[منارالعلم]

قرار الحرية

يا دنيا ما أحقركِ!!
لحظة حزن فيكِ تمحو فرح السنين ،وكأنه لم يكن، وتلوّن سماء المرء بظلام دامس!!
أعجب من هذا التهافت عليكِ وأنت صغيرة الشأن حقيرة الجوهر ؟! إنه الاغترار ..القلوب المستغفلة... عمى البصيرة... أعترف أنك غررت بالكثير ..وأوقعت فلولا من الأولين والآخرين .. لكن مهلا! لم ولن يكن لكِ نصر أبدي ولا فوز حقيقي مادامت هناك ثلة تبصر معانيك بجلاء ، وتكشف أمرك بوضوح،بل وتحذر وتنذرمن الوقوع في شباكك، وأخرى تتمايل قلوبها نحوك برهة ثم ما تلبث – رغم إغراءاتك – أن تثوب لربها وتصلح أمرها بيقين راسخ بأن العقبى لمن جعل الآخرة همه والدنيا مزرعته لها وطريقه إليها .
لن أقسو عليكِ أكثر فأنا لست من هواة اللسان السليط أو الأسلوب الهجومي الهادر، فما أنتِ إلا خلق من خلق الله ليبتلي بك عباده ، ويزن عندك مثاقيل الإيمان ..أنتِ اختبار مصيري لنا بني البشر ..وقد علّمنا الله ورسوله منهاج التعامل معك ،وسبيل النجاة من كيدك "فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" .. شتان يا دنيا بين من امتطاك إلى الجنان ، وبين من امتطيتِه إلى النيران !! كم هو سعيد من كنتِ في يده لا في قلبه !!
يا دنيا.. تمر السنون والدهور وكلما ظن المرء أنه ظفر منك بشيء ،وأمسكه بيمناه تهزه نشوة الفرح ذاب كأن لم يكن ،إما أن تذوب لذته ،أو أن يذوب رسمه، فإلى متى سكرة القلوب ؟! أما آن للنفس أن تؤوب ؟!
بلى إنها اللحظات الحاسمة في طريق الحياة ..إما أن نقود أو أن نقاد ..ولا أظن أن نفس الحر تطيق أسرا .. لذا أعلنها يادنيا في وجهك صرخة مدوية بقرار لا رجعة فيه –بإذن الله- "يادنيا غرّي غيري" فلست من يرضى الموت في أحضانك.