[المحامي الدكتور /سامي التميمي]

الأربعاء,نيسان 18, 2007


من قال إن المرأة السعودية لا تعرف حقوقها؟ القضاء أعطى الحق لهذه الفتاة في السكن حيث تشاء!








تتساءل كثيرات: إلى متى تبقى المرأة السعودية لا تعرف شيئاً عن حقوقها الشرعية والقانونية؟ لكن «حنين» تخالف القاعدة، إذ عرفت الكثير عن حقوقها، وها هو القضاء السعودي ينصفها، فقد حصلت على حكم نهائي من القضاء، كان سبباً لاستغراب الكثيرين. كيف؟!.



الرياض: غادة الزبيدي ـ تصوير: عدلة العيسى


لكل إنسان نصيب من اسمه، لكن أحياناً قد يكون الاسم مخالفاً لصاحبه، فها هي «حنين»، وعلى الرغم من اسمها الجميل، المليء بالعاطفة، إلا أنها لم تشعر بها أبدا.
ولدت حنين لأم مطلقة، وأب لا يعرف عنها شيئاً، تقول لـ «سيدتي»: لم أكن أراه إلا ساعات قليلة في بعض السنين، وأكملت سارحة: كم كنت أتوق لحنان أبي، وعطفه، وأن أشعر بمشاعر الفتيات لآبائهن، لكني لم أجده، وبقيت على وضعي هذا لمدة عشر سنوات، إلى أن جاء ليأخذني من والدتي، حيث تجرعت المر والظلم عنده.
< ما هي أسباب انفصال والديك؟
كان سبب انفصالهما، ظلم أبي، فقد كان يضرب أمي، ويشتمها كثيراً، هذا غير إهماله لها، وسفره الكثير للخارج، وقد تحملت الكثير لأجلي، إلى أن بدأ يتزوج من النساء، فلم تعد تحتمل الإهانة أكثر من ذلك، فطلبت الطلاق منه، وبالفعل طلقها، كان عمري في تلك الفترة حوالي السنة، وعشت مع والدتي إلى أن أصبحت في الصف الخامس الابتدائي، عندها تزوجت أمي، وكان زواجها حجة قوية لأبي كي ينتزعني منها، ويأخذني لكي أعيش معه.
وتضيف: عشت عنده كخادمة لأي زوجة يتزوجها، وأتعرض للضرب.. كان يسافر كثيراً، ويغيب عني بالأشهر، وأمكث بالمنزل وحدي.
< لمن كنت تشكين أمرك وهمك؟
كنت أشكو أمري إلى الله، وأصلي وأدعو كثيراً، كي أتخلص من هذه الظروف الصعبة التي أعيشها، ومن هذا الذل الذي وجدته في بيت أبي، وبعض المرات أشكو لأمي، التي برغم بعدها عني، إلا أنها كانت تحاول بشتى الطرق أن تراني، وتتواصل معي، فقد كانت تأتي من الرياض إلى حائل كي تراني.
< أين كانت تراك ؟
تراني في المدرسة، وأحياناً كنت أتوسل أبي كي أسافر إليها وأزورها، وقد كنت أسافر وحدي بواسطة النقل الجماعي، وعندما أعود إلى بيت أبي، تبدأ المعاناة، وأمرض، وأبكي كثيراً بسبب فراقي لأمي ورجوعي لظلم أبي، لذلك بدأ يمنعني منها.



يوم الخروج


سألنا حنين عن كيفية خروجها من منزل والدها؟ فقالت: أخبرت أمي أخي بأنها ستعطيه مبلغاً كبيراً إن استطاع أن يخرجني من منزل أبي، ويرسلني إليها، واتفقت معه بأن يخرجني في أول يوم يسافر فيه أبي، وبالفعل أخذ أخي المبلغ من أمي، وأرسلني بالنقل الجماعي إلى الرياض، وعندما أصبحت بين يدي أمي، اتصلت بأخي كي يخبر والدي بأني سافرت إلى الرياض، وبالفعل هاتف أخي والدي بأن خالي أتى وأخذني من المنزل بالقوة، وبأني لن أرجع أبداً، وبيننا وبينه المحاكم، تلقى والدي الخبر وجن جنونه، واتصل بي وشتمني، وتوعدني بأنه سيرجعني، وقطع سفرته ورجع للسعودية، وأتى إلى الرياض لمنزل جدي لأمي، ولكن جدي منعه من الدخول، وأخبره بأن المحكمة بيننا.




