[الدكتور فهد بن سعود العصيمي]

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

هل يمكننا أن نبرمج ما نراه؟
هل كل الأحلام نتاج تفكيرنا فقط؟
ألم يجمعكم الحديث أو المجلس بمن يقول لكم عند الحديث عن الرؤى: يملأ الواحد بطنه مما لذ وطاب ثم ينام ويحلم!!! يقولها على سبيل التهكم والتقليل شأن الرؤيا، أيا كان نوع ما سمعه من الرؤى ، مبشرة او منذرة.
ألم يجمعكم المجلس بمن يقول لكم: هذه الأحلام اتركوها ولا تتحدث بها أبدا؟
أود أن أوضح لهؤلاء من خلال المثال فقط، بأننا لا يمكن أن نرى ما نفكر فيه دائما، وأن هناك من الرؤى ما يود الواحد منا لو دفع المال الكثير بشرط ان يرى هذا النوع من الرؤى.

خذ مثلا رؤية النبي عليه الصلاة والسلام، من منكم رآه بصفاته التي وردت في كتب السير؟، ورآه مثلا مبتسما له، أو مبشرا له بما يسره؟
من منكم رأى الجنة ونعيمها ؟ من منكم رأى أنه يحاسب حسابا يسيرا؟ ثم أدخل الجنة؟
من منكم رأى والده أو أمه بعد موتهما ، وهما بصورة حسنة؟

أليس المسلمون يجمعهم حب النبي عليه الصلاة والسلام؟ فلم إذا لا يرونه؟
لم لا يكون لدينا أكثر من أنس؟
لقد امتلأ قلب أنس بحب النبي، فها هو ذا يقول: ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي (يقصد رسول الله صلى الله علية و سلم] .. وقد أحبت أسرة أنس رسول الله حبًّا شديدًا، وكانت لأسرته في قلب رسول الله منزلة خاصة، فأمه أم سليم، وخالته أم حرام بنت ملحان، وعمه أنس بن النضر بطل أحد، وعمته الربيع بنت النضر.

وكان أنس يحفظ سر رسول الله صلى الله علية و سلم (، فها هو ذا -رضي الله عنه- يقول: أسر إليَّ رسول الله صلى الله علية و سلم سرًا فما أخبرت به أحدًا بعد، ولقد سألتني عنه أم سليم فما أخبرتها به. وكان النبي صلى الله علية و سلم يحب أنسًا ويقربه إليه ويمازحه، فلقد قال له يومًا: (ياذا الأذنين) [أبو داود والترمذي].

واشتهر أنس -رضي الله عنه- بالعلم والفقه والتبحر في علوم الدين، وروى كثيرًا من أحاديث الرسول صلى الله علية و سلم
وما يدل على علمه الغزير أنه قال لثابت البناني: يا ثابت خذ عني، فإنك لن تأخذ عن أحد أوثق مني، إني أخذته عن رسول الله صلى الله علية و سلم ( عن جبريل، وأخذه جبريل عن الله.
فلماذا لا نكون مثل هذا الصحابي؟
أود توجيه سؤالي لمثل هؤلاء وغيرهم، وأقول :
ألا يفكر به أكثركم؟ ألا تحبونه؟ ألا يتمنى كل واحد منكم رؤيته في نومه كما كما يراه خادمه أنس بن مالك؟
إذا كان الحلم على كلامكم نتاج تفكير فقط، فلم البعض لا يرى غير الكوابيس المفزعة؟
في حين يوجد من البعض من لا يرى هذا النوع من الأحلام مطلقا؟
لعل في هذا المقال ما يستدعي التفكير، ويدعو للتأمل في هذه الوجهات الغريبة من النظر، ولعلنا نكون قد قدمنا ما يدعوهم للتأمل في أطروحاتهم، ولعل هذا يكون قريبا، وإنا لمنتظرون.