[لولوة حماده]

السلام عليكم ورحمة الله ،،

ورد في الأثر ( أن العبد إذا وقف بين يدي الله نصب الله وجهه له في الصلاة ، فإذا صرف العبد قلبه صرف الله عنه وجهه . وينادي أ إلى خيرٍ مني ؟ ) .
فكر قليلاً ... ما هو الأمر الذي يستحق أن تصرف قلبك له وأنت واقف بين يدي مالك الملك ؟؟ ما بالنا إذا رفعنا يدنا مكبرين للصلاة تذكرنا كل شاردة ووارده مرت علينا في يومنا وأمسنا ، بل أن بعضنا لا يطيب له التخطيط لحياته ولا تأتيه أفضل الأفكار إلا في صلاته . والعجيب أننا نقول الله أكبر في الركعة الواحدة ستة أو سبعة مرات ، فكيف نكبر الله ونعظمه بألسنتنا وقلوبنا لاهية وأفكارنا شارده .

وهل أصبحت صلاتنا مثل صلاة الرجل المسيء لصلاته ، والذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد صلاته 3 مرات لأنه لم يكن مطمئنًا بها . فعن ‏أبي هريرة ‏ رضي الله عنه ‏أن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏دخل المسجد ، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏، فرد النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏عليه السلام ، فقال ‏: ‏ارجع فصل فإنك لم تصل ، فصلى . ثم جاء فسلم على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم‏ ‏فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثا . فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني . قال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها . ( صحيح البخاري ) .
والطمأنينة هي أن يسكن الإنسان في الركن حتى يرجع كل فقار إلى موضعه ، قال العلماء : وهي السكون وإن قل ، فمن لم يطمئن في صلاته فلا صلاة له ولو صلى ألف مرة .

* وقد صنف ابن القيم الناس في صلاتهم إلى خمسة أصناف :
1) ينقص من وضوئها ، مواقيتها ، أركانها ، حدودها ، واجباتها . وهذا معاقب .
2) يصلي في الوقت ويحافظ على أركانها وواجباتها ووضوئها ، ولكنه ضيع المجاهدة في الخشوع . فهو محاسب ( على قدر ما حافظ في صلاته يُعطى ) .
3) حافظ على حدودها وأركانها ويجاهد نفسه في دفع الشيطان والوساوس والأفكار فهو في جهاد وفي صلاة وهو سالم . فهو مُكفر عنه .
4) من قام للصلاة وأكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها وهمه مصروف في إقامتها كما ينبغي لها بإكمالها وإتمامها . فهو مثاب من الله تعالى .
5) من قام للصلاة مثل الرابع ، ولكنه يأخذ قلبه ، ويضعه بين يدي الله تعالى ، ناظرًا بقلبه إلى الله مراقبًا لله ممتلأً محبة وعظمة لله تعالى ، كأنه يراه وقد اضمحلت الوساوس والخواطر والأفكار ، وارتفعت الحجب بينه وبين الله تعالى ، فهذا بينه وبين بعض المصلين أعظم مما بين السماء والأرض . فهو مقرب .

* ومن الأسباب التي تعين المصلي على الخشوع في صلاته :
1) الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها ( يحصل ذلك بعدة أمور منها : الترديد مع المؤذن ، إسباغ الوضوء وتذكر فضله ، المشي إلى المسجد بسكينه ووقار ، انتظار الصلاة ، تسوية الصفوف ) .
2) الطمأنينة في الصلاة ( كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ) .
3) تدبر الآيات المقروءة ، وأن يقطع قراءته آية آية . وذلك أدعى للفهم والتدبر وهي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
4) التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة .
5) معرفة فضل الخشوع في الصلاة . ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة ، وذلك الدهر كله " . صحيح مسلم .
6) أن لا يصلي وقد غلبه النعاس ، وأن يجاهد التثاؤب في صلاته .
7) ترك الالتفات في الصلاة ، وأن ينظر إلى موضع سجوده ولا يرفع بصره إلى السماء .


أسأل الله تعالى أن يعيننا على إقامة الصلاة على الوجه الذي يرضيه عنا ، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،

المراجع : فقه العبادات ( للشيخ : ابن عثيمين رحمه الله ) + محاضرة عن الخشوع في الصلاة ( سعيد بن مسفر ) + مطوية 33 سببًا للخشوع في الصلاة ( تسجيلات الأنصار الإسلامية – الكويت ) .