[وهج]

لماذا لانستطيع ضبط أنفسنا في بعض المواقف ؟

كثيرا مانمر بحالات من الغضب، تختلف الدرجة والطريقة التي نعبر بها عن انفعالنا باختلاف المكان والزمان وباختلاف الطرف الآخر… سواء في المنزل مع احد أفراد الاسره .. أو في العمل مع زملاء العمل او احد المراجعين ..او حتى مع رئيس العمل …او في أماكن الدراسة مع زملاء الدراسة او المعلمين ..او في الأماكن العامة مع أفراد قد لانعرفهم معرفه شخصيه ….
وكثيرا ما نعتقد أن الآخرين هم السبب في انفعالنا وغضبنا …لدرجة أننا نحملهم السبب والنتيجة الحاصلة من ثورة الغضب سواء كانت النتيجة سلوكيه أو لفظيه .. ….
ولكن الحقيقة عكس ماندركه ، وهي أننا السبب في انفعالنا ونحن اخترنا أن نغضب وليس الآخرين من اختار ذلك.. ونحن المسئولون عن تصرفاتنا وسلوكياتنا وما ينتج عنها من عواقب...

إذن كيف ولماذا اخترنا أن نغضب؟؟؟

* تفسيرنا السلبي للموقف هو العامل الأول ، وتبعا لذلك يبدأ الحوار الداخلي السلبي في تزايد حتى يصل بنا إلى درجة من الغضب والانفعال السلبي ....مثال ...( طلب خالد من احمد أن يحضر له كتابه الذي استعاره منه احمد منذ فتره ..فحدد له احمد أن يحضره له عند الساعة الثامنة ....تأخر احمد عن موعده المحدد.....فبدء خالد بالتوتر والقلق وبدء يحدث نفسه بحديث سلبي " تأخر احمد كثيرا انه إنسان لامبالي ومهمل ولا يحترم أوقات ومشاعر الآخرين ...لوانه يحترمني أو يقدرني لما تأخر .........الخ" حتى وصل به هذا الحديث إلى درجة من الغضب والانفعال السلبي .....
لقد اختار خالد أن يغضب ...طالما انه فسر الموقف بشكل سلبي ...كان باستطاعة خالد أن يكون أكثر هدوء واقل انفعال لو فسر الموقف بشكل ايجابي ...وذلك يتضح عندما يقول " يبدو أن احمد حصل له موقف طارئ أخره عن موعدنا "

* العامل الثاني .. الذي يجعلنا نختار الغضب هو اعتقادنا بأننا غير مسئولين عن سلوكياتنا وتصرفاتنا وقت الغضب ( من سب وشتم أو ضرب أو تخريب وتكسير ...)
كثيرا مانقول أن فلان هو السبب ..أو هو الذي جعلني اخرج عن طوري وافعل مافعلت ..
في الحقيقة لااحد مسؤول عن تصرفاتنا خاصة وقت الغضب والانفعال ...ولا احد يستطيع أن يسيطر علينا لدرجة أن يجعلنا نسلك سلوك غير جيد إلا باختيارنا ...إذن نحن المسئولين .

* العامل الثالث . اعتقادنا بان الغضب طبع فينا وأننا لانستطيع أن نغيره.. بينما الغضب صفه تم تعلمها واكتسابها ممن حولنا في مواجهة بعض المواقف بالانفعال والغضب ...من الوالدين أو الاخوه ..او ممن لهم تأثير علينا وغالبا يكون هذا التعلم والاكتساب من الصغر .....لذلك أي صفه متعلمة أو مكتسبه إذن هي صفه قابله للتغيير والتعديل ...وهذا شيء جيد ...

* العامل الرابع ..في اختيارنا للغضب هو اعتقادنا في بعض المواقف وأمام بعض الأشخاص بأننا نكون أكثر قوة وهيبة ...أمام أنفسنا وأمام الآخرين ....وان هذا يجعل الآخرين أكثر تهيبا لنا وأكثر احتراما لنا ..ويحسبون لنا ألف حساب ..
في الحقيقة هذا غير صحيح ...قد يظهر الآخرين لنا بعض الاحترام والمراعاة في المعاملة من اجل عدم الدخول معنا في معارك انفعاليه .. لذلك نجدهم يبتعدون عنا في أكثر الأوقات ..حتى ينجوا من غضبنا الجامح ....

* العامل الخامس ...شعورنا بعدم الاهميه اوعدم الأمان ..أثناء حدوث موقف مع شخص ما.. وخاصة المقربين منا(وكثير ما تحدث بين افراد الاسره) فنستخدم الغضب كطريقه للفت الانتباه .. ولنشعر الطرف الأخر بأننا نحتاج إلى الاهتمام والشعور بالأمان ...
ولكن بهذه الطريقة الطفو ليه ... والحقيقة أننا نستطيع أن نوصل شعورنا بعدم الأمان أو الاهميه بطريقه ناضجة أكثر ... وهو الحوار والتعبير عن تلك المشاعر التي تجول بداخلنا ... حتى تصل بشكل واضح إلى الطرف الأخر ...لان الغضب قد يوصل فكره أخرى بعيده كل البعد عن المشاعر الحقيقية .....

