[يمامة الوادي]

السنون الخداعة ..!!
= = =
نحن في زمن السنين الخداعة ما في ذلك شك ، ومن شك في ذلك ، فليشك في عقله ابتداءً !! وإلا فإن كل ذي عينين يبصر !!
نحن في زمن الفتن التي تدع الحليم العاقل ، حيران يتلفت ويحوقل !!
زمن الفتن الملونة المزخرفة بكل بهرج ، حتى لا يكاد يسلم من سحرها إلا الأقلون عددا ، وقليل ما هم .. !!
زمن الدعاة إلى أبواب جهنم ، وما أكثرهم ، وما أطول ألسنتهم وما أجرأهم !!
زمن تموج فيه الشهوات موج البحر، وتبتلع في طريقها أعداد غفيرة من الناس !!
زمن تكون فيه الصدارة للكذابين ، والدجالين ، والمنافقين وقليلو الذمة !!
زمن يصدّق الناس فيه الكاذب ، ويكذبون فيه الصادق !!
زمن يرفع الإعلام المهرجين ، ليصبحوا هم موجهي الجيل وأساتذته !!
زمن يؤتمن فيه الخائن ، ويخوّن فيه الأمين بل ويُحارب ويشتد في حربه !!
زمن يُعطى فيه المال بلا حساب ، لمن لا يستحق ، ممن لا يجيد سوى التهريج والردح ، والكذب والنفاق ، والضحك على الذقون ..!!
زمن يتحدث فيه الرويبضة في شؤون الأمة ويحل لها ويعقد ..!!
زمن يمسي فيه المعروف منكراً ، والمنكر معروفا ، فيحلون فيه الربا ، ويشجعون على الزنا ، تحت مسميات براقة جذابة ..!!
زمن تسترجل فيه النساء ، حتى لتكاد المرأة تصبح رجلا بشوارب !!
ويتأنث فيه كثير من الرجال ، وقد تكون على أكتافهم نجوم وعلى صدورهم نياشين ، حتى ليكاد لا يبقى لهم إلا لبس التنانير ..!!
زمن تصبح فيه المظاهر الكذابة ، هي الشغل الشاغل لكثير من النساء والرجال والشباب ، يدورون في فلكها ، ويطوفون بكعبتها ، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ..!!
زمن يظهر فيه ألوان من الفساد في البر والبحر ، ويأتي من الجو أيضا ، لأن الجو نفسه يمسي ملوثاً ، بألوان من صور التلوث !!
زمن تكثر فيه الأصنام ، ويتفنن الناس في عبادتها ، وتقديم القرابين لها !!
ألم يذكر ربنا سبحانه في كتابه الكريم ، كيف أن الهوى قد يمسي إلها لدى بعض الخلق ، فقال عز من قائل :
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً .. ) سورة الجاثية ..
زمن يجد الحق نفسه يسير متواريا على استحياء في بلاد كثيرة من بلاد المسلمين ، بينما نرى الباطل يمشي منتفشاً معربداً متبختراً تجلجل ضحكاته في الفضاء !!
زمن يكون فيه العري تطورا وحضارة وتقدماً ..!! وما أوصى الله به من حجاب وستر ، تأخرا ورجعية وتخلفا وتزمتاً الخ ..!!
زمن تتجسد فيه الهزيمة الداخلية للأمة في ثياب الهوان والمذلة والاستخذاء بشكل يرثى له ، إن لم يكن في عموم الأمة ، ففي رؤوسها ..!!
زمن تتجلى فيه نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصبح رأى عين ، بعد أن كانت خبرا في كتاب !! وهي كثيرة .. ومن ذلك :
تكالب قوى الشر كلها لتأكل من ” القصعة ” وينادي بعضهم بعضا إليها ، كل منهم يطمع في نصيب له فيها ..!! حتى عباد البقر طمعوا في أمتنا !!!
زمن مسخت في الهوية عند جماهير عريضة في أمتنا ، حتى ليكاد يصبح كثير من أبنائنا وبناتنا ، بل وكثير من مثقفينا والمتصدرين لتوجيه الأمة ، نسخاً طبق الأصل عن الكافرين ، في شعاراتهم وسلوكياتهم وأقوالهم ومواقفهم ، بل كثيرون أصبحوا ملكيين أكثر من الملك !! فتجدهم أشد عداوة لقيم لهذه الأمة من أعدائها ..!!
ولكن رغم هذه اللوحة السوداء الكئيبة ، يبقى الخير كامن في هذه الأمة ، كمون النار تحت الرماد ، بل إن من سنن الله سبحانه أن الفجر لا يتولد ، إلا بعد اشتداد حلكة الليل ، وقد اشتدت الحلكة ، ولا يبقى إلا أن ننتظر بزوغ هذا الفجر الجميل ، وقد لاحت طلائعه ، وإنا لموعودون على لسان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بهذا ، وإن موعدنا الصبح ، أليس الصبح بقريب ؟!
فالذي أخبرنا بكل تلك النبوءات فرأيناها ..
هو الذي يبشر هذه الأمة بأعوام فيها يغاث الناس ، وفيها يعصرون ..!!
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .

أبو عبد الرحمن