[يمامة الوادي]

صفقتـان ،، والأحمق قد عرف نفسه !!


ترى كيف يمكنُ أن نوقظَ العابثين الذين آثروا أن يقطعوا أعمارهم
في اللهو والعبث والمجون ..
وانشغلوا بسفائف الأمور ، والحياة تغلي من حولهم ..
والعمرُ يطوي بهم ، والدنيا تترحل عنهم ، وأهوال القبر تنتظرهم ..
وما بعد القبر أشد وأنكى وأمرّ هولا ورعبا ‍‍.!!


ألف ألف سؤال ينتصب أمام أعين هؤلاء ،،
غير أنهم لا يبصرون ،
وحقائق الحياة تهتف بهم ، ولكنهم لا يسمعون ،
وشواهد التاريخ تعرض نفسها بين أيديهم ، ولكنهم لا يعقلون ..!!
( لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا
وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)
* *
كل يوم ينطوي ، إنما هو صفحة من كتاب حياتهم قد طويتْ ،
ويوشك الكتاب أن يصلَ إلى غلافه الأخير ويُطوى بالكلية ..
ولا زال القوم في سكرتهم يعمهون .!!
كأنما الدنيا ضمنتْ لهم أن يبقوا عليها ولا يغادرونها .؟
أو كأنهم أخذوا من الله عهداً أن لا يرسلَ إليهم رسلَ الموت ،
إلا بعد أن يتوبوا توبة خالصة نصوحاً ، يرضى بها عنهم ..!!
على لسان هذا الصنفِ من الناس ، أحسب أن الشاعر استرسل ينادي :
بماذا نفاخرُ أو نحفلُ ؟ ** ونطوي الحياةَ ونستقبلُ ؟
بماذا ؟ وأقمارنا الشاحباتُ ** تزولُ ، وأنجمنا ترحلُ
وأقدامنا في وحولِ الوحولِ ** تغوصُ ، وقامتنا تنزلُ !
وأيامنا في ذيولِ الرياحِ ** ترابٌ ، وليلٌ بها أليلُ
وأشواقنا من عذابِ العذابِ ** وآلامنا السود تستفحلُ
وخضرُ المواسمِ لا وردة ** تغني عليها ولا بلبلُ
جفتنا وجفتْ بإحداقنا ** سواقي العصافير والجدولُ
وآفاقنا ضائعاتُ المدى ** تمدُ المآسي وتستبدلُ
؟؟!!!
حياة كلها نكد ، رغم ما يبدو على وجوه أصحابها من ملاحة !!
لكنها مجرد أقنعة.. !!
وغدا ستسقط الأقنعة حين تمتد أصابع الموت إلى تلك الوجوه
فتنكشف بين يديها الحقائق .!! فتنادي :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ *
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ..)..!!
استرخصوا أنفسهم ، فهانوا على الدنيا يوم باعوها للهوى والشيطان .!!
مع أن الله اشترى منهم هذه الأنفس بثمن عظيم :
جنة عرضها السماوات والأرض .!!
( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً
فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ
فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
وشتان بين الصفقتين .. شتان بينهما من كل الوجوه !!
فأي الصفقتينِ قررتْ أن تعقدَ العزمَ لتكونَ من نصيبكَ ..!؟
قد عرفتَ الأحمق .. فلا تكنهُ ..!!
**
فإن أصبنا فلا عــجبٌ ولا غــررُ ** وإن نقصنا فإن الناس ما كملوا
والــكاملُ الله في ذاتٍ وفي صفةٍ ** ونــاقص الذات لم يكمل له عملُ
بو عبد الرحمن