* العامل السادس .. قد تكون محاوله للهروب من المواجهة عندما نقترف خطا ...فالشعور بالذنب وصغر الذات أمام الأخر ...تجعلنا نستخدم الغضب للتعبير عن عدم تقبلنا لضعفنا في مواقف كهذه ..وأيضا محاوله لاظهارعدم الانهزام وعدم تقبل أي لوم أو عقاب من الأخر....وهذه الطريقة في الواقع تجعلنا نعيش الموقف بقلق اكبر وقد يستمر وقت أطول ..بيمنا الاعتراف لأنفسنا أولا وللطرف الأخر ثانيا بارتكابنا الخطأ .والاعتذار ...وتقبل اللوم من الأخر ... هذا يساعدنا على تجاوز الموقف بهدوء وسلام ....

* العامل السابع كثرة الضغوط من عدة جهات ...أسريه ..عمليه ..دراسية ....وعدم مواجهتها وحلها أول بأول ...يجعلها تتراكم ..لتنفجر في النهاية على ابسط المواقف ...وربما على اقرب الناس ...
لذا فمن المهم عدم نقل ضغوط ومشكلات العمل إلى المنزل مثلا ....او تركها بدون حل ومواجهه ..والعكس صحيح ....فتراكم المشكلات البسيطة تصبح في النهاية جبل من الهموم والضغوط ....

* العامل الثامن .. عدم التعبير وكبت المشاعر السلبية .. وكثيرا ماتحدث بين الأزواج ..او الأصدقاء ...فيظل الفرد يحمل تلك المشاعر وهي في ازدياد دون أن يظهرها في وقتها بالشكل المناسب ....لتظهر بعد أن تكومت في نوبة غضب كبيره ربما على موقف بسيط لا يستحق هذه الثورة من الانفعال والغضب ....
لذلك من المهم أن نعبر عما يدور في خلدنا من مشاعر تكونت من الطرف الأخر لنقولها له ..بطريقه أكثر هدوء وبأسلوب مناسب وفي وقت مناسب .....

وقد تكون الأسباب التي تجعلنا نختار الغضب أكثر من ذلك ، ولكن ماسبق هو محاولة لذكر أبرزها ..
وفيما يلي استعراض لبعض الخطوات العملية التي تساعد في تخفيف حدة الغضب ...
و أهم الطرق المساعدة هو أن ندرك إننا السبب في حدوث الغضب وهو باختيارنا تماما ...
لذلك نحتاج إلى أن نتأمل ماقمنا به سابقا أثناء المواقف التي غضبنا فيها لنستنتج أن السبب الحقيقي يكمنا في داخلنا وليس في الآخرين أو في الخارج ....وكذلك في المواقف القادمة ...

* الخطوة الأولى...عندما نشعر أننا سندخل في نوبة من الغضب .. لنحاول أن نتجاهل الموقف الخارجي ونركز على مايدور في دواخلنا ...لنرى أن نبضات القلب في ازدياد ...والتنفس في ازدياد ...وحرارة الجسد في ازدياد ...وربما هناك بداية رجفة في الأطراف .....وربما أيضا احمرار في الوجه ......
هنا نحتاج إلى أن نكون أكثر أنانيه لنعطي جسدنا حقه في الراحة ..ونبعده عن أي توترات قد تؤذيه ....لنجلس أو نبتعد إلى مكان آخر ... ونأخذ نفس عميق على الأقل ثلاث مرات ...ونردد هدوء ..هدوء ..هدوء....

* الخطوة الثانيه ...لنحاول أن نفسر الموقف بشكل صحيح ..ولا نأخذه بمحمل شخصي من الطرف الآخر ..ولا نفسره بشكل عاطفي ...بل بشكل منطقي عقلاني ...

* الخطوة الثالثة .. لنفكر فورا بحل الموقف أو المشكلة ... بدل من تضييع الوقت في التفكير السلبي في أن الأخر يريد أن يوقعنا في مشكله أو يريد اهانتنا ....الخ

* الخطوة الرابعة...بعد أن أصبحنا أكثر هدوء ..وفكرنا بطريقه سليمة منطقيه ..لنتحدث مع الأخر بكل ثقة وهدوء واتزان ...من حقنا هنا أن نعبر بكل هدوء عن انزعجنا مثلا من اسلوب الطرف الأخر في التخاطب معنا ...وبكل ثقة نطلب منه أن يتحدث بطريقه أكثر هدوء واحترام ...او قد نطلب منه أن نؤجل الحديث في وقت آخر لأننا بحاجه إلى هدوء أكثر ....ونكون فعلا مصرين على أن نتحدث في وقت لاحق ولا نستخدم هذه الطريقة للهروب ......

* الخطوة الخامسة ...نحتاج إلى ممارسة الاسترخاء ...يوميا .او كلما شعرنا بأننا نمر بفترة من القلق والتوتر من ضغوطات العمل ..او من ضغوطات أسريه أو دراسية ..او جميعها ....

ربما قد نأخذ وقت حتى نتعلم كيف نتمالك أنفسنا في أوقات الانفعال الشديد ..ولكن مع التدريب ..سنتمكن بكل تأكيد .....لطالما أننا تعلمنا كيف نغضب فبكل تأكيد سنتعلم كيف نكون أكثر نضج واتزان .


بقلم الاخصائيه النفسية
حصة الغامدي