثة لعلاج التلعثُم "التأتأة، اللجلجة":
هناك خمس قواعد مُهِمَّة اقترحها الدكتور Malcolm Fraser لعلاج التعلثُم، وهي:

1- تعمد أن تتكلم أكثر Talk more deliberately.

2- تلعثم بسهولة أكثر، وبشكلٍ علني Stutter more easily and openly.

3- لا تتصنع لإخفاء تلعثُمك Make no effort to hide your stuttering.

4- أوقف كل ممارسات التجنُّب Stop all avoidance practices.

5- حافظ على اتِّصال العين بشكله الطبيعي Maintain normal eye contact.

لقد كتبتَ - يا أخي الكريم - كلمةً وزنُها ذهب؛ لأنَّها الأساس في علاج هذه المشكلة: "إذا كنتُ في حالة نفسية جيِّدة وأشعر بالثقة، أتكلمُ بطلاقة"، أَجَلْ، هذا هو المِفْتاح الحقيقي لفتح مغاليق الحروف: الرَّاحة النفسيَّة، والثِّقة بالنفس.

عواطف المرء ومشاعره تُؤثر كثيرًا على فصاحته وطلاقة لسانِه، فحين يكونُ شُعُورك عن نفسِك على نحو ما ذكرتَ عن نفسك: "أخشى إقامة علاقات مع الناس حتَّى لا أتعرض للحرج، كأني محبوس والسجان هو لساني"، فبالتأكيد ستُسهم كثيرًا في ظهور المشكلة، أمَّا الشعورُ بالثِّقة والارتياح، فسيحلها وينهيها أيضًا؛ لذا حافظ دومًا على ثقتك بنفسك.

توجَّه إلى اختصاصي تَخاطُب متمرس في مركز مُتخصص؛ لتدريبك على إرخاء العضلات المتصلة بالشِّفاه واللسان والفم والحلق، سيعطيك أيضًا تمرينات للتنفُّس والإطالة وغيرها، هذه الخطوة مهمة جدًّا، وضرورية للغاية إذا أردت التخلُّص بالفعل من المشكلة، فاختصاصي التخاطب هو المسؤول الأوَّل عن علاج هذه المشكلة، يليه بعد ذلك الاختصاصي النفسي.

طريقة ماكجير MacGuire Module:
تتكون هذه الطريقة من الخطوات التالية:
1- خذ نَفَسًا عميقًا وسريعًا باستخدام القفص الصدري مع تثبيت البطن.
2- ادخل في الكلمة الأولى بكُلِّ ثقة ومُرونة، ثم تابع الكلام حتَّى نهاية العبارة.
3- اطرد الهواء الزَّائد عن الكلام.
4- امنح نفسَك فترة، توقَّف ما بين كل عبارة وأخرى، وكرِّر الطريقة في بداية كل عبارة.

العلاج بطريقة الدكتور Michael Susca:
أولاً: طريقة (البطاطا الحارة) The hot potato:
تخيَّل أنَّك تأكل في حفل غداء، أو في البيت الأبيض كما يقول الدكتور مايكل، ووضعت قطعة بطاطا حارة وساخنة في فَمِك، فماذا ستفعل؟

ذوقيًّا لا تستطيع التخلص من الطَّعام خارج فمك؛ ولهذا ستضطر إلى تبريده، وهو داخل فمك عن طريق شهيق وزفير مُتكرِّرَين، مع المحافظة على شفتين مَفتوحتين، ولسان منخفض، وحلق مفتوح، طبِّق هذا التَّمرين مع الحروف والكلمات.

ثانيًا: طريقة المرآة الباردة The cold mirror:
ضع مرآة أمام فمك، وحاول تكثيفَ بُخار الماء عليها، باستخدام الهواء الخارج من الحَلْق، اشعُر باتِّساع الحلق ووضع عضلات الحلق.

ثالثًا: طريقة التثاؤب الطبيعي The process of a natural yawn:
حاول أن تتثاءب بطريقة طبيعية، اشعُر بحالة الحلق في هذه اللحظات، ستجد أنه في غاية الاتِّساع، حاول أن تزيد فترة التثاؤب مرة بعد أخرى، واشعُر باتساع الحلق أكثر فأكثر في كل مرة.

رابعًا: طريقة خفض الحنجرة An open throat:
في الطُّرق الثلاث السابقة كانت الحنجرة تنخفض في كلِّ مرة دون أن تشعر، إذًا يُمكنك الحصولُ على حلق مفتوح إذا استطعتَ أن تخفض الحنجرة، حاولْ هذا مع تَكرار الشهيق والزفير، وزد الفترة مرة بعد أخرى.

العلاج الظلي Shadowing Technique:
اقرأ نصًّا أمام جهاز تسجيل، ثُمَّ استمع إلى صوتك في شريط التَّسجيل، وفي نفس الوقت اقرأ مع صوتك كلمة كلمة، وكرِّر التمرين عدة مرات لتصحيح أي تأتأة.

ختامًا: أذكرك بدعاء الكليم موسى - عليه السلام - ردِّده دومًا قبل الدخول في أي مُناقشة أو حوار: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} {طه: 25 - 28].

أسأل الله - تعالى - أن يلهمك لسانًا فصيحًا، ونطقًا بليغًا، لا تنسَ أن تبشرنا بتقدمُّك اللغوي، ومرحبًا بك في كل حين.

دمتَ بألف خير، ولا تنسنا من صالح دعائك.

أ. عائشة الحكمي