[نوراي]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..ولا تحلفوا بالله الا وانتم صادقين ..

ما اروع المجتمع الذي يعيش أهله بالحب والترابط والثقة والصدق حيث لا أثر للكذب ولا الكذابين بينهم ..فالصدق من اجمل الفضائل التي يحرص الإسلام ان يتحلى بها اتباعه ..ولكن مع الأسف صار الكذب من الأمور الاعتيادية لدى البعض وخاصة أصحاب النفوس الضعيفة ..والأمّر من ذلك حين يشهدون الله على ذلك بأغلظ الإيمان يشهدون الحق على الباطل وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم يكذبون دون وعي بمغبة ما اوقعوا به أنفسهم من إثم ..

ولماذا كل هذا ؟أمن اجل الإفلات من عقاب دنيوي زائل مؤقت ..أومن أجل الوصول لمنفعة فانية ..او من أجل الإضرار بأحد من الناس نتيجة أحقاد وعدوات مضمرة ..

لا بد ان يعرف المسلم قبل كل شئ ان كلمة الحق صورة من صور الجهاد فهي من أعظم القربات التي ينال المسلم بها اعلى الدرجات لأن كلمة الحق ثقيلة ولا يتحملها الا ذو الشخصية السوية الشجاعة التي تخشى الله في سرها وعلانيتها .. اما من يلجأ الى الكذب ويشهد الله على كذبه فهو صاحب نفس ضعيفة جعلت الشيطان لها اماما يقودها الى الهاوية وذلك حينما جعله يخشى الناس ويهابهم فينكر خطأه وقد تأخذه العزة بالإثم فيصحح الخطأ بخطا أعظم فيصر على كذبه باسم العظيم مرات ومرات دون ان يكون للندم موقعا في قلبه ..

أيظن من يفرح بنجاته من العقاب الدنيوي حين يقسم بالله كذبا انه قد أفلت من عقاب من لاتأخذه ِسنة ولا نوم ..فهل هو آمن على نفسه حقا بأنه لن يصاب بعد ذلك بمكروه وقد يكون أقسى وأشد .ألم تعلم يا من جعلت الكذب شعارك لتحقيق مصالحك وأثبت كذبك باسم العظيم أنك ظلمت نفس .. .انها اليمين الغموس ..التي اوردها الرسول صلى الله عليه وسلم ضمن جملة الكبائر التي لا تغتفر ولا كفارة لها لما فيها من هضم الحقوق..لقد جررت نفسك الى مهالك الدنيا والآخرة ..

اما في الدنيا ..فاعلم ان الكذب ممحق لبركة حياتك وسبيل الى احتقارك وانعدام الثقة بك لأنك خنت بكذبك وتأكيده بالقسم أمانة الثقة بك ..فما الكذب الا صورة من صور المكر والخديعة فلذلك كان الكاذب من اخوان الشياطين والمنافقين ..

اما في الآخرة ..فقد هويت بنفسك في قعر جهنم ينالك فيها مع اخوانك صنوف وألوان من العذاب فإذا كانت الدنيا وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة فما منزلة عقاب الدنيا من عذاب دائم لا ينقطع ..اذا كان المرء لا يحتمل حر الدنيا فكيف بنار لا يضئ شرارها ولا ينطفئ لهبها سوداء ممتزجة بغضب من اقسمت باسمه كذبا ونسيت انه الأقرب اليك من حبل الوريد انه الأعلم بما تخفي الصدور انه من بيده المحيا والممات انه من بيده النفع والضر انه من دكت الجبال لسماعها صوته الجليل دكا وخر له موسى صعقا ...
ألم تخشى يا من خشيت الناس وانت تقسم بالله كذبا من غضبه تعالى عليك قد تفقد نعمة النطق او السمع او الحركة او أي نعمة أخرى تتمتع بها في لحظة كذبك كما نسمع عن كثير ممن أقسموا بالله كذبا ..
ألم تستح لحظتها من نظرة من تتقلب في أحضان نعمه ..ألم تستح ممن على اليمين والشمال ..ألم تفكر لحظة ماذا لو افتضح أمرك أتلجأ الى كذبة أخرى وقسم آخر ..
تذكر يا من تخشى الناس وتهابهم ..يا من تخدع الناس بالكذب للوصول لما تريد من منافع فانية وواهية ..ان حبل الكذب قصير وان ربك لك بالمرصاد فلا بد ان تتضح الحقائق عاجلا او آجلا وينالك العقاب فإن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة وتذكر يوم يكون الحساب على مرأى ومسمع من الملأ والخلائق كلها تنظر إليك فماذا ستقول ..والله يا ربي ما فعلت ما قلت ما اضررت ..
قال تعالى ( ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم)..