[يمامة الوادي]

وشم على الصخر...







أقف مشدوها على حافة العمر.لم يبق لي الوقت الكافي باتجاه الأفق.الغموض يلف كل شيء.لكن لدي اليقين أن هناك يقين ما يسكن أعماقي.كلما تذكرت الماضي تذكرت الوهم الذي عشت فيه و عشش فيه الآخرون .

عندما كنت أجد نفسي أمام البحر أقذف بذكرياتي للموج.تأخذ كل لحظة بأشرعتها و تسافر باتجاه المجهول.ذالك العصي على الترويض.ينفلت الحاضر من ببن الصخور فتعود الموجة حاملة ما لديها من ثقل الماضي لتعيدها إلى النبع.

سنعود للنبع الصافي في يوم ما.الزمن مد و جزر بين ليل و نهار بين أخذ و رد و الإنسان يتكور يتدحرج حتى يصل إلى بيته الأخير.

لم يكن جلوسي على صخرة أضاعت بريقها بحكم قسوة الشمس، و تصلبت كالفولاذ كي لا تضيع مع الأيام ،رغبة في الاستحمام بل كان ذكرى لمن مر من هنا و ترك ذكرياته محفورة في قلب الأيام.

تمر المراكب أمامي محملة بتعب الفقراء.تمر الشاحنات مشحونة بحب الأشقياء.تمر الطائرات فتأخذ النظرات إلى السماء.ما كل هذا الصراخ؟ محركات تزرع زفير مقدمتها و زئير مؤخرتها في غابة لا مكان فيها للضعفاء. كن قويا و إلا مت في زمن الموتى الأحياء.كن جميلا ترى المعاناة جمالا بلغة الأدباء.كن رديئا ترى المتناقضات على المائدة أحباء. كن قبيحا ترى القبح في جمال وجهك و لا تبالي .كن أو لا تكن فإنك ميت و إنهم ميتون.

فماذا صنعت لغدك يا ابن آدم بكلماتك؟ أتشك في وجودك أنك فاعل في الصخر؟أم أتظن أن الأشياء ببساطة الأسماء أصبحت أفعال؟ زمن غابت فيه القناعة فلم يعد يرتو ظمأ العطش من كل أنهار العالم.

يسأل نفسه كلما نظر في المرآة ،ماذا تريد مني؟ أن آتيك بوجه مزيف بعدما أهداني إياه مقلب القلوب، و أقول كلاما لك و لغيرك في حضرتك؟هل أردت الدنيا و أردت الآخرة.؟ هل وضعت عقلك ميزانا لفعلك و قلبك رقيبا على ميزانك؟

فيما مضى كان صديق يقول لي عندما كنا نجلس لنقرأ الشعر و كنت عاشقا و لا زلت:أتريد مني أن أعنكب الكون؟ كان يضيف: بحرنا قاس كما لغز الحقيقة؟ كان يقول إنها قادمة كالأخطبوط.ستبتلع الكبير قبل الصغير.لأنها لا تعرف للقوة حدود، بل هي من صنع القوي علام الغيوب.وضعها بين يدي ذئاب لئيمة، خراف ساذجة، ليرى كيف يصنعون ؟ و كيف يعملون؟ وضعها في أيدي من لعبت بهم أهواءهم و لم يعرفوا طريق هداهم.فضلوا و أضلوا و جعلوا الأبيض أسودا و الأسود أبيضا و قالوا نحن أن نكون أو لا نكون؟ و كأنهم ليسوا بكائنين.فلكي يكونوا عليهم أن يمتطوا ظهور الضعفاء التعساء المغلوبين على أمرهم ليركبوا دوابهم. و تاريخهم شاهد عليهم و على حقارتهم. و لا زالوا يفتخرون بجاهليتهم الضارية و ليست الحضارية و غيرهم يقيسون عليهم حضارتهم. و كأنهم لا ينظرون أنهم ميتون كآبائهم الأولين...

ظلم الإنسان وجهل الإنسان و ضعف الإنسان لحقيقة الإنسان...

كانت موجة مرت مرور الكرام و تركت وشم عار ينظر إليه الزوار في متحف من متاحف حضارة هذا الزمان...

وفقكم الله
من اطلاعاتي