[سمر4]

قال الراوي
وزعموا لي أن شيخنا (أبا حيدر)أقام درساَ للنحوا.فأتيت المسجد الجامع:فإذا خلق عظيم كثير نثير غثير غفير،لولا أنهم في المسجد الجامع لقلت:مجتمعون في حادث من حوادث الشوارع.
وكان شيخنا أبو حيدر من عجائب أهل الارض:ليس بالطويل ولا بالسمين ولا بالمبيض،ولكن إذا تكلم فالبحر إذا تفجر والصقر إذا انقض،وماسمي بأبي حيدرإلاأنه كالسيل إذا تحدر
فكان مما قال:وما النحو إلا علم نسيه أهل العلم وما وجدوا غضاضة،وظلم ذوي القربي أشد مضاضة،وكنت إذا ذكرت أن الناس نسوا من أمور الدين ما هو أعظم من هذا العلم،فنسيت ذلك الهم بهذا الهم.
قال الراوي: ثم انشد شيخنا على البديهة:
الجرح يأسو مثله والهم منسي بهم
قد قال جل جلاله: (فأثا بكم غما بغم)
ثم جعلوا يسألونه،فسأله سائل:من الحداثيون؟فقال:أخطأت،لاتقل من الحداثيون،ولكن قل:ماالحداثيون،فإن(من)تأتي للعاقل،و(ما)لغيرالعاقل.
وسأله سأله سائلعن إعراب:عجبت من مدح الفقير الوزير، فقال الفقير اسم فاعل مكسور منكسر،ولو ترفع الفقير واستغنى وسأل الله وما تذلل عند أبواب هؤلاء لكان فاعلا مرفوعا.
وسأله سائل:عن قول العربي:نحن أقوى أمة،فقال:هذه مجرد جملة (اسمية)،ولوأنهم امنوا وصبرواقليلا اكانت جملة (فعلية)
وسأله سائل: عندنا بعض أهل العلم والادب تشاغل بدنيا وتجارة، وخرج علينا في سيارة ضخمة فخمة،وقد انتفخ وأصابته تخمة، فهل أقول:انظر إلى دنيا طالبَ علم، أدنياطالبُ العلم؟فقال الشيخ:بل الصواب أن تقول:انظر إلى دنيا طالبِالعلم،فإنها الدنيا إذا أضيفت(تجر)، ونعوذ بالله أنتجرنا فيمن تجر!
وسأله سائل:أين الفاعل فى قولنا:كم رجل نسي الشيشان؟ فقال:الفاعل ضمير مستتر ولوكانت (الضمائر)ظاهرة طاهرة حية مانسيت الشيشان.
قال الراوي:قال شيخنا أبو حيدر: وأشد من ذلك جملة أعربها لنا شيخنا أبو عمار،فإنه قال:(كم للدنيا من قتيل أحبها)فأن الهاء في قوله (احبها) ضمير يعود إلى الدنيا،وهكذا كل (ضمير)يعود إلى (الدنيا)فإنه يقتل فيموت ، نعوذ بالله من موت الضمائر والقلوب!
قال الراوي:وكان في مجلس الشيخ شاب اسمه (سارية)،قد فارق الله بينه وبين النحو قلبا، فلو كان النحو شرقا لكان هو غربا ،وكان شيخا يعرفه ويستطرفه، فسأله فقال:ياسارية:ماتقول في كلمة(السلام)في قولهم :لا يصلح مع اليهود إ السلام.....؟فقال الشاب:اللام في وسط كلمة السلام تسمى اللام المزحلقة،لو حذفت لكان الاولى..قالالراوى:فرأيت شيخنا تبسم ثم ضحك ثم قال:أحسنت والله وأحسنت،وهذا والله النحو لا نحونا

نقلاَ من مجلة الاسرة
بقلم :باسل الرشود