[هيفاءمحمد]

مرت سنوات لم أعداعرف عددها وفي كل وقت يزورني طيفها,هي من ذهبت بعيدافجأة ودون سابق إنذار
هي من رحلت الى مكان لايعلمه غير الله ,هي بمكان افضل من الدنيا,هي الغائبة الحاضرة,هي توأم لروحي
هي النقاءوالطيبة ,هي صاحبة القلب الكبير الذي اتسع لكل من حولها ,هي تعطي بلامقابل ,هي تبحث عن سعادنها بعيون الآخرين ,هي عاشت كالنسمة ورحلت كماترحل النسمات ,هي الأم ,هي الأخت ,هي الصديقة,هي اتقى من صادفتهم بالحياة,هي الطفلة البريئة,هي الوفاء...هي صديقتي رحمها الله .
اناوهي صديقتان ثماني سنوات تسمعني ,تواسيني,تنصحني,تساندني,تسليني ,قليلة الشكوى,لاتقربالالم
وقليلة الشكوى,الضاحكة ,المتفائلة ,التي لايغمض لهاجفن حتى تسال عن كل قريب يعني لها عن ألاهل
والاصدقاء وحتى منهم اقل شأن منها تسال عن الأحوال وتمديدها لكل من يحتاج عونامنهالاتبخل ولاتتهرب,لهاحسنات لاتعد ممايجعل الآخرين لايتذكرون لهاسيئة او عيبا,كلنالناعيون ولكن عيوبها
لاتؤذي احدا وربما تؤذي نفسها ومع ذلك لايتذكراحباؤها تلك العيوب التي تمحيها من الذتكرة خصالها
الحميدة .
وقبل غام من رحيلها كنت أمربوعكة صحية وازدادت حالتي الصحية سوءا فسافرت للعلاج وقبل ان أسافر
رايتها وكانت زيارة طويلة شعرت بالسعادة لأنها أخيرا باجت لي بعذاباتها رغم الحاحي عليهاطوال سبع
سنوات رغبة مني لأحمل عنها أعباءا كنت اشعربها رغم سخريتها وضحكها بين الحين والآخرلتخفف عني
ماعانيته بالحياة فقدعرفتها وانامحطمة ومتعبة من الهموم والأحزان كانت تريدان تنتشلني مماكنت فيه وقد
تمكنت من ان تخرجني مماكنت فيه فقد كنت جسدابروح يائسة وروح قدلاقت صفعات من الدنيا واكتفت منهاوكانت هذه الروح تنتظرالموت لتنهي عذاباتها ,بفضل الله ثم بفضلها عادت الى روحي الحياة الحفيفية
وعادالأمل لقلبي وعلمتني ان هذه الدنيا لا تساوي لحظة نبكي عليها او نستسلم لصفعاتها,علمتني ان اعيش
واستمتع واتناسى الهموم والآلام ,وبعدعام من معرفتي لها وصداقتيناالتي جعلتنا توامين لانفترق عن بعضنا.في آخرزيارة اسعدتني واخذت تيوح بكل همومهاوتفتح صفحات قداغلقتهامنذزمن بعيد,بكينا سويا
ثم ضحكناكثيرا على هذا البكاء وعلى الماضي والحاضرثم تبدد الحزن الى لحظات الفرح ولم لم يكن سفري
للعلاج شيئ تعلمه كانت تحسبني مسافرة كعادتي للسياحة ,ودعتها ولمأعلم انا او هي بان هذا هو لقاءنا الأخير.
سافرت ولم اخبرهابماكنت أعانيه صحيا حتى لاتقلق ولكن طال سفري من اسبوعين إلى اشهرثم سالت والدتي وحلفتها وقالت هي تعاني علة في كليتها فقد عرف الطباء اخيرا علتها وهي بالمستشفى راقدة وحالتها اصبحت جيدة ,انصلت بي الساعة الواحدة صباحا من يوم السبت وتحدثناحنى الثالثة صياحا
عاتبتني لأني اخفيت عنها ثم قالت لي سأأتي اليك بعديومين سنذهب لبلد آخر ونستجم ونرى البحرونركض
كالأطفال وصارت تتوعدني بان تغلبني بلعبة الورق التي كنانلعيهاسويا .وقالت غدا بإذن الله سأتصل بك بعد الظهر لأرى لو كنتي تريدين شسئا احضره معي واناقادمة وودعنا بعضنا ونمت أنا وباليوم التالي اتصلت بها فلم تجب علي وعاودت الإتصال مرارا وتكرارا بلافائدة حنى اغلقت هاتفها الجوال ولم أجد
رقم منزلها وقلت ربما تريدمغاجأتي ,انتظرت اياما ولم تتصل ,وكررت الإنصال وهاتفها مغلق ,
ودخلت مرة أخرى بدوامة العلاج وبداخلي ألم من المرض وألم من صديقتي التي لم تعدتسال عني .
وعدت من السفر وقدمضى على آخرمكالمة بيننا مدة لم أحسبها ولكنها طويلة ,وقبل اي شيئ افعله بحثت
عن هاتف أختها فردت علي سألتها عن صديقتي فقالت من أنتي ,قلت انافلانة صديقتها ولم تصدق اختها
بانني انا من تحدثها وتسال عنها وحين تأكدت اخذت تبكي وقالت صديقتك توفاها الله منذ اربعين يوما
ومن صدمتي لم استوعب وظننت بانهم يمازحونني ولكن افقت من الصدمة ووالدتي بجانبي تحضنني
وتقول لي ياابنتي منذ أن علمنا اتفقنا ان لانخبرك وانتي مريضة واخذت تتحدث معي مواسية لي وانا
مذهولة ومتفاجئة.وذهبت اليوم التالي لأختها وكان لدي امل انهم يكذبون وان هذة دعابة من دعاباتهم
التي مارسوهامعي سابقا .ولكن حين عرفت انها حقيقة وان صديقتي ماتت بعد اذان فجراليوم الذي اتصلت
به اي بعدساعة ونص من اغلاقنا للهاتف وعلمت ان سبب الوفاة نفس المرض الذي كنت اعانيه ,سبحان
الله انااتعالج من مرض وهي تموت بنفس المرض دون ان تعلم ودون ان اعلم .
ماتت صديقتي وهي بريعان الشباب والحيوية ماتت وبموتها اختلف العام وشعرت كان كان من حولي
الف شخص وبلحظة لم يعدعناك احد,تركتني وحيدة تركتني ولكن تعلمت منها مامعنى الصداقة ,تعلمت
ان لا احزن على شيئ لايستحق فعذه الدنيا فانية ,علمتني ان ارى الدنيا بنظرة اخرى ,ان اعيش الوقت
الذي انافيه ولا اقول سافعل غدا لأن الغد قد لايأتي ولانرى الصباح ,علمتني كيف اساير الدنبا وكيف
لا اشتكي منها ,علمتني كيف ارى مابالواقع وبنفس الوقت أحلم,علمتني ان مانفعله ذاهب معنا وان ماينفعنا
فقط ذلك العمل الذي سننجو به من الدنيا ,علمتني كيف أقرأ الأشخاص من حولي ومن اصادق ومن لايستحق
ان يكون صديقا ..لم اعداحصي ماتعلمته منها بحياتها وبعدموتها ..
أسال الله العظيم ان يتغمدهايرحمته التي وسعت كل شيئ وان ينيرقبرها ويؤنس وحدتها ويجزيها عني خير
الجزاء ويجعله بميزان حسناتها ويجمعني واياها بجنة الخلد.....