[يمامة الوادي]

أنوار القرب
- - - - - - -
درّبْ نفسك كثيراً على استشعار قرب الرب سبحانه منك ،
وحضوره معك ، ورقابته عليك ، ورؤيته لما تفعل ،
وسماعه لما تهمس به ، ونحو هذا ..
يعينك على ذلك أمور عدة منها :
منها : كثرة الذكر لله ليل نهار ، وصباح مساء ، وحيثما كنت ..
ومنها : كثرة تلاوتك لكلام الله سبحانه ، مركزا على معاني القرب هذه إذا مررت بها ، وما أكثرها ، فقد حفل بها كتاب الله كثيرا ..
ومنها : كثرة المناجاة لله والتضرع ، والشعور أنك بين يديه لا تغيب عنه ..
ومنها : أن تخصص لك ساعة من نهار أو ليل ،تخلو فيها بنفسك مع ربك سبحانه
ومنها : أن تقرأ في سير الربانيين ، الذين جعلوا حياتهم وقفاً لله سبحانه ،
وعلى رأسهم سيدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم الصحابة الأبرار …
.
وخلال ذلك كله ، ضع في حسابك هذه القاعدة :
قد تنجح في البداية نجاحاً قصيراً جداً ، وسرعان ما تخفت هالة هذا النور ،
فإذا بك تعود إلى غفلتك القديمة ..!
ولكنك إن أدمنت المحاولة ولم تيأس ، وكررت ولم تمل :
ستجد بوضوح أن الدائرة اتسعت ، وأن وقت إشراق قلبك قد امتد شيئا فشيئا ..
ولا تزال كذلك في مجاهدة مع نفسك ، تعلو تارة وتهوى تارة ،
وتحضر تارة وتغيب تارة ، وتنجح تارة , وتتعثر تارة ،
وتعلو تارة وتسفل تارة ، لا تزال كذلك وأنت تلح على الله أن :
يعينك وينصرك على نفسك ، ويمدك بحوله وقوته ..
لا تزال كذلك وأنت تحاول وتحاول ،..
شعارك شعار موسى عليه السلام حين مضى للقيا الخضر عليه السلام :
(.. لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ) !!
فهو مصر أن يستمر في رحلته إلى الخضر ولو بقي مرتحلا مئات السنين !!
فإذا كنت كذلك ، وأصررت على ذلك ..
لا يزال النور يقوى في قلبك شيئا فشيئا حتى يتوهج هذا القلب بالنور …!
ويلزمك أن تتذكر أن الزمن جزء من العلاج ..
واستعن بالله ولا تعجز ..
ومن يدري :
قد يطوي الله لك الطريق كله ، بأسرع مما تتصور ..
فإذا أنت في جنة قبل جنة الآخرة .. لا تنسنا من دعائك أيها الكريم

أبو عبد الرحمن