[رجل لهذا الزمان]

السلام عليكم ورحمة الله
الاعضاء والعضوات .......تحيه وبعد....,,

من لم يسمع بالـ حجاج بن يوسف الثقفي . الطاغية الذي يهابه الكثير من الرجال والذي قال لأهل الكوفة في أول خطبة بمناسبة توليه ولاية العراق ( يا أهل الكوفة، إني لأرى رُؤُوساً قد أينعت وحان قِطَافُها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدِّمَاء بين العمائم واللِّحَى ) لعل الكثير منكم قرأ عن قصص طغيانه وتجبره وأيضاً قصص عن مزاياه فلا ننكر أن مثل ما كانت له مساوئ فأيضا كانت له حسنات . ولكن هل تعرفون أن هناك 3 نساء أرغمن أنف الحجاج . وألجمن لسانه ولم يستطع أن يرد عليهن صحيح ( كيدهن عظيم ) فمعروف دهاء النساء وكيدهن ولو أرادت أن تنتقم من رجل لإستطاعت بل ولأذلته قمة الإذلال . وسأضع بين أيديك 3 قصص لتلك النساء . وسأبدأ اليوم بقصة الأولى وهي لـ هند بنت النعمان بن بشيرالأنصارية . فهند امرأة حباها الله بالحُسن والجمال بالإضافة إلى ذلك فهي أديبة بارعة وشاعرة فصيحة كانت زوجةً لـ روح بن زنباع وكان شديد الغيرة فافترقا ( طبعاً رجل لديه امرأة بهذه المواصفات لاشك أنها ستكون موضع نظر الآخرين ولن يستطيع أن يكتم غيرته الشديدة وهو يرى الأعين تنظر والألسن تتكلم عن زوجته ) . رغب الحجاج بن يوسف الثقفي أن يتزوج بها لِحُسنها ومهرها بمالٍ كثير وشرط لها بعد الصداق مائتي ألف درهم ... فتزوجها ... وذات يوم دخل عليها الحجاج وهي تنظر إلى المرآة وتقول :

وما هندُ إلا مهرةٌ عربيةٌ سـليلة أفـراسٍ تحلَّلها بَغْلُ
فإن ولدت فحلاً فلله درها وإن ولدت بغلاً فجاء به البغلُ

فلما سمع الحجاج قولها أنصرف ولم تكن تعلم بوجوده ، فأراد طلاقها , مع عبد الله بن طاهر، وقال: يا بن طاهر طلقها بكلمتين ولا تزد عليهما ؟!
فدخل عليها وقال لها: يقول لك الحجاج كنتِ فبنتِ ( أي كنت متزوجة فطلقت فأصبحت بائنة ولعل هذه الكلمتان المختصرتان فيهما بلاغة وإيجاز )
فقالت: اعلم يا بن طاهر، إنا والله كنا فما حمدنا وبنّا فما ندمنا, وهذه الأموال لك بشارة بخلاصي من كلب بني ثقيف . فرغب بعد ذلك عبدالملك بن مروان أن يخطبها لنفسه ، فأرسلت إليه تقول : اعلم يا أمير المؤمنين أن الإناء ولغ فيه الكلب ( تقصد هنا الحجاج ) ... فلما قرأ كتابها ضحك فكتب إليها يقول : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهنَّ بالتراب .. فاغسلي الإناء يحل الإستعمال . فقبلت وكتبت إليه : يا أمير المؤمنين ، والله لا أحل العقد إلا بشرط ، وهو أن يقود الحجاج محملي من المعرَّة ( البلدة التي هي فيها ) إلى بلدك التي أنت فيها ، ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً . فلما قرأ عبد الملك بن مروان كتابها ضحك حتى استلقى ، وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك امتثل للأمر وأرسل إلى هند يأمرها بالتجهز فتجهزت وركبت في محمل وركب حولها جواريها وخدمها والحجاج آخذ بزمام بعيرها فراحت تكشف الخباء وتضحك ومعها دايتها الهيفاء فنظر الحجاج إليها ثم أنشد يقول :

فإن تضحكي مني فيا طول ليلة **** تركتك فيها كالقباء المفرج

فأجابته بقولها :

وما نبالي إذا أرواحنا سلمت **** بما فقدناه من مال ومن نشـب

فالمال مكتسب والعز مرتجع **** إذا النفوس وقاها الله من عطب

ولم تزل تلعب وتضحك إلى أن دنت من بلد الخليفة فرمت دينارا على الأرض وقالت : يا جمَّال قد سقط منَّا درهم فارفعه إلينا ، فقال لها الحجاج : بل هو دينار ، فقالت للحجاج : الحمد لله الذي سقط منَّا درهم فعوضنا الله ديناراً .. فخجل الحجاج وسكت ولم يرد جواباً ، ثم دخل بها على عبدالملك بن مروان فتزوج بها .


وإلى الملتقى في القصة الثانيةمن قصص الحجاج