[الدكتور فهد بن سعود العصيمي]

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

أستمع كثيرا جدا للناس، ويجمعني الحديث بهم في أحايين كثيرة، ويكون موضوع الحديث عن الأحلام وغرابتها وتحققها.........................وأراهم يتحدثون ويسترسلون في الحديث ولكنهم يؤسسون لحديثهم على بعض المعلومات المغلوطة، ولعلي اليوم وفي هذا المقال أسلط الضوء قليلا على بعض هذه الأمور المغلوطة والمنتشرة بين الناس في معظم المجتمعات العربية والإسلامية.

يقول بعضهم مثلا وهو مسترسل بالحديث عن رؤية رآها :
علما أني رايتها وأنا نائم على طهارة وبعد أن صليت السنة....................والبعض يقول : علما أن أحلامي جميعها تتحقق مباشرة، ثم يتبع هذه الجملة بقول : والحمد لله.
وقد يتحدث البعض عن سيرته مسترسلا ويختم بقوله: مع العلم بأني والحمد لله إنسان مصلي ومحافظ ، ودوما ما تصدق رؤاي.
فهل هذه الحقائق المذكورة في حديث هذه الفئة صحيح؟ وهل هي من المسلمات في هذا العلم؟
وهل تحقق جميع الأحلام مما يسعد المرء؟

أقول:
هذا الكلام على مجمله غير صحيح، فلا مزية لمن نام على طهارة، وما ورد بأن من الأمور التي تجلب الرؤيا الصادقة أو الصالحة؛ النوم على طهارة لم تثبت وليست على إطلاق.
فقد ينام المرء وهو جنب ويرى الرؤيا الصادقة، وقد يكون المرء كافرا ويرى الرؤيا الصادقة وما أظن قصة فرعون تخفى على أحد، وقد يكون المرء ممن يستحل الكبائر ويرى الرؤيا الصادقة، ومن المعلوم بأن الكفر نجاسة كبرى، وأكبر من نجاسة الحدث الاصغر أو الأكبر، ومع ذلك فقد تصدق رؤيا الكافر وقد تصدق رؤيا شارب الخمر أو السارق أو العاق لوالديه، ولا يستدل من هذا التحقق صلاحهم وعدالتهم.

وأما القول بأن من علامة صلاح المرء، صدق رؤاه وتحققها، فلم يثبت أيضا فقد يكون المرء صالحا وصادقا، ويكون قليل الرؤيا، بل وقد يكون ممن لا تتحقق رؤاه.
ولكي تشتركوا معي في التأمل : كم صحابيا رأى رؤيا تتعلق بتحديد ليلة القدر؟ وهل حددت ليلة القدر بليلة بعينها كما رآها غير واحد من الصحابة؟

خاتمة:
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر . رواه مسلم.

وجاء في السنة عن بعض صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام:
تذاكرنا ليلة القدر فأتيت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه وكان لي صديقا فقلت ألا تخرج بنا الي النخل فخرج وعليه خميصة فقلت له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ليلة القدر، فقال نعم اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الوسطى من رمضان فخرجنا صبيحة عشرين فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أريت ليلة القدر وإني نسيتها أو أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر من كل وتر وإني أريت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع قال فرجعنا وما نرى في السماء قزعة قال وجاءت سحابة فمطرنا حتي سأل سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين قال حتى رأيت أثر الطين في جبهته. رواه مسلم في صحيحه.

يمكن الاستفادة من المقالة بشرط :
الإحالة للموقع وصاحبه فقط ومن ينقل أو يقتبس دون إحالة فهو عرضه للعقاب الدنيوي والأخروي ..