[يمامة الوادي]

عاملوا الناس بالحسنى تكسبوا قلوبهم



خادم الدعوة
عبد الرحمن حمود السميط



هذا مارأينا مصداقه في أكثر من ربع قرن من الزمان في خدمة الدعوة في إفريقيا والأمثلة أكثر من أن أحصيها .

ولعلي أضرب مثالاً بمنطقة في شمال توغو حيث تعيش قبائل وثنية دخل الكثير منهم إلى النصرانية بفضل المدارس التي شيدتها الكنيسة خلال 60 سنة الماضية حيث بلغت نسبة الكاثوليك فقط 23% والوثنيين 57% ومنطقة دابنغو منطقة بكر في توغو سكانها 217 ألف نسمة . لم تعرف دعوة الإسلام إلا منذ عشر سنوات رغم أن أول مسلم جاء إليها منذ 80 سنة.

واليوم لايمر يوم واحد إلا ويدخل دين الله بعض الناس والقضية في يقيني هي قضية وقت فقط لكسب هؤلاء ويحدثني مدير البلدية وهو أعلى سلطة في المنطقة وهو كاثوليكي أنه أحب الإسلام نتيجة تصرفات المسلمين في رأيه وحبهم للنظافة ، وكانت كل طلباته مني هو دعم الدعوة وإرسال دعاة وبناء مساجد ودعم المعهد الشرعي الوحيد في المنطقة .. إلخ.

وأقام مأدبة كبيرة على شرفي ، كما أقام إحتفالاً بمناسبة زيارتي لهم حضرها الآلاف ، كل هذا وهو يعلم أنني ماجئت إلا لخدمة الدعوة الإسلامية .

ومن الأمور التي تعلمتها من الدعوة في إفريقيا أن الحكمة والصبر والحلم والأناة أدوات لاغنى للداعية عنها وأن تكون زاده وزواده لمعضلات الطريق إن كان راغباً في الأجر والمثوبة أو أن يكون لعمله ثمرة ولدعوته شجرة توتي أكلها .

في ساحل العاج كان رئيس الجمهورية همفري بوانييه نصرانياً متعصباً ، ومن فرط تعصبه شيّد أكبر كنيسة في العالم بكلفة 250 مليون دولار أمريكي في قريته ياماساكو ، رغم الفقر الذي يحتوي شعبه ، وأمر بمنع دخول أي داعية مسلم إلى بلاده ، وحارب الإسلام في ساحل العاج كلها أيما حرب ، وأقام علاقة مع كل من إسرائيل وفرنسا ، والحقيقة أن هذا الرجل مثال على العقلية الأفريقية. فالكثير من النصارى الأفارقة ، رغم كراهيتهم للإسلام والمسلمين ، يبدون إعجابهم أحياناً بما يقوم به المسلمون خاصةً أمور النظافة والتعاون وبذل الخير للناس لكونهم أناس دون عصبية للون أو دين . ولما رأى هذا الرجل من أخلاق المسلمين في بلاده وصبرهم ولأجل تحسين صورته بنى مسجداً كبيراً في قريته كما بنى معبداً للوثنيين من عبدة التماسيح .

وأذكر أن رئيس إحدى دول شرق إفريقيا لايترك مناسبةً إلا ويظهر فيها حقده على الإسلام ، ويصر على معاملة المسلمين في بلده كمواطنين من الدرجة الثانية رغم أنهم يشكلون أكثر من ثلث السكان ورغم هذا فإنه عندما زار الكلية العسكرية ، ورأى المسجد الذي بنيناه فيها ، أعجب بجماله ، وأوقف موكبه الرسمي ليشاهده عن كثب ، وصرح أمام المرافقين بأنه سعيد باهتمام المسلمين بمساجدهم . عقب هذا الحدث وصلتنا طلبات من 17 معسكراً تابعة للجيش والشرطة في هذه الدولة تطلب منا بناء مساجد فيها .