[يمامة الوادي]

قرصنة المشاعر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/
موضوع مؤرقني كثير جدا جدا أولا دعني اعطيك موجز بسيط عني انا شاب عسكري وعندي ابنتان ولله الحمد ومصاب بمرض السكر شفى الله الجميع
وزوجتي انسانة رائعة ومرتبة في نفسها وبيتها وطبخها ومحبوبة من أمي وابي واهلي لكن مشكلتي أني ازعل منها كثير جدا حتى لأتفه الأسباب وارفع صوتي عليها امام بناتي ولم تقصر معي ابدا فارجوا مساعدتي في حل مشكلتي مع العلم أني رقيت نفسي عند شيخ رقية وارتاح نفسيا بعد الرقية.
محبك/ابوديما
ولك سائلي الفاضل الرد:

من الأمور المعينة على السيطرة على الغضب معرفة أسباب تلك القرصنة الشعورية التي تزورنا من حين لآخر فالبعض يغضب نتيجة لشكه بنفسه وعدم ثقته بها وشعوره بالتهديد من قبل الآخرين والبعض يعتقد أن مخالفته الرأي إساءة لشخصه مصورا كل مشهد بأنه هجوم عليه وأنه طعنة دامية نجلاء في أعماقه ! وفات عليه أن وخزة الإبرة لاترتقي بحال أن تكون جرح سكين إلا إذا صورها له العقل كذلك, وأحيانا يتصرف البعض بغضب فقط لأنه تعود على ذلك وهي طريقته الوحيدة التي يعرفها لمواجهة تلك المواقف و
اربأ بك أيها الفاضل أن تكون من هولاء الأشخاص الاهتياجيين مفرطي التأثر مبالغي ردة الفعل والذين ينقضون بعد كل مشهد بعزيمة الثور الأخرق الذي يهتز جسمه غيظا من كل حركة أمامه , أخي الحبيب إن ما تحتاج إليه ابتداءً هو خلخلة القناعات الداعية لكل هاتيك الانفعالات السيئة واستحضار الخسائر الجمة معها وبعدها ,وقديما قال الكاتب والفيلسوف الفرنسي الكبير مونتانييه: لايضار المرء بسبب ماقد يصيبه من أحداث بقدر ماقد يضار بسبب أفكاره حولها!!
إن الانفعال وإلهاب المواقف بالمشاعر السلبية واللجوء إلى (الركل اللفظي) عندما تتأزم الأمور ونختلف مع الآخرين تقنيات سيئة السمعة ضعيفة التأثير شديدة الأثر علينا وعلى من نتعامل معهم فكل سورة غضب تمر بها تشغل كريات الدم البيضاء وتجعلها تجاهد في غير عدو مما يسبب ضعف المناعة ويحفز جيوش الأعداء المتربصة بجسمك على الهجوم عليك كما أن التعاطي المندفع مع المشاهد يقلل من خطوط دفاعك ضد أي مشكلة صغيرة محتملة في المستقبل فسياط الغضب تجلد أعماقك أنت أولا وتورث ندوبا داخلية ربما تعجز الأيام عن دملها وشفائها ,ولم يكذب ذلك الحكيم عندما قال: إن الغضب يؤذي المعتدي أضعاف مايؤذي المُعتدى عليه ! وتذكر أيها العزيز إن هذا الحلم والصبر الذي تنعم به من زوجتك لن يدوم فلا يغرنك صمتها ولا يجرئنك تقاصرها أمامك فالاستنامة لردة فعلها اللينة وعدم استشراف المستقبل لن يعفيك من ردة فعل غير متوقعة بالنسبة إليك وربما تندم كثيرا بعدها ناهيك عن الثمار المرة المجنية ومنها فقدان الشعور بالاحترام و فقدان من تحبهم ويحبونك . أما كونكي رسالتك هو وعيك بنفسك ورصدك لأحد عيوبك وأكملت هذا برغبة صادقة في التغيير, ومن أهم ما أوصيك به الاستفادة من هبة حرية الاختيار التي خصك الله بها ,
أما كونك تتفنن في إسقاط الأمر على العين أو على قوى غيبية فهو أمر يضعف قدراتك ويصنع منك إنسانا هشا مسلوب الإرادة .
والعصبية أيها الحبيب ليست جينات مركبة في الإنسان ولم تكن قدرا مقدورا على البشر, فقط تحتاج إلى أن تتحمل مسؤولية أفعالك وان تدرك إدراكا تاما أن لك مطلق الحرية في التصرف عند أي موقف يواجهك وهذا يحتاج إلى تدريب على الصبر وضبط الذات والسيطرة على المشاعر ,
اسأل نفسك عند أي مشهد هل يستحق الأمر؟ إن الانفعاليين لن يعوزهم إحضار الأسباب المبررة لردات فعلهم و(عقلنتها) ودائما ما يكون أمامهم موائد حافلة بالتبريرات عامرة بالدوافع (الممنطقة) ,
أما العقلاء أمثالك فسيتبين لهم أن عشرات المواقف والتي أطلقوا العنان لمشاعرهم لا تستحق كل هذا الغليان وأن عود الثقاب لايستدعي إطفاؤه صب خزان ماء عليه!
من التقنيات المفيدة لقهر الغضب أن لا تتصرف مدة ثلاثين ثانية فقط بعد كل مشهد جاهد نفسك على اللاتصرف ,وبهذا تعطي دماغك المفكر الفرصة لتحليل المشهد وقراءته قراءة واعية بعمق وثبات وبعدها ستهتدي للحل الأمثل وتذكر أنك كلما كنت أسرع في الانتباه لمشاعرك السلبية كلما قطعت عليها الطريق نحو الاشتعال والانفجار ,مع التنبيه على أن الأمر ليس سهلا ولن يكون أمرا قريب المتناول كما انه ليس مستحيلا ولا يحتاج لقدرات خارقة ولكن حكمة الله شاءت أن المراتب العليا لابد من دفع ثمن الوصول إليها واجدك قادرا بإذن الله على سيادة نفسك والانتصار عليها مع التأكيد على أن حالة السيطرة على النفس التي نعنيها هي تلك الحالات التي تستوجب الانفعال أما أيها الغضب لأتفه الأمور فهو تصرف صبياني ودلالة عدم اكتمال الرشد وينم عن شخصية هزيلة مهما بلغ العمر وارتفع التحصيل العلمي
! وفقك ربي ويسر أمرك

شعاع:
الفعل وليس المعرفة هو الغاية العظمى من الحياة

خالد المنيف