[يمامة الوادي]

اقترب .. اقترب .. لتزداد تألقاً


اقترب ... لتزدد ارتفاعا وإشراقاً ..

اقترب... اقترب .. لا تجزع.. لا تتردد..لا تسوّف ..
لا تجعل سيئاتك حاجزا بينك وبين ربك جل في علاه ..
كلما تقربت خطوة إلى الله بصدق ، أفاض على قلبك من نوره ..
على قدر خطواتك .. يكون ارتفاع مقامك عند الله..
تقدم واقترب ، ولا تتردد ..
لأبأس أن تتقدم منكسرا بسبب ما جنته يداك ..
لكن لا عليك ثق انك كلما اقتربت من ربك يبدل الله سيئاتك حسنات
اقترابك من ربك حياة.. بعدك عنه عذاب..
بل بعدك عنه غرق محقق.. وهلاك أكيد لاسيما إذا كانت خاتمتك كذلك
اقترابك من النور يمنحك نورا..
انصرافك عن النور يجعلك تتخبط في الظلمات ..
انطلاقاتك الرائعة نحو الكمال تبدأ من هنا..
نعم اقتحم البوابة.. بوابة التردد.. بوابة التسويف ..
واحرص على أن تزداد في كل يوم اقتراباً..

العجيب

انك كلما ازددت اقترابا ، تزداد اغترابا !!
ولكن طوبى للغرباء ! طوبى لهم ثم طوبى...
هؤلاء الغرباء المتألقون هنا هم الذين يصلحون عند فساد الناس..
هم الذين يتميزون عند تميع الناس..
هؤلاء الغرباء هم الذين يكونون كالشامة في مجتمعاتهم..
كالشامة في مجالسهم..
الشامة تزين الوجه ، وهؤلاء هم زينة الحياة وملحها !
بل هم مظنة استجلاب النصر من السماء لهذه الأمة ..!
فلماذا لا تقرر أن تكون واحداً من هؤلاء ..؟!
نعم ، ازدد من الله اقترابا ، تزدد اغترابا ..!!
لكنها غربة أرضية فحسب ..
ذلك : أن أهل السماء يعرفونك ويفاخرون بك..!
يا إلهي ! أهذه حقيقة أم ضربٌ من خيال ..؟
بل هي الحقيقة بعينها ..!!
أنت حبيب إليهم .. يشتاقون إليك .. وينشغلون بك ،
بل ويترقبون يوم قدومك.. يوم تعرج روحك إليهم فيحتفلون بك ويحتفون!!
اقترب.. اقترب..وازدد في كل يوم اقترابا ..
اقترابك منه سمو.. وعز .. وشرف ..
بعدك عنه : هبوط وسفول.. وحقارة .. ودناءة ..!!
اقترب ترجمتها الربانية : اسمُ وارتفع وحلّق ، عاليا في السماء ..!
من موضع السجود يكون منطلق اقترابك الحقيقي !!
ألم تسمع قول مولاك جل جلاله : ( .. وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)
والمعنى واضح : كلما أكثرت من السجود ، ازددت اقترابا .!!
وحين سأل أحد الصحابة رسول الله أن يكون رفيقه في الجنة قال له :
( عليك بكثرة السجود ) ...
الله أكبر .. لقد انفتح لك الطريق .. وما عليك إلا أن تهرول !!
( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَب ْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)
مجدك في هذا الاقتراب ..عزك... سرورك ..
سعادتك . قرة عينك .. طمأنينة قلبك ، تألقك : في هذا الاقتراب..
لأنك كلما اقتربت ازدادت روحك عروجا إلى السماء ،
وأنار الله على قلبك من نوره..نورا على نور..
ولا تزال تتلألأ كلما اقتربت.. حتى تتوهج ويشعر الآخرون بنور هذا الوهج!!
(أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ,, وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ،،
) كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
اقترب ... وأيضا اقترب.. ثم اقترب ..
ولا تزال تقترب حتى تجد نفسك في الفردوس !!
يا إلهي .. ما أروع هذا الطريق .. وما أحلى هذه الرحلة ..!!
الطريق واضح لا لبس فيه ، بل هو أوضح من الضحى !!
ولكن ( مصيبتك ) أنك أصبحت أسير هواك ، وحبيس شهواتك ..!!
اكسر قيدك ، وفر من السجن إلى الحرية ..!!
وعلامة حريتك : أن تجد نفسك لا تزال تقترب في كل يوم...!
ومع كل خطوة تقترب فيها من دائرة النور تجد صدى النور في قلبك..
حتى تصل إلى أن تعبد الله ( كأنك تراه .. فإن لم تكن تراه فإنه يراك )
ومن علامات هذا المقام الراقي : أن يكون ولاؤك كله لله وفي الله ..
دين الله في مقدمة أولوياتك .. وعلى رأس القائمة ..
قبل الأهل والمال والجاه والنسب والبلد والولد والدنيا كلها ..!
يا أخي في الهندِ أو في المغربِ *** أنا منكَ أنتَ مني أنتَ بي
لا تسل عن عنصري أو نسبي *** إنه الإسلامُ .. أمي وأبي !!
وقد ورد في الحديث الشريف أن أوثق عرى الإسلام :
الحب في الله والبغض في الله ..
وليس بعد ذلك إلا شقشقة اللسان ..!!
فابدأ منذ الآن .. وازدد اقترابا في كل يوم .. وراقب نفسك كثيرا
وانظر ماذا أثمر لك هذا الاقتراب ..
لأنه يخشى على الإنسان أن يكون واهما وهو يظن أنه واصل ..!!
المحك : أن تجد ثمرة الشجرة التي غرستها ..!
علامة صحة اقترابك :
أن تتجلى ثمرات هذا الاقتراب سلوكا تراه عيون الدنيا ..
نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ...

**


أبو عبد الرحمن