[ريما النواش]

يخطئ البعض عندما يظن أن تعبير الرؤيا فراسة هكذا مطلقاً ولكنه فراسة لها أصولها والتي متى ما تمكن منها المرء أصبح معبراً بارعاً

* بدايةً فلتعلم أن الرؤيا على ثلاثة أنواع فرؤيا من الله
وتكون إما صادقة أي تقع تماماً كما هي
أو مرموزة تحتاج إلى تأويل وتفسير

* وإما أن تكون رؤيا من الشيطان يخوف بها الإنسان ولها إشارات وعلامات كأن يستيقظ فزعاً أو مرعوباً المعنى أنها تحزين من الشيطان وتلاعب بالمرء في منامه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

* وإما أن تكون أضغاث أحلام فتكون أخلاط من هنا وهناك ليس لها معنى ولا تفيد شيء أو تكون حديث نفس بشيء يفكر فيه المرء فيراه في منامه

هذه أنواع الرؤيا

* وقد بينا أن الرؤيا الصادقة بنوعها الأول لا تحتاج إلى تأويل وهي تقع كما هي إن شاء الله

أما الرؤيا المرموزة وهي عبارة عن رموز تحتاج إلى تأويل وتفسير وهذا التأويل والتفسير يكون على أصول معروفة عند أهل العلم ومذكورة في أمهات الكتب مثل التعبير بالعكس فالضارب مضروب أو التعبير بالمعنى فالباب مثلاً يشير إلى أبواب الخير أو أبواب الشر مثل باب الرزق مثلاً
والتعبير بإشتقاق الأسماء فسعد سعادة ومنى أمنيات وعبد الرزاق رزق سواءاً من مال أو ولد أو غيره وهكذا
وفي القرآن والسنة لمن لديه علم بهما غنى عن ذلك كله فالخشب نفاق لقوله تعالى في المنافقين : ((.. كأنهم خُشُبٌ مسندة ...)) وسواد الوجه دليل على ولادة أنثى لقوله تعالى : ((وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم))

* وهذا من باب العموم وإلا فالرؤيا كتلة واحدة وقد يتغير معنى الرمز بتغير أحوال الرؤيا وتغير أحوال الرائي كذكر أو أنثى طالب أو موظف أو داعية أو مجاهد وكونه بإنتظار شيء مهم وهكذا
ومن النكت (أي : الفوائد!) أن أصحاب الشأن هم أولى بالرؤى من غيرهم فالمجاهدين أولى بالرؤى التي تخص الجهاد وأهله وأهل بلد معين هم أولى بالرؤى عنه كما أن الرائي تدل رؤياه على نفسه ومن حوله غالباً

* ينبغي للرائي بعد أن يتأكد أن رؤياه ليست من أضغاث الأحلام أو من تحزين الشيطان أن يحمد الله عليها ثم يقص رؤياه لمن يثق بعلمه وبنصحه وإلا فكتمها أولى

* إذا كانت الرؤيا من تحزين الشيطان وتخويفه يتعوذ الرائي من شرها ومن شر الشيطان الرجيم وينفث عن يساره ثلاثاً ويغير الحالة التي كان نائماً عليها فإن كان على الجنب الأيمن تحول إلى الأيسر تفائلاً بتغير الحال وغيرها من الأمور المعلومة او من المفترض أن تكون معلومة لكل أحد

* فليحذر المعبر وليتقي الله برؤى المسلمين ولا يستنكف أن يقول لا أعلم أو لم يظهر لي منها شيء إذا أشكلت عليها الرؤيا أو ليسأل الرائي عن أحواله وعن الأشياء التي تهمه هذه الفترة ونحن نعرف من علماء المسلمين قديماً وحديثاً من تواتر عنها قوله : لا أعلم !

* المعبر يخطئ ويصيب فإذا كان من أصحاب العلم في هذا المجال وقد بذل جهده فلا تثريب عليه ولا ينبغي الإثقال عليه فما جزاء الإحسان إلا الإحسان

* ينبغي للمعبر التورع فلا يتكلف أكثر مما تحتمله الرؤيا وليكن متيقظاً فالمعبر الحاذق هو من يستطيع التمييز بين الرؤيا الصادقة وغيرها وما أكثر أضغاث الأحلام في وقتنا ككثرة رؤى المهدي وعلامات الساعة لمن يهتم بالفتن والملاحم وكثرة رؤى المجاهدين والجهاد لمن يهتم بهذا الشأن فينبغي للمعبر التركيز بهذه النقطة

* كما قال د/ فهد العصيمي أن التأويل والتعبير في الإنترنت من أصعب أنواع التأويل لعدم الإتصال المباشر مع الرائي ووجود الإحراج عند السؤال عن المعلومات أو عدم فهم الرؤيا بشكل جيد من المعبر فقد يقصد الرائي معنى ويفهم المعبر معنى آخر كونها كتابةً لا سماعاً فينبغي للمعبر التحرز والتركيز وليس عيباً أن تطيل التأمل في الرؤيا وسؤال الرائي بعض الأسئلة بل هذا يدل على علمك وورعك هذا لمن أراد إقتحام المجال في التعبير في الإنترنت وإن كنت أرى التورع عن هذا أفضل وأسلم

* التأويلات الكبيرة والعامة التي تتعلق بالأمة يجب التورع بها أكثر من غيرها فيتأكد أولاً أنها رؤيا صادقة وأنها لا تحتمل معنى خاص أو مثلاً خاص بمدينة الرائي أو بلده وإن كان ظاهرها عاماً للمسلمين وبعد هذا فليكن متورعاً بالتعبير فليعبر بالعموم ولا يحدد

* عدم فتنة الرائي بنفسه لأن الرؤيا ظن والظن قد يصدق ويكذب فلا ينبغي فتنته بالقول أنه سيصبح شيئاً عظيماً أو هكذا وليقل سيكون لك شأن بكذا أو مثل هذا التعبير , ولنا عبرة بوقائع وأمور كثيرة كخروج جهيمان وأصحابه مثلاً وكثرة الرؤى واستفاضتها وللأسف أن من تكلم بهذا شيوخ وطلبة علم أيام الإنتفاضة في فلسطين وانتهت الإنتفاضة ولم نرى شيئاً والمنصف المشاهد يرى انهم تكلفوا كثيراً وهذا راجع للحماسة والغضب تلك الأيام

* وأخيراً اسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه فإن كان من صواب فمن الله وإن كان من خطأ فمن نفسي والشيطان