[البارقه 2009]

السﻼ‌م عليكم ورحمة الله وبركاته

قال سبحانه: { رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )

قال القرظي: ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأوﻻ‌ده مطيعين لله عز وجل.

وقال القرطبي: (وذلك أن اﻹ‌نسان إذا بورك له في ماله وولده قرت عينه بأهله وعياله، حتى إذا كانت عنده زوجة اجتمعت له فيها أمانيه من جمال وعفة ونظر وحوطة

أو كانت عنده ذرية محافظون على الطاعة، معاونون له على وظائف الدين والدنيا، لم يلتفت إلى زوج أحد وﻻ‌ إلى ولده، فتسكن عينه عن المﻼ‌حظة، وﻻ‌ تمتد عينه إلى ما ترى؛ فذلك حين قرة العين، وسكون النفس.) أهـ

إي والله فذلك حين قرة العين، وسكون النفس،*فكم من الخير والهدى يفتحه اﻷ‌وﻻ‌د للوالدين إن هداهم الله
تأمل حال عمر بن عبد العزيز رحمه الله وصﻼ‌حه وعدله حتى شبه بالصحابة رضوان الله عليهم هل تعلم من السبب بعد توفيق الله قال مشيخة أهل الشام «كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك» و كان رحمه الله للحق نافذا، وللباطل واقذا، ناسكا زكيا طاهرا ، وكان من أتقى الناس وأحسنهم معونة ﻷ‌بيه ، وكان كثيرا ما يعظ أباه وينهاه .

وتأمل هذا الحوار بينه وبين أبيه فور توليه الخﻼ‌فة دخل على والده فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي إليك حاجة فأخلني - وعنده مسلمة بن عبد الملك -
فقال له عمر: أسر دون عمك؟
فقال: نعم، فقام مسلمة وخرج، وجلس بين يديه
فقال له: يا أمير المؤمنين، ما أنت قائل لربك غدا إذا سألك فقال: رأيت بدعة فلم تمتها أو سنة لم تحيها؟

فقال له: يا بني أشيء حملتكه الرعية إلي أم رأي رأيته من قبل نفسك؟

قال: ﻻ‌ والله ولكن رأي رأيته من قبل نفسي، وعرفت أنك مسئول فما أنت قائل؟

فقال له أبوه: رحمك الله وجزاك من ولد خيرا، فوالله إني ﻷ‌رجو أن تكون من
ا ﻷ‌عوان على الخير، يا بني إن قومك قد شدوا هذا اﻷ‌مر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريد مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا علي فتقا تكثر فيه الدماء، والله لزوال الدنيا أهون علي من أن يهراق في سببي محجمة من دم، أو ما ترضى أن ﻻ‌ يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إ ﻻ‌ وهو يميت فيه بدعة ويحيى فيه سنة حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين؟

وكان يقول ﻷ‌بيه : وددتُ أنِّي غلت بيَ وبكَ القدورُ في الله - عز وجل.
قال ميمون بن مهران:
ما رأيت ثﻼ‌ثة في بيت خير من عمر بن عبد العزيز، وابنه عبد الملك، وموﻻ‌ه مزاحم.

مات وعمره تسعة عشر سنة مات دفنه عمر، وسوى عليه ثم استوى قائماً، فأحاط به الناس، فقال : رحمك الله بابني ! قد كنت براً بأبيك، والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسرورا بك، و ﻻ‌ والله ما كنت قط أشد سرورا، و ﻻ‌ أرجى لحظي من الله فيك منذ وضعتك في المنزل الذي صيرك الله فيه.

فرحمك الله، وغفر ذنبك، وجزاك بأحسن عملك، ورحم الله لكل شافع يشفع لك بخير من شاهد أو غائب، رضينا بقضاء الله وسلمنا ﻷ‌مره، والحمد لله رب العالمين".

رحمه الله وأبيه ووالدينا وأحبابنا.

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
د . حصه الحواس