[ساحره]

أللهم أبعد عنكي كل هم وغم وكدر
أللهم أنت تعلم سرها وجهرها
أنت المقدر للأقدار .. فقدر لها الخير وارضها به يا ذا المن والإحسان

أخيتي ...كنت قبل أسبوع في ضيق ما بعده ضيق
ذهب عني حبيب قلبي أبي وغيبته الرمال وصار مع ركب الأموات رحمهم الله وأرضاهم اللهم آمين
أكتب لكي ودموعي خانتني فانسكبت من كثرة اللوعة والاشتياق له ... في الأيام القليلة الماضية
شعرت بأن الدنيا انتهت ... وهي حقيقة انتهت بالنسبة لي بقدي والدي حبيب قلبي وروحي ...
فقدته بعد طول تعب وألم وحسره وقهر ... إلا أن الله كان كريماً معي واستجاب لدعائي بالسجود أرجوه
أن يخفف عن والدي الألم وأطلب له الخير من الله ... ومازلت أشعر من حين لحين بالضيق القاهر لفقده رحمه الله
ورضي عنه وأرضاه وجميع موتى المسلمين أللهم آمين ....

ولكن عندما استدركت بعض الحقائق وجدت أن الله يحبه والحمد لله ... فقد رحمه من آلامه وأوجاعه وغيابه عن الوعي
فلولا أنني كنت بجانبه أطببه وأرعى جسده الذي أصابه السقم والنحول بحيث أصبح هيكل عظمي يكسوه الجلد بعد
أن كان ممتلئ الجسم ... ولولا وجودي قربه ورعايتي له والحمد لله رب العالمين لكان تقرح جسده ولكان عانى
أضعاف ما عاناه في مرضه ... إلا أن الله لطيف بعباده وأرحم بعباده من الأم برضيعها ... وكنت أتمنى على الله
إن أراد أن يأخذه رحمة به أن يكون يوم مماته يوم جمعه لما سمعت من أن من يموت في يوم الجمعه يكون يوماً
طيباً ... وعلمت لاحقاً أن هناك حديث للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن ما من مسلم يموت في يوم الجمعه
إلا ووقاه الله من فتنة القبر ... وهذه بشرى والحمد لله رب العالمين أشكر الله عليها ولن أمل في الشكر إن شاء الله

المهم أخيتي ... بعد مماته حزنت كثيراً ... ودعوت له كثيراً ... وانعزلت في غرفتي لا أريد التحدث مع أحد فقط السماع
للقرآن الكريم ..(( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) وبقيت حزينة وشعرت أن الدنيا انتهت برحيل الوالد الحبيب .. كنت أطمع
بأشياء كثيرة أقوم بفعلها مع والدي ولوالدي رحمه الله ... ولكن لم يسعفني الوقت وذهب إلى رحمة الله التي وسعت
كل شيء ... بقيت تعبة النفس مقهورة أشعر بأن روحي سوف تخرج من جسدي في كل حين وحين من ملازمة الحزن
والبكاء (ولكن والحمد لله أبكي بدون صوت ولا عويل والحمد لله رب العالمين )) وعندما ذهبت لزيارة قبره رأيت هناك
منظراً ... سأحدثك عنه كيفما شعرت به ...

أولاً قامت إحدى الصديقات الطيبات بارك الله فيها ولها قامت بإعارتي كتاب (لا تحزن) للشيخ الجليل عائض بن عبد الله القرني
بارك الله فيه وبارك له في علمه وعافيته ورضي عنه وأرضاه في الدنيا والآخرة ...

لقد قرأت في هذا الكتاب كل المشاعر والأحاسيس التي شعرت بها بالضبط وقرأت كيف يجب أن أواجهها -أنا والحمد لله
دائماً وأبداً لا ثقة عندي إلا بالله ، وكان مبدئي دائماً أنه ما عند الله خير وأبقى - ولكن الله يبتلينا حتى يرى
كيف سنتصرف بهذه الابتلاءات فهل سنصبر أم سنتثمر .. هل سنقبل بقضائه وقدره أم نتثور ونرفض ...

الحمد لله أنا لم أرفض هذا القضاء الذي قدره الله لوالدي وسوف يقدره لي ولكل من هو على هذه الدنيا من كائنات
نعلمها ومما لا نعلمها ... فالبقاء لله ... والحال مستحيل أن يبقى على حاله ... دائماً في تغيير ... هذه هي الدنيا
لذلك سماها المولى دنيا ... لأنها متدنية وفانية ولا بقاء فيها ... فلماذا التذمر ...

