[يمامة الوادي]

لحظة وصول مغتربة

ما أن وطئت قدمها أرض المطار ، حتى أحست برجفة ترعد في جسمها ، وبرودة تسري في أطرافها ،

وحبات من العرق تتساقط على جبينها ، وعبثاً حاولت أن تتغلب على خوفها ،

فأخذت ترتشف ما تبقى من الماء الذي جلبته معها ، و تمتمت ببعض الآيات والأدعية التي كانت تحفظها عن ظهر

قلب ، لعل روعها أن يهدأ ، وخوفها أن ينجلي .

لقد كانت المرة الأولى التي تترك فيها موطنها الأصلي ، ليس هذا فحسب ،

بل إنها المرة الأولى التي تسافر فيها بمفردها و إلى بلاد غريبة عنها .

مازال صوت نحيب طفلها الصغير يرن في أذنها ، وهو متشبثاً برقبتها ،

مازالت صورة أمها والدموع تترقرق في عينيها وهي تعانقها ، ماثلة أمام ناظريها ،

مازالت تلك النظرات الحزينة من زوجها المقعد تعتصر فؤادها .

ووجدت نفسها فجأة ، كالشجرة التي اقتلعت من جذورها ، لتزرع في بيئة أخرى فهل ستحتمل البيئة الجديدة ؟

وأخذت عشرات الأسئلة تدور في ذهنها ،،، هل ما فعلته صواباً ؟؟؟؟؟؟

هل من الصواب أن تترك طفلاً رضيعاً ، بحاجة إلى حضنها الدافئ ،

وأماً مسنة بحاجة إلى من يرعاها ، عوضاً من أن ترعى غيرها !!!!

وزوج مقعد بالكاد يستطيع القيام بشؤونه وأحياناً كثيرة لا يستطيع القيام بها ؟؟؟؟؟

من سيقوم برعايتهم ؟؟؟؟؟ هل بمقدورهم تدبير أمورهم بدونها ؟؟؟؟؟؟

أما كان من الممكن أن تنتظر قليلاً ؟؟؟؟؟ ؟؟ وهل ؟ وهل ؟ وهل ؟

وجاء الرد من داخلها مؤيداً ومواسيًا ،،، إن ما قمت به هو عين الصواب ،،،

ألست العائل الوحيد لهم ،،، من سيؤمن لطفلك الصغير طعامه وشرابه وملبسه وتعليمه ؟؟؟؟؟؟

من سيتكفل بعلاج زوجك المريض ؟؟؟؟؟؟؟ وأمك المسنة كيف ستحصل على الدواء اللازم لها ؟؟؟؟؟

ثم هل أتيحت لك فرصة العمل المناسب في بلدك وأنت أضعتها ؟؟؟؟؟

هذا هو الحل الوحيد ، ولم يكن لك خيار آخر ، ثم إنك قد استخرت الله مراراً وتكراراً ،،،فالخيرة فيما اختاره الله .

والأهم من ذلك ، فقد يتسنى لك زيارة المسجد الحرام ، وأداء فريضة الحج والعمرة التي طالما حلمت أنت وزوجك بأدائها .

فهدأت نفسها قليلاً ، وكأنما ارتاحت لهذه الإجابة على تساؤلاتها ،،،، لكن بقي السؤال الأهم ،

الذي مافتئ يبعث القلق ، ويثير الخوف في نفسها ،،،،،،،،،

ما هي طبيعة العائلة التي ستعمل لديها ؟؟؟؟؟ كيف ستكون معاملتهم لها ؟؟؟؟؟ هل سيراعون ظروفها ؟؟؟؟؟

وجاء الرد على جوابها ألأخير سريعاً بخلاف ما توقعت ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،

فقد انتبهت على صوت الموظف المختص ينادي على اسمها ،،،،،، ،،،،،،،،،

وإذا بها ،، أمام امرأة متحجبة بعباءتها الساترة ، وطفلها معها ،

تمد يدها مصافحة لها ، وتربت بالأخرى على كتفها ،

وبجانبها رجل وقور ملتحي تبدو على محياه علامات الصلاح والطيبة يبتسم غاضاً الطرف عنها ،،،،

فانفرجت أساريرها ، وأخذ لسانها يلهج بشكر الله وحمده ، العليم بحالها ،و نيتها ،

وأسرعت إلى يد المرأة تحاول تقبيلها ، وحملت الطفل وضمته بحنان إلى صدرها ،

فقد ذكرها بالحبيب الذى تركته ،،


تمت بحمد الله

عذوبة الكلمة