[لولوة حماده]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..

الإنتماء للإسلام ليس إنتماء بالوراثة ، ولا إنتماء بالهوية ، كما أنه ليس إنتماء بالمظهر الخارجي . إنما هو إنتماء للإسلام ، والتزام بالإسلام في كل جوانب الحياة . الإنتماء للإسلام يعني ..

(1) أن أكون مسلمًا في عقيدتي .
إن أول شرط من شروط الإنتماء إلى الإسلام والانتساب لهذا الدين العظيم أن تكون عقيدة المسلم سليمة صحيحة ، متوافقة مع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

(2) أن أكون مسلمًا في عبادتي .
العبادة في الإسلام هي نهاية الخضوع وقمة الشعور بعظمة المعبود ، وهي مدارج الصلة بين المخلوق والخالق ، كما أنها ذات آثار عميقة في التعامل مع خلق الله . وتستوي في ذلك أركان الإسلام وسائر الأعمال التي يبتغي بها الإنسان وجه الله ويتحرى شرعه . ومنطق الإسلام يقضي أن تكون الحياة كلها عبادة وطاعة . ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) .
وحتى أكون مسلمًا في عبادتي فإن ذلك يوجب :
أن تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود ، وأن تكون خاشعة أستشعر فيها لذة الخشوع ، وأن أكون في عبادتي حاضر القلب ، وأن تكون لي مع القرآن جلسات وتأملات ، وأن أحرص على قيام الليل ، وأن يكون الدعاء معراجي إلى الله في كل شأن من شؤوني ، فالدعاء مخ العبادة .

(3) أن أكون مسلمًا في أخلاقي .
الأخلاق الكريمة هي الهدف الأساسي لرسالة الإسلام ، كما يعبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) . والخلق الكريم هو دليل الإيمان وثمرته ، وهو أثقل ما في ميزان العبد يوم القيامة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي ( ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق ) . ومن أهم الصفات الأخلاقية التي ينبغي أن يتمتع لها المسلم هي :
التورع عن الشبهات ، عض البصر ، صون اللسان ، الصدق ، الحلم والصبر ، التواضع ، اجتناب الظن والغيبة وتتبع عورات المسلمين ، الحياء ، الجود والكرم ، وأخيرًا لا آخرًا أن يكون قدوة حسنة بين الناس وترجمانًا فعليًا لمبادئ الإسلام وآدابه في مأكله ومشربه وملبسه وكلامه وسلامه وفي كافة حركاته وسكناته .

(4) أن أكون مسلمًا في أهلي وبيتي .
إذا كان إنتمائي للإسلام يفرض على أن أكون مسلمًا في نفسي عقيدةً وعبادةً وأخلاقًا ، فإنه يفرض علي كذلك أن أعمل ليكون المجتمع الذي أعيش فيه مسلمًا . فلا يكفي أن أكون مسلمًا وحدي دونما اهتمام بمن حولي . وأول خطوة في هذا المجال أن يكون بيتًا مسلمًا . أن أحمل رسالة الإسلام إلى أهلي .. إلى أولادي . ثم الأقرب فالأقرب .

(5) أن أنتصر على نفسي .
الإنسان في صراع مع نفسه حتى ينتصر عليها أو تنتصر عليه . وإلى هذا المعنى يشير الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودً عودًا ، فأيما قلب أشربها نكت فيها نكتة سوداء . وأيما قلب أنكرها نكت فيها نكته بيضاء ، حتى تصير على أحد قلبين : على أبيض مثل الصفة فلا تضره فتنة ، والآخر أسود مربادًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا ) .
ومن مقومات النصر في معركة النفس :
* القلب : ما كان حيًا صافيًا في اليقين ، صلبًا في الدين ، رقيقًا على الإخوان . والقرآن الكريم يصور قلوب المؤمنين في سورة الأنفال : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ) .
* العقل : ما كان بصيرًا ، مدركًا ، مميزًا . ونور العقل لا يطفئه إلا المعاصي والدوام عليها والمجاهرة بها وعدم التوبة منها . أما عقل المؤمن فهو واع يميز بين الخير والشر والحلال والحرام والمعروف والمنكر ، لأنه ينظر بنور الله تعالى .

(6) أن أكون واثقًا بأن المستقبل للإسلام .
إن إيماني بالإسلام ينبغي أن يصل إلى درجة اليقين بأن المستقبل لهذا الدين .. وهو الدين الإجدر والأقدر على تنظيم شؤون الحياة وقيادة ركب الإنسانية وريادتها .


هذه كانت مقتطفات من كتاب " ماذا يعني إنتمائي للإسلام . للمؤلف : فتحي يكن " . أحببت أن أنقلها لكم لأنه سؤال لا يستحق فقط أن نقف عنده لدقائق ونراجع أنفسنا أين نحن من هذا الإنتماء ، بل يستحق أن نقف عنده أيام ونضع له خطط واستراتيجات .
ولنستثمر السنوات الباقية في أعمارنا ، ومن يعلم ربما هي أيام أو ساعات ، في خدمة الإسلام قبل ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) .

وأختم بهذه الجملة الرائعة للمؤلف ..
إن إنتمائي للإسلام يجب أن يجعل مني صاحب رسالة في الحياة ، بل يجب أن يجعل حياتي – كل حياتي – موجهة وفق هذه الرسالة .

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ، وأن يعلمنا ما ينفعنا ، وأن يجعل ما نقرأه وما نسمعه حجة لنا لا علينا . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .