[محمد السعيدالنوي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باديء ذي بدء: أعتذرلكل من وجد في مشاركتي أخطاءا لغوية و ذلك
لأن تخصصي رياضيات باللغة الفرنسية و حاليا مسؤول إداري في
احدى مؤسسات الدولة بالجزائر.
كنت في مرحلة الطفولة,أسمع عن العقرب, لكنني لم أره عن قرب.
و كذالك في مرحلة الشباب , إلا صورة في كتاب أو على شاشة
تلفزة و حتى إن حدث ذلك فبالأبيض و الأسود!.
في عام 1987 تحصلت على شهادة الدراسات العليا.
اشتغلت بالجزائرالعاصمة أستاذا في مادة الرياضيات باللغة الفرنسة
و بعد مدة طلبت الانتقال إلى الصحراء بشكل اختياري.
و هكذا ... صارت لي يوميات مع الحشرة الخطيرة القاتلة.. العقرب!!.
هذه المرة عن قرب و بالألوان!.
و سأركز هنا على أهم ما حدث لي مع هذا المخلوق العجيب!!.
- مرة كنت نائما ..كان وقت قيلولة , عندما فتحت عيناي فإذا بالعقرب
مستقر على قدمي العارية!!..تخلصت منه و نجوت بقدرة قادر !!.
- و أذكر مرة كانت درجة الحرارة مرتفعة جدا, فاضطررت للنوم خارج
البيت و كان ذلك في الثلث الأخير من الليل.
و عندما أيقضني المؤذن لصلاة الفجر , وقعت عيناي على أغرب ما
يتصوره العقل !!.. عقرب يحاول الاقتراب مني و قط من قطط الجيران
يتطوع للدفاع عني!! .. ساهمت انارة الشارع في توضيح المنظر
العجيب.. رحت أتابع ذلك القتال الشرس الذي تغلب فيه القط , حيث
التهم العقرب و انصرف لجهة مجهولة .. يبدوا أنه تلذذ بصيده!!..
حزنت على القط الذي انقذحياتي ليموت هو ...لقد أكل عقربا !!.
و كانت المفاجأة عندما جاءني في اليوم الموالي يبحث عن صيد آخر.
و السؤال الطروح: لماذا لم يتعرض القط للتسمم !!؟.
و الذي لم أجد له جوابا إلى يومنا هذا ..أرجو من فضلكم أن تفيدوني
إن كنتم لهذا السر تعلمون!!.
بقي قط الجيران حارسي و أنيسي , يشاركني وجباتي و يشاهد معي أحيانا نشرة الأخبار!!.
سافرت في عطلة الصيف إلى الشمال, اتممت مراسيم الزواج و عددت في العام القادم , هذه المرة رفقة زوجتي ...الحمد لله.
انتظرت عودة حارسي الذي كان يؤنسني في العام الماضي ..
لكنه لم يأتي ؟!.

و من أغرب ما حدث: أن زميلا لي طلب التحويل من أقصى الشمال
إلى أقصى الجنوب , للمنطقة التي أعمل بها و هي محاذية لمالي.
و عندما أحس باشتداد الحر , خاف العقارب , فشد متاعه متجها إلى
الشمال..لم يكن يدري أنه يحمل عقربا بداخل حقيبته!!.
حمله جوا مسافة تفوق 2000 كلم , ليصل به إلى مسقط رأسه!!.
ليقضي الله به أمرا كان مفعولا .... هناك على شاطئ البحر... هناك في أقصى الشمال!!!.

لقد أمر ربنا سبحانه و تعالى , سيدنا نوح , بأن يحمل في سفينته
من كل زوجين اثنين و كان من بين الأزواج زوج العقرب.
فقال عز من قائل:
"فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا و وحينا فإذا جاء أمرنا و فار التنور
فاسلك فيها من كل زوجين إثنين و أهلك إلا من سبق عليه القول منهم و لا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون"
صدق الله العظيم
سورة المؤمنون الآية 26
فما الحكمة من ذلك و ما فائدة العقرب؟!!.
و هكذا تمضي الأيام و معها تمضي الشهور و السنين ..
و لم أجد جوابا لسؤالي ..إلى أن شاء القدر .. عندما ألتقيت بأحد العاملين في مجال الرقية الشرعية.
و كان يعرفني و أنا لا أعرفه , ذكّرني أنه كان طالبا في الثمانينات.
عندما كنت أنا أستاذا في الرياضيات .
وجهت له دعوة لزيارتي و حددنا موعدا بعد صلاة العشاء .
قلت له: اتفقنا...لكن ضع في ذهنك أن عشاءك عندي.
لما تناولنا العشاء ,بدأ يقص علي حكاياته مع المرضى و الحالات التي مرت عليه , ثم فاجأني :
- أتعرف العقرب ؟.
-لم أجبه بنعم أو لا...أبهرني!!!.
واصل ضيفي حديثه , لم يكن ينتظر مني إجابة..فقط أراد أن يشد انتباهي..
- لقد استخدمته في العلاج . يستطرد.

مرة جاءني رجل و ابنته ...
يقول أنها , استفاقت من نومها , لا تستطيع أن تنطق و لو بكلمة!!.
بذلنا معها كل ما في وسعنا , لكن دون جدوى.
يقول ضيفي: تعوذت بالله من الشيطان الرجيم و بدأت أقرأ عليها القرآن
أخذت تذرف الدموع , لسماعها القرآن,لكن دون أن تنطق و لو بكلمة
انهينا الجلسة الأولى دون تحقيق أي نتيجة ..حددنا موعدا لجلسة
أخرى و سلمته وصفة لمتابعتها.
و هكذا كررنا جلسات العلاج .. الثانية .. الثالثة.. لكن دون أي نتيجة!.
في الأخير , صارحته بالحقيقة : لقد فشلت في علاج ابنتك!!.
أخذ يترجاني ,أن أواصل محاولاتي مع ابنته ..
فأكدت له أنني لا أستطيع أن أفعل لها أي شيء.
لقد فعلت ما علي و الباقي على الله...
أخذ ابنته و مشى نحو الباب و هو ينظر إلي بحزن شديد.. كان كمن
فقد الدنيا كلها..
ناديته مذكرا.. لا تيأس .. إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.

بقيت هذه الحالة تشغلني ليلا و نهارا ..
.................................................. ...إلى أن شاء القدر !!.

بينما أنا عائد من الصلاة ذات يوم , إذ لفت انتباهي عقربا كبيرا , يجري أمامي , هممت بقتله , ثم قلت في نفسي :

لماذا لا أجرب استخدامه في علاج الفتاة؟!!..

أمسكت به , نزعت شوكته و وضعته في منديل ثم في جيبي!!.
يواصل ضيفي حديثه و أنا أتابعه و أتعجب لما أسمع, فيقول:
اتصلت بأب الفتاة ع/ط هاتفه النقال الذي معي:
سألته عن حال ابنته , فرد علي أنه لا يوجد تحسن.
قلت له بقيت محاولة أخيرة و النجاح ليس فيها مضمونا.
و لم أعلمه بسر العقرب .. خفت أن تعلم الفتاة و تفشل الخطة.
و جاءني بابنته فورا ..
سألتها .. لا تجيب بلسانها, إلا كما يفعل الصم البكم.
فاجأتها باخراج العقرب من جيبي !!.
ظهر على وجهها الفزع .. سألتها : ما هذا؟!!...لعلها تنطق بكلمة..
فردت بحركة , فهمت منها أنها تقول لي : و من منا لا يعرف هذا؟.
ثم فاجأتها للمرة الثانية , عندما ألقيته عليها !!!.
صرخت صرخة اهتزت لها أركان البيت ومن فيه !!!.
قلت لها : قولي الله.
قالت : الله !!!
قلت لها : قولي باسم الله الرحمن الرحيم.
قالت: باسم الله الرحمن الرحيم!!!.
... و أجهشت بالبكاء ..
قلت لها: لقد شفيت باذن الله .. الحمد لله.
خرج الرجل مع ابنته ..يبكي معها.. يحمد الله و يدعو لي .
و كأنه ملك الدنيا بإسرها!!.
بينما كان ضيفي يروي لي قصته مع العقرب..كانت الدموع تملأ عيني... أنا الذي كنت أتساءل : ما فائدة العقرب؟!!.
ظننت أنه خلق ليقتل فقط ... استغفرك ربي و أتوب إليك..
رب لقد أريتني بلأمس كيف أن القط , استفاد بوجبة ,بأكله للعقرب!!.
و ها أنت تريني اليوم , كيف أنقذ العقرب الفتاة؟!!.
إن الذي انقذ فتاة .. انقذ أما .. انقذ أسرة.. أي انقذ أمة بكامها!!!.
بينما عجزت أنا حتى عن شكرك!!! و أنت الذي خلقتني و رزقتني..

" رب إن لم تغفر لي و ترحمني لأكنن من الخاسرين"
" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "

و اعتبروا يا أولي الأبصار