الاستعانة بالمحامي للدخول إلى المحاكم



تكمل حنين حديثها: استعانت أمي بالمحامي سامي الدريفيس، الذي قدم للقاضي فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والتي تنص على (تسكن حيث شاءت، حيث كانت عاقلة ومعروفة بالستر والصيانة، ولا يخاف عليها سوء)، لذلك لم يسألني القاضي إلا سؤالاً واحداً فقط، وهو أين أريد أن أعيش ومع من؟ وأجبته بأني أريد العيش مع جدي لأمي ووالدتي، وبالفعل حسمت القضية لصالحي.
< كيف استقبل والدك حكم المحكمة؟
تقول: أبي لم يسكت، بل بدأ بالصراخ في المحكمة، ورفع القضية للتمييز، التي بدورها أصدرت نفس الحكم.



بعد أن هدأت النفوس


< كيف هي علاقتك بوالدك الآن؟
لم أر والدي بعد كسبي للقضية لمدة ثلاث سنوات، ولم يتحدث معي، إلى أن انتهزت ظرف وفاة أختي من أبي كي أكلمه وأعزيه، وقد تحدث معي بطيب خاطر.
< ما هي أحلامك وطموحاتك المستقبلية؟
الآن كل تفكيري في أمي، وأن أعوض سنواتي الماضية، وأن أحصل على شهادة جامعية، وأن أعمل.


الأم


أما مشاعر الأمومة فقد ترافقت مع تنهيدات أم حنين خلال حديثها معنا، تقول: منذ أن خرجت حنين من منزلي، كنت أبكي وأدعو الله لأجلها، وأشتاق لها كثيراً، وكان جل تفكيري كيف أستردها إلى حضني مرة أخرى، فكرت بالاستعانة بأصحاب رأي وقانون، لكن الناس كانوا يمنعوني ويصبروني بأنه فراق مؤقت، ومصيرها أن تكبر وتتزوج وترجع إلي.
< وما هي مشاعرك عند حكم المحكمة لصالح ابنتك حنين بأن تكون من نصيبك؟
كنت فرحة كثيراً، واستقبلت الحكم بالدموع، ولكن كنت أيضاً حزينة، فلم أرد أن تصل بنا الأمور إلى هذا الحد، ولكن ما هو الحل، وأنا أرى ابنتي تهان في منزل والدها، الذي يجب أن تكرم فيه.


ماذا يقول القانون؟


«سيدتي» سألت المحامي والمستشار القانوني سامي الدريفيس محامي حنين حول قضيتها.
< ما مدى رضا والديها بهذا الحكم؟
تطبيق الأحكام الشرعية لا يخضع لرضا المتخاصمين، وكل يجب أن يرضى بحكم الشرع.
< هل هذا الحكم يستمر على المدى البعيد؟
كيف لا وقد أسس على مبادئ شرعية، والحكم تم تمييزه وأصبح نهائياً.
< كون هذا الحكم أنصف هذه الفتاة، هل تستطيع أي فتاة كسب حكم كهذا في اختيار ولي أمرها بغض النظر عن الأسباب؟
الموضوع ليس اختياراً، ولكن تطبيق لأحكام شرعية، فالشرع كفل حقوق المرأة كاملة في نطاق صيانتها والحفاظ عليها، فكل حالة مرهونة بوقائعها التي يُنزل القاضي عليها حكم الشرع، والتخيير أمر شرعي إذا كان له مقتضى.
< هل ترى هذا الحكم يقف في صالح المرأة السعودية التي تبحث عن حقوقها؟
هذا الحكم إنصاف للمرأة عموماً، أياً كانت جنسيتها، لأن الشرع دائماً في جانب المصلحة، ما دامت في الإطار الشرعي.


الرأي الشرعي


تحدثنا مع الشيخ والداعية محمد الماجد، حول الرأي الشرعي لخروج الفتيات من بيوت أولياء أمورهن، والسكن حيث يرغبن، فقال: لاحظي أن فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فتواه واضحة، ولكنه نبه إلى مسألة أن تكون الفتاة عاقلة ورشيدة، ومعروفة الستر والصيانة، وأن لا يخاف عليها سوء، وأن تكون كبيرة وليست بصغيرة. أما الأمر الثاني، أن لا يكون للفتاة أي أحد من أوليائها، كأب أو أخ شقيق أو عم أو ابن، وهؤلاء من أهل العصبة، أما الحواشي والأخوال، فلا يعتبرون من أهل العصبة، لذلك إذا انعدم أولياؤها فهي مخيرة، والآن نحن نخاف على بناتنا في هذا الزمن من العيش بغير ولي، فهي تحتاج إلى رجل يصونها ويحفظها ويحميها، ولكن إذا كانت عليه مآخذ فهي تقدر بقدرها، وذلك كأن يكون وليها بخيلاً، أو تسكن معه في منزل صغير، فلابد لها أن تتحمل، وأن تعيش كبقية أخواتها، أما إن كان مهملاً في سلوكه، فهذه من حقها أن تخرج من بيته، لكني لا أرى إطلاقاً، وفي كل الأحوال، أن تعيش المرأة وحدها لأن هذا خطر عليها وعلى نفسها وعرضها.