[يمامة الوادي]

الاتصال المزدوج عن طريق الجسم والروح

محمد صبحي السويركي

كثيراً ما يتساءل البعض: (هل صادفتم يوما شخصا فخامركم إزاءه شعور عفوي بالتعاطف والمودة؟..
وهل حدث لكم أن تعرفتم إلى شخص ما فأحسستم حياله بنفور فوري لا علة له؟!)..
ويعزو الأمريكان هذا الانجذاب أو النفور المباغِت إلى أسباب كيماوية!
ويتحدث الروس عن "توافق" أو "تنافر" بيولوجي!!
أما في الإسلام فإن القضية أكبر من الكيمياء، وأكبر من البيولوجيا،
فهي تتعلق بالروح، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
(الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)!!!.

ويرى العلماء أن تلك ظواهر ما وراء الحس هي ظواهر أكيدة، ذلك أن الانفعالات والحالات النفسية
للمرء تنعكس في النشاط الكهربائي للمخ، وبالفعل، فإنه لفي مقدور الدماغ الإنساني
أن يفرض إيقاعه على دماغ الغير، وهذا ضرب عفوي من التخاطر)!.
ومن الأمثلة التي تُضرب للتدليل على مثل ذلك "التخاطر"
ملاحظاتنا الدائمة لعدة أشخاص يتثاءبون في آن معا!.
لذا فقد بدأ العلماء يتحدثون عن أن الانفعالات النفسية التي تحدث في جسم فرد من الأفراد
يمكن أن تنتقل تخاطريا إلى آخرين، كذلك هو شأن الانفعالات (الودية أو العدائية)
التي تنتقل من فرد إلى آخر بطريق التخاطر.
ومما يدعم هذا التوجه ما يروى عما حدث مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مع
قاتله عبد الرحمن بن ملجم (قاتله الله) إذ اعتاد علي كرم الله وجهه
أن يوقظ النائمين في المسجد، ولما جاء ابن ملجم لإيقاظه صبيحة يوم الاغتيال باغته علي
بالقول: قم فإنك تنوي أمرا تكاد السموات تنشق منه!!.
ومن المعروف أن العلاقة بين المرسل والمستقبل (في حالات التخاطر)
هي علاقة توافق لذلك فقد لاحظ العلماء أن تغيرا في الذبذبات المخية لدى توأم حقيقي يحدث
تبدلا مماثلا في النشاط المخي للتوأم الآخر، ومن الملاحظة تبين أن ذبذبات ألفا (المميزة لحالة الراحة) التي تظهر لدى أحد التوأمين يمكن أن تتسبب عن بعد في ظهور الرسم البياني عينه لدى التوأم الآخر.