[فوح المسك]

إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله

نبيل جلهوم

بسم الله الرحمن الرحيم

لا تخلو هذه الحياة من كثير من المصائب والمحن التى تصيب هذا الكائن الضعيف المسمى بالإنسان فهذا يبتلى فى إعاقة ولده، وذاك فى ماله، وآخر فى صحته، وآخر فى راحته وباله، وآخر فى تعسر زواجه، وهذا فى طلاقه، وهذا فى عقمه وحرمانه من الذرية، وذاك فى فراق أهله وأحبته .

وهنا لا يجد المرء المبتلى أمامه سوى شكوى يرفعها إلى ربه بكلتا يديه الضعيفتين لعلها تخفف عن نفسه، لعله يجدد بها روحه، لعله يحاكى بها ربه.

ولقد شاء المولى أن يبتلي عباده كى يسمع شكواهم إليه، فالشكوى إليه تحقيق لعبوديته. وفي سير الأنبياء والصحابة دروس للمصابين وهم يشكون ما أصابهم إلى ربهم فتكون عاقبة شكواهم سكون القلب وتفريج الكرب.

فيارب ،، يامن إليك إلتجأت، وبك اعتصمت، وعليك توكلت، وإليك ألقيت أمورى.لا فارج لهمى ولا كاشف لبلواى إلا أنت، ياصاحب الركن الشديد أشهدك أنى قد آويت الى ركنك الشديد فارزقنى حسن الشكاية ولاتحرمنى منك حسن الكفالة والرعاية والستر و الكفاية.

ردنى إليك ردا جميلا، وانسج لى حبلا جديدا من حبالك أمسك به واعتصم واجعل طرفه الأول عندك وطرفه الآخر عندى واشدده شدا جميلا فلا ينفرط حتى مماتى، وامنن على بفضل منك ورحمة وأنزل رحمة من رحمتك وكرما من كرمك وحفظا من حفظك، فلا يكن لأحد بعدك سلطان علىّ.

إذا أرهقتك هموم الحياة ومسك منها عظيم الضرر
وذقت الأمرين حتى بكيت وضج فؤادك حتى انفجر
وسدت بوجهك كل الدروب وأوشكت تسقط بين الحفر
فيمم إلى الله في لهفة وبث الشكاة لرب البشر

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى إنى أشكو إليك حالى وأشكو لك منى.
فكن يارباه سندى وعونى.
وباعد بين هوى نفسى وبينى.
وتب على من سوء التمنى.
رباه ألا تعفو؟ ألا تصفح مولاى عنى؟
ألم تكن مولاى دوما بى رؤوفا؟
ومن قبل دوما عند حسن ظنى؟

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى صرت أحمل همى فى قلبى.
و لن أبوح به إلا إليك ربى.
ولن أشكو ولن أجزع.
وكيف ذاك وأنت حسبى !!
ألست أنت بكافى روحى؟
ألست أنت خلقت نفسى؟
ألست أنت ألست ربى؟

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى إن لم تصبرنى وتصيرنى مع من يدعونك بالغداة والعشى ..
يريدون وجهك لا تعد دوما عيناهم عنك ..
لا يريدون الحياة الدنيا وزينتها.
فإلى من ترسلنى وإلى أى مكان تصيرنى وبرفقة من ستؤينى؟
ربى إن أنا تركت عيناى تعد عنك وعن طاعتك.
فإلى من أعد وإلى من أتقرب وإلى من أقدم له طاعتى؟
وأبعث إليه بأنينى وشكوتى؟

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى إن لم تخلصنى من زينة الحياة الدنيا.
فماذا تكون الزينة التى ستشغلنى بها عنك وعن جنتك؟
ربى إن جعلتنى ممن أغفلت قلبه عن ذكرك ..
فمن يستحق ذكرى وإبتهالى وخشوعى وتذللى؟
إلهى إن أنت أعرضت عنى بوجهك الجليل ..
فمن له جلال كجلال ربى؟

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى إن جعلتنى ممن اتبع هواه ..
فحتى متى وإلى أى زمان ستتركنى لهواى متبعا ..
وله أكون خاضعا فأظل أتوه وأضل وأشقى وأتخبط.
رب إن جعلت أمورى كلها فرطا.
فمن يأخذ بيدى ليصلح الفرط ويهدينى الى مايرضيك عنى.

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى، وكل بنى آدم خطاء هكذا قال رسولى وقدوتى.
فارزقنى إستغفارا وتوبة تمحو ذلتى وبها يذهب همى وحزنى.
ربى أنت أكبر من تصاريف الحياة كلها.
وأنت ربى أكبر من تناهيد العناء كلها.
وأنت ربى أكبر من كل حزن فى ضلوعى ساكن.
فإن لم يكن بك غضب على ربى فلا أبالى.
إلا أن عافيتك ورحمتك هى أوسع فاكتبها لى ربى.

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى قد أصلى فجرى وفى الظهر بلفتى البيضاء يكون ثوبى ..
يصلون على فى المسجد ثم يذهبوا بى حيث قبرى.
فاجعلنى فى ذمتك ربى دوما وزين بالسعادة باقى عمرى.
فكم من نفس أصبحت صبحها بعافية بها روح ونبض ..
ثم فى المساء وقد صارت في عداد الموتى ..
فياغوثى لك أشكو فكن غوثى يامن أنت ربى.

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
ربى إن بقيت وحدى لا أحد يسمعنى.
ربى إن بقيت وحدى لا أحد يطبطب على كتفى.
فمن يأخذ حزنى على محامل العطف ياسيدى.
رب إن صرخت من قمة قلبى وآآه من صراخ قلبى.
فمن غيرك يلطف بقلبى ..
ويسمع صيحتى وصرخى.
ربى إن جزعت من جرحى.
فكيف للنور أن يتسلل إلى روحى و قلبى.
وكيف للأمل أن أنير به حياتى أو أتملس دربى.

رب، إليك بثى وإليك حزنى:.
إليك بثى إليك حزنى.
وإنى واثق بك ربى.
فليس يخيب بالله الرجاء.
وحاشا أن ترد لنا كفوف.
تعالى الله عن رد الدعاء.
تعالى الله عن رد الدعاء .