[الدكتور فهد بن سعود العصيمي]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، والشعب السعودي بخاصة، والشعوب العربية والإسلامية بعامة، وإلى كل من يجمعنا بهم هذا المكان، يسعدني أن أتقدم لكم بالتهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك، وأسأل الله أن يقبل منكم ومنا، وأرجو أن تكونوا بصحة وعافية أنتم وأهلكم وأحبابكم.
أرجوكم أن لا تنسونا من صالح دعائكم، وأذكركم ونفسي بالاجتهاد في الطاعات، والحرص على عدم تضييع الأوقات، وتذكروا كم من إنسان كان يتمنى صيام هذا الشهر، وهو اليوم تحت الثرى، وأحذركم ونفسي من التسويف بالطاعات، فبادر وتقرب لله بعملك الصالح، واسأله وألح عليه أن يتقبل منك.
أحذركم من ظاهرة تكثر لدى بعض المصلين أو المصليات، وهي ترك جوالاتهم مفتوحة، فيفاجؤ المصلي باتصال يرد إليه، فيقطع خشوعه، ناهيك عن أن تكون نغمته موسيقى محرمة، فتتسبب عليه بإيذاء الملائكة والمصلين، وقد يدعو عليه أحد منهم.
وألفت إلى ظاهرة أخرى، وهي ما يوجد لدى البعض من الحماس في بداية الشهر، فتراه يقبل على الأعمال الصالحة بجد ورغبة، ولكنه فيما بعد، تجده يفتر ويقل حماسه، وهنا ألفت نظركم إلى أن آخر الشهر خير من أوله، فالله الله أن تفرطوا فيه، وبخاصة عشره الأواخر، ففيها ليلة خير من عبادة ألف شهر؛ أي أكثر من عبادة ثمانين سنة!!!
اجعل لك قدرا يوميا من قراءة القرآن فهذا الشهر هو شهر القرآن، ولو كان هذا الجزء قليلا، فقليل دائم خير من كثير منقطع، والمهم أن تحاول أن تختم القرآن العظيم أكثر من مرة، أو مرة واحدة إن كان لديك من الأعباء ما يشغلك.
تذكر أن هذا الشهر هو شهر المحبة والتناصح والعفو والصدقة، فأكثر فيها من العمل الصالح وبخاصة الصدقة.
عجل الإفطار وأخر السحور، وهنا فائدة مهمة جدا، فاحرص على تطبيق السنة في الفطور وفي السحور وستجد عجبا؛ على مستوى الرضى بالعمل، وأيضا على مستوى الصحة، فالسحور مثلا قال عنه نبينا صلى الله عليه وسلم: [تسحروا فإن في السحور بركة]، وتجد كثيرا منا يفرط في هذه البركة، وما يدري هذا المسكين أن البركة قد تكون في الصحة مثلا فبإذن الله تتسبب له بالشفاء من المرض، والسبب في قولي أن كلمة بركة نكرة، فيدخل تحتها أمور كثيرة، الصحية والمالية والأسرية والنفسية، ولا تنسوا أن وقت السحور في حال تأخرنا به، هو وقت مبارك ينزل فيه ربنا سبحانه وتعالى فيقول : هل من سائل فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له....الخ الحديث، ومن منا ليس لديه حاجة عند ربه؟
ربوا لدى أولادكم حب العمل الصالح، وأخبروهم عن رمضان وحكمة صيامه، فقد يتعجب بعض الأطفال الصغار من كون أمه لم تعد طعام الإفطار له، فعليها أن تخبره وتحبب له الصيام، ولكن لا تتركوهم وبخاصة الصغار منهم بلا وجبة إفطار أو غداء، فهؤلاء لهم حق على الآباء والأمهات، وقد ينسون في غمرة الانشغال بهذا الشهر.
حاول أن تتجنب في هذا الشهر النظر المحرم، وبخاصة فيما يعرض في بعض وسائل الإعلام، واعلم أن هذا شهر عبادة، وليس بشهر أفلام ومسلسلات، ولا بشهر أكل وشرب وتفنن بصنع ما لذ وطاب من أصناف الأطعمة، فيعمل هذا ولكن بلا مبالغة زائدة فيه، وما أحسن أن تطعم فيه المساكين والمحتاجين، والجيران أيضا مما تصنعونه فيه من الطعام أو الشراب.

وكل عام وأنتم بخير.

أخوكم د/ فهد بن سعود العصيمي