الأمر المهم في كل أمورنا والواجب علينا فعله نساءً ورجالاً ... أصحاء ومعتلين ... أغنياء وفقراء

يجب أن نقف الوقفة التي وقفتها يوم زرت المكان الذي سجي فيه جثمان الحبيب والدي ...

ذهبت هناك ... وهي منطقة تسمى سحاب في الأردن حيث أعيش ... وكنت من قبل لم أذهب أبداً لتلك المنطقة ...

منطقة غريبة بعيدة عن مكان سكني في عمان ... إلا وللحق يقال شعرت وأنا في الطريق إليها بشيء من الرهبة في
البداية وبشيء من العظمة لاحقاً وخصوصاً عندما وصلت لمكان المقبرة الإسلامية هناك ... والله إنه لمنظر جميل

هناك سكون ما بعده سكون ... وهدوء ما بعده هدوء ....
فيا رحمن الدنيا والآخرة وبارئ وذارئ كل شيء في الوجود
يا قاهراً فوق عبادك ... أدخل السكينة وهدوء البال والحال كل موتى المسلمين أللهم آمين

قبور مرصوصة بكل دقة وانتظام ... آلاف مؤلفة نساء ورجال صغار وكبار في لحودهم بكل هدوء ...

هنا ... في هذا المكان ... هنا يوما ما في لحظة ما سوف يسجى جسدي معهم وأكون جارتهم في لحودهم ...

هنا ... تتجلى الحقيقة الحقه ... ويتجلى اليقين ...

هنا ... ننزل ضيوفاً على الرحمن الرحيم ... فإما من الفائزين ... وإما من الخاسرين وأعوذ بالله أن نكون من الخاسرين
أللهم آمين

في مساحة بمقدار المتران في ربع متر ... تهدأ الأجساد وتعود لأمها الأرض التي جبلت منها وإليها تعود ...
والروح تصعد لبارئها وصاحبها لتكرم أو تهان ...

ولهذا اليوم يجب أن نعمل ... ويتجلى قول الواحد الأحد ... ((( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )))

فهل عبدناه حق عبادته ......؟؟؟؟؟؟
هل تزودنا لهذا اليوم ولهذا المكان الأخير ؟؟؟
أم أن الدنيا أخذتنا بمتاهاتها ... وضيعنا فيها الوقت نتمنتى ونأمل ونطلب ونتطلب المزيد والمزيد ؟؟؟؟

فما عليكي أخيتي في كل أمورك في هذه الدنيا الفانية إلا أن تقولي ... لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وحسبي الله ونعم الوكيل ... وتتوكلي حقاً عليه وتدعي الأمر له بعدما تفعلي ما يأمرك بفعله إرضاءً له ولا لغيره
وأن تضعي كلماته بين عيناك وتؤمني حقاً بأنه (( إنا لله وإنا إليه راجعون ))

فما دمنا لله ولو راجعون ... فلنعمل في هذه الدنيا ضمن هذه المنظومة ... فلن نشعر بأي ضيق ولا بأي وعز ولا بأي
فاقه ولا بأي حزن ولا بأي ألم ...
ويبقى كلام الباقي الديان أمثولة تتجلى لعيناكي في كل أمرك فيهون عليك كل صعاب هذه الدنيا الفانية
فغداً نحل عنده وهو الأهم في تقصي أمورنا من أجل إرضائه ونيل رضاه برؤية وجهه الكريم أللهم آمين

سلمكي الله من كل ضيق وأذهب عنك الحزن والوهن والهم والكدر
وكلل روحه بضياء وجهه الكريم مستقية من كلامه وآياته في كتابه العزيز كل ما يذهب عنك الهم والغم

اللهم آمين
أللهم آمين
أللهم آمين


أختك في الله ساحره

أللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات
الأحياء منهم والأموات

أللهم اغدق عليهم من رحماتك ما تقر بها أرواحهم
واغدق عليهم من لطائف عفوك وغفرانك ما يسعد أوقاتهم ويؤنس وحدتهم
اللهم أنر لهم قبورهم ووسع لهم فيها
أللهم واغدق عليهم من كريم عطائك واسقهم واكسهم واطعمهم من جنانك
واجعل قبورهم رياض من رياض الجنة

أللهم آمين
أللهم آمين
أللهم آمين